مصطفى بيومى.. الوفدى العاشق فى محراب «محفوظ» تخطت دراساته عن أديب «نوبل» العشرين كتاباً
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
بِسَمتِه الهادئ وطلته الوقور، يتسرب احترامه لقلبك دونما تردد، بينما يجبرك وده الخالص على حبه.
هكذا وجدتنى أكن له حبا واحتراما لا حدود لهما، ساقنى إلى ذلك الحب شيئان؛ أولهما موقف إنسانى أراه كان سببا فى ولوجى عالم الأدب واستمرارى به حتى الآن، والثانى تفانيه وإخلاصه لعالمه الروائى والنقدى، لأدرك أننى أمام قامة أدبية لا قبل لى بمثلها.
وهكذا استمر تواصلنا وعلاقتنا الطيبة، حتى عرضت عليه مجموعتى القصصية الثانية، وصارحته بخشيتى من تقبل المجتمع والوسط لتلك الكتابة الجريئة، وأننى لن أفكر فى نشرها يوما، فما كان منه إلا أن أبدى دهشته لقرارى، مؤكدا أن ما أكتبه يطاول ما تكتبه أسماء لامعة فى عالم الأدب، وراح يشجعنى على الاستمرار والنشر وألا أعى تخوفاتى أى اهتمام، ولن أنسى قولته لى «إذا استمررت فى هذا الخط من الكتابة فسوف تتخطين شهرة أحلام مستغانمى يوما ما»، وهكذا زينت مقدمته التحليلية مجموعتى «رغبة»، لتزيدها ثقلا وقيمة.
رجل فى إنسانية وناقد وأديب فى قامته، ما كان لنا أن ننساه، خاصة عندما نما إلى علمى مروره بوعكة صحية تجعله غير قادر على التواصل مع الوسط الأدبى.
هكذا.. وجدتنى بينما عقدت العزم على الاحتفاء بذكرى ميلاد أديبنا العالمى نجيب محفوظ، والتى تحل فى الحادى عشر من هذا الشهر، خلته سيكون أكثر سعادة وشعورا بالاحتفاء إذا ما أدرنا بوصلة احتفائنا هذا العام لمن أفنى عمره الأدبى ووهب قلمه لتناول إبداعات محفوظ بالنقد والتحليل والتقريب، والذى حل ميلاده فى نفس يوم ميلاد محفوظ، وكأن رباطا قدريا شاء أن يجمع بين أديب نوبل وعاشقه، وإن اختلفت سنة الميلاد، فلم يترك قضية أشار إليها محفوظ فى إحدى رواياته ولو عفو الخاطر إلا ونجده قد خصص لها كتابا بل كتب، فتلك موسوعة كاملة عن وصف مصر فى أدب محفوظ، وتلك عشرات الكتب عن أدبه، ليصبح محفوظ شغله الشاغل وقضيته الأدبية الأولى. لذا دعونا اليوم نحتفى بأديبنا وناقدنا الكبير الأستاذ مصطفى بيومى، ولنذكر ونتذكر معا أهم إنجازاته الأدبية والنقدية، خاصة ما دار حول عالم محفوظ:
من هو مصطفى بيومى؟
ولد مصطفى بيومى، فى الحادى عشر من ديسمبر عام 1958، وهو كاتب وروائي مصرى، وُلد في محافظة المنيا، وحصل على بكالوريوس فى الصحافة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة فى مايو 1980، حصل على ماجستير الصحافة عن رسالة «الكتابات الصحفية ليحيى حقي وقضايا التغير الاجتماعى فى مصر»، وعلى شهادة الدكتوراه من كلية التربية بجامعة المنيا، فى 1984، شارك كتاباته فى عدد من الصحف والمجلات والدوريات المصرية والعربية منها: الآداب، وأدب ونقد، وإبداع، وفصول، والقاهرة، والهلال، وأخبار الأدب، وروز اليوسف، وصباح الخير، والمصور، والكواكب، والناقد.
نجيب محفوظ فى ميزان بيومي
يعد مصطفى بيومى صاحب مشروع عن عالم نجيب محفوظ، فقد أبدع لنا ما يزيد على ٢٠ كتابًا صدرت منذ عام 1989 حتى اليوم، ومازال صاحب هذا المشروع مستمرا فى رصد زوايا جديدة من حياة أديب نوبل لعل منها كتاب «المسكوت عنه فى عالم نجيب محفوظ»، وقد قرر بيومى فض غشاء عالم نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل عام 1989، ومازال لديه العديد من الأفكار عن ذلك العالم الثرى، فنراه يقول فى أحد حواراته الصحفية، إن محفوظ مثل «الأرض البكر التى مازالت تكتشف».
