أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد يوم من رحلته إلى تل أبيب، أن حماس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمثلان تهديدين مختلفين، لكن لديهما شيء مشترك: كلاهما يريد تدمير ديمقراطية مجاورة لهما بالكامل، ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، سيطلب بايدن من الكونجرس ١٠ مليارات دولار للمساعدة الأمنية لإسرائيل، و٦٠ مليارًا لمواصلة دعم المجهود الحربي الأوكراني.

 

ومن خلال تصنيف حماس وفلاديمير بوتين كأعداء "للديمقراطية"، لعب جو بايدن على كرامة أمريكا باعتبارها "المنارة" في العالم، وكذلك على مصالحها الأمنية، على أمل التوصل إلى إجماع سياسي، ولهذا السبب سيطلب من الكونجرس تمويل المساعدات "بشكل عاجل" لإسرائيل وأوكرانيا، والذي وصفهما بأنهما من "شركائنا الأساسيين". 

وفي خطابه الثاني للأمة من المكتب البيضاوي، تذكر بايدن رحلته إلى أوكرانيا وقال: "عندما مشيت في كييف مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وكانت صفارات إنذار الغارات الجوية تنطلق من مسافة بعيدة، شعرت بقوة أكبر من أي وقت مضى بما كنت أؤمن به دائمًا: أمريكا منارة للعالم، وقال: "نحن الأمة الأساسية"، مستخدما تعبيرا من رئيسة الدبلوماسية السابقة مادلين أولبرايت. 

لكن جو بايدن، المرشح لإعادة انتخابه، أكد أيضًا أن الولايات المتحدة ستكون أكثر أمانًا "لأجيال" إذا دعمت دون تردد كلاً من إسرائيل وأوكرانيا، وقال: "إنه استثمار ذكي"، وأضاف "أن القيادة الأمريكية تعمل على توحيد العالم، وتحالفات أمريكا هي التي تحافظ على أمننا". 

وقال جو بايدن في نهاية خطابه: "لا يمكننا أن ندع السياسات التافهة والغضب يعيقان مسئولياتنا كأمة عظيمة"، وتعد الدعوات العامة للوحدة أمر ثابت في الخطابات الديموقراطية، لكن الرئيس الأمريكي كان يشير في هذه الحالة إلى حالة طوارئ سياسية، وعليه أن يتعامل مع كونجرس مشلول، بسبب الخلافات بين أنصار ترامب والجمهوريين المعتدلين، العاجزين عن تشكيل أغلبية متماسكة في مجلس النواب. ويسعى بايدن لفرض الضغوط على الحزب الجمهوري، الذي يتردد قسم كبير منه في إنفاق المزيد على أوكرانيا، في حين يجمع اليمين على المطالبة بتقديم مساعدات قوية لإسرائيل. ويعلم الرئيس الأمريكي أن الوقت ينفد: فإذا فشل الكونجرس في إقرار الميزانية السنوية، فإن الولايات المتحدة ستتجه مباشرة إلى شلل الميزانية، أو "الإغلاق"، في ١٧ نوفمبر. 

وبعيدًا عن الانقسامات السياسية الأمريكية الهائلة، تحدث جو بايدن أيضًا عن مخاطر العنف ضد اليهود والمسلمين في الولايات المتحدة، والتي نشأت عن الحرب بين إسرائيل وحماس. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي جو بايدن حماس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جو بایدن

إقرأ أيضاً:

أمريكا.. إمبراطورية الأزمات

 

 

