35 عجلة مطلوبة دوليا داخل العراق
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
11 سبتمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث: كشف مدير الشرطة العربية والدولية (الانتربول) اللواء علاء عاشور مناتي، الاثنين، عن المطلوبين المقبوض عليهم بالخارج منذ تفعيل ملف الشرطة الدولية، وفيما أشار الى ضبط 35 عجلة مطلوبة دوليا داخل العراق، أكد اعتماده إجراء جديدا يخص جميع المطلوبين والعجلات والجوازات المسروقة بالعالم.
وقال مدير الشرطة العربية والدولية (الانتربول) اللواء علاء عاشور مناتي لوسائل اعلام تابعتها المسلة، إن “مديرية الشرطة العربية والدولية تعنى بتبادل المعلومات الأمنية والجنائية والقضائية، بين وزارة الداخلية العراقية ومثيلاتها في الدول الأعضاء سواء كانت على الجانب الاقليمي التي هي 22 دولة عربية تعمل مع مجلس الوزراء داخلية العرب وفيها وحدة اتصال داخل بغداد، او على الجانب الدولي التي تتعامل مع 195 دولة اجنبية وهي مكاتب الانتربول المركزية في تلك الدول”.
عدد مذكرات القبض الدولية
وأضاف، أن “عدد المتهمين المقبوض عليهم منذ تفعيل عمل ملف الشرطة الدولية ولغاية الآن 265 مطلوبا تم استردادهم من الخارج، اما بالنسبة للمتهمين الاجانب او العرب المقبوض عليهم داخل العراق فكان عددهم 230 مطلوبا تم تسليم بعضهم للدول التي تطالب بهم، اما الآخرين فمازالوا موقوفين لغاية الآن من جنسيات مختلفة”، مشيرا الى ان “الدول الاعضاء أصدرت 1895 نشرة دولية حمراء، حيث وصلت إلى العراق وتعممت على جميع منافذنا الحدودية او الدوائر الأمنية داخل العراق”.
وذكر أن “العراق أصدر 2150 أمر قبض دولي “نشرة حمراء” وتعمم على جميع دول الاعضاء”.
عوائق استرداد المطلوبين إلى العراق
وبين أن “هناك الكثير من العوائق التي تمنع استرداد المطلوبين منها تعدد الجنسية بالنسبة للمتهم المطلوب، حيث يكون جنسيته عراقي ويحمل جنسية اخرى، وعندما يغادر البلاد ويدخل للدولة الام الحامل لجنسيتها لا تسلمه تلك الدولة للعراق كونه أصبح صاحب جنسية أخرى، إلا في حال القي القبض عليه خارج الدولة الأم، فيتم تسليمه للحكومة العراقية”، مشيرا الى أن “العائق الآخر هو صدور احكام غيابية بالإعدام من القضاء العراقي خاصة بالمتهمين، والتي يستخدمها قضاء الدول الاخرى ورقة رابحة ويدخلها من باب حقوق الإنسان”.
وتابع أن “هناك الكثير من القضايا التحقيقية داخل العراق او الجرائم لها عقوبات خاصة، الا ان قضاء الدول الاخرى لا يعتبرها عقوبة او جريمة وهذا يعتبر عائق ثالث يمنع تسليم المطلوبين”.
أوامر قبض بحق مسؤولين بالحكومة السابقة
وبين مناتي “فيما يتعلق بالحكومة السابقة، صدرت أوامر قبض بحق مسؤولين مطلوبين بعضهم تم إلقاء القبض عليه واخرون استردوا من خارج البلاد، اما من يحمل جنسية اخرى تم إرسال ملف استرداده لمحاكمته خارج العراق”، موضحا ان “دائرتنا تعمل تحت غطاء مجلس القضاء الأعلى ورئاسة الادعاء العام وبالتنسيق مع وزارة الخارجية، حيث ان ملفات خاصة بالمتهمين المطلوبين يتم تنظيمها من قبل رئاسة الاستئناف للمحافظات وتدقق من قبل رئاسة الادعاء العام من الناحية الموضوعية والشكلية وترسل الينا لكي يتم تعميمها على باقي الدول”.