أول الكتب عن محفوظ
أول كتبه فى هذا المشروع كان كتاب «الرؤية الوفدية فى أدب نجيب محفوظ» الذى نال عنه الجائزة الأولى فى المسابقة القومية عن أدب نجيب محفوظ، تلاه كتاب آخر هو «الفكاهة عند نجيب محفوظ»، ثم توالت الكتب، منها «نجيب محفوظ والإخوان المسلمون»، وكتاب «معجم شخصيات نجيب محفوظ» وهو عبارة عن تحليل لشخصيات أعمال نجيب محفوظ بشكل مكثف.
الزعماء والرؤساء فى أدب محفوظ
رصد بيومى صورة الزعماء والأدباء فى أدب نجيب محفوظ انطلاقًا من معاصرته بل ولقائه بعضهم، وهو ما تجلى فى كتبه التى صدرت عن جمال عبدالناصر فى الرواية المصرية وعند نجيب محفوظ، وعن السادات فى الرواية، وهو ما يتضمن فصلا كاملا عن السادات فى أدب نجيب محفوظ، وكذلك الملك فاروق فى الأدب المصرى، ويتضمن فصلا كاملا عن فاروق ونجيب محفوظ، وكذلك سعد زغلول فى الأدب المصرى ونجيب محفوظ.
القرآن الكريم
فى أدب نجيب محفوظ
يتضمن هذا العمل الإبداعى مكانة القرآن وقارئه وتعليمه والعلاقة بين القرآن والسياسة والإعلام والفكاهة والقسم به، ثم تحليلًا لسور وآيات بعينها تكشف عن جوانب التأثير القرآنى المنفرد فى نسيج الحياة اليومية بما يتجاوز المعطى الدينى المقدس، بتحوله إلى جزء أصيل معتاد من اللغة المتداولة الشائعة، وعنصرًا فاعلًا فى السلوكيات والمعتقدات التى لا ترتبط بالدين وحده.
وعن ذلك المؤلَف يقول بيومى فى أحد حواراته: ما دفعنى لتأليف هذا الكتاب يرتبط بحالة الشبهات التى كانت تدور حول أعمال نجيب محفوظ من منظور ديني؛ لذا بدأت فى رصد الآيات القرآنية التى استشهد بها أديب نوبل فى عدد كبير من أعماله الأدبية، ووجدت أن القرآن الكريم يحظى بمكانة بالغة الأهمية فى أدبه الروائى والقصصى الحائز على نوبل، ما يتناسب مع جلال القرآن وقداسته فى الحياة المصرية التى يحرص أديبنا على تجسيدها بكل مفرداتها الواقعية.
أمريكا فى عالم
نجيب محفوظ
تناول مصطفى بيومى فى هذه الدراسة الصورة الأمريكية السياسية والاجتماعية قبل وبعد ثورة يوليو 1952، وركز فى الفصل الأول على الوجود السياسى فى العلاقات الأمريكية المصرية فى أعمال نجيب محفوظ، مثل: بين القصرين والمرايا وقشتمر وصباح الورد، أما الفصل الثانى فيخصصه للحديث عن الدور الاجتماعى لأمريكا، فيرصد فى كتابه أن بعض أعمال محفوظ تناولت الهجرة إلى أمريكا.
العاهرات والموظفون فى أعمال أديب نوبل
تناول ناقدنا «شخصية العاهرة فى الأدب المصرى»، و«الوظيفة والموظفين فى عالم نجيب محفوظ» فى كتابين ضمن مشروعه الممتد عن أديب نوبل، ويرى بيومى أن نجيب محفوظ استطاع من خلال إنتاجه الروائى والقصصى وصف مصر فى القرن العشرين على غرار الحملة الفرنسية وإن كانت الحملة استعانت بحشد من العلماء لوصف مصر وقتها، ولكن نجيب محفوظ استطاع بمفرده وبقدرة فذة رصد أبرز التحولات التى طرأت على المجتمع المصرى، حيث ما من ظاهرة إلا ونجيب محفوظ قدم لها.
المقاهى فى حياة نجيب محفوظ
وهو دراسة عن المقاهى فى أدب وحياة نجيب محفوظ، باعتبار المقهى اختصارا للعالم بالنسبة له، وترصد الدراسة كل ما يخطر على البال فى المقهى سواء أصحابها أو مقدمو المشاريب فيها أو زبائنها، وكذلك دورها السياسى والثقافى والاجتماعى والجنسى فى أدب نجيب محفوظ وحياته، وذلك قبل استبدالها بالكافيهات.
المسكوت عنه فى
عالم نجيب محفوظ
ويؤكد المؤلف فى دراسته الصادرة عام 2018 فى 855 صفحة، أنه على الرغم من كثافة التناول النقدى للكاتب الكبير، فإن عشرات الجوانب فى عالمه لم تحظى ببعض ما تستحقه من اهتمام وتحليل، ومن هنا جاءت الدراسة التى تتناول بعض المسكوت عنه نقديًّا: وتشمل «شخصية الخادم، الصحافة، الإذاعة والتليفزيون، المطربون والمطربات، الشعر، العنوسة، الطلاق، قتل الأب، الشذوذ الجنسى، القمار والمقامرون، الانتحار، الوظيفة الاجتماعية والجنسية للسيارة، المقابر وانتصار الحياة، شهر رمضان، أمريكا، الإخوان المسلمون، القط، الكلب».
