نشر موقع مركز المجلس الأطلنطي في واشنطن، تحليلا، لرئيس المبادرة السورية بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، تشارلس ليستر، قال فيه إنّ: "التحوّل السوري الهش يحمل وميض أمل لشرق أوسط مستقر".

وقال  ليستر، في التحليل الذي ترجمته "عربي21" إنّ: "سوريا ظلّت وعلى مدى ما يقرب من نصف قرن، جرحا مفتوحا في قلب الشرق الأوسط، ومصدرا لعدم الاستقرار وتثير الصراع وتقمع شعبها بوحشية".



وأوضح بأنّ: "الحرب الأهلية السورية، التي استمرت قرابة أربعة عشر عاما،  قد زادت من الآثار المزعزعة للاستقرار على الدول المجاورة والعالم أجمع"، مردفا: "وقد جسد القول المأثور -ما يحدث في سوريا لا يبقى في سوريا- بدقة  ما بدا في معظم العقد الماضي أنه أزمة مستعصية على الحل".

وتابع: "تغيّر كل هذا في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، عندما هرب بشار الأسد من قصره في دمشق وأسرع بطريقة غير متوقعة إلى منفاه الروسي"، مضيفا: "في هجوم مفاجئ وكاسح، أطاح تحالف من جماعات المعارضة المسلحة بنظام الأسد الذي بدا مثل بيت من ورق، وسقط في غضون عشرة أيام".

"فجأة، أتيح للمجتمع الدولي فرصة تاريخية واستراتيجية لإعادة تشكيل قلب الشرق الأوسط ليصبح أكثر استقرارا وتكاملا وبناء" استرسل التحليل نفسه، مشيرا إلى أنّ: "المرحلة الإنتقالية السورية تظل هشة وبشكل عميق وتواجه تحديات ضخمة وتمثل في الوقت نفسه معضلة للمجتمع الدولي".

وأبرز: "منذ اليوم الأول، قادت عملية التحول هيئة تحرير الشام، العضو السابق في تنظيم القاعدة والتي ولدت من رحم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وهو ما أثار المخاوف من التعامل مع السلطات الإنتقالية".

واستدرك: "إلاّ أن هيئة تحرير الشام اليوم هي نتاج عقد من التغير. فبعد انفصالها عن تنظيم الدولة في عام 2013، فكّت علاقاتها الرسمية مع تنظيم القاعدة في عام 2016. ثم سمحت بدخول آلاف القوات التابعة لتركيا، عضو حلف الناتو، ووافقت والتزمت باتفاق وقف إطلاق النار رعته تركيا وروسيا".

"بعد ذلك أطلقت "حكومة إنقاذ وطني" في شمال- غرب سوريا وقدمت خدمات متميزة للمناطق الخاضعة لها وأكثر من بقية المناطق في سوريا" بحسب التحليل ذاته، مضيفا: "شنّت الحكومة حملة قمع ضد عناصر القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وقامت الحكومة بالتواصل مع المجتمع الدولي وإن من خلف الأبواب المغلقة".


وأكّد: "تغيرت أيديولوجية هيئة تحرير الشام في المرحلة التأسيسية لما بعد انفصالها عن القاعدة في عام 2016. ولم يكن التحول مسبوقا من ناحية ابتعادها عن الجهاد العالمي بل والعمل ضده وتبني راية الثورة الشعبية ضد نظام الأسد. وهذا التحول يفسر تدفّق معظم المجتمع الدولي إلى دمشق للتواصل مع الحكومة الجديدة والتي تقودها هيئة تحرير الشام والرئيس أحمد الشرع".

وتابع: "كان وراء حسابات التواصل اعتقاد أن التعامل والتفاعل يتيحان فرصة أكبر بكثير لتشكيل نتائج انتقال هش مقارنةً بسياسة العزل".

وأورد: "في البداية، خفّف الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسويسرا العديد من العقوبات المرتبطة بالاقتصاد السوري، على أمل إعادة إحياء البلاد. من جانبها، أصدرت إدارة بايدن المنتهية ولايتها "ترخيصا عاما" لمدة ستة أشهر في كانون الثاني/ يناير 2025، ألغت فيه بعض الإجراءات التقييدية. لكن هذا لم يترك أثر كبيرا على تسهيل المعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا".

وأضاف: "بعد سنوات من صراع ضخم، يعاني الاقتصاد السوري من انهيار وتتفاقم الأزمة الإنسانية أكثر من أي وقت مضى. وتعيش نسبة 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، فيما ويعتمد 70 في المئة منهم على المساعدات، وفقدت الليرة السورية نسبة 99 في المئة من قيمتها ودمّرت نسبة 50 في المئة من البنية التحتية الأساسية للبلاد وانخفضت إمدادات الوقود إلى ما يقارب الصفر".

