يقول تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية، إنه في ظل انشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على غزة، يواجه السودانيون واقعا مأسويا دون أن يلاحظه أحد، حيث يُجبر المدنيون على ترك منازلهم، ويُقتلون ويُغتصبون ويُستعبدون، وفقا للتقرير.

وأوضحت الصحيفة أن الوضع في السودان انحدر من الوعد بالحرية إلى حافة الإبادة الجماعية بسرعة مذهلة، حسب الصحيفة؛ فالثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، أعقبها انقلاب أطاح بالقادة المدنيين ثم الحرب في ربيع هذا العام بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع شبه العسكرية.



تمدد الاشتباكات في كل البلاد
وأفادت الصحيفة أن الاشتباكات بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، انتشرت بشكل لا هوادة فيه في جميع أنحاء البلاد.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم حتى الآن، ونزح حوالي 4.8 ملايين داخليا، وفر 1.2 مليون آخرين إلى البلدان المجاورة. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد، كليمنتين نكويتا سلامي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن العنف ضد المدنيين "يقترب من الشر المطلق"، إن الجشع للموارد والسلطة، والمنافسات والكراهية طويلة الأمد، كلها تغذي النار.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يُعتقد أن أكثر من 1000 فرد من مجتمع المساليت قُتلوا في أردمتا، غرب دارفور، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني على يد قوات الدعم السريع والميليشيات "العربية" المتحالفة معها. وقد دفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من أن العالم لا يمكن أن يسمح بتكرار الإبادة الجماعية التي وقعت في أوائل العقد الأول من القرن 21، التي ظهرت من خلالها ميليشيا الجنجويد، ثم تحولت لاحقا إلى قوات الدعم السريع، خاصة أنه تظهر تقارير جديدة عن استعباد النساء والرجال.

الدعم الخارجي عمّق الصراع
وذكرت الصحيفة أن قوات الدعم السريع حققت مكاسب كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية في دارفور وأماكن أخرى بغرب البلاد. ويعتقد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون والأفارقة أن شحنات الأسلحة من الإمارات وكذلك عبر مجموعة فاغنر كانت أساسية، على الرغم من أن الإمارات تقول، إنها لا تزود أيا من الجانبين بالمعدات.
وأضافت الصحيفة أن الدعم المصري للجيش السوداني، على الرغم من أنه أقل استمرارا، أدى إلى تعميق الصراع، مشددة على ضرورة سعي الحكومات الغربية للضغط على أبو ظبي والقاهرة.

احتمال تقسيم البلاد
وبينت الصحيفة أن أحد الاحتمالات التي تواجه السودان هو أنه يمكن أن ينقسم فعليا إلى منطقتين، كما حدث في ليبيا. وربما يكون هناك سبب آخر أكثر إثارة للقلق وهو ترك أولئك الموجودين على الأرض في خطر متزايد من أي وقت مضى، حيث لا تتمتع قوات الدعم السريع بأي خبرة في الحكم، ويبدو أن الاهتمام به قليل. ويعتقد بعض المتابعين أن هناك تصدعات في التحالف بقيادة البرهان.

وأضافت الصحيفة أن كل هذا يحدث بأقل قدر ممكن من الاهتمام من جانب العالم الخارجي، الذي تنهكه الحروب في غزة وأوكرانيا والمنافسات "الجيوسياسية" الأوسع نطاقا. وقد أدت صعوبات إعداد التقارير من السودان إلى زيادة هذا الإهمال، وحتى المهمة الأساسية المتمثلة في إطعام اللاجئين لم يُتعامل معها بشكل كافٍ؛ فقد حذرت الأمم المتحدة من أن الغذاء لنصف مليون شخص فروا إلى تشاد سوف ينفد الشهر المقبل دون تمويل إضافي. فلا عجب أنهم يشعرون بالتخلي عنهم.

نقص جهود الوساطة
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين والمحللين يحذرون من نقص المشاركة الدولية والعمل على إيجاد مخرج من هذا الصراع رغم توفر النفوذ لدى الوسطاء، ورغبة طرفي الصراع على ما يبدو في استئناف المحادثات ذات التركيز الضيق في جدة.

وختمت بأن الآمال في تحقيق انفراج منخفضة؛ حيث إنه ليس لدى قوات الدعم السريع أي سبب لتقديم تنازلات أثناء تقدمها، وأن الجنرال البرهان ينفي الحاجة إلى تقديم تنازلات. وفي خضم كل هذا، يُروّع الأبرياء، ويبدو أن التطلع إلى الحكم المدني أصبح حلما يتضاءل، لكن الجنرالات أظهروا أنهم غير مؤهلين لحكم السودان، وغير قادرين على القيام بذلك.

المصدر : غارديان  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الصحیفة أن

إقرأ أيضاً:

مبعوثة أوروبية: لابد من إنهاء حرب السودان والحل الوحيد التفاوض

قالت مبعوثة الاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي، الدكتورة أنيت ويبر، إن الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع تسببت في دمار مروع وإنه لا يمكن القبول باستمرارها، مؤكدة أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو عبر التفاوض المباشر بين طرفي النزاع.

