ليس النفط ولا الغاز.. دولة عربية تمتلك الان مصادر طاقة هائلة وجميع دول اوروبا تتنافس للاستحواذ عليها
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
دولة عربية تمتلك الان مصادر طاقة هائلة وجميع دول اوروبا تتنافس لكسب ودها والاستحواذ على ثرواتها الجبارة
تنظر العديد من دول أوروبا إلى الطاقة المتجددة في المغرب بصفتها أحد الموارد الرئيسة للقارة العجوز لتأمين احتياجاتها من الطاقة النظيفة.
ويتصدّر المغرب دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط الأكثر نموًا في مشروعات الطاقة المتجددة، إذ يخطط لرفع مساهمتها إلى 52% في مزيج الكهرباء الوطني بحلول 2030، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أكدت تقارير أوروبية أنّ تنوّع المجال الجغرافي يضع المغرب في موقع مصدّر محتمل رئيس للطاقة النظيفة إلى أوروبا، التي تشهد طلبًا متزايدًا، حسبما ذكرت صحيفة إنرجيا أولتر الإيطالية “Energia Oltre”.
إمكانات المغرب
تُعَدّ المشاهد الطبيعية الشاسعة في المغرب والامتداد الساحلي الكبير والمناخ المشمس مقومات توفر إمكانات كبيرة لإنتاج الكهرباء النظيفة المولدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ويتيح قرب المغرب من أوروبا للمملكة أن تصبح مصدرًا رئيسًا للطاقة النظيفة في الاتحاد الأوروبي، وفق ما ذكرته الصحيفة الإيطالية.
يأتي ذلك مع تنامي الطلب على مصادر الطاقة النظيفة بشكل ملحوظ في أوروبا التي تحاول إعادة تشكيل أسواق الطاقة لديها في أعقاب أزمة الطاقة التي شهدتها العام الماضي.
وسارعت أوروبا إلى الابتعاد عن الوقود الأحفوري الروسي والبدء في تحولها إلى الطاقة الخضراء، واستثمرت بكثافة في إنتاج الطاقة النظيفة المحلية، وحطمت أرقامها القياسية في إنتاج الكهرباء النظيفة، كما وافقت – مؤخرًا– على زيادة التزاماتها في مجال الطاقة النظيفة إلى مستويات أعلى.
ويتطلب تحقيق أهداف أوروبا المناخية الاعتماد على كميات هائلة من مصادر الطاقة النظيفة، سواء من خلال إنتاجها أو استيرادها من الخارج، وهنا يأتي دور المغرب.
الطاقة النظيفة في المغرب
يتطلع المغرب إلى عكس إرثه في مجال الطاقة، من مزيج الطاقة الذي يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري المستورد، إلى أن يصبح مصدرًا صافيا للطاقة النظيفة.
ويمكن أن تؤمّن الطاقة المتجددة في المغرب جزءًا من الطلب الأوروبي في ظل البنية التحتية الجاهزة، والتي تربط دول القارة مع الجارة الجنوبية.
ويعدّ المغرب من الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، إذ يحتلّ المرتبة السابعة عالميًا من حيث الأداء الطاقي، وفقًا لتقارير دولية.
وارتفع مزيج الطاقة المتجددة في المغرب إلى 42%، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 52% في 2030، وسط خطط لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، ما يدفع طموح المملكة التي تهدف إلى تغطية 4% على الأقلّ من الطلب العالمي.
تحديات المغرب
سيكون التحدي الأكبر الذي يواجه المغرب هو الموازنة بين احتياجاته الاقتصادية -التي ستستفيد بشكل كبير من تجارة الطاقة الخضراء مع أوروبا- مع احتياجاته الخاصة من الطاقة.
ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق أهدافه المناخية، يجب إعطاء الأولوية لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في المغرب، ولكن يواجه ذلك تحديات إزالة الكربون التي يمكن أن تتفوق عليها خطة الطاقة الخضراء الأوروبية.
