بوابة الفجر:
2025-07-07@22:40:42 GMT

حال انتخابه.. كيف سيحل فريد زهران أزمة سد النهضة؟

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

كشف الدكتور فريد زهران المرشح الرئاسي، حله المطروح لقضية سد النهضة والأزمة القائمة في حالة انتخابه خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وزير الري السابق: الاتفاق حول سد النهضة يحقق التنمية والاستقرار للمنطقة فريد زهران عن سد النهضة: مطلوب من مصر أن تحشد تأييد إفريقي ودولي لدعم موقفها حل أزمة سد النهضة

وقال فريد زهران في لقاء لبرنامج "على مسئوليتي" مع الإعلامي أحمد موسى، والمذاع عبر فضائية "صدى البلد"، إن قضية سد النهضة شهدت اتفاقًا في عام 2015 لم يعرض على البرلمان ولا يرى نفسه ملزمًا به، لكنه ملتزم بالاتفاقات المبرمة منذ أكثر من 100 عام تنص على أن حصة مصر 55 مليار متر مكعب من مياه النيل.

وأوضح فريد زهران تمسكه بحقوق مصر التاريخية في المياه وحصتها المعروفة، وضرورة تأكيد إثيوبيا على هذه الاتفاقيات التي تتنصل منها حاليًا، مع تشغيل سد النهضة بإدارة مصرية سودانية جنوب سودانية إثيوبية مشتركة تحت إشراف دولي.

وأضاف أن المعركة فيما يتعلق بمشكلة سد النهضة هي دبلوماسية وسياسية، مؤكدًا أن محمد مرسي تسبب في خسارة كبيرة لمصر في هذه المعركة بالفعل، موضحًا أن حصة مصر لم تمس حتى الآن والمخاوف من الملء تم تجاوزها حاليًا.

وأشار إلى أن الجانب الغير مطمئن في أزمة سد النهضة هو أن حصة مصر الحالية من مياه النيل لا تكفي التعداد السكاني الحالي، مؤكدًا أنه حتى عندما تحل أزمة السد لن ستظل أزمة المياه مطروحة.

ولفت إلى أنه بخلاف أزمة سد النهضة، فإن أزمة المياه كانت تناقش منذ السبعينيات، مؤكدًا أن استراتيجيًا يجب أن يتغير نظام الري في مصر، واعتماد التنمية الرأسية للزراعة وليس التنمية الأفقية، والبحث عن أصناف قليلة استهلاك المياه.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: سد النهضة الانتخابات الرئاسية محمد مرسى أزمة سد النهضة أحمد موسى وزير الري استهلاك المياه الإعلامي أحمد موسى الانتخابات الرئاسية المقبلة مشكلة سد النهضة حل ازمة سد النهضة أزمة سد النهضة فرید زهران

إقرأ أيضاً:

لغز «زهران ممداني».. لماذا أقام «عمدة نيويورك» المحتمل في القاهرة خلال ثورة 30 يونيو؟

عندما يَبتهج البعض بوصول «مسلم» إلى دوائر الحكم في الغرب الأوروبي- الأمريكي، أشْفِق على حماسهم السطحي، وحينما ننظر إلى تجارب معاصرة كحالة بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية، تتجلى بوضوح معادلات التركيب والسيطرة، ومغزى استخدام «الهوية الإسلامية» في تصعيد عناصر وظيفية لأداء المطلوب منها.

تجربة النائبة صومالية الأصل، إلهان عمر، في الكونجرس الأمريكي، مُعَبِّرة، فقد تحولت إلى بوق سياسي لمن يدعمها، بينما حكاية زهران ممداني (Zohran Mamdani)، المرشح الشاب لمنصب عمدة نيويورك، حاليًا، تكشف عن الكثير مما يُدار في الكواليس.

شاب من أصول هندية، اختار الإقامة في مصر خلال فترة حرجة جدًا، قبل 12 عامًا، بعدما جاء إلى القاهرة في 19 يونيو 2013، أي قبل 11 يومًا من اندلاع ثورة 30 يونيو، بزعم دراسة اللغة العربية ضمن دورة مكثفة تستمر ستة أسابيع، وأقام في شقة في نطاق ميدان التحرير مباشرة (15 شارع البستان)، على مقربة لافتة من الميدان والسفارة الأمريكية.

