الزراعة المنزلية.. استدامة اقتصادية واجتماعية
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
خولة علي (دبي)
تلعب الزراعة المستدامة دوراً مهماً في التخفيف من ظاهرة التغير المناخي، من خلال استخدام أساليب وتقنيات زراعية صديقة للبيئة تحافظ على الموارد الطبيعية، من هنا جاء اهتمام المزارعين بإنشاء مزارع على مساحات واسعة أو مزارع منزلية مصغرة بتقنيات مبتكرة تحقق استدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية أيضاً، مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، مع مواجهة تداعيات التغير المناخي وحماية البيئة.
تقنيات مبتكرة
ترى إيمان المري، المختصة في الزراعة العضوية، أن مفهوم الزراعة المستدامة يتمثل في مجموعة من الممارسات التي تلبي فيها حفظ التربة وحماية الموارد الطبيعية والمحافظة على المياه واستقرار النظام البيئي ووظائف التلقيح، ويقع مسؤولية تحقيقها على المزارعين من خلال استخدام تقنيات زراعية صديقة للبيئة، إضافة إلى إمكانية تحويل الحديقة المنزلية إلى مزرعة مصغرة.
وتشير المري إلى دور المزارعين الهواة، وإن كان بسيطاً، إلا أنه قد يسهم في تحسين جودة الحياة واستخدام تقنيات زراعية مبتكرة، وتقليل استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية واستبدالها بمواد طبيعية منفرة للآفات، والاستثمار في التربة عن طريق خلق حياة ميكروبية منوعة، بهدف زيادة كفاءة التربة وتوفير العناصر التي يحتاجها النبات من مصادر طبيعية، وبالتالي الحصول على حصاد وفير بأقل التكاليف وأقل الخسائر، ويمكن أيضاً استخدام طرق الزراعة العضوية مثل «الكومبوست» المنزلي و«البوكاشي» كأمثلة لإعادة تدوير مخلفات المطبخ والمنزل وحتى الزوائد من الحديقة، وتعمل الزراعة المستدامة كمنظومة كبرى، تحافظ على التربة والمياه وتقلل من تلوث البيئة.
تجربة ملهمة
ووفق قناعة المري، فإن الخضراوات الناتجة من الأراضي المحلية، تكون أكثر فائدة من التي يتم استيرادها من بلدان ذات مناخ مختلف، كما أن الزراعة المحلية يكون لها تأثير إيجابي واقتصادي واجتماعي عن طريق توفير فرص عمل لكوادر محلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي، كما يمكن أن تسهم الزراعة المحلية في توفير أطعمة صحية ومحلية الصنع للمجتمع.
وعن تجربتها الشخصية في الزراعة، تقول المري: «التجربة ملهمة ومجزية من خلال زراعة بعض الخضراوات والأعشاب في حديقتي المنزلية، حيث شعرت بارتباط كبير مع الطبيعة وبدأت في اكتشاف أهمية الزراعة المستدامة، مع إيماني بأن تلك الجهود الصغيرة يمكن أن تسهم بشكل كبير في الحفاظ على بيئتنا واستدامتها».
تنمية مستدامة
فيما يؤكد هزاع الكتبي، صاحب إحدى المزارع المتخصصة في التين، قائلاً: لا يخفى على الجميع أهمية الزراعة المحلية في تحقيق التنمية المستدامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وأيضاً البيئية، حيث تسهم منتجات المزارع المحلية في ضبط أسعار السوق، وحصول المستهلك على أسعار مناسبة، نتيجة انتشار أعداد كبيرة من المزارع في الدولة، بأنظمة وتقنيات حديثة، هذا إلى جانب دعم الحكومة للمزارعين وتشجيعهم على الإنتاج، والاستثمار في هذا المجال تحقيقاً للأمن الغذائي الذي تسعى إليه الكثير من المجتمعات، ولتحفيز المزارعين على الاستمرار في هذا المجال تقام المسابقات والمعارض، ومنها جائزة الشيخ منصور للزراعة، التي تعتبر حافزاً كبيراً للمزارعين للتنافس في هذا المجال.
ومن بين المزارع المنزلية المبتكرة مزرعة د. سلطانة عثمان، استشارية العلاج النفسي والأسري، التي قدمت أول نموذج إماراتي مبتكر للزراعة المنزلية المستدامة، والقائمة على تقنية الزراعة الهوائية، لتحافظ على الموارد الطبيعية وتوفر الماء والتربة، حيث تقول: «المزرعة المنزلية خطوة لتحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية وأيضاً البيئية، وتنصح باستخدام تقنيات زراعية مبتكرة تسهم في غزارة إنتاج المحاصيل، ولا تستنزف الموارد البيئية من مياه وتربة، مع استغلال مساحات المكان بطريقة مبتكرة لتتحول إلى مزرعة منزلية مصغرة».
وتعتمد د. سلطانة على تقنية الزراعة الهوائية، وتُعرّف هذه التقنية بأنّها عملية زراعة النباتات عن طريق تعليقها بشكل منفصل في الهواء من دون تربة، وتتميّز هذه التقنية بسهولة استخدامها، وغزارة إنتاجها، إذ تعتمد على وضع جذور النباتات داخل محاليل مُغذّية بلا وسيط أو تربة، وبالتالي الحصول على أفضل بيئة للأكسجين والرطوبة، ممّا يُوفّر ظروفاً أكثر توازناً للاستفادة من العناصر الغذائية، إضافةً إلى أنّ النباتات تنمو، وتتطوّر فيها بشكل سريع، وتُعدّ الطماطم، والفراولة، والخسّ، والخضراوات الورقية والنباتات العشبية من أكثر النباتات التي يُمكن زراعتها باستخدام هذه التقنية.