عمليا لم تعد أمريكا تلك الإمبراطورية التي نعرفها وترسخت في ذاكرتنا بقدراتها الخارقة، باعتبارها عاصمة العالم الحر، ودوحة الحريات، وبلد الحلم الأمريكي، حيث الليبرالية والديمقراطية والثروة والمجد والشهرة وقبلة كل الحالمين في العالم، في المقابل لم يعد الكيان “الإسرائيلي”  الحليف الاستراتيجي الوحيد لأمريكا على خارطة العالم، هو الكيان الديمقراطي، المتقدم والمتحضر الوحيد في المنطقة المطوق ” بغابة من الحاقدين والديكتاتوريين المتخلفين” ، هذا الكيان الذي حاول ويحاول أن يزرع في النفوس أساطيره ويسوقها كحقائق وثوابت لا تقبل الابتسار أو الانتقاص.
حقائق لم تفضحها أحداث 7 أكتوبر 2023م من خلال معركة ” طوفان الأقصى” بل لها خلفيات ومقدمات سابقة، تبدأ حين بدأت أمريكا والكيان يعتمدان على القوة لفرض خياراتهما على دول وأنظمة المنطقة والعالم، وحين توسعت أمريكا بزراعة قواعدها العسكرية بالمنطقة.
أتذكر أنني كتبت سلسلة  مقالات مطولة” في مجلة الموقف التي كان يصدرها المركز اليمني للدراسات والبحوث برئاسة  الأستاذ أحمد الشرعبي -حفظه الله -بعد الغزو الأمريكي للعراق أشرت فيها إلي كل ما نعيشه ويعيشه العالم على يد أمريكا، التي تخلت بالمطلق عن قيم الليبرالية، وعن القيم والمفاهيم، التي رفعتها وظللت بها شعوب العالم ردحا من الزمن، وأشرت حينها أن أمريكا تتجه للتخلي عن الليبرالية وتبني القيم الإمبريالية والتحول إلي إمبراطورية استعمارية، و أن ما حدث للاتحاد السوفييتي من انهيار وتفكك المعسكر الاشتراكي، لم يكن  هزيمة للمعسكر الاشتراكي، بل وهزيمة أيضا للمعسكر الليبرالي.
وأن مرحلة -الثنائية القطبية -انتهت، وأن الهزيمة الكبرى طالت الليبرالية فكرا وأنظمة وليس النظام الاشتراكي وحده، الذي هزم كنظام اثخنته البيروقراطية المترهلة.. ولم يجانبني الصواب في توصيفي المبكر للحالة الأمريكية، بدليل أن الفكر الاشتراكي نهض بالصين، فيما الليبرالية تحولت بغياب التجديد إلى حالة من إمبريالية استعمارية تستخدم القوة والقمع بدلا عن الفكر والحرية في تحقيق أهدافها.
تزامنا مع انهيار الاتحاد السوفييتي برزت في أوروبا وتحديدا من ” ألمانيا” مجموعة فكرية نخبوية راحت تناقش أزمة الليبرالية فكريا والحاجة إلى تطويرها مع ما يتناسب مع التحولات الحضارية داخل أمريكا والغرب والعالم، فكانت فكرة النيو ليبرالية أو الليبرالية الجديدة  محاولة استباقية من قبل النخب الفكرية الغربية، فكرة النيو ليبرالية قدمها كوكبة من مفكرين ألمان المثير إنهم ينحدرون فكريا من المدرسة الماركسية، لكنهم تحولوا بدرجة مريعة من الثقافة الشمولية والفكر الماركسي، إلى الليبرالية الجديدة متجاوزين الفكر الليبرالي التقليدي إلى آخر ليس أكثر تطورا كما أرادوا، بل أكثر تطرفا تجاه العالم، انتقلت الفكرة الي” لندن” ومنها إلى واشنطن التي تلقت نخبها أسس الفكرة، فطورتها وقدمتها تحت مسمى المحافظين الجدد وكان من رموزها طاقم الرئيس جورج بوش -الأبن -أبرزهم “وول ولفوز، وديك تشيني، ورامسفيلد وآخرين من أعضاء إدارة بوش -الأبن الذين اعتبروا سقوط الاتحاد السوفييتي هزيمة للفكر الاشتراكي، وانتصارا للفكر الليبرالي، الأمر الذي آثار ضجة في أوساط المفكرين الليبرالين في أمريكا وفي أوروبا، الذين اعترضوا، بل وأدانوا النخب النيو ليبرالية كما اتبعوا لاحقا سياسة وأفكار المحافظين الجدد.
اعتمد المحافظون الجدد على نظرية القوة هيمنة -السوبر باور – القائمة على تحالف مقدس بين الصهيونية -المسيحية المبنية على إبقاء التفوق الصهيوني واعتبار الكيان اهم ركيزة استراتيجية لهيمنة أمريكا وعدم تراجعها أمام الصين أو أي قوة محورية صاعدة قد توجد.
اعتمدت هذه الاستراتيجية على جعل الكيان الإسرائيلي في حالة تفوق عسكري، وتقني، وعلمي، ومعرفي، واقتصادي، وأن يحافظ على قدرات تفوق قدرات كل دول المنطقة مجتمعة.
غير أن ثمة تداعيات وأحداثاً شهدتها المنطقة والعالم حالت دون تحقيق هذه الاستراتيجية، رغم تحول أمريكا من دولة ليبرالية إلى أخرى إمبريالية ورغم أن أحداث سبتمبر 2001م في نيويورك مثلت بداية هذا التحول الأمريكي..
