في أجواء احتفالية مفعمة بالإيمان والمحبة والتسامح حضر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، مساء أمس، احتفالات عيد القيامة المجيد في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية بأبوظبي، وذلك بدعوة كريمة من الكنيسة، وبمشاركة عدد من كبار الشخصيات الدينية والدبلوماسية، في مقدمتهم سعادة السفير شريف عيسى، سفير جمهورية مصر العربية لدى دولة الإمارات.

وكان في استقباله السفير شريف عيسى، إلى جانب القس بيشوي فخري، راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس، وعدد من كهنة الكنيسة وأبناء الجالية القبطية. وقد عبّر الجميع عن ترحيبهم الحار بمعالي الشيخ نهيان، مؤكدين أن حضوره يشكل رسالة محبة وأخوّة صادقة من قيادة دولة الإمارات إلى جميع مكونات المجتمع، وأن مشاركته في الاحتفالات تُعد مصدر اعتزاز وفخر لكل مصري يعيش على أرض الدولة.

وفي كلمة ترحيبية، عبّر القس بيشوي عن اعتزازه الكبير بحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك، قائلاً: "نُرحب بمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في كنيستنا التي تُشرّف اليوم بحضوره الميمون، وهو الرجل الذي عوّدنا دائمًا على أن يكون أول المشاركين معنا في أعيادنا، ومناسباتنا، وجميع لحظاتنا الروحية والوطنية. إن وجود معاليه بيننا الليلة هو امتدادٌ لنهج إنساني عميق رسخه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – الذي علّمنا كيف يكون احترام الآخر ركيزة من ركائز الوطن.".

وألقى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، كلمة شاملة بهذه المناسبة، استهلها بقوله:"يسعدني أن أتقدم إليكم جميعاً، بالتحية والتهنئة، بمناسبة عيد القيامة المجيد، داعياً الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعيادكم كلها، مصدر بهجةٍ وسرور، وأن يعيد عليكم هذا العيد السعيد، وأنتم جميعاً، بخير، وصحة، ومحبة مع الجميع، بل وكذلك، بخشوعٍ وامتثال لأوامر الخالق، العزيز الحكيم".

وأضاف معاليه: "أتمنى لكم جميعاً، أيها الإخوة والأخوات، عيداً مجيداً، تحتفلون فيه، مع أقاربكم، وأصدقائكم، ومع إخوانكم في الوطن والعالم – تتطلعون فيه، إلى كل ما هو حقٌ وخيرٌ وجمال، وتشكرون الله سبحانه وتعالى، على ما أنعم به عليكم، وتجددون العهد والوعد، بطاعته، والأخذ بالسلوك الطيب، والأخلاق الحميدة – أتمنى أن تكون صلاة عيد القيامة المجيد، دائماً، تذكرة بدعواتنا، نحن بني الإنسان، بأن يسود السلام والمحبة والوفاق، في ربوع العالم، وأن يتواصل الجميع معاً، في سبيل تحقيق الخير، والإخوة الإنسانية، بين البشر أجمعين".

وأكد معاليه: "إنني أتطلع دائماً، أيها الإخوة والأخوات، إلى المشاركة في الاحتفال بأعيادكم، هنا في أبوظبي، والتي اعتبرها، في واقع الأمر، احتفالاً بالعلاقات المتميزة، بين مصر والإمارات – إننا في هذه الدولة العزيزة، إنما نحمل تقديراً خاصاً، لمصر، ولشعب مصر، ولروح مصر، ولما تمثله مصر الشقيقة، من تاريخ، وأصالة، وحضارة، وانفتاح على الجميع".

وتابع معاليه قائلاً: "إننا هنا في الإمارات، حين نتحدث عن مصر، فإنما نعني ذلك البلد الكريم المضياف، الذي يفتح ذراعيه دائماً، ليرحب بالجميع: مصر صاحبة الإشعاع الفكري والثقافي والحضاري، منذ أقدم العصور، وحتى الآن – إنها مصر، الشقيقة الكبرى، التي هي بلد التعايش، والتضامن، والسلام، وحب الخير للإنسانية جمعاء.. إن وجودي معكم الليلة، إنما هو تعبير واضح، عن التزامنا معاً، بأن تنمو هذه العلاقات المتميزة بين بلدينا، بل وأن تمتد هذه العلاقات، دائماً، لما فيه مصلحة الشعبين، بل ومصلحة الأمة العربية كلها".

