استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مستهدفات خطة عام 2025/2026 لقطاعي الصناعات التحويلية وقطاع الاستخراجات (البترول والغاز الطبيعي)، وذلك خلال مناقشتها مشروع المُستهدفات والـملامح الرئيسة لوثيقة خطة التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة لعام 2025/2026، العام الأول من الخطة مُتوسطة الـمدى (25/2026-28/2029)، أمام مجلس النواب، برئاسة الـمُستشار الدكتور حنفي جبالي، وبمشاركة السادة أعضاء المجلس.

جولد بيليون: الذهب يعود مرتفعاً بعد انخفاض محدود للأونصةرئيس شعبة الأدوات الكهربائية: مصر على طريق قيادة الاقتصاد الرقمي الإقليمي

وأكدت أن قطاع الصناعة يحظى بأولويّة مُتقدّمة في برنامج الحكومة للإصلاحات الهيكلية، حيث يمثل مُحركًا أساسيًا للنمو، ولإحداث تغيير جذري في الهيكل الإنتاجي للدولة، موضحة أن القطاع يتمتّع بارتفاع القيمة الـمُضافة والعلاقة التشابُكيّة مع القطاعات الأخرى، مما يُؤهّله للمُشاركة بنسبة لا تقل عن 16% في الناتج الـمحلي الإجمالي ويتمتّع باتساع طاقته الاستيعابيّة من العمالة، حيث يُوفّر ما يزيد على 4 مليون فُرصة عمل في مُختلف مشروعاته الصغيرة والـمُتوسّطة وكبيرة الحجم، وبما يُعادِل نحو 14% من إجمالي القوى العاملة، فضلًا عن تنامي قُدرته التصديريّة لتُمثّل ما يزيد على 85% من إجمالي الصادرات الـمصريّة غير البتروليّة.

وأضافت "المشاط" أن هذا الاهتمام الخاص بالقطاع الصناعي يأتي مُتوافقًا مع استراتيجيّة الرؤية التنمويّة الشاملة مصر "2030"، والتي تُعوّل عليه كقطاع رائد يقود قاطرة النمو الاقتصادي في مصر، موضحة أن خطة عام 25/2026 تستهدف توجيه استثمارات عامة قدرُها نحو 27 مليار جنيه تُنفّذ أغلبها شركات قطاع الأعمال العام.

وتابعت "المشاط" أن خطة التنمية للصناعة التحويليّة تتبنى استراتيجيّة ذات توجّهات خمس، يرتكِز أوّلها على تعميق التصنيع الـمحلي لعديدٍ من الـمُكوّنات الـمُستوردة التي تتوفّر مُقوّمات تصنيعها بالداخل، وتُمثّل فُرصًا استثماريّة للشركات الوطنيّة، ووفرًا في النقد الأجنبي، موضحة أنه يجري بالفعل حصر مشروعات الإحلال تلك في ضوء القوائم الاستيراديّة الراهنة، ودرجة توفّر مُقوّمات التصنيع الـمحلي، مشيرة كذلك إلى التوجه الثاني والمتعلق باستكمال ترفيق الـمناطق الصناعيّة، ومنها استكمال أعمال الـمرافق بمدينة الجلود بالروبيكي وأعمال الترفيق واستكمال رفع كفاءة البنية التحتيّة للمناطق السياحيّة لصعيد مصر في مُحافظتي سوهاج وقنا، ومُواصلة تحديث البنية التحتيّة في عديدٍ من الـمُجمّعات الصناعيّة الـمُتخصّصة الأخرى، بالإضافة إلى استكمال إقامة 17 مُجمّعًا صناعيًا في 15 مُحافظة تضُم أكثر من خمسة آلاف وحدة صناعيّة جاهزة بنظام حق الانتفاع، وكذا استكمال مُجمّعين صناعيين لخدمة الصناعات عالية التكنولوجيا وطرح أراضي جديدة للاستثمار الخاص.