وذكر أن “التعامل مع الملفات المهمة جدا، يتم تنظيمها بأسرع ما يمكن كاقصى حد اسبوع واحد، حيث تنجز الإجراءات ومن ثم نطلب الملاحقة دولية من الدول الاخرى”، لافتا الى ان “هناك ملفات جنائية اخرى يتم تنظيمها لكن تبقى على سرعة إرسالها من قبل المحاكم المختصة”.
وأوضح أن “أسماء المتهمين تصلنا من دون مناصب، حيث يتم التعميم عنها كأي متهم صادر بحق امر قبض من القضاء العراقي، ويتم التعامل معه بنفس معاملة المتهمين الاخرين”، لافتا الى ان “المتهمين الذين صدرت بحقهم اوامر قبض كانوا يتبوءون مناصب عليا داخل الحكومة السابقة وعددهم خمسة متهمين”.
مدة تنفيذ أوامر القبض
واكد أن “أمر القبض عندما نطلب تعميمه عن طريق المنظمة الدولية الانتربول او إدارة الملاحقة الدولية في مجلس وزراء الداخلية العرب لا يتأخر ثلاثة او اربعة ايام حتى يتم تعميمه على كل الدول، لكن هناك إجراءات قانونية داخل المنظمة الدولية وداخل مجلس وزراء الداخلية العرب بالنسبة لدائرة الملاحقة بتدقيق طلب العراق من الناحية القانونية، لإصدارها أمر قبض وتعميمه على باقي الدول”.
مصادرة الأموال
وأشار مدير الشرطة العربية والدولية (الإنتربول) الى ان “مصادرة الأموال يكون بناء على قرار قضائي وبطريقين الأولى الانتربول والأخر بالسياقات الدبلوماسية عن طريق وزارة الخارجية، لكن هذا الإجراء لغاية الآن لم يصلنا بينما هنالك اجراءات سابقة في هذا السياق وتم طلبه تلك الدول بمتابعة من وزارة الخارجية”، لافتا الى ان “هناك استجابة سريعة بالمواضيع التي تطلب منهم خاصة من قبلنا كونها امور مهمة تتعلق بامن الدولة والارهاب وسرقة أموال الدولة، ويتم الاستجابة عليها سريعا خلال يوم او يومين”.
استرداد الأموال
وأوضح أن “استرداد الأموال من الخارج هو من اختصاص هيئة النزاهة الاتحادية وتحديدا دائرة استرداد الاموال”، مشيرا الى ان “التنسيق مستمر مع هيئة النزاهة خاصة بعد تفعيل دور دائرة استرداد الأموال والذي تم بإشراف رئيس هيئة النزاهة ومدير عام الاسترداد بالتعاون مع مديرية الشرطة العربية والدولية، لإلقاء القبض على المتهمين المطلوبين للهيئة، والتي يتم تنفيذها من قبل مديريتنا، مع إرسال مفارز مشتركة من قبلنا والنزاهة لاسترداد المتهمين”.
أين تتواجد مكاتب الإنتربول بالعراق؟
ولفت الى أن “القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري وافقا على فتح مكاتب للانتربول في جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، حيث تتواجد هذه المكاتب في جميع المطارات العراقية والعمل فيها الكتروني من خلال تدقيق كافة الجوازات داخل العراق او في الخارج بالتنسيق مع جهاز المخابرات الوطني العراقي”.