وقال معاليه: "إننا الليلة، وأنتم في صلاة عيد القيامة المجيد، لا يسعنا إلا أن ندعو الله معاً، أن يحفظ مصر، وأن يحفظ الإمارات، وأن يحفظ الشعب العربي في كل مكان – نعم، لا يسعنا سوى أن نشكر الله، على أن مصر العزيزة، بقيادة فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن الإمارات الغالية، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ملتزمان قيادةً وشعباً، بتعميق جسور الأخوة والمحبة والتعاون – لا يسعنا الليلة، سوى أن نعتز غاية الاعتزاز، بأن العلاقات بين بلدينا، هي نموذج وقدوة، للعلاقات المثالية، بين الأشقاء".

ونوّه معاليه: "إن وجودي معكم الليلة، أيها الإخوة والأخوات، إنما هو كذلك، تحية وتهنئة، للكنيسة المصرية العريقة، بقيادة قداسة البابا تواضروس الثاني، وتعبير عن تمنياتنا لها، بدوام النجاح، في رعاية المنتسبين إليها، داخل وخارج مصر، على السواء".

واختتم معاليه كلمته قائلاً: "مرة أخرى، أيها الإخوة والأخوات، أهنئكم جميعاً، بعيد القيامة المجيد، متمنياً لكم، كل الخير والسعادة، ومتمنياً لشعب مصر، كل الخير والتقدم والاستقرار، وللإمارات أيضاً، أن تكون دائماً، وهي النجم الساطع، في سماء المنطقة والعالم، وأن تكون دائماً، وبعون الله، دولة رائدة، تسعى باستمرار، إلى تحقيق الوفاق والتواصل الإيجابي، بين البشر من مختلف الجنسيات والأديان، في إطار يسعى بإذن الله، إلى نشر قيم السلام، والتعاون، والأخوة الإنسانية، في ربوع العالم كله".

أخبار ذات صلة سيف بن زايد: تمكين أبناء الوطن من التميز والابتكار نهيان بن مبارك وخليفة بن طحنون بن محمد يقدمان واجب العزاء بوفاة عوض سعيد سويلم الكتبي

وأضاف معاليه في ختام كلمته: "أدعو الله سبحانه وتعالى، أن يديم علينا نعمة الأخوة والعمل المشترك، لتكون مصر والإمارات سوياً، وبإذن الله، نموذجاً ورمزاً، لنجاح وعزة الأمة العربية كلها – إننا الليلة، إنما نؤكد من جديد، على مكانة القيم الروحية في حياة البشر، كما نؤكد كذلك، عن أن قوة مصر، وعزة مصر، وأن قوة الإمارات، وعزة الإمارات، هي قوة الأمة العربية، وعزة الأمة العربية كلها، وبإذن الله. أشكركم، وكل عام وأنتم بخير".

عقب كلمة معالي الشيخ نهيان بن مبارك ، ألقى سعادة السفير شريف عيسى برقية تهنئة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أبناء الجالية القبطية في الإمارات، نقل فيها تحيات القيادة المصرية وتهانيها بهذه المناسبة المجيدة، مؤكدًا أن الدولة المصرية تفخر بأبنائها في الخارج وتقدر دورهم الوطني والمجتمعي.

كما ألقى السفير كلمة عبّر فيها عن عميق شكره وتقديره لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك على حضوره ومشاركته، وقال:"إن معاليه لا يتوانى عن مشاركة أبناء الجالية في أفراحهم وأعيادهم، وهذا ليس غريبًا على رجل يمثل مدرسة التسامح والإنسانية في الدولة… هذا الحضور الدائم من معاليه، هو تجسيد لنهج إماراتي أصيل في بناء مجتمع متماسك، ينعم فيه الجميع بالأمن والكرامة والانتماء، بصرف النظر عن الدين أو الجنسية أو الخلفية".

