من دون تكييف ولا دعم.. لاعبات عراقيات على الكراسي المتحركة إلى العالمية
تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT
30 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تمضي نور الهدى سرمد على عجلتها كأنما تسابق الريح، لا تستسلم لكسر منضدة ولا لانقطاع تيار، ولا لسخرية مركونة في زاوية من زوايا المجتمع. ففي صالة غير مهيّأة، دون تكييف أو دعم مؤسسي، تولد بطولات نسوية عراقية صامتة، على يد نساء اختصرن طريق التغيير بالشجاعة وحدها، لا بانتظار الإنصاف.
وتأتي هذه الطفرات الفردية في سياق معقّد تُثقل كاهله الإعاقةُ البنيوية للدولة قبل الأجساد. فالدولة التي أغرقتها الموازنات التقشفية، والنزيف الإداري، والمحسوبيات، لا تلتفت لبطولات نساء جئن من خلف جدران العزلة الاجتماعية إلى منابر الذهب، لتقول إحداهن: “لا شيء مستحيل”. فعبارة مثل هذه ليست خطاب تحفيز، بل نتيجة يومية لنضال شخصي مكلف، تدفع فيه اللاعبة من مالها وصحتها ووقتها لتشتري مضرباً بمئتين وعشرين دولاراً، مقابل بدل نقل لا يتجاوز خمسة وسبعين.
وتكمن المفارقة هنا أن الإنجاز الأولمبي العراقي في تنس الطاولة لم يأتِ من ملاعب الدولة، بل من رياضية مثل نجلة عماد التي احتضنتها الرعاية الخاصة حين غابت يد الحكومة. وهي مفارقة تكرّس ما بات يعرف في الخطاب السياسي بـ”غياب الدولة التنموية”، حين تُهمل أدوات البناء البشري، ويُختزل مفهوم الرياضة الوطنية في متابعة كرة القدم، كأنما باقي الألعاب لا تُنتج شرفاً ولا علماً ولا تاريخاً.
وتفتح تجربة فريق الديوانية للنساء من ذوي الإعاقة نافذة على خطاب التمكين الحقيقي، لا ذلك المشغول بالشعارات، بل ذاك الذي يخترق قيود النقل والصورة النمطية المجتمعية، ويروّض نظرة عشائرية ترى في خروج المرأة للرياضة تحدياً لمفهوم الشرف، لا تعبيراً عن حقّ مكتسب.
وتتزامن هذه التحركات الرياضية النسوية مع سياق إقليمي أوسع يعيد النقاش حول المساحة المتاحة للمرأة في المجال العام، خصوصاً بعد إلغاء مشاركة النساء في ماراثون البصرة العام الماضي لأسباب “اجتماعية”، وهي سابقة أعادت إنتاج الصراع القديم بين القيم المحافظة وحق النساء في التمثيل والمنافسة.
وتبدو الرياضة هنا، في أعمق مستوياتها، مرآة لحال العقد الاجتماعي العراقي. ففي ظل غياب سياسات الإدماج الفاعلة، وضعف البنية التحتية، وتآكل الثقة بالمؤسسات، تنبثق حكايات البطولة من تحت الأنقاض. وهي بذلك ليست مجرد صراع في حلبة، بل فعل مقاومة ناعم، يراكم شرعية جديدة للمرأة، ولمفهوم مختلف للوطن.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
مهرجان البحر الأحمر يدعم دعم المواهب السعودية في الرسوم المتحركة
البلاد (جدة)
أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي إطلاق شراكة إستراتيجية مع مدينة الرسوم المتحرّكة والصناعات الإبداعية (CITIA)، الجهة المنظمة لمهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة؛ وذلك بهدف دعم صناعة الرسوم المتحرّكة في المملكة وتعزيز حضورها عالميًا.
وتم توقيع مذكرة التفاهم في جدة بين الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي فيصل بالطيور، والرئيس التنفيذي لـ CITIA ميكايل مارين.
وتهدف الشراكة الممتدة لثلاث سنوات قابلة للتجديد، إلى تطوير المواهب السعودية وتوسيع آفاق التعاون الدولي عبر المشاركة في السوق الدولية لأفلام الرسوم المتحرّكة، وإتاحة فرص التواصل المهني وتبادل الخبرات.
كما تتضمن تقديم برنامج سنوي بميدان الثقافة في جدة التاريخية يعرض مختارات من أعمال مهرجان آنسي، إضافةً إلى ورش وفعاليات موجهة للأطفال والعائلات.
وتشمل المبادرات المرتقبة ابتداءً من عام 2026 تشكيل لجنة متخصصة للرسوم المتحركة ضمن سوق البحر الأحمر، وتنفيذ ورش تدريبية وبرامج تبادل طلابي ومهني بالتعاون مع منظومة التطوير المهني التابعة لـ CITIA، إلى جانب بحث إطلاق برامج مشتركة للإنتاج وتنمية المواهب وتسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية.
وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي فيصل بالطيور, أن هذه الشراكة تمثل إضافة مهمّة لصناعة الرسوم المتحركة محليًا وعالميًا، مشيرًا إلى أنها تفتح آفاقًا واسعة للتبادل الإبداعي وبرامج التوعية والأنشطة الموجهة للجمهور، وتسهم في تعزيز مكانة جدة ومهرجان آنسي كوجهتين عالميتين داعمتين للمبدعين في هذا القطاع.