اكتفاء ذاتي
عن تجربته يقول الكتبي: «أنا متخصص في زراعة أشجار التين من 2019، ومن خلال البحث والتطوير والتنمية، حققنا الاكتفاء الذاتي لفاكهة التين وبجودة عالية»، مؤكداً أن الزراعة المنزلية تُعد من الهوايات التي تدعم الأسر اقتصادياً وتحقق لهم الاكتفاء الذاتي، وتشعرهم بسعادة كبيرة وقت قطف الثمار، لافتاً إلى سعيه إلى نشر ثقافة الزراعة المنزلية من خلال عمل ورشات وإعطاء بعض الإرشادات والنصائح الزراعية على شبكة التواصل الاجتماعي، وتحفيز الأفراد على خوض التجربة، خاصة أن ثقافة الزراعة المنزلية أصبحت منتشرة في كل بيت تقريباً، وهذا يعود إلى وعي الأفراد ودعم الحكومة المستمر لهذا المجال».
خصائص الزراعة الهوائية
تؤكد د. سلطانة عثمان، أن تقنية الزراعة الهوائية تتميز بالعديد من الخصائص، منها كفاءة استخدام موارد المياه، حيث إنها توفر 95% من مياه الري، بينما الطرق الأخرى توفر 70% من مياه الري، إضافة إلى التقليل من تقييد نموّ النباتات، وتوفير استهلاك الأسمدة والمبيدات بنسبة 50%، مع زيادة في الإنتاج تصل إلى 40%، فضلاً عن توفير الأيدي العاملة، والخدمات الزراعية كالحراثة والتعشيب، وتقليل إصابات النباتات بالآفات الحشرية والفطريات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الزراعة المنزلية الاستدامة الزراعة الزراعة في الإمارات الزراعة المستدامة تغير المناخ المناخ التغير المناخي الزراعة المستدامة الزراعة المنزلیة هذا المجال من خلال
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط: تحقيق الاستفادة القصوى من التمويلات التنموية الميسرة
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة بمصر، لمناقشة عدد من ملفات التعاون المشترك في إطار الشراكة بين مصر والأمم المتحدة.
وخلال اللقاء، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والتي تسهم في دفع الجهود التنموية، وتلبية متطلبات التنمية في مصر، من خلال التعاون الوثيق مع الجهات والوكالات التابعة للأمم المتحدة، مشيرة إلى مرور 80 عامًا على العلاقات المشتركة بين جمهورية مصر العربية والأمم المتحدة، خلال العام الجاري.
تطوير آليات العملوأوضحت «المشاط»، حرص الحكومة المصرية على تطوير آليات العمل المشترك مع شركاء التنمية لضمان دفع جهود التنمية، وفتح آفاق جديدة لدعم القطاعات الحيوية والقابلة للتبادل، لافتةً كذلك إلى جهود وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في صياغة وتنفيذ سياسات التنمية الاقتصادية، ودفع التمويل من أجل التنمية، وتحقيق الاستفادة القصوى من التمويلات التنموية الميسرة.
وبحث الجانبان خلال الاجتماع جهود تحديث رؤية مصر 2030 لتتسق مع المتغيرات الاقتصادية محليًا وعالميًا، التي تُمثل مرتكزًا لمسيرة التنمية في مصر، وتأثير عملية التحديث على إعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية متوسطة المدى للأعوام المالية الثلاثة المقبلة، فضلًا عن الجهود المشتركة لتمكين القطاع الخاص باعتباره ركيزة رئيسية لدفع جهود التنمية المستدامة.
وتناولت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الحديث حول عدد من الملفات أبرزها عملية توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات، موضحةً أنها تمثل خطوة استراتيجية ضرورية لتحقيق تنمية متوازنة وشاملة، حيث تم إعداد تقارير مفصلة لجميع المحافظات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بهدف تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف في كل محافظة، تحديد الأولويات التنموية الخاصة بكل منطقة بشكل علمي، مع اتساق الخطط التنموية المحلية مع الخطط الوطنية، وبما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى القومي، وتطوير آليات للمتابعة والتقييم ترتكز على مؤشرات أداء دقيقة.
واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، إطار الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية، الذي تعمل من خلاله الوزارة لتحقيق نمو اقتصادي نوعي ومستدام، من خلال ثلاثة ركائز رئيسة هي، صياغة سياسة التنمية الاقتصادية القائمة على البيانات والأدلة، وثانيًا بناء اقتصاد مرن، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وثالثًا حشد وتعظيم الاستفادة من التمويلات المحلية والخارجية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إطار وطني مُتكامل للتمويل.
وفيما يتعلق بصياغة سياسات التنمية الاقتصادية المدعومة بالأدلة والبيانات، أوضحت «المشاط»، أن قانون التخطيط الجديد لعام 2022، ولائحته التنفيذية التي يتم إعدادها، يعمل على تعزيز ذلك الهدف بشكل جوهري من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على نهج أكثر استراتيجية وقائم على الأدلة الموثوقة في عملية التخطيط، متابعة أن القانون ينص على استخدام التحليل الشامل للبيانات، والمتابعة الدورية، ومواءمة الأولويات الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة.
وفي ذات السياق، ناقش الجانبان الجهود المشتركة للاحتفاء بمرور 80 عامًا على تدشين العلاقات المشتركة بين مصر والأمم المتحدة، وكذلك استعدادات انعقاد اللجنة التيسيرية للإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة 2023-2027.