اختيار المكان والزمان، لا يمكن اعتباره عفويًا، خاصة حين نعلم أنه لم يكن سوى طالب في كلية «ميدلبيري» الأمريكية بولاية فيرمونت، ضمن برنامج لغوي يفرض على الطلاب استخدام اللغة العربية فقط طوال مدة الدراسة، مع تركيز خاص على اللهجتين المصرية والشامية، والانخراط في أنشطة ثقافية وعروض وورش وندوات.

لكن وجود «ممداني» في قلب المشهد السياسي المصري، في ذلك التوقيت، يتجاوز بكثير أهداف تعليم اللغة، فوسط اضطراب سياسي واجتماعي، لم يكن ميدان التحرير مكانًا تقليديًا لـ«سائح لغوي»، بل بدا أنه مرسوم له أن يكون شاهدًا على الأحداث، وربما مشاركًا فيها، في لحظة صراع شعبي مع مشروع سياسي استبدادي إخواني كاد يعصف بالدولة المصرية.

المثير، أن «ممداني»، بعدها بسبع سنوات فقط، صار نائبًا في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن الدائرة 36 في كوينز، ثم أعلن، في أكتوبر 2024، ترشحه رسميًا لمنصب عمدة نيويورك، كأول مسلم يتنافس على هذا الموقع البالغ الحساسية في المدينة الأهم سياسيًا وإعلاميًا في الولايات المتحدة.

تصعيد سياسي

لم يكن تصعيد «ممداني» وليد الصدفة، فالشاب تلقى تأهيلًا مكثفًا في الداخل الأمريكي، ضمن مدرسة «اليسار الاشتراكي الديمقراطي»، التي تجيد إنتاج رموز مقبولة في خطابها العلني، وتخدم عمليًا شبكات وجماعات ضغط تستهدف، في توقيت واحد، الداخل الأمريكي والخارج أيضًا.

اللافت أن جزءًا من هذا التأهيل يتم عبر إرسال العناصر المختارة إلى بلدان عربية لتلقّي تدريب ثقافي وسياسي مباشر، بين القاهرة وعمان وبيروت والرباط، حيث تتكامل الخبرة النظرية مع محيط التجريب الواقعي، دون أن يُفصح عن طبيعة المهام الفعلية التي يُكلَّف بها هؤلاء الشباب، إلا أن تصعيدهم السريع لاحقًا يشير إلى نجاح منظومة التأهيل والتوظيف.

الخطير في حالة «زهران ممداني» ليس فقط تصعيده السياسي، بل في طريقة تسويقه إعلاميًا، فقد تم تصويره، خلال السنوات الأخيرة، بوصفه أحد «أبرز الوجوه السياسية الصاعدة في أمريكا»، وجرى ربط اسمه عمدًا بقضايا «حقوق الفلسطينيين»، عبر تصريحات لافتة عن عزمه (حال فوزه بمنصب العمدة) على تنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، إذا زار نيويورك.

كما نُسب إلى «ممداني» دعم صريح لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، وهي الحركة التي تتعرض للتعقّب في الداخل الأمريكي بتهم «معاداة السامية»، ويجري تجريم من يروّج لها أو ينتمي إليها في عدد من الولايات الأمريكية، فضلًا عن كونها مُطاردة قانونيًا من قبل إسرائيل وبريطانيا.

وهنا يبدو التناقض الصارخ: كيف يُسوِّق مرشح بارز لموقع عمدة نيويورك، بدعم علني لـ«BDS»، في الوقت الذي تتعرض فيه الحركة لحصار قانوني وسياسي متزايد؟! هل يُعقل أن نظامًا سياسيًا كالنظام الأمريكي، الذي لا يتسامح عادة مع أي مساس بـ«إسرائيل»، يسمح بفتح المجال السياسي أمام شخص يحمل، واقعيًا، هذه التوجهات؟!

الإجابة تكمن في فهم آلية «الوظيفة الرمزية»، التي تتعمد ترميز الشخصيات المطلوب تصعيدها، فيما تكون أدوارهم الحقيقية مضبوطة داخل مساحات محددة بدقة، تخدم مشاريع أوسع وتُخفي أهدافًا تتجاوز التصريحات المعلنة، كاستخدام ملفات: فلسطين، العدالة الاجتماعية، والهوية الإسلامية، لتعبئة شريحة من الرأي العام، أو لكسر احتكار تيار سياسي.