وأضافت ويبر، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة، أن الاتحاد الأوروبي يراقب الأوضاع في السودان بقلق بالغ، لا سيما في ظل تعاظم المعاناة الإنسانية واستهداف المدنيين في مناطق عدة، مشددة على ضرورة أن تبذل دول الإقليم مزيدا من الضغط على طرفي الصراع لدفعهما نحو وقف إطلاق النار وبدء محادثات سياسية.

وأوضحت أن تركيز الاتحاد الأوروبي ينصب حاليا على الحفاظ على فاعلية الدولة السودانية، مشيرة إلى أن نحو 14 مليون سوداني أصبحوا عالقين في الداخل، في حين لجأ آخرون إلى دول الجوار، الأمر الذي يهدد بتفكك مؤسسات الدولة وانهيار بنيتها التحتية.

وشددت ويبر على أن الاتحاد الأوروبي يعمل مع جميع الأطراف لإيصال المساعدات الإنسانية، مؤكدة الحاجة إلى اتفاق يحمي المرافق الحيوية مثل محطات المياه ومولدات الكهرباء التي تعتمد عليها المستشفيات، وذلك لتخفيف آثار الأزمة المتفاقمة.

الحسم العسكري

وقالت إن الاتحاد حاول التواصل مع طرفي النزاع لضمان عدم استهداف البنية التحتية، مضيفة أن غياب المفاوضات منذ اجتماعات جدة عام 2023 يعكس إصرار الطرفين على الحسم العسكري، وهو ما يفاقم معاناة المدنيين ويمدد أمد الحرب.

إعلان

وفي معرض حديثها عن التطورات السياسية، لفتت إلى أن تعيين حكومة جديدة في السودان قد يفتح المجال لتعزيز الاستقرار، لكنها أكدت أن هذه الخطوة لن تكون كافية ما لم تتوقف الحرب التي تمزق البلاد.

وأضافت ويبر أن هناك فرصة للخروج من هذا "النفق المظلم" إذا وُجدت إرادة حقيقية للسلام، مؤكدة أن استمرار الصراع سيؤدي إلى انهيار إقليمي شامل، مما يفرض على جميع الأطراف، محليا ودوليا، التحرك بسرعة قبل فوات الأوان.

وأكدت أن مفتاح الحل يبدأ بوقف إطلاق النار الفوري ثم الانتقال إلى مفاوضات جدية بين الأطراف، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم الدعم السياسي والإنساني، لكن مسؤولية تحديد مستقبل البلاد تقع على عاتق السودانيين أنفسهم.

رؤى متباينة

وأشارت إلى أن لدى الطرفين رؤى متباينة بشأن مستقبل السودان، مما يتطلب حوارا عميقا يُفضي إلى رؤية مشتركة لمستقبل مدني وسياسي، يشارك فيه المجتمع المدني بقوة إلى جانب الدعم الإقليمي والدولي.

ورأت ويبر أن الضغوط السياسية لا يجب أن تقتصر على العقوبات الغربية، بل يجب أن تتوسع لتشمل ضغوطا داخلية من المجتمع السوداني نفسه، الذي عليه أن يرفع صوته رافضا استمرار الدمار وانهيار البلاد.

وأكدت أن العقوبات وحدها لم تفلح حتى الآن في إجبار الطرفين على تغيير مواقفهما، مضيفة أن تقديم بدائل إيجابية ومقترحات لبناء الدولة هو ما يمكن أن يحدث فارقا حقيقيا، لأن السودانيين يحتاجون إلى رؤية أمل لما بعد الحرب.

وأشارت ويبر إلى أن الحديث عن إعادة الإعمار أو تطوير البلاد لا يمكن أن يتحقق ما دامت الحرب مستمرة، مؤكدة أن المسار الوحيد الذي يمكن أن يفضي إلى ذلك يبدأ من وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ومنذ اندلاع النزاع في أبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل، ونزوح قرابة 14 مليون شخص.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: قائد ميليشيا الدعم السريع يبرر هزيمته بإلقاء المسئولية على مصر
  • حكومة السودان والدعم السريع يتبادلان الاتهام بالهجوم على قافلة غذاء
  • السودان.. آلاف الأسر تهرب من الخوي بسبب اشتباكات دامية مع قوات «الدعم السريع»
  • شهادات مروعة.. العبور من مناطق وحواجز الدعم السريع في السودان (شاهد)
  • مبعوثة أوروبية: لابد من إنهاء حرب السودان والحل الوحيد التفاوض
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر
  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان
  • رئيس وزراء السودان يحل الحكومة..ويشدد على أولوية الأمن واستعادة الاستقرار
  • قصف مواقع للدعم السريع ووفيات بالكوليرا غرب السودان
  • الجيش يتصدى لمُسيرات في أجواء بورتسودان