"انتظروا النكبة الكبرى".. منشور يهدد أهل الضفة الغربية
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
تناولت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ليل الجمعة السبت، منشورا يُعتقد أن مستوطنين يهود وزعوه في الضفة الغربية المحتلة، ويهددون فيه أهلها بالترحيل القسري إلى الأردن.
وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد ذكرت، الخميس، أن مواطنين في الضفة الغربية المحتلة عثروا على المنشور المكتوب باللغة العربية.
وجاء فيه أن حركة حماس ارتكبت "أكبر خطأ تاريخي معلنة عن الحرب علينا"، في إشارة إلى الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته الحركة على إسرائيل في الـ7 من أكتوبر الجاري.
ولا يحمل المنشور توقيع جهة ما، لكنه خاطب الفلسطينيين بـ"أهالي العدو في الضفة اليهودية".
وتابع: "أردتم نكبة مثيلة بـ1948، فوالله سننزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريبا".
وهدد المنشور سكان الضفة الغربية، قائلا إن أمامهم فرصة "للهروب إلى الأردن (...) قبل أن نطردكم بالقوة".
في دير استيا
وقالت "هآرتس" إن فلسطينيين في الضفة عثروا على هذا المنشور ملقى على سياراتهم في بلدة دير استيا بمحافظة سلفيت شمالي الضفة الغربية.
وأضافت أنه بعد هجوم للمستوطنين على بساتين الزيتون التي يحل موسم حصاده هذه الأيام في دير استيا، عثر سكان هناك على المنشورات.
وذكرت أن هذه المنشورات كانت موضوعة على الزجاج الأمامي لسيارات عدد من سكان البلدة.
وقالت إن هذا الأمر يأتي وسط تصاعد العنف في الضفة الغربية على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس البلدية، فراس دياب، قوله "إن المستوطنين اقتحموا الأراضي الزراعية فيها، ورشقوا السكان بالحجارة في الأيام الأخيرة في جرائم مرت دون عقاب".
وذكرت الصحيفة أن عنف المستوطنين في الضفة تكثف بشكل كبير بعد اندلاع الحرب.
وبرز موضوع ترحيل الفلسطينيين عن أرضهم بعد أن دعا الجيش الإسرائيلي سكان شمال غرة إلى الرحيل إلى جنوبها، وحتى إلى مصر، وهو الأمر الذي رفضته الأخيرة واعتبرت أنه سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في اليوم الثامن عشر للحرب إن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء سيتبعه أيضا تهجيرهم من الضفة الغربية إلى الأردن.
وكذلك ذهب ملك الأردن، عبد الله الثاني، الذي حذر من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو التسبب في نزوحهم.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الضفة الغربية المحتلة حركة حماس نكبة الأردن سلفيت الحرب الإسرائيلية على غزة الجيش الإسرائيلي مصر عبد الفتاح السيسي عبد الله الثاني فلسطين الضفة الغربية منشورات الحرب على غزة تهجير الفلسطينيين التهجير إلى مصر التهجير إلى الأردن المستوطنون سلفيت الضفة الغربية المحتلة حركة حماس نكبة الأردن سلفيت الحرب الإسرائيلية على غزة الجيش الإسرائيلي مصر عبد الفتاح السيسي عبد الله الثاني أخبار فلسطين الضفة الغربیة فی الضفة
إقرأ أيضاً:
النكبة مستمرة
النكبة ليست حدثاً تاريخياً انتهى، بل هي جرح مفتوح ينزف حتى اليوم. من وعد بلفور المشؤوم إلى محرقة غزة البربرية، تستمر آلة الظلم الدولية في اجتثاث شعب بأكمله، لكن الفلسطينيين يصرون على الحياة والكرامة رغم كل المحن. النكبة مستمرة، لكن أيضاً مستمرٌّ معها صوت الحق الذي لن يُخمد. يعيش الشعب الفلسطيني اليوم واحدة من أعنف وأبشع المحارق في التاريخ الحديث، إذ يجد نفسه في مواجهة منظومة استعمارية صهيونية نازية تجاوزت في وحشيتها النازية ذاتها. فما يجري في غزة ليس حدثاً عابراً أو عدواناً محدوداً، بل هو امتداد لمخطط إبادة جماعية ممنهجة، بدأت خيوطه منذ أكثر من قرن مع صدور وعد بلفور المشؤوم عام 1917، حين تعهدت الإمبراطورية البريطانية بزرع كيان يهودي استيطاني في قلب الأمة العربية والإسلامية، ليكون رأس حربة لمشروع تقسيم المنطقة وإبقاء شعوبها رهينة للتبعية والتجزئة والصراعات الدائمة. لقد شكل وعد بلفور محطة مركزية في المشروع الاستعماري الغربي، حين منح من لا يملك لمن لا يستحق، متجاهلاً الوجود الفلسطيني الأصيل في هذه الأرض، ومسقطاً عن عمد الحقائق التاريخية والديمغرافية التي تؤكد أن فلسطين لم تكن أرضاً بلا شعب، بل أرضاً لشعب عريق صاحب حضارة وهوية راسخة.