وحاليًا، يستورد المغرب -وفقًا لتقارير أويل برايس- 90% من احتياجاته من الطاقة، ويأتي معظمها على شكل وقود أحفوري، ويتطلب الأمر قدرًا هائلًا من الاستثمار وتطوير البنية التحتية، للارتقاء بالقطاع إلى المستوى الذي يمكّنه من مجاراة دول أوروبا.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على مساعدة المغرب في هذا الإطار، إذ خصص هذا العام 624 مليون يورو (688.6 مليون دولار) لمشروعات مختلفة لدعم تحول المغرب إلى الطاقة الخضراء، فضلًا عن معالجة الهجرة غير الشرعية وتسهيل الإصلاحات الرئيسة في القطاعات الحيوية، مثل الحماية الاجتماعية وسياسة المناخ والإدارة العامة.
وتقدّم الطاقة المتجددة في المغرب فرصة لعلاقات تجارية ذات عائد اقتصادي مع أوروبا، إذ سيحصل الاقتصاد المغربي على دفعة يحتاجها بشدة من خلال إنشاء عقود كبرى توفر العديد من فرص العمل، وتؤمن أوروبا بعض الطاقة التي تحتاجها لتلبية أمنها الطاقي.
ويمكن أن يوفر إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتصديرها إلى أوروبا عبر الخطوط البحرية –بحسب تقارير أويل برايس- ما يصل إلى 28 ألف فرصة عمل سنويًا، وهو ما قد يوفر حلًا لأزمة البطالة في المغرب.
وزيرة الطاقة المغربية ليلى بنعلي
استثمارات الطاقة المتجددة في المغرب
تبلغ قدرات مشروعات الطاقة المتجددة في المغرب (قيد الاستغلال) نحو 4.6 غيغاواط، باستثمارات تصل إلى 55 مليار درهم مغربي (5.5 مليار دولار)، وفق تصريحات وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي.
وكشفت بنعلي، خلال ردّها على سؤال برلماني، خطط المغرب للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة، موضحة أن بلادها أضافت خلال السنوات الـ3 الأخيرة قدرات تناهز 203 ميغاواط، في حين جرى الترخيص لمشروعات جديدة بقدرات تصل إلى 1000 ميغاواط.
تستهدف الرباط إنجاز عدد من مشروعات الطاقة المتجددة في المغرب، بقدرات تصل إلى 1.3 غيغاواط سنويًا خلال المدة 2023-2027، ارتفاعًا من 0.16 غيغاواط سنويًا خلال المدة 2009 – 2022، أي مضاعفة الإنتاج 10 مرات.
بالموازاة مع ذلك، شهدت استثمارات الطاقة المتجددة في المغرب طفرة كبيرة، إذ تضاعفت بأكثر من 4 مرات، ومن المقرر أن تزيد من متوسط 4 مليارات درهم (0.40 مليار دولار) سنويًا ما بين 2009 و2022، إلى استثمار 14 مليار درهم (1.41 مليار دولار) ما بين 2023 و2027.
كما يجري تطوير وتقوية شبكة الكهرباء الوطنية، من أجل استيعاب القدرات الجديدة ومشروعات الطاقة المتجددة في المغرب، وفق مشروع يُدرَس حاليًا، ومن المتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق على مشروعات الشبكة خلال المدة 2023- 2027 إلى 23 مليار درهم (2.31 مليار دولار) بمعدل 4.58 مليار درهم (0.46 مليار دولار) سنويًا، مقابل 1 مليار درهم (0.10 مليار دولار) سنويًا خلال المدة 2009-2022.
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة المغرب الهيدروجين الاخضر
إقرأ أيضاً:
اكتشافات غازية واعدة في الأردن فهل تصل للاكتفاء الذاتي؟
عمّان– يشهد قطاع الطاقة في الأردن تحوّلا إستراتيجيًا في ظل الجهود الرسمية الهادفة لتعزيز أمن الطاقة، حيث تعاني المملكة من عبء اقتصادي كبير بسبب قطاع الطاقة، إذ يستورد الأردن 76% من احتياجاته، مما يكلف الموازنة العامة نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب ارتفاع أسعار النفط عالميا، مما يزيد من الضغط على الميزانية العامة للدولة.