إجراء الكتروني
وذكر مناتي أنه “تم إيقاف التعامل الورقي مع كافة المنافذ الحدودية بالإضافة الى الدوائر الأمنية داخل العراق، واصبح التعامل الكتروني عن طريق ربط قواعد بيانات الانتربول وتم إيصاله الى مكتب المركز الوطني وكافة الدوائر الرسمية للاستفادة من خدماته”، موضحا أن “إحدى قواعد بيانات الانتربول تم الاستفادة منها داخل العراق، وهي قواعد بيانات الجوازات المسروقة لجميع دول العالم، حيث تم ايصالها الكترونيا الى مديرية الجوازات العامة ويتم التدقيق من قبلهم داخل المقر وفي المنافذ الحدودية”.
وبين أن “قواعد البيانات اظهرت عدد المطلوبين الدوليين لكل دول العالم وهي 195 دولة، حيث تم تسليم هذه القاعدة الى وكالة الاستخبارات الاتحادية للاستفادة من خدماتها”، لافتا الى ان “قواعد بيانات العجلات المسروقة من دول العالم وصلت الى مديرية المرور العامة الكترونيا وتمت التدقيق على جميع العجلات الموجودة حاليا لبيان موقفها من سرقات الانتربول، وبعدها يتم اكمال معاملة تسجيلها داخل العراق”.
وبين أن “هذا الإجراء حقق نتائج كبيرة جدا، حيث تم ضبط عدد كبير من العجلات المسروقة من جميع دول العالم وتم تنظيم اجراءاتها القضائية وتسليمها للدول المطالبة بها بعد اكمال اجراءاتها، كما تم ضبط دراجات نارية مسروقة بأسعار باهظة خاصة من بريطانيا والمانيا ومن دول اجنبية اخرى”، لافتا الى ان “عدد العجلات المطلوبة دولية والتي تم ضبطها داخل العراق 35 عجلة، حيث إن هذه العجلات سرقت من دول عربية واجنبية، آخرها عجلة نوع لاندكروزر موديل 2023 والتي سرقت من إحدى الدول العربية وتم ضبطها داخل العراق بغضون 7 ايام”.
وتابع أن “مرحلة التدقيق الالكتروني بعيدا عن التدقيق الورقي اصبح فعال جدا ونتائجه جدا مهمة”، لافتا الى ان “قاعدة البيانات الالكترونية مكنتنا من القبض على متهمين بالارهاب او بالجرائم الجنائية سواء داخل او خارج العراق من خلال المنافذ الحدودية، وتواجد الضباط بالتنسيق مع جهاز المخابرات”.
أوامر قبض على عناصر داعش الإرهابي
وأوضح أن “وكالة الاستخبارات عملت جاهدة على تعميم أوامر القبض الصادر بحق المتهمين الذين كانوا ضمن عصابات داعش الارهابية واسماؤهم كثيرة جدا، حيث تم تنظيم نشرات زرقاء بحقهم من قبل مكتب انتربول بغداد وتعميمها على كافة الدول، واثمرت هذه النشرات بالقبض على الكثير من المتهمين المنتمين لداعش خارج العراق واستردادهم للداخل، من ضمنهم خمسة متهمين من القادة الكبار في تنظيم داعش بمحافظة نينوى والذين استردوا من سوريا”.
أما القضايا الجنائية، فقد ذكر مناتي أن “متهما بجريمة قتل في محافظة ميسان تم استرداده قبل ايام قليلة من ايران، حيث ارسلت مفرزة من قبلنا واسترد المتهم وحاليا تمت إحالته الى القضاء لينال جزاءه العادل”.
وأشار الى ان “عصابات داعش عندما استولت على بعض المناطق سرقت جوازات سفر، إلا انه عند دخول نظامنا الالكتروني بناء على كتاب مدير الجوازات العامة وتعميمها على كافة الدول، تمت مطابقة الكثير من هذه الجوازات والقينا القبض على متهمين سوريين وعراقيين من ضمنهم حاملي هذه الجوازات الخام والتي تم استردادها عن طريق وزارة الخارجية”.