في الوقت نفسه، لا يتم السماح لهذه الرموز بتجاوز الخطوط الحمراء للمؤسسة الأمريكية، كما في حالة «زهران ممداني» الذي يحظى بدعم كبير من أجنحة داخل الحزب الديمقراطي، كالسيناتور بيرني ساندرز، والنائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، اللذين سبق اتهامهما أكثر من مرة بـ«الازدواجية» في الموقف من إسرائيل، عبر إدانتها لفظيًا، والتصويت لتمويلها وتسليحها لاحقًا.

ثلاثية الترميز

كشفت استطلاعات الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أن «ممداني» تفوّق على أندرو كومو بنسبة 43.5% مقابل 36.4%، رغم دعم كومو من شخصيات نافذة، كالرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ومايكل بلومبيرغ، ما يعزز احتمالات فوز ممداني في الانتخابات المقبلة أمام العمدة الحالي، إريك آدامز، والمرشح الجمهوري، كيرتس سليوا.

لكن المفارقة الأهم أن هذه الحملة الإعلامية التي تُروّج له بوصفه «ابن مهاجرَيْن، مسلمًا، ومدافعًا عن الحقوق الفلسطينية»، تُوظَّف ضمن السياق الأوسع لصراع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خاصة بعد صعود دونالد ترامب مجددًا، في مشهد يعيد تشكيل السياسات الداخلية والخارجية الأمريكية.

تتبُّع ملف «زهران ممداني» يكشف ارتباطات أوثق وأكثر تشابكًا مع دوائر الضغط السياسي والديني، التي تعمل منذ عقود داخل المجتمع الأمريكي بواجهة حقوقية، وأجندة مثيرة للجدل، كمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، الذي بات من أكبر أدوات النفوذ السياسي في أوساط الجالية المسلمة.

لكن المجلس، في الوقت نفسه، يحمل تركة ثقيلة من الارتباطات الإيديولوجية والتنظيمية المشبوهة، ويدعم ترشّح ممداني علنًا، وهو دعم ليس عفويًا، بل امتداد طبيعي لمسار من التنسيق القديم بين المجلس وجماعة الإخوان، في الولايات المتحدة وخارجها، خلال الـ20 عامًا الماضية.

تأسّس المجلس عام 1994، بزعم الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين، لكن رئيسه التنفيذي، نهاد عوض (فلسطيني من مواليد مخيم الوحدات، بالأردن، عام 1961)، ارتبط مبكرًا بالرابطة الإسلامية لفلسطين (IAP)، إحدى الأذرع الإعلامية والسياسية لحركة حماس.

ونهاد عوض ليس مجرد إداري، بل يمثل تيارًا داخل الجالية الإسلامية الأمريكية يستخدم مظلة الدفاع عن «الحقوق المدنية» كغطاء لخطط وأفكار الكيانات التي يرتبط بها، وتوسيع النفوذ داخل المؤسسات الأمريكية، ما يفسر دعم شخصيات كـ«ممداني» تُمثّل امتدادًا طبيعيًا لهذا الخط الفكري، في جيل جديد أكثر تدريبًا، وأقدر على تقديم ذاته بلغة ناعمة.

شبكة عنكبوتية

مما يثير الشبهات، أن من يدير ملف الشئون العربية داخل المجلس هو علاء بيومي، الذي يفضح الدور المزدوج، كونه يشغل موقع «منتج أخبار الشرق الأوسط في قناة الجزيرة الإنجليزية»، الذي لا يُخفي انحيازاته السياسية، فيما ارتبط اسمه مباشرة بقضية «خلية الماريوت»، إحدى أبرز قضايا التحريض الإعلامي ضد مصر بعد 2013.

وقد تم الحُكم غيابيًا على «بيومي» بالسجن عشر سنوات من قبل القضاء المصري، ضمن أحكام مشددة ضد مجموعة ضمّت صحفيين أجانب ومصريين، أُدينوا بإنتاج وبث مشاهد كاذبة تهدف إلى إثارة الفتنة وتقويض الأمن الداخلي، في سياق دعم واضح لجماعة الإخوان.