وأردف: "بغض النظر عمّن يدير المرحلة الانتقالية في سوريا، فإن احتمالات النجاح في تجاوز هذه الظروف الكارثية ستكون مستحيلة دون تخفيف العقوبات. وتستعد دول المنطقة، خاصّة السعودية وتركيا وقطر لمساعدة سوريا في الاستثمارات والنفط والكهرباء والأموال، ولكن ليس في ظل العقوبات الأمريكية التي تمنعها".

وأبرز: "يعتقد ليستر أنّ الإستفادة من الفرصة التاريخية لسقوط الأسد تحتاج إلى التخلّص من الأساليب التكتيكية قصيرة الأمد وتبني رؤية طويلة الأمد تركز على الاستقرار السوري والإقليمي".

ولفت إلى أنّه: "في 8 كانون الأول/ ديسمبر اقتصرت السلطات الإنتقالية في دمشق على هيئة تحرير الشام فقط. إلا أنه وبعد ثلاثة أشهر، تغيرت الأمور حيث انعقد حوار وطني ومؤتمر وشكلت لجان موسعة لصياغة إعلان دستوري؛ وأعلن عن  حكومة انتقالية موسعة بشكل واضح".


"قد مثّل هذا الأخير تطورا ملحوظا في التمثيل الحكومي، حيث لم يضم سوى أربعة أعضاء من هيئة تحرير الشام من أصل ثلاثة وعشرين وزيرا. وكان أكثر من نصف أعضاء الحكومة الجديدة متعلمين ولديهم تجربة مهنية في أوروبا والولايات المتحدة. إجمالا، يعتبر  هذا تحولا نحو حكومة تكنوقراطية حقيقية" استرسل التحليل.

واستطرد: "مع ذلك هناك ملامح من عدم الإستقرار، فلا تزال التوترات الاجتماعية والسياسية والطائفية المتجذرة مصدر قلق بالغ، إلا أن الارتفاع الحاد في العنف -كما حدث في 7-8 آذار/ مارس 2025- لم يدم طويلا"، متابعا: "قد كلّفت لجنة تحقيق عينتها الحكومة لتحديد المسؤولين عن الجرائم". 

وأضاف: "في غضون ذلك، لا تزال القضايا الهيكلية المتعلقة بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والمقاتلين الأجانب والتحديات التي يفرضها تنظيم الدولة والمقاومة المسلحة العلوية قائمة، ولكن في نهاية المطاف، لا يزال التحوّل الهش يوفر أفضل أمل لتحقيق الاستقرار التدريجي". 

وتابع: "تُواجه الولايات المتحدة وحلف الناتو خيارين: إما الانخراط في العملية الانتقالية في سوريا ودعمها المشروط على أمل أن تستمر في ترسيخ سيطرتها وتوسيع تمثيلها أو الانسحاب منها وعزلها لصالح بديل آخر. ولا يخلو أي منهما من مخاطر، لكن الخيار الأخير يضمن استمرار الفوضى ، بينما يهدف الخيار الأول إلى تجنبه".

إلى ذلك، يقول الكاتب إنّ: "إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في السعودية، في أيار/ مايو 2025 عن إنهاء جميع العقوبات المفروضة على سوريا مؤشرا على عودة الحسابات الاستراتيجية إلى صدارة صناعة السياسة الأمريكية بشأن سوريا".

واسترسل: "قد أكّدت التعليقات العلنية اللاحقة لوزير الخارجية، ماركو روبيو، أمام الكونغرس هذا التحول، حيث أشار إلى أنه إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات، فإن سوريا ستعود إلى الصراع الأهلي. ويكمن العامل الحاسم هنا في الوقت، ما مدى سرعة إصدار إعفاءات تنفيذية لرفع قيود العقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري بحكم الأمر الواقع؟".

وأكّد: "يشير قرار الاتحاد الأوروبي في 20 أيار/ مايو برفع جميع العقوبات إلى أن الأمور ستتحرك بسرعة. وإذا عاد الدبلوماسيون الأمريكيون إلى دمشق، فقد يكون من الممكن وضع سوريا بثقة على مسار جديد للتعافي".

وأبرز: "في الوقت ذاته، واصلت القيادة المركزية في الشرق الأوسط لعب دورا محوريا في تسهيل المفاوضات بين قوات سورية الديمقراطية ودمشق. وقد ضغطت على قوات سوريا الديمقراطية للتوقيع على اتفاق في آذار/ مارس. وبدءا من منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024، شملت اتصالات القيادة المركزية على لقاءات مع الشرع وفتح خط مع وزارتي الداخلية والدفاع حيث تم تنسيق جهود مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية". 