إصدار نشرة دولية خاصة بالجرائم المالية
ولفت الى انه “بناء على التعليمات التي صدرت عن المنظمة الدولية واهتمام الأمين العام لمنظمة الانتربول يوغل شتوك، ولكثرة الجرائم المالية الخاصة، تمت مطالبة جميع الدول بتزويدهم بالجرائم المالية الخاصة لغرض اصدار النشرة، والتي هي في طور الاصدار كونها تحتاج الى كوادر وموازنة خاصة، حيث ستختص بمتابعة وسير اثار الاموال المسروقة من كل دول العالم”، موضحا ان “هذه النشرة ستزود هيئة النزاهة، وانجزت المنظمة الدولية منها 80 بالمئة وما تبقى هو الأمور اللوجستية لتعمم على كافة الدول”.
التعاون الدولي
وبين أن “هناك الكثير من الدول المتعاونة منها دولة عُمان، حيث تم استرداد مدراء عامين اثنين والقبض عليهم داخل مسقط مع متهم صادر بحقه قضية جنائية، كما صدر امر قبض واسترداد من مصر، إضافة الى استرداد الكثير من المتهمين المطلوبين للقضاء العراقي سواء من سوريا والاردن والامارات وايران وقطر والسعودية والبحرين والكويت، حيث ان جميع هذه الدول متعاونة معنا”.
وشدد على ضرورة “وجود مذكرات ثنائية او متعددة الأطراف فيما يخص استرداد المطلوبين او المتهمين سواء كانوا العراقيين او الاجانب داخل العراق، اما الدول الاوروبية فإذا كانت هناك اتفاقية مع اي دولة منها فيتم تسليمنا المطلوب، اما اذا لاتوجد اتفاقية فلا يتم تسليم المطلوبين إلا بتدخل شخصي من قبل الأمانة العامة للانتربول والايعاز الى الدولة المعنية”.
وبين “أننا أجرينا عمليات التسليم وليس فقط الاستلام مع جميع الدول العربية، حيث القينا القبض على مطلوبين عرب داخل العراق وبعد إكمال الإجراءات القضائية وموافقة رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان ووزير الخارجية فؤاد حسين تم تسليمهم الى دولهم”، لافتا الى انه “سيتم إبرام اتفاقيات متعددة او ثنائية مع دول اخرى لتسليم مطلوبين”.
الأمن السيبراني
وأكد مدير الشرطة العربية والدولية أن “هناك وحدة خاصة بالمنظمة الدولية للإنتربول خاصة بالأمن السيبراني، وابوابها مفتوحة دائما لكل مكاتب الانتربول الموجودة بالعالم بضمنهم العراق، كما ان هناك تماس واتصال مباشر مع الدوائر المعنية بالامن السيبراني سواء كانت على وكالة الاستخبارات او مكتبنا لتقديم المساعدة في جميع المواضيع”، لافتا الى ان “موضوع الابتزاز الالكتروني خارج الدولة يكون عبر مفاتحتنا واجراء اللازم وبالتنسيق مع قاضي التحقيق الخاص بالانتربول لإصدار مذكرة القبض بحق صاحب الموقع واتخاذ الاجراءات القضائية بسرعة سواء كان عراقيا او في الخارج عبر مكاتب الانتربول وفق التعاون بين الدول”.
آلية استرداد المطلوب خارج العراق
وأكد أن “الإجراءات القضائية لاسترداد متهم مطلوب خارج العراق يتم عبر تقديم طلب للقاضي المختص يوضح فيه ان المتهم في خارج العراق ويطلب ملاحقته دوليا عن طريق الانتربول، حيث تتم إكمال الإجراءات الخاصة لملف الاسترداد داخل المحكمة المختصة من خلال نشر معلومات خاصة بالمتهم وتفاصيل امر قبض بالنسختين العربي والانجليزي والتي يتم تنظيمها من المحكمة المختصة وإرسالها الى رئاسة الإدعاء العامة لكي تطلب امر بحث دولي عن هذا المتهم”، لافتا الى ان “ذلك يدقق من قبل رئاسة الادعاء العام ويتحول الى الشرطة العربية والدولية، لكي نكمل إجراءات التعميم سواء كانت على الجانب الاقليمي او الدولي”.