وفيما يعيش علاء بيومي خارج مصر منذ 20 عامًا، فقد كان يزورها بكثافة خلال حكم الإخوان عام 2012، كما أن اللافت خلال المحاكمة، الحشد الدولي، حيث حضرت جلسة النطق بالحكم منظمات مجتمع مدني، ودبلوماسيون، بينهم سفراء بريطانيا وهولندا وأستراليا وكندا، وعدد كبير من القنوات الفضائية ووكالات الأنباء الدولية!

الربط بين «بيومي» وقناة الجزيرة و«CAIR»، ثم زهران ممداني، لا يُعدّ افتعالًا، بل هو امتداد طبيعي لتشابك أدوات ناعمة تعمل تحت شعارات الحرية، بينما تستثمر في فوضى الشرق الأوسط، وتُعيد توجيه الخطاب السياسي في الغرب، ويتضح هذا التشابك في سيرة ممداني الشخصية.

و«زهران ممداني» من مواليد مدينة كمبالا، بأوغندا، عام 1991، لأب هندي وأم هندية-أمريكية. والده، محمود ممداني، أحد المثقفين اليساريين الذين تبنّوا نقدًا صارخًا لمفاهيم العدالة الانتقالية في القارة الإفريقية، ويرى أن «العنف لا يُواجه بالمحاكم، بل بالتسويات السياسية»، وهي محاولة التفاف واضحة على المساءلة الجنائية لإسرائيل عن جرائمها في المنطقة.

ومن الأفكار المثيرة للجدل التي يقترحها والده أن «حل الدولتين في فلسطين مستوحَى من نماذج استعمارية، لا تعالج الجذور السياسية والاجتماعية للصراعات»، وهو بديل غير واقعي يتجاهل التعقيدات التاريخية والسياسية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وتبسيط مُخلّ للصراع.

هذا الطرح، الذي يبدو للوهلة الأولى حلولًا نوعية، استخدمه الابن «زهران ممداني» لاحقًا في تبرير موقفه الغامض من المحاسبة الدولية لإسرائيل، حين يكرر دعواته الرمزية لمحاكمة نتنياهو، دون تقديم رؤية عملية لكيفية تفعيل القانون الدولي على إسرائيل في الواقع السياسي الأمريكي الذي يعيش فيه، ويُصعَّد فيه إلى الصدارة.

أما والدته، ميرا ناير، فهي مخرجة سينمائية شهيرة، ركزت أعمالها على الهوية والهجرة والتنوع، وأسست تيارًا بصريًا يُعيد إنتاج أزمة المهاجرين من زاوية عاطفية، بعيدة عن تحليل العلاقة بين المشروع الليبرالي الأمريكي ومآسي العالم الثالث، وهذا الإرث الأسري، بين المثقف المنحاز والفنانة المتحررة، خلق لدى زهران حسًّا رمزيًا، ينفصل عن الواقع الذي يتحرك فيه.

المقال المثير

وحين أقام «زهران ممداني» في القاهرة، خلال صيف 2013، كان الشارع المصري يغلي ضد مشروع جماعة الإخوان، بينما هو منشغل بكيفية تسويق تجربته الشخصية في مقالة عاطفية، كتبها لاحقًا بعنوان «ملتحٍ في القاهرة»، ونشرها بموقع كلية «Bowdoin Orient»، وتتضمّن الكثير من الاعترافات.

يعترف «زهران ممداني» بأن أصدقاءه المصريين اعتقدوا أنه «إخواني» لمجرد مظهره، ويصف كيف أن أستاذه (وهو من أنصار الإخوان) حلق لحيته لتجنّب الشبهات، ونصحه بعدم الحديث بالعربية، وتبنّى خلال المقال رواية الإخوان التي تزعم أن سقوطها كان بسبب مشروعها، وليس بسبب سياساتها، ويصوّر ما جرى كحملة اضطهاد ديني، لا كثورة شعبية ضد مشروع إقصائي.

ورغم أنه يعترف بأن والده طلب منه مغادرة القاهرة أثناء تصاعد الأحداث، إلا أنه عاد بعد أسبوعين فقط، وكأن «المهمة التي جاء من أجلها لم تنتهِ بعد»، ويتحدث عن خروجه بلحية، ثم عودته بحلاقة جديدة، وعن التنقل في الشوارع بلهجة سورية أو هيئة مصرية. ورغم أنه عاش لحظة سقوط مشروع الإخوان، فهو لم يعترف بشرعية الثورة الشعبية التي أسقطت المشروع الإخواني.