وحول التوجّه الثالث، أشارت"المشاط" إلى استراتيجيّة التصنيع، بما يتعلق بتنمية الصناعات ذات القُدرة التصديريّة للأسواق الواعدة، بما يسمح بزيادة الصادرات الصناعيّة بما لا يقل عن 15% سنويًا، كما أشارت سيادتها إلى التوجّه الرابع، والذي يتمثل في توفير الكوادر البشريّة والارتقاء بجوّدة الـمُنتَج الصناعي الـمصري، وذلك من خلال رفع الكفاءة الـمهنيّة للمُتدرّبين، وتطوير أداء نظام التعليم الفني الجامعي ومُخرجاته لتوفير العمالة الـماهرة، وكذلك تطوير الـمدارس الـمهنيّة ومراكز التدريب الـمِهَني، ورفع كفاءة مراكز التلمذة الصناعيّة، ومراكز التدريب الـمُتخصّصة، فضلًا عن الارتقاء بجودة الـمُنتَج الصناعي.

وتطرقت "المشاط" إلى التوجّه الخامس من استراتيجية خطة التنمية للصناعة التحويليّة والمتعلق بإعطاء أولويّة لتنمية الصناعات الخضراء صديقة البيئة لضمان استدامة التنمية، كصناعة الهيدروجين الأخضر وصناعة مُكوّنات محطّات الطاقة الشمسيّة، مثل الألواح والخلايا الشمسيّة، وتصنيع محطّات مُعالجة مياه الصرف الصحّي وتحلية مياه البحر، وصناعة السيارات الكهربائيّة، وتصنيع الأجهزة الـمُوفّرة لاستهلاكات الـمياه والكهرباء.

قطاع الاستخراجات

وحول قطاع الاستخراجات (البترول والغاز الطبيعي)، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أنه يعد أحد الدعائم الأساسية لنمو الاقتصاد القومي باعتباره مصدرًا رئيسًا لتلبية الاحتياجات الـمحلية من الطاقة بما يُسهم بشكل إيجابي وفعال لخدمة خطط التنمية الاقتصادية الشاملة.

وأوضحت "المشاط" أن الدولة تتخذ من التدابير والإجراءات ما يُمكّن القطاع من مُواصلة النمو وإن ظل بمُعدّلات مُتواضعة عند 1.8% خلال عام الخطة بسبب تأثير تبِعات الأحداث العالـمية والإقليمية الراهنة، على الرغم من اضطراب الأسواق العالـمية للطاقة مع عدم انتظام سلاسل الإمداد الدوليّة والتخوّف من تأثير العقوبات الاقتصادية الـمُقررة على بعض الدول الرئيسة الـمُنتجة والـمُصدرة للنفط والغاز على الـمعروض العالـمي، وعدم اليقين من انتظام سياسات الإنتاج لـمجموعة أوبك (+).

وأضافت "المشاط" أن خطة عام 25/2026 قدرت الاستثمارات العامة بنحو 25.8 مليار جنيه، كما تستهدف خطة التنمية تأمين الإمدادات من الزيت الخام والغاز الطبيعي والـمُنتجات البترولية من خلال تنويع الـمناشئ وإبرام العقود الآجلة للتحوط التأميني، والتوسّع في تطوير معامل تكرير البترول وصناعة البتروكيماويات، مضيفة أن الخطة تستهدف كذلك الحفاظ على مُستوى الاحتياطي الـمُؤكّد من الزيت الخام والغاز الطبيعي وتكوين احتياطي استراتيجي لـمُواجهة الاحتياجات الـمُستقبليّة، مع زيادة السِعات التخزينيّة، مع تنويع مزيج الطاقة والتحوّط إلى الطاقة الـمُتجدّدة، مشيرة إلى استهداف الخطة كذلك مُواصلة الجهود الرامية لتحويل مصر لـمركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز الطبيعي والـمُسال والزيت الخام.