المنافذ الحدودية
وذكر أن “خط الصد الأول الآمن للعراق هو المنافذ الحدودية، سواء كانت البرية او البحرية او الجوية برئاسة هيئة المنافذ وتعاون الأجهزة الموجودة سواء كانت على جهاز المخابرات الوطني العراقي او مكاتب الإنتربول او الجوازات والإقامة، حيث إن كل الدوائر تعمل عائلة واحدة لصد المجرمين الذين قاموا بعمليات خارج الحدود”، مشيرا الى ان “هناك نشاط متميز بالقاء القبض على الكثير من المتهمين”.
العمالة الأجنبية
وأشار الى أن “الآلية تأكد خلو العمالة الاجنبية من المطلوبين دوليا يكون عبر نقطة الاتصال مع مديرية الإقامة التي تمنح سمة الدخول، حيث لا يتم منح سمة الدخول لأي شخص الا اذا تم تدقيق قواعد بيانات انتربول سواء بدولته او في غير دولة”.
وبين “أننا نعمل بالتدقيق الالكتروني في جميع المنافذ الحدودية”، لافتا الى انه “تم توقيع اتفاقية مع جهاز المخابرات الوطني العراقي حول ربط قواعد البيانات في المنافذ الحدودية للتدقيق الالكتروني، مع توزيع مكاتب الانتربول في المنافذ الحدودية والمطارات سواء كانت البرية او البحرية او الجوية”.
الربط الشبكي
وبين انه “تم “تطبيق مشروع الربط الشبكي بقواعد بيانات الإنتربول في جميع المنافذ الحدودية والدوائر الأمنية داخل العراق”، لافتا الى ان “مشروع الربط الشبكي كان مدعوما بالمنظمة الدولية للانتربول وبدعم مباشر من وزارة الخارجية الامريكية، حيث إن هذا الربط يوصل قواعد بيانات التدقيق سواء كان على جوازات او عجلات على متهمين مطلوبين بأوامر قبض دولية تكون داخل المنافذ الحدودية”.
تشابه الاسماء
وأكد أن “مشاكل تشابه الأسماء تم حلها خاصة الأسماء الثنائية، لأن المعلومات الموجودة بأوامر القبض التي تصدر حاليا تكون كاملة وتتضمن الاسم الثلاثي او الرباعي واللقب مع اسم الأم ومواليدها”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: المنافذ الحدودیة المنظمة الدولیة جهاز المخابرات وزارة الخارجیة سواء کانت على هیئة النزاهة قواعد بیانات خارج العراق داخل العراق دول العالم مشیرا الى القبض على أوامر قبض الکثیر من فی جمیع امر قبض عن طریق قبض على من قبل حیث تم
إقرأ أيضاً:
السوداني لـعربي21: لا مساومة على دعم فلسطين.. وشراكة متوازنة مع سورية وإيران
في ظل تصاعد حدة الصراعات في المنطقة، وتحوّل الحرب الإسرائيلية المفتوحة على قطاع غزة إلى واحدة من أكثر حروب الإبادة دموية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تتجه الأنظار إلى العواصم العربية المركزية، بحثًا عن مواقف متوازنة ومسؤولة. وتزداد أهمية موقع العراق، الجيوسياسي والتاريخي، في هذه اللحظة المفصلية من التحولات الإقليمية والدولية، حيث تتداخل ملفات دعم المقاومة الفلسطينية، والعلاقة المعقدة مع إيران، ومستقبل سوريا ما بعد الحرب، مع تطورات الداخل العراقي ومسارات الاستقرار السياسي والتنمية.