ويستخدم «ممداني» في مقاله استعارات سطحية، كأن يُشبّه الخوف من اللحية في القاهرة بما شعر به مسلمو أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وهذا التبسيط الفجّ لا يجهل تعقيدات المشهد المصري فقط، بل يتجاهل عمدًا الفارق بين مواطن أمريكي يواجه وصمة أمنية، وجماعة دينية حكمت دولة ثم سقطت بثورة شعبية عارمة.

المفارقة أن زهران ممداني، رغم كل حديثه عن القمع، ينسى أن إعلان ثورة 30 يونيو 2013 (خريطة المستقبل) كانت تمثّل كل الأطياف، فقد شارك الإمام الأكبر شيخ الأزهر، د.أحمد الطيب، وبابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، والمستشار الراحل حامد عبد الله (رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس محكمة النقض السابق)، وأمين عام حزب النور، جلال مُرة، في تلك الخطوة، وجميعهم «ملتحون»، على عكس عملية التشويه التي تعمّد «ممداني» تسويقها في الإعلام الدولي.

هذا المشهد وحده كفيل بنسف روايته التي اختزلت معركة الشعب المصري مع جماعة الإخوان في «الخوف من اللحية»، لكن زهران لم يكن معنيًا بفهم ما جرى، بل بإنتاج رواية مثيرة قابلة للتسويق في الأوساط الأمريكية والدولية، تستلهم طريقة جماعة الإخوان في صناعة المظلوميات، لجلب الاستعطاف.

خطوات معقدة

وردًا على تصعيد «مسلمين» إلى دوائر الحكم في الأوروبية-الأمريكية، ففي بريطانيا، هناك إجراءات شديدة القسوة، كدولة ذات تراث استخباراتي معقّد، وبالتالي، لا تُترك عملية التصعيد السياسي أو الإداري للأفراد، وخاصة من الأقليات الدينية والإثنية، عرضة للمفاجآت أو الاجتهادات الفردية.

وكل من يدخل دوائر صنع القرار في بريطانيا، من الوزراء وكبار موظفي الدولة، يخضع لما يُعرف بـ«فحص الأمن القومي» (Security Vetting)، وهي آلية حاسمة لرصد الخلفيات العقائدية، والارتباطات الخارجية، والعلاقات الاجتماعية، وحتى السلوك الشخصي للمرشّحين لهذه المناصب.

الفحوص ليست إجراءات شكلية، بل تمرّ بمستويات أمنية، تجريها مؤسسات: الاستخبارات الداخلية (MI5) والاستخبارات الخارجية (MI6)، لضمان خلو المرشحين من أي شبهة اختراق أو تضارب ولاءات. وزادت هذه الإجراءات منذ تفجيرات 7 يوليو 2005 في لندن، التي نفّذها أربعة بريطانيين من أصول إسلامية، وأسفرت عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص.

وتحوّلت العلاقة بين الأجهزة الأمنية البريطانية والجالية المسلمة إلى أسلوب جديد من الحذر، حيث بات «الإسلامي ذو الطموح السياسي» محل اختبار دائم، وليس فقط موضوعًا للمراقبة، وهذا يعني أن أي سياسي مسلم يصل إلى منصب رفيع، قد مرّ بسلسلة من الفلاتر التي لا تختبر كفاءته فقط، بل مدى انسجامه مع السياسات البريطانية الكبرى.

ينطبق هذا على قضايا شائكة: فلسطين، إيران، الشريعة، حركة المقاطعة (BDS). وهذه الملفات أصبحت بمثابة «ألغام مخفية»، ومن يقترب منها دون إذن أو خارطة واضحة، يتم

إسقاطه علنًا أو يُمنع تصعيده أصلًا. ومن هنا نفهم كيف أن وجوهًا كـ«صادق خان، ساجد جاويد، ناظم الزهاوي، وحمزة يوسف»، جميعهم مسلمون بالاسم والانتماء العائلي.