ومن غزو أفغانستان، إلى غزو العراق، وقبلهما غزو يوغسلافيا وتقسيمها، وتدعيم حرب الشيشان، و”الثورات الملونة” في دول آسيا الوسطى وخاصة في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي، في محاولة أمريكية لإعادة رسم خرائط العالم دفاعا عن مصالحها وديمومة هيمنتها من خلال القوة وإبقاء الكيان الإسرائيلي في حالة تفوق شامل باعتباره القاعدة العسكرية المتقدمة لأمريكا والغرب في الوطن العربي، فارضة حد التحريم على أي قوة المس بهذا الكيان أو زعزعة امنه واستقراره بأي شكل من الأشكال سواء من قبل دول في المنطقة أو من قبل أبناء الشعب الفلسطيني المحتل والمحرم عليه مقاومة الاحتلال، بذريعة الحوار، فيما الحوار لم يجدي مع مخلوقات قتلوا الأنبياء والرسل وعلى ذبح بقرة قعدوا يحاورون الله سبحانه وتعالى 40 عاما”.
فكيف الحال إن تعلق الحوار بفلسطين ومقدساتها؟
المشهد أيضا لا يخرج عن سياق الصراع الجيوسياسي الدائر بين أمريكا والغرب من ناحية، وروسيا الاتحادية والصين، من ناحية أخرى، ومعهما مجموعة من دول الجنوب المنظوية في إطار دول البريكس المطالبة بعالم متعدد الأقطاب، وهو ما لم ترغب به واشنطن ولندن تحديدا.
أحداث وتداعيات شهدتها المنطقة والعالم منذ انهارت أبراج منهاتن كشفت عن إخفاق أمريكا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية رغم تحولها إلى دولة إمبريالية استعمارية تعتمد على القوة في فرض خياراتها على العالم.
إن أمريكا التي تتلذذ بإبادة الشعب العربي في غزة وفلسطين، ومن دمرت سوريا، ولبنان، واليمن، وليبيا، والسودان، وتخلت عن واجبها كقوي عظمى معنية بحماية الأمن والسلم الدوليين قانونيا واعتباريا سقطت أخلاقيا وحضاريا كإدارة على مستوى الداخل الأمريكي من خلال الإجراءات التعسفية التي تتخذها بحق المهاجرين وبحق حريات الرأي والتعبير، لدرجة انها أصبحت تهدد ملايين الطلاب بالطرد، فقط لأنهم عبروا عن تضامنهم مع أطفال ونساء غزة، وهو مالم يحدث في كل تاريخها الممتد لثلاثمائة عام،  سلوك يعبر عن أزمة وجودية تعيشها هذه الإمبراطورية، التي تعاني حالة رعب وقلق  من النفوذ الصيني المتنامي على خارطة العالم، ومن قدرات روسيا الاتحادية، فسعت بكل قوتها العسكرية لاستباق نفوذهما بضرب النطاقات الجيوسياسية التي يمكن أن تكون جزءا من نفوذهما.
في ذات الوقت الذي تحاول فيه فرض هيمنتها المطلقة على الوطن العربي الذي به والسيطرة عليه تستمد أمريكا نفوذها وسيطرتها على الخارطة الكونية..
بيد أن التصدع الذي أصاب المجتمع الصهيوني يمثل بدوره حصيلة طبيعية لما يحدث في المجتمع الأمريكي الراعي الرسمي لهذا الكيان.
رد الفعل الصهيوني على معركة طوفان الأقصى والمبالغ فيه لدرجة الهوس، لا يعكس حالة قوة صهيونية بل يعبر عن ضعف وارتباك، وخوف لدرجة الرعب، لأن ما حدث كان زلزالاً كارثياً وليس مجرد فعل مقاوم مشروع، في كل القوانين والتشريعات الأرضية والسماوية.. لكنه صهيونيا وأمريكيا وغربيا حدث مزلزل وغير مسبوق، وإهانة لكل أساطير الكيان ولأمريكا، التي خرجت من أفغانستان بصورة مذلة ومهينة فحاول ترامب استعادة مجدها من خلال حرب الإبادة في غزة ولبنان والهجوم على إيران، فيما اتخذ من التعرفة الجمركية سلاحا في مواجهة الصين.

مقالات مشابهة

  • بايدن يُحذر: أمريكا تواجه أياما مظلمة في عهد ترامب
  • مصدر: إسرائيل وأمريكا قد تغيران استراتيجيتهما بشأن غزة بعد انسحاب حماس من المفاوضات
  • بعد تهديدات ترامب.. أمريكا تعلن التوصل لاتفاقات تجارية مع كمبوديا وتايلاند
  • الشيوخ الأمريكي يحبط محاولة بيرني ساندرز لمنع بيع الأسلحة لإسرائيل
  • أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله
  • يستهدفون مصر.. حسام الغمري: حماس أصبحت وكيلا لإسرائيل
  • تصدعات في الحزب الجمهوري.. قاعدة ترامب تطالب بمراجعة الدعم الأعمى لـإسرائيل
  • ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات أمريكا من الهند إلى 25%
  • أمريكا والصين على استعداد لتمديد هدنة الرسوم الجمركية
  • أمريكا.. إمبراطورية الأزمات