في هذا السياق المضطرب، يبرز محمد شياع السوداني، رئيس الحكومة العراقية، كأحد القادة العرب المنخرطين في تفاعلات المنطقة، لا سيما بعد تسلمه رئاسة القمة العربية في دورتها الرابعة والثلاثين. السوداني، الذي يوازن بين العلاقات مع دول الجوار والقوى الدولية، يواجه تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على استقلال القرار العراقي، وتعزيز موقع بغداد كجسر حيوي بين المحاور المتصارعة، من طهران إلى واشنطن، ومن دمشق إلى الرياض.
السوداني استقبل في قصر رئاسة الحكومة ببغداد نهاية الأسبوع الماضي ثلة من الإعلاميين العرب كان بينهم الإعلامي والأكاديمي التونسي كمال بن يونس، الذي حاوره بالمناسبة خصيصا لـ "عربي21"، حول عدد من القضايا الفكرية الثقافية والسياسية والمستجدات، بينها برنامج ائتلافه الانتخابي ومستقبل العلاقات بين الأطراف الإسلامية الشيعية والسنية والكردية الأكثر تأثيرا في المشهد العراقي وفي المنطقة، وافاق تطوير علاقات بغداد بسوريا والمقاومة الفلسطينية واللبنانية وايران من جهة وبأمريكا والعواصم الغربية والعربية "المعتدلة " من جهة ثانية.
س ـ خلافا لما يروج في كثير من وسائل الاعلام العربية والعالمية من صورة "نمطية" عن العراق والمنطقة، يلاحظ من يزور بغداد، عاصمة الفكر والثقافة منذ آلاف السنين وموطن 8 ملايين ساكن، أنها استعادت امنها ليلا نهارا، وأنها تشهد حركية عمرانية واقتصادية سريعة.. فهل أغلقت فعلا صفحة الإرهاب وداعش والحروب بالوكالة في العراق الذي استضاف مؤخرا عدة مؤتمرات قمة سياسية بينها القمة العربية الـ 34 و"المؤتمر الإعلامي العربي الرابع" الذي نظمه اتحاد إذاعات الدول العربية وهيئة الإعلام العراقية وواكبه حوالي 150 إعلاميا وخبيرا عربيا ودوليا وعشرات الإعلاميين العراقيين؟
ـ العراق أكثر دول العالم تضررا من "الصورة النمطية" والمغالطات التي يروجها عنه الإعلام الإقليمي والدولي منذ مدة طويلة.. والتي بلغت حد تبرير العمليات الإرهابية بعد 2003 ثم بعد هجمات داعش في 2014 واعتبارها "ثورة جديدة" و"ثورة السنة ضد الشيعة".
ومثلما يلاحظ الزائر والسائح والمواطن فإن الحياة عادية جدا في العراق، وخاصة في في بغداد والطرقات المؤدية إليها ليلا ونهارا..
يدرك الجميع اليوم أن الأمن مستتب بما يسمح للنساء والأطفال وكبار السن بالتنقل فرادى في ساعات متأخرة من الليل مترجلين وفي السيارات في كامل البلاد وفي العاصمة والمدن المجاورة لها ..
الإعلام ظلم العراق في عهد الحزب الواحد الدكتاتورية قبل 2003 وبعده.. وقد اعترف لنا سياسيون عرب وأجانب أنهم أخطأوا عندما لم يساندوا المسار السياسي وإرادة الشعب العراقي في التغيير قبل استفحال التطرف والإرهاب وهجمات حركة "داعش" ما بين 2014 و2017 وسيطرتها على أجزاء كبيرة من العراق وسورية، ثم تهديدها لكامل الإقليم ..
وفي سياق التقييم الفكري والثقافي والسياسي لمرحلة حربنا على الإرهاب أقول "إن الحسنة الوحيدة لحركة داعش المتطرفة والإرهابية أنها وحدت الشعب العراقي خلال حربها ضده ما بين 2014 و2017. ففهم أبناؤه أن مصيرهم مشترك لا فرق بين سني أو شيعي أو مسلم أو "صائبي" أو مسيحي أو عربي أو تركماني، وأن الكل كان ضحية لعنف الإرهابيين والأطراف التي كانت تسعى إلى أن تقضي نهائيا على الدولة العراقية عبر التفجيرات والاغتيالات وإثارة عنف دموي تحت يافطات طائفية ومذهبية ودينية وسياسية وعرقية متفرقة ".