وتحرص مثل هذه الشخصيات طوال مسيرتها على تقديم خطاب يتجنّب الاصطدام بالرواية البريطانية الرسمية، ويُظهر ولاءً تامًا لقيم الليبرالية الغربية، دون أن يكون للإسلام دور مركزي في توجهاتهم أو برامجهم. فالدين بالنسبة لهؤلاء لا يعدو أن يكون خلفية ثقافية، أو مادة فلكلورية، لا مرجعية قيمية أو سياسية.

بل إن حمزة يوسف، رئيس حكومة اسكتلندا، اضطر لتقديم مواقف تراجعية من قضايا إسلامية حساسة، تحت ضغط الإعلام والمجتمع السياسي، ليثبت «اعتداله» بحسب التعريف الغربي، وهو تعريف لا علاقة له بالعنف أو السلم، بل بمقدار الانصياع للخط السياسي العام، حتى ولو تعارض مع ضمير الفرد أو مرجعيته الدينية.

وفي المقابل، فإن أي خروج عن هذا الإطار يُقابَل فورًا بعاصفة تشويه وتشهير، غالبًا تحت لافتة «معاداة السامية»، كما حدث مع عدد من أعضاء حزب العمال الذين تجرّأوا على انتقاد جرائم الاحتلال في فلسطين، فوجدوا أنفسهم فجأة متهمين ومُستبعدين من الترشّح لمناصب التأثير.

بمعنى آخر، ليس مسموحًا، لا في بريطانيا ولا في أمريكا، بصوت مسلم سياسي مستقل، يحمل مشروعًا متكاملًا ينبع من إسلامه، دون أن يُعاد إنتاجه ضمن حدود الحظيرة الليبرالية. والأمر لا يقتصر على السياسيين وحدهم، فحتى الأكاديميين، والصحفيين، والفنانين المسلمين، يخضعون لرقابة ناعمة تُحدّد حدود حركتهم ضمن الإطار العام المرسوم.

هذه المنظومة تخلق نُخبًا مسلمة هجينة: مسموح لها بالحديث عن «الهوية»، لا عن «المرجعية»، عن «العنصرية»، لا عن «الاحتلال»، عن «التعدّد»، لا عن «التمييز الممنهج». وهكذا يُعاد إنتاج المسلم كعنصر ديكوري في مشهد ديمقراطي، لا كفاعل حقيقي قادر على التأثير وتحدي البنية القائمة.

وسط هذه المعادلة المعقّدة، يصبح زهران ممداني، وغيره، مجرد واجهات مثالية، فهو شاب مسلم، متعلم، يحمل خطابًا نقديًا مغلفًا بمصطلحات العدالة الاجتماعية، لكنه لا يتصادم مع المصالح الأمريكية، بل يعيد تقديم نفسه بوصفه «المسلم التقدمي» القابل للتطويع.

اقرأ أيضاًالكرملين: الغرب يريد التباهي بتوجيه ضربات جديدة لروسيا عبر تأشيرات الروس إلى الاتحاد الأوربي

المجلس الأوروبي يدين إعلان الاحتلال بناء مستوطنات جديدة بالضفة الغربية

روسيا تواجه العقوبات الغربية بالبحث عن حلفاء في الشرق ونصف الكرة الأرضية الجنوبي

مقالات مشابهة

  • زهران ممداني يرفض حملة تشويه بسبب عبارة لم يقلها.. ما هي؟ (شاهد)
  • أزمة المياه في البصرة.. تجاوزات المحافظات توقف الزراعة وتهدد الثروة السمكية
  • الحريري تتابع أزمة انقطاع المياه في صيدا
  • لغز «زهران ممداني».. لماذا أقام «عمدة نيويورك» المحتمل في القاهرة خلال ثورة 30 يونيو؟
  •  احتجاجات غاضبة في تعز بسبب أزمة المياه المتفاقمة
  • كيف تواجه مدينة تعز أزمة المياه؟ ( تقرير خاص)
  • بلدية غزة : منظومة المياه تنهار .. وقوات الاحتلال تمعن فى الحصار
  • ابتكار نظام فريد لمراقبة المرضى عن بعد.. كيف يمكن ذلك؟
  • «بذمتك».. تعاون جديد بين أحمد فريد وكريم محسن
  • العدوان والإخوان ينفذون عقاب جماعي بحرمان أبناء تعز من المياه