تعانى البشرية فى السنوات الأخيرة من الكوارث الطبيعية التى طالت معظم قارات العالم فى شكل حرائق وزلازل وفيضانات، وبات من أخطرها العواصف المدارية غير المسبوقة، بسبب التغييرات المناخية التى يشهدها العالم وأدت إلى مناخ متطرف سواء فى ارتفاع درجات الحرارة أو العواصف المطرية والفيضانات التى تجتاح المدن، وهو ما حدث مؤخرًا فى سواحل ليبيا الشقيقة، وأدى إلى مقتل وإصابة الآلاف، وشكلت المشاهد التى تابعناها للأشقاء فى مدينة درنة مأساة إنسانية حقيقية بعد أن تسبب اعصار دانيال فى انهيار سدين فى المدينة مما زاد من حجم الكارثة ودمار أكثر من 70٪ من المساكن والبنية التحتية للمدينة.
الحقيقة أن الشعب الليبى له مكانة خاصة فى قلوب المصريين، كشفته هذه الكارثة التى هزت مشاعر الشعب المصرى، وهو ما دفع النقابة العامة للمهندسين المصريين لإصدار بيان للاعلان عن التضامن مع الأشقاء فى ليبيا والاستعداد لتقديم كل أشكال الدعم، وعقد المهندس طارق النبراوى نقيب المهنسين وهشام سعودى وكيل النقابة اجتماعًا لبحث ما نتج عن آثار الإعصار من خسائر عمرانية كبيرة وتدمير البنية التحتية للمدينة، وأكدت النقابة أنها على أتم استعداد لتقديم كل الخبرات والدعم الفنى للأشقاء، وتم تكليف المهندس جمال عبدالجواد نقيب المهندسين بالفيوم بالتوجه إلى ليبيا للتوصل مع نقابة المهندسين فى ليبيا ووضع إمكانيات نقابة المهندسين المصريين والمكاتب الاستشارية والمهندسين الاستشاريين تحت تصرف نقابة المهندسين الليبية لتقديم كافة الخدمات والدعم والخطط المطلوبة لإعادة تخطيط وبناء المدينة المنكوبة، وهى خطوة نقابية شعبية تحسب لنقابة المهندسين المصرية، وتسهم فى ترسيخ العلاقات بين الشعبين، وفى اعتقادى أن ما تقوم به مصر حاليًا على المستويين الرسمى والشعبى تجاه هذه الكارثة الانسانية، لا يقف عند حد التعاطف والتضامن وقوة ورسوخ العلاقات، وإنما يؤكد من جديد على أهمية ليبيا لمصر وأيضًا أهمية مصر لليبيا، ويذكرنا بالخطوط الحمراء التى وضعتها مصر سابقًا أمام القوى الأجنبية التى حاولت التدخل فى الشأن الليبى، وهى أيضًا بداية للتوافق الليبى الداخلى بين شرقه وغربه وإنهاء حالة الانقسام الليبى وتشتته.
بالتأكيد أن مصر تمتلك خبرات هائلة فى مجال التعمير والانشاءات تجعلها فى مقدمة الدول الافريقية والشرق الأوسط، بسبب الخبرات المتراكمة لديها، وأيضًا بسبب قيام مصر بتحديث وامتلاك التكنولوجيا فى مجال الإنشاءات قبل عدة سنوات عندما قررت إعادة بناء البنية الأساسية لمصر وعلى رأسها الطرق والكبارى والمدن الحديثة التى أصبحت موجودة على أرض الواقع الآن وعلى رأسها العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرها من المدن الحديثة والمشروعات العملاقة التى يتحدث عنها العالم، وهناك شركات مصرية تقوم بتنفيذ عشرات المشروعات العملاقة فى دول افريقية، منها السدود العملاقة والبنية التحتية، وأصبح من الضرورى أن تحتل درنة وغيرها من المدن الليبية الأولوية المصرية فى إعادة الإعمار، ويجب أن تكون مدينة درنة نموذجًا للتلاحم المصرى الليبى وأيضًا نموذجًا مصريًا فى التخطيط والعمارة، بحيث تعود درنة مدينة حديثة جاذبة للسكان والسياحة سواء من الداخل أو من الخارج، ويتم تخليد ذكرى شهدائها بنصب تذكارى يكون أحد معالم المدينة، وفى اعتقادى أن الحكومة الليبية لن تبخل بالاعتمادات المالية على أبناء هذه المدينة الذين فقدوا بعضًا من ذويهم وعائلاتهم، وفقدوا كل ثرواتهم، وذلك بإعادة بناء المدينة بشكل حديث يعوض أبناءها، ولتكون نموذجًا للتلاحم والتضامن المصرى الليبى فى إعادة الحياة والوجه المشرق لمدينة درنة، رحم الله شهداءها.
وحفظ الله مصر وليبيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إعمار درنة صواريخ العواصف المدارية قارات العالم
إقرأ أيضاً:
مستشار نتنياهو يكشف ملامح رؤيته في غزة: لا دولة فلسطينية أو إعمار دون نزع السلاح
كشف رون دريمر، وزير الشؤون الاستراتيجية وأحد أبرز مهندسي السياسة الإسرائيلية في مكتب نتنياهو، عن خطوط عريضة لرؤية الاحتلال الإسرائيلي لما بعد الحرب في غزة، متحدثا بوضوح عن رفض إقامة دولة فلسطينية، واشتراط نزع سلاح المقاومة، كشرط لأي إعمار أو ترتيبات إدارية في القطاع.
