إسرائيل تقرع طبول التوغل البرّي.. هل من أهداف معلنة؟
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
القدس المحتلة- لليوم السادس من الحرب على قطاع غزة، يسود الجدل تقديرات المحللين ومراكز أبحاث "الأمن القومي" الإسرائيلية بشأن الأهداف من عملية عسكرية برية محتملة، وتوزعت بين تقويض حكم حماس، وبين توغل محدود لاستعادة قوة الردع. وهناك من ذهب بعيدا إلى احتلال القطاع، من أجل استعادة الأمن والأمان لمستوطنات "غلاف غزة".
وأمام هذه الأهداف المقترحة و"السيناريوهات" المتوقعة، تمتنع الحكومة الإسرائيلية عن تحديد كل الأهداف من وراء الحرب على قطاع غزة، ويقتصر المعلن منها على تنفيذ اغتيالات لقيادات حركة حماس والفصائل الفلسطينية.
ويُجمع محللون على أن أي عملية عسكرية تشمل توغلا بريا في قطاع غزة، ستكلّف الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية باهظة، لربما لم يعهدها حتى في حروب سابقة.
وقدّروا أنه بعيدا عن التحديات المتمثلة بالقتال وخوض المعارك في واحدة من أكثر المناطق كثافة بالسكان في العالم، يمكن الافتراض أن حماس استعدت مسبقا لاحتمال حدوث هجوم بري إسرائيلي على القطاع.
ورجّحوا أن حركة حماس ومختلف الفصائل الفلسطينية، تجهزت وأعدّت بالفعل لما سموه "حفل استقبال" للقوات الإسرائيلية من تحت الأرض ومن فوقها، ويجزمون أن "كتائب القسام" موجودة وبجهوزية عالية لمواجهة سيناريو توغل بري إسرائيلي.
ويعتقد مراسل الشؤون العسكرية في موقع "واينت" الإسرائيلي يوسي يهوشوع، أن إسرائيل في الوقت الذي تشن فيه حربا على غزة بلا أهداف واضحة ومحددة، باستثناء اغتيال قيادات من حماس والفصائل، فإنها تواجه تحديات على جبهات عدة، وأن "كابينت الحرب" الذي انبثق عن حكومة الطوارئ القومية، يجد ذاته قبالة المعضلة اللبنانية والجبهة الشمالية.
وأوضح أن انضمام وزير الجيش السابق بيني غانتس، ورئيس الأركان السابق -أيضا- غادي إيزنكوت، إلى حكومة الطوارئ و"كابينت الحرب" (مجلس عسكري للحرب)، قد يسهم باستعادة ثقة الجمهور الإسرائيلي في حكومة نتنياهو والمؤسسة العسكرية، في ظل تآكل قوة ردعها الذي تكّشف خلال معركة "طوفان الأقصى".
لكن وحتى بدء التوغل البري لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة الذي لم تتضح معالمه بعد، يقول المراسل العسكري، إن "آلية الحرب تعمل، وسنرى المزيد من التهديدات والضربات التي ينفذها سلاح الجو والقصف المدفعي، وذلك في محاولة لرد الاعتبار وتهدئة الجمهور الإسرائيلي، الذي لا تزال دماؤه تغلي حيال ما حصل في غلاف غزة".
ويقول المحلل العسكري، إن إسرائيل ورغم الدعم الأميركي غير المسبوق، ستكون قبالة تحديدات كبيرة أمام المجتمع الدولي، والأصوات التي تدعو لوقف الحرب على غزة التي تعيش كارثة إنسانية، "ويبقى السؤال إذا ما كانت إسرائيل ستحقق أي إنجاز أو هدف من الحرب".
مسوغات التوغل البريتحت عنوان "في الطريق إلى توغل بري"، كتبت الباحثة في الدراسات الإستراتيجية والأمنية بنينا شوكر، مقالا في صحيفة "يسرائيل هيوم" (إسرائيل اليوم)، أكدت فيه أن تجارب الماضي في العمليات العسكرية ضد حماس أثبتت أنه من خلال القصف والغارات لا يمكن تحقيق أي هدف، وعليه لا بد أن يقوم الجيش بتوغل بري في غزة.
وفي ظل الضربة الموجعة التي وجهتها كتائب القسام لإسرائيل، تعتقد بنينا أن إسرائيل ملزمة بعملية برية، مشيرة إلى أنه وعلى النقيض من العمليات العسكرية السابقة مع حماس، يبدو هذه المرة أن المستوى السياسي ممثلا بحكومة الطوارئ و"كابينت الحرب"، سيصدر أمرا لعلمية برية واسعة، وهذا ما يعززه أولا تشكيل حكومة وطنية، والتعبئة غير المسبوقة لقوات الاحتياط، مع إعلان حالة الطوارئ.