ويعاني قطاع الطاقة في الأردن من تحديات مثل ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما يسهم في صعوبة تحقيق الاستقرار في هذا القطاع.
وفي هذا السياق، برز حقل غاز الريشة كمصدر واعد يحمل في طياته إمكانات كبيرة قد تُحدث تحوّلًا نوعيًا في معادلة الطاقة الأردنية، فقد كشفت أعمال التنقيب والتطوير الأخيرة عن احتياطيات غازية واعدة تشير إلى إمكانية رفع مستوى الإنتاج المحلي بشكل ملموس، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة.
تُعد منطقة الريشة، في محافظة المفرق شمالي شرق الأردن، وتحديدًا على الحدود مع العراق، واحدة من أبرز المناطق التي بدأت تكتسب اهتمامًا متزايدًا في قطاع الطاقة، لا سيما فيما يتعلق باحتياطاتها من الغاز الطبيعي. وشهد حقل غاز الريشة تطورات متباينة من حيث الإنتاج والاستكشاف، غير أن الأسابيع الأخيرة كشفت عن مؤشرات متقدمة تعزز من مكانته كمورد إستراتيجي للطاقة في الأردن والمنطقة.
يُعد حقل الريشة من أقدم الحقول الغازية في الأردن، إذ تم اكتشافه لأول مرة في العام 1986 بواسطة سلطة المصادر الطبيعية، وبدأ الإنتاج فيه عام 1989. وبحسب مصدر مسؤول في قطاع الطاقة للجزيرة نت، فإن الكميات المكتشفة في حقل الريشة تغطي احتياجات الأردن -في حال استخراجها- لمدة تصل إلى 80 عامًا.
وأكد المصدر -الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه- أن الكميات المكتشفة تُعتبر تجارية، وقد تم الوصول إليها بسواعد أردنية خالصة، وستساعد الأردن على الاعتماد على الذات في مجال الغاز الطبيعي.
إعلانوأظهر التوسع في الدراسات الجيولوجية واستخدام تقنيات حديثة في الحفر والاستكشاف -بحسب مراقبين- وجود مكامن غير مستغلة بعد، تُبشّر بإنتاج تجاري قابل للنمو. ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على بعدها الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل البعد البيئي والتنموي، إذ يساهم الغاز الطبيعي في تقليل الانبعاثات الكربونية ودعم التوجه نحو الطاقة النظيفة.
وأشارت ورقة سياسات صادرة عن منتدى الإستراتيجيات الأردني إلى أن تطوير حقل غاز الريشة يمكن أن يُحدث تحوّلًا اقتصاديًا كبيرًا، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن يُلبّي الحقل أكثر من 60% من احتياجات الأردن من الغاز الطبيعي، مما قد يؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الكهرباء وبعض الصناعات، وتقليص الاعتماد على واردات الطاقة.
وأشارت الورقة -التي اطلعت الجزيرة نت على تفاصيلها- إلى أن حقل الريشة يمتلك احتياطيات واعدة من الغاز الطبيعي، حيث تبلغ القدرة الإنتاجية الحالية نحو 62 مليون قدم مكعب يوميًا، يُباع منها ما يتراوح بين 16 و20 مليون قدم مكعب فقط.
وحول الخطط المستقبلية، فقد أكد منتدى الإستراتيجيات أنها تستهدف رفع القدرة الإنتاجية للغاز الطبيعي إلى نحو 418 مليون قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي يقارب 40% خلال الفترة 2025–2030. وبحسب الورقة، فإن تحقيق هذا الهدف سيمكّن الأردن من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في قطاع الكهرباء وبعض الصناعات.
كما لفت المنتدى إلى أن إدارة حقل غاز الريشة بكفاءة وفعالية يمكن أن تتحوّل إلى رافعة إستراتيجية تدعم الاقتصاد الوطني، من خلال تعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة، وتوفير فرص عمل مستدامة، والمساهمة في تقليص العجز التجاري، علاوة على إسهامه في توليد إيرادات مالية إضافية لخزينة الدولة، تدعم تنفيذ الخطط التنموية وتوسيع القاعدة الإنتاجية.