وأشار إلى أن معالي الشيخ نهيان هو بمثابة الأب للجميع، حيث يتواجد في كل مكان فيه رسالة محبة وسلام، ويحرص دائمًا على أن يكون قريبًا من أبناء الجاليات في مختلف مناسباتهم.

واختتم سعادته بالتأكيد على أن العلاقات بين مصر والإمارات تمثل نموذجًا يُحتذى به في التعاون العربي، وهي علاقات تؤكدها هذه المناسبات التي تجمع القلوب قبل الأجساد.

وتخللت الاحتفالات فقرات تراتيل دينية وترانيم قدمها كورال الكاتدرائية، أضفت أجواء من الخشوع والسكينة، كما شارك الأطفال بعروض رمزية عن قيم العيد مثل النور والغفران والمحبة.

وشهد الحفل حضورًا واسعًا من أبناء الجالية القبطية ورجال الدين والدبلوماسيين، في مشهد يؤكد ثراء النسيج المجتمعي لدولة الإمارات وتسامحها الديني العميق.

وفي ختام الأمسية، توجّه الجميع بالدعاء أن يحفظ الله الإمارات ومصر وسائر شعوب المنطقة، وأن يُعيد هذا العيد المجيد على البشرية جمعاء بالخير والسلام والرجاء.

تُعد كاتدرائية الأنبا أنطونيوس في أبوظبي من أبرز المعالم الدينية للجالية المصرية في دولة الإمارات، وهي تمثل مركزًا روحيًا وثقافيًا واجتماعيًا للأقباط الأرثوذكس المقيمين في العاصمة. ومنذ تأسيسها، أدّت الكنيسة دورًا محوريًا في مدّ جسور التواصل بين الجالية والدولة، وأسهمت في تعزيز التفاهم الحضاري بين مختلف الجنسيات.

وتُجسد هذه الجهود المستمرة من الكنيسة، امتدادًا لرؤية دولة الإمارات في ترسيخ قيم التسامح والتنوع الثقافي والديني، حيث يشكل التعاون الوثيق بين المؤسسات الدينية والمجتمع المحلي ركيزة أساسية في بناء بيئة يسودها الاحترام والتعايش بين مختلف الجنسيات.

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الكنيسة القبطية عيد القيامة نهيان بن مبارك معالی الشیخ نهیان بن مبارک عید القیامة المجید الأمة العربیة دولة الإمارات أبناء الجالیة آل نهیان أن یحفظ على أن

إقرأ أيضاً:

جزء عم .. مشاهد من يوم القيامة

عند مراجعتنا لسور جزء عم التي حفظناها في مقتبل العمر في مدارس تعليم القرآن والمراكز الصيفية، نحاول الآن قراءتها والتأمل في معانيها بعين مختلفة، فذلك الحفظ الذي تلقيناه في الصغر كان حفظا تراكميا، لا يعنى كثيرا بالتأمل في الموضوعات والمعاني والدلالات، وبحكم الألفة والعادة في قراءتها منذ الطفولة، غابت عنا كثير من الإشارات العميقة التي تحتاج إلى إعادة نظر وتمعن وتفكر، فهذا الجزء، الذي معظم سوره مكية باستثناء سورة النصر المدنية التي تتحدث عن فتح مكة، يتسم بسمات السور المكية، حيث يركّز على قضايا التوحيد، والإيمان بالبعث والنشور، وتصوير مشاهد يوم القيامة وما فيه من أهوال، وتخلو سوره من الأحكام والتشريعات الفقهية، إذ تركز على بناء العقيدة وترسيخ الإيمان في القلوب.

وعند مراجعة هذه السور بهذه الطريقة الفاحصة تجد أن الكثير منها تبرز مشاهد مروعة ليوم القيامة فهذه المشاهد القرآنية ترسم بداية النهاية لهذا العالم، وتبثّ في النفس رعدة الخشية من يوم لا مفر منه، في صور مرعبة تتبدل فيها أحوال الكون وتتغير في وصف دقيق يجعلك مشدوها وأنت تعيد تلك المشاهد في مخيلتك من احتراق البحار وانشقاق السماء وانتثار الكواكب ودك الأرض.