ورجحت بنينا، سيناريو توغل بري في قطاع غزة رغم حجم الخسائر البشرية المتوقعة في صفوف جيش الاحتلال، قائلة، إن "ذلك يعود للهدف الإستراتيجي بتقويض حكم حماس بغزة، حيث أثبتت تجارب الماضي أنه لا يمكن تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة عبر إطلاق النار المدفعية والقصف من الجو، وأنه لا بديل عن احتلال الأراضي من أجل ضبط الحركة هناك، وضمان الهدوء والأمن".
وبشأن مطلب الجمهور الإسرائيلي بتحرير المأسورين لدى حماس، أوضحت أن إطلاق سراحهم في عملية عسكرية من خلال القتال البري يبدو -في الوقت الحالي- سيناريو غير محتمل، "لكن الاستيلاء على الأصول الأساسية لحماس، هو أمر ممكن فقط في إطار عملية برية، وقد يكون ورقة مساومة في المفاوضات مع الحركة مستقبلا".
تأثير ضربة حماسيعتقد مستشار الأمن القومي السابق والمسؤول العسكري غيورا آيلاند، أن على المؤسسة العسكرية الرد على ضربة حماس الموجعة للذاكرة الإسرائيلية. واصفا ما حدث في "غلاف غزة" بـ"الكارثة الرهيبة" التي أتت في ظل الضعف الإسرائيلي والانقسامات الداخلية التي اخترقت الجيش كذلك.
وبدا آيلاند أكثر وضوحا في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" بعنوان "هذا ليس انتقاما.. إما نحن وإما هم"، مشيرا إلى أن الهدف الإستراتيجي المتمثل في "خلق وضع لا توجد فيه حماس هيئة ذات قدرة عسكرية، هو هدف صحيح، بل وضروري في الواقع"، لكنه استبعد أن يتحقق ذلك من خلال توغل بري، في إشارة منه إلى الصعوبة التي تواجه إسرائيل، وغيرها من الدول في إسقاط حكم حماس في غزة.
وشكك آيلاند في إمكانية إعادة الهدوء والأمن والأمان لسكان 22 مستوطنة في محيط القطاع، مشيرا إلى "الكارثة الرهيبة" ستبقى في ذاكرة جميع السكان، ولذا سيكون من الصعب على السكان العودة مجددا، وتربية أطفالهم في المنطقة، ما دامت هناك تهديدات وجودية.
وأكد أن إضعاف حماس وتقويض حكمها وضمان الهدوء من قطاع غزة لا يمكن تحقيقه عبر القصف الجوي، بل ومن المشكوك فيه ما إذا كان من الصواب المخاطرة في عملية برية طويلة الأمد، لذلك يرى آيلاند أنه "ليس أمام إسرائيل خيار سوى جعل غزة مكانا يستحيل العيش فيه مؤقتا أو دائما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع عدد شهداء القصف الإسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين في غزة إلى 25 شهيدًا
ارتفعت حصيلة الشهداء جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، إلى 25 شهيدًا، في تصعيد دموي جديد يفاقم معاناة المدنيين الفلسطينيين تحت نيران الاحتلال.
وبحسب مصادر محلية وشهود عيان، فإن المدرسة كانت تأوي عددًا كبيرًا من العائلات التي فرت من مناطق القتال، قبل أن يستهدفها الاحتلال بغارات جوية أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا بين شهيد وجريح، وسط أوضاع إنسانية مأساوية في القطاع.
اجتماع دولي في مدريد للضغط على إسرائيل ومبادرات دولية متسارعة لإنهاء الأزمة في غزة.. التفاصيل "الصحة العالمية": الوضع الصحي في غزة "كارثي".. والمستشفيات تعمل وسط قصف ومجاعةفي غضون ذلك، نقلت القناة السابعة الإسرائيلية عن متحدث باسم جيش الاحتلال أن الجيش يسيطر حاليًا على أكثر من 40% من مساحة قطاع غزة، وأنه يتوقع الوصول إلى السيطرة العملياتية الكاملة على 75% من القطاع خلال الشهرين المقبلين، ضمن إطار العملية العسكرية المستمرة ضد القطاع.
وأكد المتحدث العسكري أن حياة الرهائن الإسرائيليين في غزة لا تزال حاضرة في أذهان الجيش وقادته، مشيرًا إلى أن "الضغط العسكري المستمر يُعد أداة أساسية لإسقاط حركة حماس وإعادة الرهائن"، على حد تعبيره.
وأضاف أن "حماس أصبحت الآن ضعيفة للغاية، وتواجه ضغوطًا هائلة، وقد وصلت إلى طريق مسدود، بعد القضاء على معظم قياداتها وتراجع قدرتها على الحكم بشكل كبير"، وفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي.
من جانبها، كشفت قناة i24NEWS الإسرائيلية أن الإدارة الأمريكية طلبت من إسرائيل تأجيل تنفيذ العملية العسكرية الشاملة في قطاع غزة، لإتاحة الفرصة أمام جهود التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى.
وأوضحت القناة أن واشنطن دعت تل أبيب إلى تأجيل التوغل البري الواسع، مع السماح باستمرار المفاوضات بالتوازي مع العمليات العسكرية المحدودة الجارية حاليًا.