وأكّد: "منذ كانون الثاني/ يناير 2025 أحبطت الحكومة الإنتقالية ثماني محاولات لتنظيم الدولة الهجمات الأمريكية بالمسيرات لاستهداف ناشطين للقاعدة  في شمال- غرب سوريا. وفي ظل خطط الولايات المتحدة تخفيف وجودها العسكري والإستراتيجي في الشرق الأوسط، ومع تشتّت انتباه الناتو بشكل متزايد بسبب المخاوف في أوروبا، فإن احتمال تحقيق الاستقرار في أحد أكثر مسارح الصراع تعقيدا وزعزعةً للاستقرار في التاريخ الحديث أمر بديهي". 

وختم بالقول إنّه: "رغم المخاطر والمجهول، يجب منح الأولوية لاستراتيجية بشأن سوريا تركز على تشكيل حكومة مركزية مستقرة وقادرة، مندمجة مع جوارها، وقادرة على حل مشاكلها بشكل جماعي".

واستطرد: "يجب التعامل معه باعتباره الخيار الوحيد المطروح. هذا هو الخيار الذي اتخذته أوروبا والشرق الأوسط بالفعل، وعلى الولايات المتحدة أن تحذو حذوهما. إذا انضمت إدارة ترامب بحزم إلى هذا المسار من المشاركة، فستزداد فرص سوريا لرسم مسار الاستقرار بشكل كبير".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية واشنطن الشرق الأوسط سوريا تركيا السعودية سوريا الشرق الأوسط تركيا السعودية واشنطن صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام الشرق الأوسط تنظیم الدولة فی المئة من فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغ

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية اليوم الجمعة عن فرض حزمة جديدة من العقوبات المرتبطة بـ إيران، استهدفت 10 أفراد و27 كيانًا، بينهم شركات تعمل في الإمارات وهونغ كونغ. 

ووفقًا لبيان صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، فإن هذه العقوبات تأتي ردًا على أنشطة إيرانية تشمل تطوير برامج الصواريخ الباليستية، وتجاوز العقوبات النفطية، ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة. 

وتشمل الكيانات المستهدفة شركات مرتبطة بشركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية، بالإضافة إلى شركات صينية وإماراتية يُشتبه في تورطها في تسهيل عمليات تهريب النفط الإيراني.

البيت الأبيض: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالمبوتين يزور إيران قريبا.. توسيع التحالفات بعيدا عن الغرب

تأتي هذه العقوبات في وقت حساس، حيث تتزامن مع تقارير تفيد بأن إيران طلبت مؤخرًا مواد كيميائية من الصين تُستخدم في تصنيع وقود الصواريخ الصلبة، في إطار جهودها لإعادة بناء ترسانتها الصاروخية، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

كما تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، خاصة بعد أن كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن انتهاكات إيرانية للاتفاق النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يثير مخاوف من اقتراب إيران من امتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي.

من جانبها، انتقدت إيران هذه العقوبات، معتبرةً إياها دليلاً على عدم جدية الولايات المتحدة في المفاوضات النووية، التي شهدت خمس جولات منذ أبريل الماضي دون تحقيق تقدم ملموس. 

تُعد هذه الحزمة من العقوبات جزءًا من استراتيجية أمريكية أوسع تهدف إلى زيادة الضغط على إيران للحد من أنشطتها النووية والصاروخية، ومنعها من دعم الجماعات المسلحة في المنطقة.

وفي ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران غامضًا، خاصة مع استمرار التصعيد المتبادل وتزايد المخاوف من اندلاع مواجهة مباشرة بين الطرفين.

طباعة شارك وزارة الخزانة الأمريكية إيران الإمارات هونغ كونغ ناقلات النفط الوطنية الإيرانية واشنطن طهران تخصيب اليورانيوم

مقالات مشابهة

  • واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغ
  • تصعيد أمريكي جديد ضد طهران… وعقوبات تمتد من دبي إلى لندن
  • أردوغان يرحب بقرار الدول الغربية رفع العقوبات عن سوريا
  • هيئة مغربية تعلن تنظيم النسخة الـ4 من مبادرة “عيدنا فلسطيني”
  • من العزلة إلى الانفتاح المشروط: تفكيك العقوبات الأميركية على سوريا
  • وزير العمل: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية
  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي مبعوث الحكومة الصينية الخاص للشرق الأوسط
  • تركيا: البوادر الأوليّة لقرارات رفع العقوبات عن سوريا بدأت تظهر
  • سفير الإمارات بسوريا يشارك في حفل استئناف فلاي دبي رحلاتها إلى مطار دمشق