ولو تتبعنا هذه المشاهد وفق أحداث يوم القيامة الواردة في هذا الجزء من آيات تمتاز بالقصر وقوة الأسلوب وإيقاعها المؤثر والموجز، لترسم لنا ملامح ذلك اليوم العظيم، فيبدأ بحدث كوني يتجاوز كل ما عرفناه من ظواهر طبيعية، «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا» فنحن نعرف زلازل الدنيا التي نشاهدها على التلفاز، ولكن تلك الزلازل لا تساوي شيئا أمام الزلزال العظيم، فهي الزلزلة المصيرية، حيث تفقد الأرض ثباتها الذي طالما اعتاده الإنسان، وتمتزج فيه كل عناصرها بزلزلة تهز كل ذرة وكل حجر وكل روح، وتخرج الأرض كل ما فيها من أثقال، أي الأموات والأعمال، وكل ما احتوته طوال عمرها، الإنسان الذي كان يعيش على هذه الأرض يستغرب ويتساءل ويقول: ما لها؟ وهذا السؤال تعبير عن دهشة الإنسان من تغير كلي في واقعه، فقد غفل عن الحقائق طوال حياته، والآن يرى بأم عينيه هذا اليوم المخيف.

وتذهب سورة الانفطار لتصوير زاوية أخرى من أهوال يوم القيامة فبعد هذا الاهتزاز الأرضي، تبدأ السماء بالانفطار فيقول ربنا تبارك وتعالى: «إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)» فيصور لنا القرآن الكريم أن هذه السماء الزرقاء الجميلة سوف تنشق وتتمزق والكواكب سوف تتناثر ويختل فلكها، وأن البحار تصبح نارا مستعرة، وتخرج الجثث من القبور في مشهد صادم مروع، وقد فصلت سورة التكوير تلك المشاهد البصرية الكونية، وبما أنها كانت تخاطب كفار قريش فأرادت أن تربط أحوالهم بتلك المشاهد الكونية التي ستكون يوم القيامة فقال تعالى: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» أي أُزيل ضياؤها وطُويت كأنها كرة، وهذا أول مشهد يدل على انتهاء العالم، حيث تغيب الشمس ويطفأ نورها، وقال جل وعلا: «وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ» أي تساقطت، وزال ضياؤها، بعد أن كانت منضبطة في مواقعها، «وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ» أي زلزلت وزحزحت من أماكنها، وصارت كالعهن المنفوش، فتتلاشى هيبة الأرض وثقلها، وقال تعالى: «وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ» والعشار هي النوق الحوامل في الشهر العاشر، وهي أعزّ ما يملك في الجاهلية فإذا تُركت ولم يُبال بها، دلّ على هول الحدث الذي صرف الأنظار عن أغلى ما يعتنى به، وهو تقريب صورة هول الموقف مع مراعاة أحوال المخاطبين وبيئاتهم، فذكر لهم النوق، وأكمل ربنا وصفه فقال: «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ» أي جمعت من كل مكان، وخرجت من مخابئها مذعورة، كأنها تساق إلى المحشر، ثم أتى إلى وصف تحول الشيء إلى نقيضه من شدة تبدل الأحوال فقال: «وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ» قال المفسرون: إنها أُضرمت نارا، وهو مشهد مائي ناري يدل على الهيجان الكوني العام، وقال ربنا: «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» أي قرنت كل نفس بما يناسبها، الصالح مع الصالح، والفاجر مع الفاجر، ثم يعود القرآن لمخاطبة كفار قريش مرة أخرى، وتذكيرهم بأقبح أفعالهم وأنهم سيحاسبون عليها فقال عز وجل: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ» فهذه صورة من صور الظلم البشري، حين كانت البنت تدفن حية في الجاهلية، وفي يوم القيامة تسأل تلك البريئة ليظهر ظلم قاتلها، ويكمل وصف أحداث ذلك اليوم فيقول: «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ» أي كشفت كتب الأعمال، وبدأ الحساب، وكل إنسان يواجه سجله مفتوحا، «وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ» أي كشفت وأزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة، وهو منظر رهيب لنهاية السقف المحفوظ الذي طالما آوى البشرية.