ويمكننا أيضا الإشارة إلى العديد من الدراسات والكتب والموسوعات التى كتبها مصطفى بيومى عن أدب محفوظ، وهى:
• صورة الموظف فى روايات نجيب محفوظ، 1990.
• الرؤية الوفدية فى أدب نجيب محفوظ، 1991.
• الفكاهة عند نجيب محفوظ، 1994.
• معجم أعلام نجيب محفوظ، 1998.
• أستاذ الجامعة فى عالم نجيب محفوظ، 2001.
• السينما فى عالم نجيب محفوظ، 2002.
• أمريكا فى عالم نجيب محفوظ، 2002.
• الكلب فى عالم نجيب محفوظ، 2002.
• نجيب محفوظ والإخوان المسلمون، 2005.
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ
سلسلة «وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ»
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ: الملوك والزعماء والرؤساء.
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ: تعدد الزوجات.
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ: الدعارة والعاهرات.
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ: المسيحية والمسيحيون.
• وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ: ثورة يوليو.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نجيب محفوظ أدب نجيب محفوظ
إقرأ أيضاً:
في ذكرى 75 عاما على رحيله.. الوصية دراما وثائقية تكشف عن كنز جديد للشيخ محمد رفعت
في ليلة ثقافية دينية بإمتيار، رفرفت فيها روح قيثارة السماء، الشيخ محمد رفعت بين جنبات قاعة الحكمة بساقية الصاوي، التي احتضنت العرض الخاص للدراما الوثائقية "الوصية" من إنتاج مؤسسة "ميديا توبيا"، وسيناريو وإخراج الدكتور محمد سعيد محفوظ الرئيس التنفيذي لمؤسسة “ميديا توبيا”، ومن تقديم محمد سباق.
بدأت الأمسية بتلاوة نادرة للشيخ محمد رفعت من سورة الأعراف، ضمن تسجيلات تم إعادة ترميمها بمدينة الإنتاج الإعلامي.
"الوصية"، يكشف من خلاله الدكتور محمد سعيد محفوظ عن مفاجأة تتعلق بتراث الشيخ محمد رفعت، والمتمثلة في "كنز" من التسجيلات النادرة التي سجلها له زكريا باشا مهران ولم يتم الكشف عنها من قبل، بعد أن تم العثور عليها مؤخرا بالصدفة، والتي تمثل 70% من تسجيلات رائد مدرسة التلاوة في العصر الحديث.
تناول الدكتور محمد سعيد محفوظ من خلال هذه الدراما الوثائقية، باقتدار لمحات إنسانية وأسرار تكشف لأول مرة عن الشيخ محمد رفعت، وعلاقته بزكريا باشا مهران، التي كان هذا الكنز الذي يكشف عنه الفيلم نتاجاً لها، وتمكن من خلال سيناريو وإخراج محكمين في تقديم المعلومات من خلال استخدام كل عناصر البحث والتوثيق، الممزوجة بتكوينات المشاهد وكل العناصر البصرية التي ساهمت في إيصال رسالة هذا العمل بمنتهى البراعة، فضلا عن الأداء المتميز للفنان محمد فهيم صاحب دور الشيخ محمد رفعت، بالإضافة إلى كل عناصر العمل، وهي العوامل التي انتزعت تصفيق وإشادة الجمهور العريض الذي حضر العرض الخاص لهذا العمل الفني.
في بداية الحفل قال الدكتور محمد سعيد محفوظ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة ميديا توبيا، إن هذا الحفل جاء لإحياء ذكرى صوتًا ظل محتفظًا بمكانته في دولة التلاوة وهو الشيخ محمد رفعت، الذي نحتفل بمرور ٧٥ عاما على رحيله، الذي يعد درة تاج التلاوة.
وأضاف أنه شاءت الأقدار أن اتمعن في قصته قبل عامين، فقررت التوسع في القصة لأصنع عنه فيلما وثائقيا، حتى اكتشفت كنزًا جديدًا عن الشيخ محمد رفعت، وهو ما نقدمه خلال هذا الفيلم.
فيما ألقى الدكتور حسن خليل، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الاسلامية، نائبا عن شيخ الأزهر، كلمة أكد فيها أن الأزهر الشريف خلال مشاركته في إحياء ذكرى قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، فإنه لا يؤبن الشيخ فحسب، وإنما يحي مبدأ من مبادىء التلاوة، فقد مضت 75 عاما على رحيل الشيخ محمد رفعت، الذي لم يقتصر الحديث عنه بعد، فظلت حنجرته ترتل في المساجد والإذاعات والبيوت.
وأضاف أن الشيخ محمد رفعت كان تجربة إيمانية تمشي على الأرض، فقد تميز بالخشوع قبل الحنجرة وبالورع قبل الأداء، فقد كان به في الترتيل أسرارًا، وقدر له في كل أية حضور قل نظيره.