وفي إحدى الحلقات الحوارية عبر بودكاست نُشر مؤخرًا، قال دريمر إن السعودية لن توافق على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي ما لم تكن غزة قد وُضعت على طريق "تسوية ما"، لكنه استدرك قائلاً إن "القتال العنيف في غزة بات من الماضي"، في إشارة إلى دخول المرحلة السياسية من المعركة، رغم تعثّر محادثات الهدنة.
ملامح "الحد الأدنى" من الأهداف
تحدث دريمر بـ"إيجابية" عن الصفقة التي كانت مطروحة قبل أيام، والتي كان من المفترض أن تؤدي إلى استعادة نصف الأسرى (أحياء وجثامين) مقابل هدنة مدتها 60 يومًا، تُستأنف خلالها مباحثات لإنهاء الحرب إذا توفرت ظروف تحقيق "الحد الأدنى من الأهداف".
وحدد دريمر هذه الأهداف بـ: ( تفكيك البنية العسكرية لحماس - إقصاء الحركة عن الحكم في غزة - ضمان ألا يشكل القطاع تهديدًا أمنيًا للاحتلال الإسرائيلي).
كما رفض فكرة تكرار "نموذج حزب الله في لبنان" داخل غزة، معتبرًا أن مجرد بقاء حماس كسلطة أمر غير مقبول.
وفي رد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، الذي قال إن "حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها"، شبّه دريمر حماس بـ"النازيين"، موضحا أن القضاء على الحركة لا يعني محوها فكريا، بل نزع سلطتها وقدرتها العسكرية، كما جرى في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف أن حماس موجودة في الضفة الغربية وتركيا وقطر، لكنها لم تنفذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر إلا من غزة، لأنها كانت تملك السلطة والقدرة هناك.
لا احتلال.. ولا إعمار مع السلاح
نفى دريمر نية الاحتلال الإسرائيلي احتلال غزة أو البقاء فيها عسكريًا، لكنه شدد على أن أي جهة ستتولى إدارة القطاع يجب أن تتولى أولًا تجريده من السلاح، ثم الانخراط في عملية "نزع التطرف"، بحسب تعبيره، من خلال تغيير المناهج التعليمية، بالتعاون مع شركاء عرب مثل الإمارات، وأثنى على "الإصلاحات" السعودية في هذا السياق.
وأكد أن "من نفذ هجوم السابع من أكتوبر لن يكون له مكان في غزة"، تمامًا كما لم يبقَ للنازيين أي وجود في ألمانيا، على حد قوله.
قال دريمر صراحة إن إقامة دولة فلسطينية "غير مطروحة على الإطلاق" في المدى المنظور، مضيفًا أن "نسبة تأييد الجمهور الإسرائيلي لذلك أقل من صفر".
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يمنح الفلسطينيين "فيتو" على اتفاقات التطبيع الجارية مع دول عربية، في إشارة إلى تقاطع المواقف بين الاحتلال الإسرائيلي وإدارة ترامب.
وأشار إلى أن تقليص قدرات حماس سيُسهّل على أي جهة "محلية أو إقليمية" إدارة غزة لاحقًا، دون الحاجة إلى تدخلات عسكرية إسرائيلية متكررة، قد تُقوّض أي سلطة مستقبلية.
الغزيون "كان يجب تهجيرهم"
عبّر دريمر عن رفض الاحتلال الإسرائيلي لإعمار غزة في ظل وجود أكثر من 20 ألف مسلح، وقال إنه "لا أحد سيموّل إعمار القطاع إذا كانت الحرب ستعود بعد عشر سنوات".
واعتبر أن "حرب الجبهات السبع" شارفت على نهايتها، وأن الحرب في غزة هي الأخيرة لعقود، رغم تراجعه لاحقًا بالتعبير عن احتمال وقوع حروب لاحقة.
وانتقد دريمر مصر لإغلاقها معبر رفح أمام المدنيين خلال الحرب، قائلًا إن "استقبال المدنيين مؤقتًا في سيناء كان سيساهم في تقليل الخسائر البشرية، وتسريع إنهاء الحرب"، معتبرًا أن الغزيين كانوا سيعودون لاحقًا، وكان يمكن تجنيبهم ويلات الحرب.
اغتيالات بـ"ميزان خسائر".. وتجويع محسوب
كشف دريمر أن الاغتيالات الإسرائيلية تُدار بمنطق "حجم الهدف"، ما يبرر برأيه مقتل عشرات المدنيين عند استهداف قائد ميداني كبير، تحت مظلة "الحرب على الإرهاب".
وفي واحدة من أكثر التصريحات إثارة للجدل، اعترف بأن الاحتلال الإسرائيلي يراقب مستوى الغذاء في غزة ويسمح بإدخال كميات محدودة عندما تسوء الأوضاع بشكل قد يستفز الرأي العام العالمي، قائلاً: "نخنق الناس دون أن نتركهم يموتون، حتى نتفادى الضغوط الدولية".
يشير مراقبون إلى أن أهمية تصريحات دريمر لا تنبع فقط من محتواها، بل من كونه مهندس السياسة الإسرائيلية في الكواليس، والمبعوث الدائم لتنسيق المواقف مع واشنطن، مما يجعل رؤيته مؤشّرًا دقيقًا على الاتجاهات الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، في وقت يتركّز فيه اهتمام الإعلام على شخصيات هامشية مثل بن غفير أو ليبرمان.
وبينما تتعثر مفاوضات الهدنة، ويضاعف الاحتلال الإسرائيلي ضغطه العسكري والسياسي على غزة، تكشف تصريحات دريمر عن طبيعة المعادلات القاسية التي ترسمها تل أبيب لما بعد الحرب، في ظل تجاهل دولي متواصل للجرائم والانتهاكات، وتواطؤ معلن أو صامت من حلفاء إسرائيل في الغرب.