اربطوا ترامب واتركوا الثور الأسود
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كنا نتعشى ذات يوم في كوخ صديقي وسط قرية ريفية نائية، بلا كهرباء، وفجأة دخل علينا ثورهم الأسود وكان هائجا. فاطلق صاحب الدار صيحته الحازمة على ابنه (جاسم) كي يربط الثور ويعيده إلى حظيرته، وما ان نهض جاسم ملبياً نداء والده حتى داس على سفرة الطعام، وقلب المواعين، ثم كسر زجاج الفانوس الصغير، ودلق جرة اللبن، واسقط سلة قديمة كانت معلقة في السقف.
من هنا نوجه نداءاتنا إلى مجلس الشيوخ الأمريكي ان يربطوا ترامب ويكبحوا جماحه حتى لا يتدهور الاقتصاد العالمي، وحتى لا تنهار الأسعار، وحتى لا يتوقف الانتاج، وحتى لا تتعطل سلاسل التوريد. وحتى لا تندلع الحروب وتتفاقم المشاكل والأزمات. .
فقد بات من المؤكد ان التعريفات التجارية الأمريكية التي اقرها ترامب، سوف تضعف من حيوية الاقتصاد العالمي الذي بالكاد تعافى من ارتفاع التضخم بعد الجائحة، والذي تُثقل كاهله ديونٌ قياسية، ويُقلقه الصراع الجيوسياسي، وسوف تسجل قراراته نقطة تحول في نظام دولي كان حتى وقت قريب يدور في فلك الاقتصاد الأمريكي نفسه. آخذين بعين الإعتبار إن رسوم ترامب الجمركية سوف تتسبب في تدمير نظام التجارة الحرة الذي قادته امريكا منذ الحرب العالمية الثانية. وسوف تسود آثار ارتفاعات الأسعار الناجمة عن الرسوم السارية على آلاف السلع التي يشتريها ويبيعها المستهلكون والشركات في جميع أنحاء العالم. وسوف ينجرف الاقتصاد الأمريكي والعالمي نحو أداء أسوأ، ونحو المزيد من عدم اليقين، وربما نحو الركود الاقتصادي العالمي. .
في هذا اليوم الموافق 4 / 4 / 2025 هبطت أسعار النفط بنحو 6% (خام برنت) ووصل سعر البرميل إلى 70 دولار، اما عن الصناديق السيادية التي تمتلكها دول الخليج في أسواق المال والاستثمارات المباشرة، والتي تقدر بنحو اربعة تريليونات دولار. .
فعندما تتعرض أسواق المال العالمية إلى انخفاضات حادة ومفاجئة، وبخاصة في كوريا واليابان والصين والهند وأوروبا، بما يسمى الايام الحرجة (أو الحمراء) فهذا يعني خسائر بمليارات الدولارات في أصول الصناديق السيادية. .
نذكر ايضاً انه عندما ينخفض الانتاج الزراعي والصناعي، وتتعطل خطوط الشحن البحري، ويتعرض النقل العابر لعقبات حدودية وجمركية طارئة، فسوف ترفع أسعار الشحن والنقل واجور الموانئ، وسوف يضطر المواطن العربي إلى دفع فواتير الغلاء والمستحقات المالية الباهضة. .
أما على الصعيد العراقي فلم تهتم اللجنة المالية النيابية، ولا الهيئات المالية ولا المراكز الاقتصادية، ولم نسمع بتصريح لوزارة التجارة ولا لوزارة المالية، وكأن العراق يعيش في كوكب آخر خارج مدار الكوكب الذي يعيش فيه ترامب، على الرغم من علمنا ان عائدات النفط العراقي تذهب مباشرة إلى أمريكا ثم تعود الينا بعد حين على شكل دفعات، وإننا لسنا من البلدان المكتفية ذاتيا، بل ان المنتجات الأردنية (الصناعية والزراعية) تتدفق بانسيابية تامة إلى اسواقنا بلا رسوم وبلا ضرائب. .
ولله في خلقه شؤون. . .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات وحتى لا
إقرأ أيضاً:
التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية
أولًا: عودة ليبيا إلى واجهة الاهتمام الأمريكي
مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعادت ليبيا مكانة متقدمة ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية, ويأتي ذلك في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة، أبرزها تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، واحتدام التنافس بين القوى الكبرى داخل القارة الإفريقية، ما جعل من ليبيا بوابة استراتيجية لا يمكن تجاهلها.
ثانيًا: خلفيات وأبعاد الزيارة الأمريكية
زيارة مستشار الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، إلى كل من طرابلس وبنغازي، لم تكن مجرد بروتوكولية، بل يمكن قراءتها باعتبارها خطوة استطلاعية لجمع معلومات مباشرة من الفاعلين الليبيين، وتشكيل تصور دقيق لصانع القرار في واشنطن حول موازين القوى واتجاهات النفوذ.
