تعد البنتاغون -القوات المسلحة الأميركية ووكالات وزارة الدفاع- أكبر مؤسسة في العالم تُصدر الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما لا يقل عن 1% من إجمالي الانبعاثات الأميركية سنويا، والأكبر بين جيوش العالم.

وحسب دراسة أجرتها نيتا كروفورد، الأستاذة في جامعة أكسفورد، ومديرة مشروع تكلفة الحروب في جامعة براون.

ولّدت عمليات البنتاغون ومنشآته في عام 2023 نحو 48 ميغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يفوق انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أطلقتها أكثر من 20 دولة، بما فيها فنلندا وغواتيمالا وسوريا والبرتغال والدانمارك، في ذلك العام.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4البصمة الكربونية لحرب إسرائيل على غزة تتجاوز دولا بأكملهاlist 2 of 4جيوش العالم تزيد التسلح وتراكم انبعاثات الكربونlist 3 of 4استثمارات الصين الخارجية بالطاقة المتجددة تتجاوز الوقود الأحفوريlist 4 of 4الكربون الأسود يسرّع ذوبان ثلوج جبال الهيمالاياend of list

ويقدر أن ترتفع البصمة الكربونية للجيش الأميركي بشكل ملحوظ مع قلب الرئيس دونالد ترامب للنظام الجيوسياسي القديم في رئاسته الثانية، مع الغارات التي شنت على اليمن، وزيادة مبيعاته العسكرية لإسرائيل، التي كثفت هجومها العسكري على غزة والضفة الغربية واليمن ولبنان، حسب نيتا كروفورد.

وقالت كروفورد، مؤلفة كتاب "البنتاغون وتغير المناخ والحرب: رسم صعود وهبوط الانبعاثات العسكرية الأميركية" لصحيفة غارديان البريطانية "مع هذه التوجهات، فإن الانبعاثات العسكرية الأميركية سترتفع بالتأكيد، وهذا من شأنه أن يسبب تأثيرا مضاعفا".

إعلان

وتضيف كروفورد، أن حلفاء الولايات المتحدة، الحاليين والسابقين، زادوا إنفاقهم العسكري، مما أدى إلى ارتفاع انبعاثاتهم. ومع تزايد نشاط خصوم الولايات المتحدة، أو خصومها المحتملين العسكريين، سترتفع انبعاثاتهم أيضا. وهي أخبار سيئة للغاية للمناخ، حسب تقديرها.

وتعد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكبر مستهلك للوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، حيث يُمثل فعلا نحو 80% من إجمالي الانبعاثات الحكومية. وفي مارس/آذار، كتب وزير الدفاع بيت هيغسيث على موقع X (تويتر سابقا) "إن وزارة الدفاع لا تُقدم أي تنازلات بشأن تغير المناخ، نحن نُجري تدريبات ونخوض معارك".

ومع بداية ولايته، وعد ترامب بإنفاق دفاعي قدره تريليون دولار لعام 2026، وهو ما سيمثل زيادة بنسبة 13% على ميزانية البنتاغون لعام 2025، وقد اقترنت بتخفيضات غير مسبوقة طالت جميع الوكالات الفدرالية الأخرى تقريبا، وخصوصا تلك التي تُجري أبحاثا وتستجيب لأزمة المناخ.

وتتزامن هذه الزيادات في الإنفاق العسكري مع أوامر بإنهاء أبحاث المناخ في البنتاغون، وتراجعا في العمل المناخي في جميع المؤسسات الحكومية، مع توجه جاد لتعزيز استخراج الوقود الأحفوري.

منذ بدء تسجيل البيانات عام 1948، لم تُنفق الولايات المتحدة قط أقل من 3% من ناتجها المحلي الإجمالي على جيشها، ويُعد الإنفاق العسكري الأميركي والانبعاثاتات الناجمة عنه الأعلى في العالم بفارق كبير.

ولم تلتزم واشنطن، وتبعتها دول أخرى، بتقديم تقارير عن انبعاثاتها العسكرية للأمم المتحدة بناء على بروتوكول كيوتو لعام 1997 الذي وضع أهدافا ملزمة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وبين عامي 1979 و2023، ولّد البنتاغون ما يقرب من 4 مليارات طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل تقريبا إجمالي انبعاثات عام 2023 التي أبلغت عنها الهند، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.

إعلان

وأصدرت المنشآت والقواعد العسكرية الأميركية التي تفوق الـ 700، نحو 40% من هذه الانبعاثات، بينما شكلت الانبعاثات التشغيلية 60%، والناجمة عن استخدام الوقود في الحروب والتدريبات والمناورات مع دول أخرى، وفقًا لتحليل كروفورد.

الانتشار العسكري الأميركي في العالم يعزز انبعاثات الكربون (الفرنسية)

الكوكب يدفع الثمن
وعلاوة على ذلك، فإن الصناعة العسكرية ــالشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها والتي تصنع الأسلحة والطائرات وغيرها من المعدات الحربيةــ تولّد أكثر من ضعف الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تطلقها البنتاغون كل عام.