ومنذ ذلك التاريخ، دخل الفلسطينيون في مواجهة مفتوحة مع هذا المشروع الاستيطاني العنصري الذي توج بنكبة 1948، والتي أُريد لها أن تكون نهاية الحكاية الفلسطينية، لولا صلابة هذا الشعب الذي أبى أن يُمحى من الجغرافيا والتاريخ. وفي غزة اليوم، تتجدد النكبة بشكل أبشع، حيث تواجه غزة محرقة جماعية تتجاوز حدود الحرب التقليدية، لتتحول إلى جريمة إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، في محاولة لإكمال مشروع التهجير القسري وتفريغ الأرض من سكانها، وفرض واقع استعماري جديد بغطاء دولي وأمريكي مباشر، وبمشاركة بعض الأنظمة العربية التي تواطأت بالصمت أو بالتطبيع مع الكيان المجرم. فما نشهده ليس مجرد حرب، بل خطة مدروسة لإعادة صياغة الجغرافيا السياسية للمنطقة وفق مقاسات سايكس بيكو جديدة، تكون فيها غزة مفتاحاً لإغلاق ملف القضية الفلسطينية نهائياً. الكيان الصهيوني لم يكن يوماً مشروعاً يهودياً صرفاً، بل كان دوماً مشروعاً استعمارياً وظيفياً في خدمة مصالح الإمبريالية العالمية، وتحديداً أمريكا وبريطانيا. ومنذ إنشائه، شُيّد هذا الكيان ليكون أداة تفتيت وإضعاف وإشغال دائم للأمة العربية، وليبقى في حالة قلق وجودي يدفعه لمزيد من الإجرام والعنف والارتماء في أحضان الغرب.
واليوم، تكشف الحرب على غزة هذه الحقيقة بشكل سافر، حيث يظهر الكيان على حقيقته كجسم هش لا يستطيع البقاء إلا تحت حماية الأساطيل الأمريكية والدعم الغربي المباشر، بعد أن انهارت كل نظريات أمنه الداخلية وانهارت معه أسطورة جيشه الذي لا يُقهر. طوفان الأقصى كان بمثابة صفعة قاسية للمنظومة الصهيونية، حيث أسقط أقنعة القوة وأظهر هشاشة منظومته العسكرية والأمنية، وجعل الكيان يرتجف منذ اللحظات الأولى، جاثياً على ركبتيه، عاجزاً عن استعادة هيبته المزعومة رغم كل آلة الحرب الجبارة التي يمتلكها.
لقد سقطت أسطورة الأمن الصهيوني في أول اختبار حقيقي مع مقاومة فلسطينية صلبة، تملك الإرادة والإيمان والقوة المستمدة من جذورها العميقة في الأرض والحق والتاريخ. وفي ظل هذا المشهد التاريخي المتغير، تلوح في الأفق فرصة فلسطينية وعربية لا تتكرر، لإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس مقاومة ووحدة حقيقية، بعيداً عن أوهام التسوية وخرافة حل الدولتين الذي سقط عملياً على يد الكيان وحلفائه. اليوم بات من الضروري إطلاق مشروع تحرري فلسطيني جامع، يُعيد الاعتبار للمقاومة بكافة أشكالها، ويجسد الوحدة الفلسطينية الحقيقية، بالتوازي مع تحشيد الأمة العربية والإسلامية ودفعها لتحمل مسؤوليتها التاريخية في حماية فلسطين من محاولات الشطب والتصفية.
غزة اليوم ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل هي نبض حرية للأمة، وهي محطة فاصلة في تاريخ الصراع مع قوى الاستعمار والهيمنة الدولية، وصناعة وعي جديد للعالم بأسره، يضع فلسطين في قلب المعركة بين قوى الخير والعدالة من جهة، ومنظومات القتل والإبادة من جهة أخرى. إن الدم الفلسطيني النازف في غزة اليوم هو وقود لمشروع تحرري عالمي يعيد كتابة التاريخ، ويسقط أوهام الصهاينة ووكلائهم المحليين والدوليين، ويعيد رسم خارطة المنطقة بلونها الحقيقي: لون الكرامة والسيادة والتحرر.
كاتب فلسطيني