وقد عبّر بولس خلال لقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عن قلق الولايات المتحدة العميق من الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، في ظل استمرار انتشار السلاح بيد التشكيلات المسلحة، وغياب سيطرة حقيقية للدولة على هذه القوى.
ويأتي هذا القلق خصوصًا بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة قبل نحو أربعة أشهر بين قوات حكومية وتشكيلات تابعة لقوة “دعم الاستقرار”، والتي قلّص الدبيبة نفوذها مؤخرًا، ما فاقم التوتر داخل طرابلس. واليوم، تعيش العاصمة على وقع حالة احتقان أمني متصاعدة، وسط مخاوف من تفجر الوضع في أي لحظة.
هذا الواقع دفع بولس إلى التركيز خلال محادثاته على أولوية الأمن والاستقرار، مشددًا على أن استمرار حالة التفلت الأمني يعيق أي مسار سياسي أو اقتصادي، ويثير قلقًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا مما قد يحدث، خاصة في ظل اقتراب استحقاقات مفصلية، منها الحديث عن تنظيم الانتخابات واستئناف المسار السياسي.
تأتي هذه الزيارة أيضًا في لحظة حساسة، حيث تواجه المنطقة خطر التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يهدد إمدادات الطاقة العالمية، ويجعل من ليبيا — بثرواتها وموقعها الجيوسياسي — بديلًا استراتيجيًا في الحسابات الأمريكية.
ثالثًا: السيطرة الميدانية ودلالاتها الاستراتيجية
لا يمكن فصل التحرك الأمريكي عن المعادلة الميدانية الليبية. إذ يسيطر الجيش الليبي على نحو 80% من مساحة البلاد، وهي مناطق تحتوي على أهم الحقول النفطية والثروات المعدنية، إضافة إلى مناطق استراتيجية متاخمة لدول الساحل الإفريقي.
هذه السيطرة تعكس واقعًا أمنيًا يختلف عن حالة الانقسام السياسي، وتفتح المجال أمام فرص استثمارية وتنموية، لأن المصالح الاقتصادية — بما فيها الاستثمارات الأمريكية المحتملة — لا يمكن أن تتحقق في غياب الأمن والاستقرار. ولذلك، فإن هذه السيطرة تُمثل نقطة جذب لأي انخراط دولي يسعى لحماية المصالح الاستراتيجية في ليبيا.
رابعًا: واشنطن والمنافسة الدولية في إفريقيا
في الوقت الذي تُرسّخ فيه الصين وجودها الاقتصادي في إفريقيا، وتتابع فيه روسيا تعزيز مصالحها الاستراتيجية في عدد من الدول الإفريقية، تسعى واشنطن لإعادة التمركز في القارة، انطلاقًا من بوابة ليبيا.
فالتحرك الأمريكي يحمل طابعًا مزدوجًا: مواجهة تنامي النفوذ الروسي – الصيني، وتأمين إمدادات الطاقة، خصوصًا في حال تدهور الوضع في الخليج أو شرق المتوسط. وليبيا تُعد خيارًا مطروحًا، خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن غياب الدور الأمريكي فتح المجال لتنافسات إقليمية ودولية معقدة.
خامسًا: آفاق التحرك الأمريكي وحدوده
ورغم هذا الاهتمام المتجدد، لا تزال السياسة الأمريكية في ليبيا تتسم بالغموض النسبي، إذ لم تُعلن الإدارة الأمريكية حتى الآن عن مبادرة واضحة أو رؤية متكاملة للحل، كما أن تعاطيها مع خريطة الطريق الأممية الحالية لا يزال ضبابيًا.
ويُثير هذا تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للانتقال من الدور الرمزي إلى دور فاعل في حلحلة الأزمة الليبية، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المؤسسات، وانتشار السلاح، وفشل المبادرات السابقة.
ليبيا بين الفرصة والتنافسإن عودة ليبيا إلى حسابات الإدارة الأمريكية تعكس تغيرًا في التقديرات الاستراتيجية، لكنها تظل مرهونة بمدى قدرة الأطراف الليبية على استثمار هذه اللحظة، والذهاب نحو توافق حقيقي يتيح بناء دولة مستقرة.
ففرص التنمية والشراكة مع القوى الكبرى قائمة، لكن تحقيقها يتطلب أولًا التأسيس لسلطة وطنية موحدة تُنهي الانقسام، وتفتح الباب أمام استثمار الموقع والثروات في مصلحة الليبيين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.