مع ذلك، ترجَّح كروفورد، أن يكون تقدير التأثير المناخي العسكري الأميركي المعروف أقل بكثير من الواقع. فالأرقام لا تشمل غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن إلقاء القنابل وتدمير المباني وإعادة الإعمار اللاحقة.

كما لا تشمل ثاني أكسيد الكربون الإضافي المُنبعث في الغلاف الجوي من تدمير مصادر الكربون، مثل الغابات والأراضي الزراعية، وحتى الحيتان التي تُقتل أثناء التدريبات البحرية.

ولا تشمل أيضا التأثير المترتب على تزايد العسكرة وعمليات الحلفاء والأعداء، وكذلك الانبعاثات الناتجة عن العمليات السرية و"فرق الموت في الأرجنتين والسلفادور وتشيلي خلال الحروب القذرة التي دعمتها الولايات المتحدة، ولا الانبعاثات الناتجة عن زيادة الصين مناوراتها العسكرية ردا على التهديدات الأميركية". كما تقول كروفورد.

ومن الاتجاهات العسكرية العالمية الأخرى التي قد تُسفر عن تكاليف مناخية وبيئية باهظة، توسع القوات النووية. وتدرس واشنطن ولندن تحديث أساطيلهما من الغواصات، بينما تشمل القوة النووية المتوسعة للصين ترسانة متنامية من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. ويتطلب إنتاج الأسلحة النووية استهلاكا كثيفا للطاقة وبالتالي انبعاثات أكثر لغازات الاحتباس الحراري.

إعلان

وفي عام 2024، شهد الإنفاق العسكري العالمي أكبر ارتفاع له منذ نهاية الحرب الباردة، ليصل إلى 2.7 تريليون دولار، حيث أدت الحروب والتوترات المتزايدة إلى زيادة الإنفاق، وفقًا لتقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وتُقدَّر البصمة الكربونية العسكرية العالمية الإجمالية بنحو 5.5% من الانبعاثات العالمية، -تستثنى منها غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النزاعات والحروب-، ويفوق ذلك مساهمة الطيران المدني (2%) والشحن البحري (3%) مجتمعَين. ولو كانت جيوش العالم دولةً واحدة، لمثّل هذا الرقم رابع أكبر بصمة كربونية وطنية في العالم، متجاوزةً روسيا.

وقد يكون الحشد العسكري العالمي كارثيا في ما له علاقة بظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، في وقت يتفق فيه العلماء على أن الوقت ينفد لتجنب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كارثي.

فإضافة إلى انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ، لم تُبلغ إدارة ترامب عن انبعاثات الولايات المتحدة السنوية إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لأول مرة، وحذفت أي ذكر لتغير المناخ من المواقع الإلكترونية الحكومية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات تلوث غازات الاحتباس الحراری الولایات المتحدة الناتجة عن فی العالم التی ت

إقرأ أيضاً:

خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا

اتفق خبيران في العلاقات الدولية على أن القارة الأوروبية تواجه تحدياً إستراتيجياً كبيراً في ظل سياسات واشنطن الجديدة، لكنها تملك فرصة تاريخية حقيقية لبناء قدراتها الدفاعية المستقلة إذا استطاعت استغلال هذه الضغوط إيجابيا.

فقد أجمع كل من أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حسني عبيدي والكاتب المتخصص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي على أن أوروبا تفتقد حالياً إلى القوة العسكرية الكافية للاستغناء عن الحماية الأميركية.

وأكد عبيدي، أن الدول الأوروبية تفتقد القوة العسكرية الكافية للتخلي عن الحماية الأميركية، خاصة من ناحية العدد، حيث وصف الإمكانيات الأوروبية في هذا الصدد بأنها ضعيفة جداً، وكذلك ضعفها الكبير في التأمين الجوي وهو ما وصفه بأنه "كارثة كبيرة".

ويتوافق هذا التقييم مع رؤية المنشاوي الذي يؤكد ضرورة الاستثمار في الدفاعات الجوية كما يريد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته.

وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد نقلت عن مصادر مطلعة "إن الحلف يوافق على أضخم برنامج لإعادة التسلح منذ انتهاء الحرب الباردة".

وعقد وزراء الدفاع في دول الحلف اليوم الخميس، اجتماعاً بغرض التوصل إلى اتفاق بشأن أهداف القدرات الجديدة للتحالف.

إعلان

وقال الأمين العام للحلف من بروكسل، إن الحلف سيزيد إنفاقه العسكري، وسيعزز إنتاجه من الأسلحة ودعمه لأوكرانيا.

وفي تصريحات قبيل اجتماع وزراء دفاع الحلف، أضاف روته، أنه يتعين على الحلف الاستثمار في الدفاع الجوي والصواريخ طويلة المدى ونظم التحكم لتأمين سلامة نحو مليار شخص يعيشون داخل حدود الحلف، وتوقع أن يتم الاتفاق اليوم على أهداف قدرات الحلف الجديدة.