وتابعت "المشاط" الحديث حول مستهدفات الخطة لقطاع الاستخراجات، لافته إلى تحفيز مزيدٍ من الاستثمار الأجنبي في قطاع البترول والغاز الطبيعي من خلال طرح مُزايدات عالـمية جديدة، وتطوير وتنويع نماذج الاتفاقات البتروليّة وعقود الشراكة، ومع مُواصلة تسويّة مُستحقات الشركات الأجنبية عن أنشطتها في فترات سابقة، بالإضافة إلى مُواصلة العمل على التوسّع في إقامة معامل التكرير بمُشاركة القطاع الخاص، وتطوير ورفع كفاءة خطوط ووسائل النقل، والتوجّه نحو نظام النقل مُتعدّد الوسائط، ورفع كفاءة نُظُم التوزيع وتسريع مُعدّلات توصيل الغاز الطبيعي للـمصانع والـمنازل، بجانب مُواصلة التطوير والتوسّع في مصنعي الإسالة بإدكو ودمياط لزيادة طاقتهما في تصدير الغاز الطبيعي الـمُسال.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزيرة التخطيط الصناعات التحويلية الغاز الطبيعي المزيد والغاز الطبیعی خطة التنمیة الصناعی ة م واصلة ة الـم

إقرأ أيضاً:

كيف تُحدث القيادة التحويلية فرقًا في أداء مؤسساتنا؟

 

 

أمينة بنت عمر الشنفرية **

ameena.o@moe.om

 

مع التحولات المُتسارعة التي يشهدها العالم في بيئة الأعمال والمُؤسسات، بات من الضروري أن تتبنى القيادات أنماطًا جديدة ومبتكرة تتجاوز النماذج التقليدية المعتمدة على الأوامر والرقابة، ومن بين أبرز هذه الأنماط الحديثة تبرز القيادة التحويلية بوصفها نهجًا استراتيجيًا يُسهم في إحداث تغيير عميق في سلوك الأفراد وثقافة المؤسسات.

 وكما قال بيرنارد باس، أحد أبرز منظري القيادة التحويلية: "القادة التحويليون لا يكتفون بتحقيق النتائج؛ بل يرفعون طموحات من يقودونهم ويحولون الأفراد إلى قادة بأنفسهم" (Bass, 1985)؛ فقد أصبح من الواضح أنَّ المؤسسات التي تتبنى هذا النوع من القيادة، تحقق مستويات أعلى من الكفاءة والابتكار والمرونة التنظيمية، مما يدفعنا إلى التساؤل: كيف تُحدث القيادة التحويلية فرقًا فعليًا في الأداء المؤسسي؟

تُعرف القيادة التحويلية بأنَّها نمط من أنماط القيادة التي تركز على إلهام الأفراد وتحفيزهم وتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة، في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة، وقد طور هذا المفهوم الباحث الأمريكي بيرنارد باس، الذي حدده بأربعة أبعاد أساسية تُشكّل مُجتمعة جوهر هذا النمط القيادي. أول هذه الأبعاد هو "التأثير المثالي"، ويقصد به أن يكون القائد نموذجًا يُحتذى به في النزاهة والالتزام والرُّؤية، مما يمنح العاملين الثقة والاحترام، أما "التحفيز المُلهم"، فيتمثل في قدرة القائد على نقل صورة واضحة وجذابة لمستقبل المؤسسة، وتحفيز الأفراد على العمل بروح الفريق لتحقيق تلك الرؤية. ويأتي بعد ذلك "التحفيز الفكري"، والذي يشجع القائد من خلاله الموظفين على التفكير بطرق مبتكرة، والتشكيك البنّاء في الأنظمة القائمة، وطرح حلول غير تقليدية. وأخيرًا، "الاعتبار الفردي"، الذي يعكس اهتمام القائد باحتياجات كل موظف على حدة، وتقديم الدعم والتوجيه المُناسب لتطوره المهني.

وقد أكدت دراسات ميدانية متعددة الأثر الإيجابي الذي تتركه القيادة التحويلية في الأداء المؤسسي فبحسب دراسة أُجريت على عينة من موظفي الجامعة الأردنية، تبين أنَّ الأبعاد التحويلية، لاسيما "التأثير المثالي" و"التحفيز الفكري"، أسهمت في تحسين الإنتاجية وزيادة الالتزام الوظيفي et al., 2019)  Zaidoun) ولخصت دراسة أخرى تناولت قطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية، إلى أنّ القيادة التحويلية تقلل من التراخي في العمل، وتعزز التحفيز الذاتي بين الموظفين (Aboramadan, 2020).كما أظهرت أبحاث إضافية أن القادة التحويليين يعززون بيئة الابتكار داخل المؤسسة، ويشجعون على تبني أساليب تفكير جديدة تُسهم في التطوير المستمر للأداء المؤسسي (Stone, 2021).

ورغم ما تحمله القيادة التحويلية من مزايا واضحة، إلا أن تطبيقها العملي يواجه عدة تحديات قد تعيق فاعليتها، من أبرز هذه التحديات، المقاومة الداخلية للتغيير، خصوصًا في المؤسسات التي ما تزال تعتمد ثقافة تنظيمية تقليدية ترفض المجازفة.

كما إنَّ قلة الكفاءات القيادية المؤهلة، والتي تمتلك القدرات الفكرية والعاطفية التي تتطلبها القيادة التحويلية، تشكل عائقًا كبيرًا أمام التحول المنشود، أضف إلى ذلك  أنّ الإفراط في التوقعات والتحفيز المستمر، قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إرهاق الموظفين وفقدان التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، كما نبهت إلى ذلك بعض التحليلات الحديثة (Kumar, 2022) ولكي تتمكن المؤسسات من تجاوز هذه التحديات وتعزيز القيادة التحويلية، ينبغي أن تتبنى مجموعة من الخطوات العملية المدروسة، أولى هذه الخطوات هي الاستثمار في إعداد وتأهيل القادة عبر برامج تدريبية تركز على تطوير مهارات التأثير والتحفيز والذكاء العاطفي  كما يُنصح بتعزيز ثقافة الابتكار داخل بيئة العمل وتوفير مساحة آمنة لطرح الأفكار والمبادرات دون خوف من الفشل.

ويجب أن تتبنى المؤسسة سياسات تشجع على التقدير الفردي، من خلال التعرف على جهود الموظفين ودعم مساراتهم المهنية. كما يُعد تعزيز التواصل الداخلي وبناء رؤية مُشتركة بين الإدارة والموظفين من العوامل المحورية لترسيخ القيادة التحويلية كنهجٍ مُستدام.

عليه.. يمكن القول إنّ القيادة التحويلية لم تعد ترفًا تنظيميًا؛ بل ضرورة استراتيجية في زمن تتسارع فيه التحديات وتتعقد فيه المهام المؤسسية؛ إذ إن تبنِّي هذا النمط القيادي يُسهم في تمكين الموظفين وتعزيز الولاء وخلق بيئة تنظيمية مرنة وقادرة على التكيّف. ومن هذا المنطلق، فإنَّ الدعوة إلى تمكين القادة التحويليين وتوفير البنية الداعمة لهم ليست مجرد خيار؛ بل استثمار طويل الأمد في مستقبل المؤسسات وازدهارها.

** باحثة تربوية

مقالات مشابهة

  • وزارة الصناعة تعلن تأسيس جمعية الابتكار الصناعي غير الربحية لتعزيز التنمية المستدامة
  • عملاق الموانئ الخليجي يعلن عن صفقة جديدة في تركيا بميزانية 2.5 مليار دولار
  • أشرف الجزايرلي: الصادرات الغذائية تلامس 11 مليار دولار
  • تصديري الصناعات الكيماوية: تخصيص 45 مليار جنيه لبرنامج رد الأعباء يعزز تنافسية المنتج المصري
  • شيمي: نرحب بالشراكات مع الكيانات الاقتصادية الكبرى لتعزيز التنمية المستدامة
  • الخطيب»: مضاعفة موازنة البرنامج من 23 مليارًا لتصل إلى 45 مليار جنيه
  • 77 مليار دينار سنويًا تستهلكها المحروقات دون إدراج رسمي في الميزانية
  • صادرات “صناعة عمان” تواصل النمو وتصل إلى 2.8 مليار دينار
  • "الغرفة" تبحث تأثير تسعيرة الكهرباء والغاز على تنافسية القطاع الصناعي
  • كيف تُحدث القيادة التحويلية فرقًا في أداء مؤسساتنا؟