سلطنة عمان تستضيف جلسات الاجتماع الختامي للاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافـي غير المادي
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
مسقط ـ العُمانية: تستضيف سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) اليوم الاثنين، الاجتماع الختامي للاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي، تحت رعاية معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة وبمشاركة جميع الدول الأعضاء في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال التراث الثقافي غير المادي.
وستناقش جلسات الاجتماع على مدى يومين، دراسة التشريعات الحالية وتحديثها لحماية التراث الثقافي غير المادي وصونه، ووضع آليات عمل وخطط لتسجيل عناصر التراث الثقافي غير المادي على قوائم اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). كما سيتم مناقشة وضع خطة طويلة المدى لتوثيق وجرد عناصر التراث الثقافي غير المادي في الدول العربية، وإحياء عناصر التراث الثقافي غير المادي والترويج لها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وقالت مريم بنت ناصر الخربوشية مديرة دائرة الهوية الثقافية إنَّ تنظيم الاجتماع الختامي للاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي يأتي تعزيزًا لجهود سلطنة عُمان في دعم العمل العربي المشترك في مجال حفظ التراث الثقافي غير المادي وصونه.
وبيَّنت (الخربوشية) أنَّ الاستراتيجية تهدف إلى وضع خطة عربية مشتركة، تكون بمثابة الدليل العملي لصون التراث الثقافي غير المادي بالبلدان العربية، يتم الاستعانة به في مختلف البرامج والمشاريع الثقافية بهدف تقييم العمل في هذا المجال خلال الفترة المنقضية، وتجويد الأعمال الجاري تنفيذها، واستشراف المستقبل بالنسبة إلى ما يتم الإعداد له للسنوات القادمة. ورأت أنَّ تعزيز العمل العربي المشترك في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) سيكون له الأثر الكبير في استمرارية تسجيل الملفات العربية المشتركة في قوائم المنظمة، والعمل على مبادئ وتنفيذ اتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي. وسيتم في نهاية الاجتماعات اعتماد (إعلان مسقط) حول الاستراتيجية العربية لصون التراث الثقافي غير المادي.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تدوير النفايات في سلطنة عمان.. ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
د. داود البلوشي
في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.
لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.
وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.
من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟
ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.
منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟
للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.
لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.
الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.