إعلانوفقًا لتقديرات وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، يبلغ متوسط احتياطي الغاز في حقل الريشة نحو 11.99 تريليون قدم مكعب، مع إمكانية استخراج نحو 4.675 تريليونات قدم مكعب، وهو ما يمثل نحو 39% من الاحتياطي الكلي. وتتراوح تقديرات الاحتياطي القابل للاستخراج بين 2.835 تريليون قدم مكعب كحد أدنى و6.35 تريليونات قدم مكعب كحد أقصى.
تتضمن خطة تطوير حقل الريشة حفر 80 بئرًا خلال 3 سنوات، بتمويل حكومي جزئي يبلغ 87 مليون دينار أردني، على أن يتم تمويل الباقي من إيرادات الغاز. وقد أطلقت شركة البترول الوطنية مناقصة لتأهيل مقاولين لحفر هذه الآبار بنظام "تسليم المفتاح".
وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة قد بحث مع وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي ربط حقل الريشة الغازي شمال شرقي الأردن بخط الغاز العربي، من خلال خط بطول 300 كيلومتر. واتفق الجانبان على عقد لقاءات فنية بين وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية وشركة البترول المصرية العامة، بهدف التعاون في مجال استكشاف النفط والغاز في المناطق المفتوحة بالأردن، والاستفادة من الخبرات المصرية في هذا المجال.
توضح النقاط التالية الأهمية الإستراتيجية والاستثمارية لحقل الريشة وتأثيراته المباشرة على الاقتصاد الأردني وقطاع الطاقة:
يسهم حقل الريشة في تقليل اعتماد الأردن على واردات الغاز، التي كانت تشكل أكثر من 90% من احتياجاته. يدعم الحقل أمن الطاقة الوطني من خلال توفير مصدر محلي ومستدام للغاز الطبيعي. يسهم في خفض فاتورة الاستيراد وتحسين الميزان التجاري. يوفر فرص عمل ويسهم في تنمية المناطق المحيطة بالحقل.بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن مشكلة الأردن الاقتصادية تتمثل في عدم توفر النفط والغاز وقلة الثروات الطبيعية الأخرى، مشيرًا في حديثه للجزيرة نت إلى أن فاتورة الطاقة تزيد سنويًا عن 7 مليارات دولار، إذ يتم تأمين احتياجاتنا النفطية ومن الغاز الطبيعي من مصادر مختلفة.
إعلانوأشار إلى أن الوصول إلى الإنتاج التجاري للغاز الطبيعي من حقل الريشة أمر أكده وزير الطاقة شخصيًا، والتجارب في الأردن تشير إلى أن مثل هذه التقييمات لا تكون دقيقة بشكل نهائي. وأضاف مستدركًا أن هذه الاحتياطيات المستكشفة من الغاز الطبيعي يمكن الاستفادة منها بالاعتماد على الكلفة والأسعار العالمية، مما يعني تحولًا اقتصاديًا وماليًا مهمًا للأردن، من ناحية التوفير في فاتورة الطاقة من النفط والغاز، وتخفيض كلف توليد الكهرباء، وتأمين احتياجات القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى من الغاز لغايات توفير التيار الكهربائي.
وشدد عايش على ضرورة اعتماد الأردن على مصادر آمنة للطاقة كغاز الريشة، معللا ذلك بما قام به الجانب الإسرائيلي مؤخرًا بخفض صادرات الغاز إلى مصر، وبالتالي من الممكن فعل الشيء ذاته مع الأردن. وعليه، فمن الضروري التأكيد على أن الإعلان عن هذه الاكتشافات للغاز الطبيعي من حقل الريشة سيدفع الحكومة أكثر للاعتماد على الذات، وصولًا إلى موازنات بدون عجز مالي، وتسديد المديونية تدريجيًا بعد ذلك، وتقليل الاقتراض الداخلي والخارجي، وكذلك ارتفاع الإنفاق الرأسمالي وصولا إلى معدلات نمو تتناسب واحتياجات الأردن التنموية.