في حين لو أتينا إلى سورة النازعات نجد أنها تركز على المشاهد السمعية ليوم القيامة القائمة على النفختين في الصور فقال تعالى: «يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)» فالراجفة تشير إلى الزلزلة الأولى الكبرى، وهي النفخة الأولى في الصور، التي بها تبدأ أهوال القيامة، حيث تضطرب الأرض، وتقلب الجبال، وتتفكك البنى الكونية الراسخة، «تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ» وهي النفخة الثانية، التي تعيد الخلق من قبورهم ليقفوا للحساب، وتسمى بالرادفة لأنها تأتي مباشرة بعد الأولى، وتدفع الخلق إلى المحشر، وتكون أعظم هولًا من الأولى لأنها بداية اللقاء مع المصير الأبدي.

ومن المشاهد السمعية لأهوال يوم القيامة التي في جزء عم، نجدها في سورة عبس قال تعالى: «فَإِذَا جَاءَتِ ٱلصَّآخَّةُ» والصاخّة كما يقول المفسرون اسم من أسماء يوم القيامة، مشتق من الصَّخّ، أي: الصوت الشديد البالغ الذي يُصمّ الآذان من شدّته، ويقع على الخلق فجأة، فيفزعهم، ويجعلهم في ذهول مطبق، وهو صوت النفخة الثانية في الصور عند البعث، أو ما يتبعها من أهوال العرض على الله، وتعبر الصاخة عن صدمة الحقيقة، حين تنكشف القيامة بكل رعبها، فيصير الإنسان في حال من لا يملك حيلة، ولا يرجع إلى أحد، ولا يفكر في سواه.

وفي مشهد من أعظم مشاهد العظمة والرهبة ما ورد في سورة النبأ في قوله تعالى: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا» والروح هو جبريل عليه السلام، عظيم الملائكة وسيدهم، ويذكر وحده تمييزا لمقامه ومكانته، والملائكة يصطفون في مشهد مهيب، صفًا بعد صف، منتظرين أمر الله، والكل في سكون، لا أحد يجرؤ أن ينطق، فلا يسمع في ذلك اليوم صوت إلا بإذن الرحمن، ولا يقال إلا حق خالص، فهو الصمت المطلق بعد ضجيج الحياة، وهو صمت المخلوقات أمام خالقها، لا صوت إلا لصوت الحق، ولا كلام إلا لمن سمح له الله، وفيه بيان لرهبة الموقف، وتمام العدل، وأن ميزان القول في ذلك اليوم ليس بكثرة الكلام بل بصوابه، وأن الصواب لا يقال إلا بإذن، وكأن اللسان لا يطلق إلا بعد أن يشهد الله له بالصحة، فما أحوجنا اليوم إلى تأمل تلك المشاهد والاستعداد لها بالعمل الصالح والتقرب إلى الله لكي تحصل لنا النجاة.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية تشارك في حفل السفارة المغربية
  • جزء عم .. مشاهد من يوم القيامة
  • زيارة نيافة الأنبا نوفير للكنائس القبطية الأرثوذكسية في سياتل بأمريكا
  • «حكايات الشجرة المغروسة» (6).. جذور الكنيسة الأرثوذكسية في عظة البابا تواضروس
  • نهيان بن مبارك: رئيس الدولة حريص على تمكين أبناء وبنات الوطن
  • نهيان بن مبارك يحضر حفل السفارة المغربية بمناسبة عيد العرش
  • مبارك التخرج من تخصص المحاسبة… ناجي غازي غيث يضيء طريقه نحو المستقبل
  • الدكتور احمد زياد الحجاج .. مبارك التخرج
  • نهيان بن مبارك: مبادرات صندوق الوطن تجسد رؤية رئيس الدولة في دعم وتمكين الشباب
  • «وتر حساس 2» ينطلق بتغيرات درامية مفاجئة… ما سر غياب صبا مبارك؟