بعد سنوات شهدنا فيها ما بين 22 و27 تفجيرا دمويا في عدة مواقع مدنية وتجمعات سكنية ودينية وتجارية، أسجل بارتياح اليوم أن العراق استعاد عافيته وأمنه والانفتاح الثقافي والفكري والتعايش السلمي في بلد عملاق كشفت الإحصائيات الجديدة أن عدد سكانه تجاوز هذا العام الـ 46 مليونا، ثلثاهم من الشباب الذين ينتظرون حلولا لما ورثناه من أزمات هيكلية وظرفية بينها البطالة والفقر وضعف الاستثمار والفساد الإداري والمالي.
سورية وفلسطين وإيران
س ـ وماهي آفاق تطوير علاقات بغداد مع سورية التي سقط فيها حكم حزب البعث، على غرار ما حصل لحزب البعث العراقي في 2003؟ وهل أن تفعيل قرار التقارب بين سلطات العراق مع السلطات الجديدة في دمشق رهين "توازنات" و"خطوط حمراء و"خيوط إقليمية ودولية"، بعضها بأيدي طهران وأمريكا وعواصم الدول العربية "المعتدلة" وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي؟
ـ سورية وإيران بلدان جاران وشقيقان نحرص على تطوير علاقاتنا بهما وببقية دول المنطقة والعالم وفق قواعد واضحة أهمها: "العراق أولا" و "تقاطع المصالح مع احترام سيادة كل دولة ".
لدينا في الأفق القريب برامج مشتركة مع الأشقاء في سورية. ولقد أمرت أعضاء الحكومة بتنظيم مزيد من الاجتماعات المشتركة واللجنان المختصة بالشراكة مع نظرائهم في سورية وكل الدول العربية وبينها مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة .
وسجلنا بدء شركات مصرية وعربية ودولية عملاقة استثمارات في بغداد تجاوزت قيمتها 88 مليار دولار، ومن المقرر أن يتجاوز الرقم 500 مليار في غضون 3 أعوام ..
إيران أمة ودولة لديها مصالحها.. وتركيا أمة ودولة لديها مصالحها.. والعراق وسورية ودولنا العربية لديها مصالح وطنية عليا ولديها علاقات تاريخية متميزة مع جيرانها، مرت بمراحل مد وجزر.. ونحن نريد أن نبني المستقبل معا، في سياق احترام خصوصياتنا ومصالحنا وسيادتنا، ونشجع الجميع على تطوير الاستثمار المشترك وعلى الشراكات الاقتصادية والسياسية، خاصة والعراق يرأس هذا العام القمة العربية ومؤتمرات إقليمية عديدة للتنمية .
في نفس الوقت نحرص على توازن علاقاتنا الدولية وتطويرها خدمة لمصالحنا مع كل دول العالم، خاصة منها الدول الكبرى التي للعراق مصالح كبيرة معها وبينها الولايات المتحدة الأمريكية .
نتفق مع القيادة السورية حول ضرورة تطوير علاقاتنا وتشبيك مصالحنا، مثلما نمضي في تطوير علاقاتنا ببقية الدول الشقيقة والصديقة وبينها إيران والدول العربية الخليجية ومصر وتركيا وأمريكا ..
ومثلما أكدناه بمناسبة القمة العربية في بغداد فإننا نتمسك بدعم الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر الوطني ووقف حرب الإبادة الجماعية البشعة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين. وأعلنا عن دعم اقتصادي وطبي رمزي لفلسطين ولبنان. ونجدد الإعلان عن موقفنا الرافض لانتهاك سيادة سورية ولبنان وأراضيهما وغارات قوات الاحتلال المتعاقبة عليهما .