فرص سابقة

وأجمع الخبيران على أن أوروبا أضاعت فرصة ذهبية للتحضير خلال العقد الماضي، حيث أوضح المنشاوي، أن الرئيس دونالد  ترامب وخطابه المعادي لحلف الناتو ظهر منذ عام 2015، منذ 10 سنوات، وهو يهدد ويرى أن الحلف ليس له قيمة للولايات المتحدة.

وأضاف أن القارة الأوروبية كان لديها 10 سنوات كاملة لكي تعدل من وضعها الدفاعي وأن تزيد من ميزانيتها العسكرية.

وفي نفس السياق، أكد عبيدي أنه كان يفترض بأوروبا منذ 3 سنوات ومن بداية حرب أوكرانيا أن تفكر في مرحلة ما بعد الرئيس الأميركي جو بايدن.

ورغم هذا التقصير، أجمع الخبيران على أن أوروبا تملك الإمكانيات التقنية والصناعية اللازمة لبناء قدراتها الدفاعية.

فقد أشار المنشاوي إلى أن القارة الأوروبية قارة متقدمة صناعياً، لديها كثير من التكنولوجيات والمهارات البشرية والبنية التحتية للتصنيع، لكنها لا تستغل ذلك بالشكل الأمثل.

وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن قدرة دول، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا على أن تكون في المقدمة إذا قررت الاستثمار بجدية في قطاع الدفاع، ويمكن أن تشكل الأساس الذي يمكن البناء عليه لتحقيق الاستقلال العسكري المنشود.

الضغط الأميركي كمحفز إيجابي

كما اتفق الخبيران على أن الضغط الأميركي، قد يكون مفيداً لدفع أوروبا نحو الاستقلال العسكري.

واعتبر المنشاوي، أن الضغط من الرئيس ترامب ووزير دفاعه بيت هيغسيث على الجهات الأوروبية إيجابي في دفعهم إلى رفع هذا المعدل الإنفاقي في الدفاع.

إعلان

وأضاف أن تكرار ترامب لهذه المطالب علناً يهيئ الرأي العام الأوروبي أيضاً ويسهل من مهمة القادة الأوروبيين في إقناع شعوبهم لتعزيز الاستثمار في المجال الدفاعي.

من جانبه، أكد عبيدي أن على أوروبا أن تشكر الرئيس ترامب بسبب موقفه المعادي للحلف، لأنها دعوة لها لأن تعتمد على نفسها.

وأكد المنشاوي، أن إدارة ترامب تتعامل مع الأمن الأوروبي وفق منطق تجاري بحت، حيث أوضح أن ترامب رجل صفقات يتعامل مع كل القضايا العالمية والقضايا الخاصة للولايات المتحدة كصفقة تجارية.

التركيز على الصين

واتفق المنشاوي وعبيدي على أن الولايات المتحدة لا تعتبر روسيا التهديد الأكبر، بل تركز على الصين.

وبحسب المنشاوي فإن الولايات المتحدة ترى روسيا دولة متراجعة عسكرياً وتكنولوجياً، ولذلك فإن الأولوية لدى إدارة ترامب هو التركيز على  الصين.

وأضاف أن اقتصاد روسيا بالنسبة للولايات المتحدة لا يتعدى اقتصاد ولاية أوهايو أو إنديانا، فهي دولة متوسطة الحجم.

وهذا ما أكده عبيدي عندما تحدث عن رغبة أميركا في توحيد أوروبا ضد ما تصفه بـ"الخطر الصيني".

قمة لاهاي

كما أجمع الخبيران على أهمية قمة لاهاي المقبلة كنقطة تحول محتملة، وتوقع المنشاوي، أن يحضر الرئيس ترامب القمة على عكس التوقعات، ولم يستبعد أن يوجه ترامب خلال القمة رسائل قوية جداً  للقادة الأوروبيين.

ومن جانبه، رجح عبيدي أن تقدم أوروبا عرضاً كبيراً أو عرضاً مغرياً للإدارة الأميركية، وأن تقوم  كذلك بثورة عسكرية بتبني سياسات طموحة جداً، واعتبر أن هذه القمة ستكون بمثابة اختبار حقيقي لجدية الالتزامات الأوروبية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • خبيران: أوروبا أمام فرصة تاريخية للاستقلال العسكري والخروج من عباءة أميركا
  • الولايات المتحدة تقلص وجودها العسكري في سوريا
  • تنديد أممي بـالقتل المتعمد لمجوعي غزة والشركة الأميركية توقف المساعدات
  • طارق صالح يبدأ تحركات لإزاحة “الإصلاح” عسكرياً ويقدم قائمة مرشحين لقيادة المناطق العسكرية
  • الخارجية الأمريكية: النزاع في السودان يهدد المنطقة ولا حل عسكرياً
  • مدبولي: ندرس وضع حوافز لخفض الإنبعاثات الكربونية
  • جدل في إسرائيل حول تغيرات الإدارة الأميركية تجاه تل أبيب
  • وزير الخارجية: مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال دولة بنين
  • الإحصاء: 0.6% نسبة مساهمة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر