ليبرمان يرسم هيكلة المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية بعد السيوف الحديدية
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
إسرائيل – تحت عنوان “قوة جوية أقل.. صواريخ أكثر.. وألوية قتالية كاملة على حدود مصر”، ذلك هو برنامج أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وزعيم حزب “يسرائيل بيتنا” اليمني المتطرف.
صحيفة معاريف الإسرائيلية افادت إن وزير الدفاع السابق وعضو الكنيست أفيغدور ليبرمان يعيد رسم هيكلية المؤسسة الدفاعية في إسرائيل ويفصل كيف يجب أن يكون شكل الجيش الإسرائيلي في الغد بعد “السيوف الحديدية” التي تشنها إسرائيل حاليا على قطاع غزة.
ويعتقد أفيغدور ليبرمان خلال مقابلة خاصة مطولة مع محرر صحيفة “معاريف العبرية بن كاسبيت أن على إسرائيل أن تبدأ من البداية، أي إعادة ضبط الساعة وإعادة بناء كل شيء في مفهوم الأمن، وبناء القوة، وترتيب الأولويات، والأوامر، والتعليمات، والإجراءات والأساليب، والشؤون المالية والموازنات الدفاعية، الان وليس غدا.
وقال خلال حواره مع “معاريف”: “يجب أن ترتفع ميزانية الدفاع فورا من 70 مليار شيكل سنويا إلى 95 مليار شيكل، على الأقل لمدة عشر سنوات”، مضيفا: “لا يوجد خيار، كل شيء هنا مبني على سياسة خاطئة وتصور مشوه للواقع وقد حصلنا على الدليل في 7 أكتوبر.. والآن نحن بحاجة إلى إصلاحه”.
وفي الجزء المتعلق بخطة ليبرمان العسكرية الجديدة لإسرائيل حول الحدود مع مصر قال: “حدودنا مكشوفة، على الحدود الأطول، مع مصر والأردن، عدد الجنود هناك منخفض للغاية، هناك تهديدات منها التهريب أيضا على الحدود مع مصر، ورأينا قبل أشهر حادثة قتل فيها أحد المتسللين ثلاثة مقاتلين، يجب أن نضيف لواءين قتاليين بالكامل إلى الحدود المصرية وثلاثة ألوية إلى الحدود الأردنية”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى لواء آخر محترف، على مستوى البحرية، لواء للتدخل السريع متكون من أفراد دائمين، يعرفون كيف يصلون إلى أي مكان بطائرات الهليكوبتر، في وقت قصير، وتكون على أهبة الاستعداد على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع حدو مصر”.
وتابع: “وشيء آخر: البؤر الاستيطانية لدينا تحتاج إلى ترقية كبيرة. في الجنوب، فهي أقل ملاءمة للتهديد بالصواريخ الثقيلة والقتال، ولكنها أكثر ملاءمة للدفاع، نحن بحاجة إلى مواقع استيطانية جديدة تماما، مما سيسمح أيضا بالقتال النشط، ونحن بحاجة إلى زيادة عدد المواقع الاستيطانية في الشمال أيضا بشكل عاجل، وسوف يكلف هذا الأمر ثروة ولكن ليس هناك خيار”.
وأضاف: “إذا أرد بناء فيلا في الغابة فهذا يكلف المال.. فكل شيء حولنا يحترق السودان واليمن وسوريا والعراق ولبنان وغزة وإسرائيل.. ومن قال أن مصر مستقرة؟ هل الأردن مستقر؟ أن سوريا لن تعيد بناء جيشها قريباً؟ في الشرق الأوسط، كل شيء مؤقت، ويجب أن تكون مستعدًا دائمًا لأي سيناريو الجبهة الشرقية يمكن أن تعود في أي لحظة نحن لسنا في الدول الاسكندنافية”.
وقال: “يجب على المرء أن يكون مستعدًا دائمًا للحرب مع مصر والأردن رغم أن لدينا حاليا حالة اللاحرب، لكن أنت لا تصل إلى مثل هذه الترتيبات هنا إلا بدافع القوة، فعندما تكون ضعيفًا، لن يدوم شيء، وجزء من سمعتنا وعلامتنا التجارية هو الشدة وقد تعرضت لضربة قوية في الآونة الأخيرة في غزة ويجب علينا استعادة ذلك والشعور بالأمن لدى المواطنين والإيمان بأن إسرائيل قادرة على توفير الأمن واستعادة الشرف الوطني”.
المصدر: معاريف
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: نحن بحاجة إلى مع مصر یجب أن
إقرأ أيضاً:
كيف نحمي أنفسنا من الطائفية؟
قبل أن نجيب على سؤال: كيف نحمي أنفسنا من الطائفية؟، لا بدّ أن نُدقّق النظر في الفرق بين الطائفية والتدين النقي، وبقليل من التأمل نستطيع أن نجد مجموعة من الفروق الواضحة، فعلى سبيل المثال: ينطلق التدين الصادق من رغبة عميقة في طلب رضوان الله تعالى والعيش كما أراد الله لنا في شريعته، فالمتدين الحقيقي يتجلى الدين في حياته الشخصية بوضوح، على نقيض الإنسان الطائفي في علاقته بالدين، حيث نجد لديه حضورا لنمط من التدين يبتعد عن الحالة الروحانية ويقترب كثيرا من الحالة السلطوية والرغبة في توظيف الدين لتحقيق مكاسب، قد تكون سياسية أو تنافسية بشكل عام.
في الحالة الطائفية يغيب عنصر التركيز على التزكية وتهذيب أفراد المجتمع، ليحل محله إقرار السلوكيات المنافية للدين إذا كانت تخدم طائفة في تنافسها مع بقية الطوائف. التفكير الطائفي يجعل من الطائفة المُقدس الأعلى الذي تغدو فيه كل المقدسات ثانوية أو غير حاضرة في تفكير الأفراد.
في التفكير الطائفي لا يعلو صوت الله تعالى كما يريد الله، هناك أصوات أجنبية على الدين تُسيطر على مشهد التدين المشوّه، هناك طاقة مُخيفة من الحقد والكراهية تسري في جسد المجتمع، والمؤسف أنها تُغلّف باسم الدين، ودين الله منها بريء.
الخطاب الطائفي يقوم على إلغاء عقل الفرد لحساب عقل الطائفة، أو بتعبير أدق لحساب المنتفعين من الطائفية سواء من داخل الانتماء الطائفي أو جهات خارجية لها مصلحة في تغذية حالة الانقسام الاجتماعي ومشهد صعود الطوائف والهويات الضيقة.
وإذا أردنا أن نحمي أنفسنا ومجتمعنا من داء الطائفية، فأعتقد أننا بحاجة إلى استعادة روحانية الدين التي فقدناها في خطابنا الديني، الذي في كثير من الأحيان يتغذى بمنطق الحمية وروح الثأر والكراهية!
الروحانية المنشودة لا تعني أن ننسحب من مسرح الحياة، ولكنها تعني العودة إلى الذات، ومعرفة الحياة بتنوعها وحكمة الله في هذا التنوع، واكتشاف رسالتنا فيها على الوجه الذي يُحقّق الخير العام لكل الناس.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى أن نحمي الدين من أن يكون حلبة صراع، أو جدلاً كلامياً تُغذّيه القنوات الفضائية المشبوهة، التي تقتات على تدوير القضايا الخلافية وتحاول إشراك العامة فيها، والأمثلة على مثل هذه القنوات المشبوهة كثيرة.
أنا لا أدعو إلى تكميم الأفواه أو مصادرة الحديث في القضايا الخلافية في الدين، ولكن هناك فرقٌ كبير بين البحث العلمي الموضوعي وبين ما تقوم به هذه القنوات من تحريش وتحريض ونشر للكراهية وإيغار للصدور.
نحن بحاجة إلى إغلاق الدكاكين الطائفية التي تقتات من نشر الخلافيات وتضخيمها، واستبدال هذا الخطاب البائس بالتركيز على بناء الإنسان وفتح الآفاق أمامه وتحريره من سجون الكراهية وأوهام التفوق الطائفي.
وعلى المستوى الوطني نحن بحاجة إلى الانتماء الصادق للأوطان وفق رؤية تتسع للجميع، وتبحث عن القواسم المشتركة وتُحسن التعاون على البر والتقوى وما فيه خير الإنسان والأوطان، وما أحسن ما قاله بعضهم: «نعمل فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه».
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى العدالة الاجتماعية وإلى أن تكون أنظمتنا السياسية على مسافة واحدة من كل المواطنين، ومن السهولة بمكان أن نلاحظ أن الانتماء، بل الارتماء في حضن الطوائف يكثر عندما تفشل الدولة في تحقيق ذاتها وبسط عدلها وخدماتها لكل فئات المجتمع.
الشيطان قد يُزين لنا الانتماء إلى الطوائف، ولكن الإنسان العاقل يُدرك جيدا أن الحالة الطائفية لا يمكن أن تكون سفينة نجاةٍ له!
ومن المهم كذلك الإشارة إلى أن الطائفية تختلف عن المرجعية الفقهية في التعبّد، التي هي أشبه بمنهج في فهم الدين، لا برنامج صراع سياسي أو أيديولوجية للصراع الديني، فالمذاهب الفقهية اجتهادات محترمة وجهود مقدرة لفهم الدين والإجابة على المسائل والنوازل التي يعيشها المتدين وليست هوية بالمعنى الذي نجده في الحالة الطائفية، وفي تاريخنا الإسلامي الطويل أروع الأمثلة على التعايش المذهبي والديني.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى تحصين أجيالنا القادمة، إلى أن نُبادر في تثقيفهم بأدبيات التعايش والقبول بالآخر وتقدير التنوع الديني وفهم حكمته في الوجود، ونحن كذلك بحاجة إلى محو الأمية الدينية وأعني بهذا مساعدة الجيل الجديد على اكتساب معرفة صحيحة عن الأديان الكبرى في العالم ومعرفة صحيحة كذلك عن المذاهب الدينية في الإسلام بصورة مختصرة وصحيحة، تُركّز على عناصر الالتقاء والوجه المشرق للفكر الديني في هذه المدارس، ويُخيّل إليّ أن هذا يشكل وقاية لعقول شبابنا من السموم الطائفية التي قد تصل إليهم من القنوات المشبوهة والأقلام المأجورة.
ولكي نحمي أنفسنا من الطائفية نحن بحاجة إلى أن نولي التعليم النوعي مزيد اهتمام، ونُركّز على تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الشباب وإكسابهم الشجاعة العلمية الكافية لنقد وفحص سيل الأفكار التي يتعرضون لها في وسائل التواصل المختلفة، فتكوين الملكات أولى وأهم من زحمة المعلومات التي نُثقل بها عقول أولادنا.
وفي قناعتي الدين جاء لتحقيق خير الإنسان، لإخراجه من الظلمات إلى النور، وقد فقه هذا الجيل الأول من المسلمين ومن المأثور قولهم: جئنا لِنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها.
نعم نحن بحاجة إلى سعة الدين، لا إلى ضيق الطائفة، نحن بحاجة إلى هوية جامعة، لا إلى هوية تخنقنا، أو تُمزق أوطاننا، وقد أدرك سلفنا هذا، فقال شاعرهم:
إذا كان أصلي من ترابٍ فكلها
بلادي وكل العالمين أقاربي
الحبيب سالم المشهور كاتب عماني