السنة والشيعة في إيران
س ـ لكن هناك من يعتبر أن إيران لديها تأثير خاص في توجهات بغداد وفي مستقبل علاقتها بالسلطات السورية الجديدة وأمريكا ودول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك لأن غالبية شعب العراق "شيعة" وبعض المناطق والأطراف السنية والكردية موالية لطهران، أليس هناك تخوف من إعادة تفجير الإرهاب، تحت يافطات "طائفية" و"مذهبية" و"دينية" وعرقية؟
ـ سبق للدولة والشعب في العراق أن اتفق مع كل دول المنطقة واختلف معها . إيران تجمعنا بها مصالح ونقاط التقاء كثيرة، مثلما اندلعت بين دولتينا في الثمانينات حرب طويلة ومدمرة .. لم تساند إيران الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003 من قبل قوات أجنبية، بينما اختلف العراقيون حول هذا الموضوع .. لكن فور سقوط النظام السابق وبغداد تغير موقف طهران ودعمت الشعب العراقي ودولته بقوة ..
واليوم نحن نسعى للترويج في خطابنا الحكومي والسياسي الانتخابي لخطاب وطني تحديثي وديمقراطي يقطع مع "الطائفية" والصراعات العنيفة ذات الصبغة المذهبية والعرقية والدينية ..
لقد أدرك شعبنا خلال العشريتين الماضيتين أن "الإرهابيين" لا يشنون هجماتهم ضد أهداف عسكرية بل يتسللون إلى مواقع سنية وشيعية وزيدية وعربية وغيرها بهدف نشر الفتن وزرع الحقد وتفجير صراعات وأعمال عنف وانتقام غبية بالجملة تضعف الدولة والبلاد والمجتمع ..
لذلك أكد برنامج ائتلافنا الانتخابي على 5 نقاط تنموية هي: إيجاد حلول لمعضلات الفقر والبطالة والفساد وتطوير قطاع الخدمات وإصلاح الاقتصاد .. وندعم برامج لتحسين أداء مؤسسات الإعلام الوطني وصورة العراق الإقليمية والدولية . كما ندعم شبكة الإعلام العراقية المستقلة والمرتبطة مباشرة بالبرلمان وليس بالحكومة، لأننا نعتقد أن النجاح المهني للإعلام واحترام الإعلاميين لأخلاقيات مهنتهم ولميثاق الشرف من بين شروط إنجاح مسارات نشر الوعي الفكري والثقافي وقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح .
العلاقات مع تونس والدول المغاربية
س ـ وكيف ستتحرك العراق التي استلمت رئاسة القمة العربية ورئاسة منظمات إقليمية مع الواقع العربي الراهن الهش؟ وهل سوف تقومون بجهود لتشريك بلدان المغرب العربي مجددا في "الحراك الديبلوماسي العربي والإقليمي" بعد سنوات من تهميشها؟ وهل ستتطور علاقاتكم مع بقية التجمعات "الجهوية" ومع "التحالف الإقليمي الثلاثي" الذي يشمل كذلك مصر والأردن ومع دول مجلس التعاون الخليحي؟
ـ لدينا حرص كبير على تطوير علاقاتنا مع كل الدول العربية. وقد زرت تونس والجزائر وليبيا والمنطقة المغاربية وعدة دول عربية وإسلامية. ونحرص على تنظيم اجتماعات وزارية وفنية معها لتطوير شراكاتنا وخدمة مصالحنا المشتركة في كل المجالات .
والعراق مستعد لتطوير شراكاته مع مؤسسات العمل العربي المشترك، وبينها مؤسساتها التنموية والمناخية والثقافية والإعلامية وبينها اتحاد إذاعات الدول العربية الذي عقد مؤتمره الدولي عن الإعلام والمتغيرات المناخية في بغداد وأوصى بتفعيل آليات للمتابعة مع العراق والأمم من بينها منصة إعلامية مناخية .