ليس من الغريب أن تعد هزيمة المنتخب الوطني لكرة القدم لأي بلد بمثابة مأساة وقد تكون بالنسبة لأكثر المشجعين حماسة كارثة، لكن أن تندلع حرب من ورائها فذلك أمر لا يستقيم مع المنطق.

إقرأ المزيد 6 رصاصات في مواجهة حصان بيليه الأسود!

مع ذلك هذا ما جرى بين الهندوراس والسلفادور، الدولتين الفقيرتين في أمريكا الوسطى واللتين تعدان من بين دول الموز أو ما يعرف بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

دولتان غارقتان في فقر مزمن، وهما رهينتان لشركات أمريكية استحوذت على الأراضي الخصبة وأقامت مزارع فاكهة تصدر منتجاتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا.

في مباريات التأهل لكاس العالم لكرة القدم لعام 1970، وفقا لنظام الإقصاء بالخسارة من دون حساب الفارق في الأهداف الذي اتبع لاحقا، وجرت المباراة الأولى في 8 يونيو عام 1969، وفازت هندوراس على أرضها بنتيجة 1-0، في حين انتهت مباراة الغياب في 15 يونيو بنتيجة 3 – 0 لصالح السلفادور.

تقرر كما كان متبعا في ذلك الوقت إقامة مباراة حسم ثالثة، اختير لها ملعب محايد، وجرت في مكسيكو سيتي في 26 يونيو عام 1969، وانتهت بفوز السلفادور 3-2.

مبارتا الذهاب والإياب بين هندوراس والسلفادور شهدتا أعمال عنف واسعة بين مشجعي البلدين الذين اشتبكوا في معارك استخدمت فيها الحجارة والفئران الميتة وحتى المناجل، وسقط قتيلان في إحدى المباريات، علاوة على أعمال استفزازية بالأغاني والهتافات حولت الملعبين في عاصمتي البلدين اأثناء المبارتين إلى ما يشبه ساحة حرب.

مأساة حدثت في أعقاب المباراة الأولى التي خسرت فيها السلفادور أمام هندوراس بنتيجة 1-0. فتاة تبلغ من العمر 18 عاما وتدعى "إميليا بولانوس"، كانت تابعت المباراة على شاشة التلفزيون، وأصيبت بصدمة بعد الهزيمة. بعد صافرة النهاية، نهضت من مقعدها وفتحت خزمة والدها وأخرجت مسدسا وأطلقت النار على صدرها.

في صبيحة اليوم التالي، دبجت صحيفة " ناشيونال" صفحتها الرئيسة بعنوان يقول: "لم تستطع تحمل عار بلدها"، وخرجت جموع حاشدة من سكان مدينة سان سلفادور لوداعها في جنازة حضرها كبار المسؤولين.

أما المباراة الثانية التي هزم فيها منتحب هندوراس على ملعب الخصم بنتيجة 3-0، فقد نجم عنها إغلاق هندوراس لحدودها مع السلفادور احتجاجا على تعرض مواطنيها في السلفادور إلى هجمات عنيفة، وبدأ هذا البلد في التعبئة واستنفار قواته الاحتياط.

بعد ثلاثة أيام من مبارة الحسم الثالثة، قطعت هندوراس والسلفادور علاقاتهما الدبلوماسية واندلعت حرب قصيرة عرفت باسم "حرب كرة القدم" استمرت 100 ساعة.

 بدأت تلك الحرب الغريبة في 14 يوليو 1969، وانتهت رسميا بهدنة في 20 يوليو، توسطت فيها منظمة الدول الأمريكية.

العمليات العسكرية بين البلدين على الرغم من أنها استمرت أياما قليلة ولم تتجاوز المئة ساعة، إلا أنها تسببت في خسائر بشرية ومادية جسيمة، وزادت من استفحال الازمات والفقر في الجارتين، علاوة على استشراء البطالة وتضاعف نفوذ الجيش.

الحرب أودت بالمجمل بحياة أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وفقد مئات الآلاف منازلهم ، فيما بلغت الأضرار المادية الناجمة عن العمليات العسكرية الجوية والبرية في البلدين حوالي 50 مليون ولار.  

ما وراء "كرة القدم" وجذور الحرب بين السلفادور وهندوراس:

المباريات الثلاثة بين منتخبي السلفادور وهندورس للتأهل لكأس العالم 1970، كانت بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير". مباريات كرة القدم قبيل تلك المأساة، كانت مناسبة احتشدت فيها الأحقاد فانطلقت المشاعر الهوجاء من عقالها وتحولت فيما بعد إلى غارات جوية وغزو ومعارك على الأرض وفي الجو.

 السبب الرئيس للحرب بين هندوراس والسلفادور بعد تلك المباريات يتمثل في توترات طويلة الأمد بدأت عمليا منذ عام 1960 وهي ناجمة عن هجرة السلفادوريين إلى هندوراس بحثا عن حياة أفضل.

السلفادور كانت في البداية من الناحية الاقتصادية أفضل حالا من هندوراس بسبب وجود صناعة أكثر تطورا، لكن الاختلاف الرئيس تمثل في حجم البلدين.  

عدد سكان السلفادور أكبر، لكن مساحتها أصغر بكثير. في نهاية الستينيات، بلغ سكان السلفادور 3.7 مليون نسمة، وهندوراس 2.6 مليون فقط، في حين مساحة هندوراس تزيد عن مساحة السلفادور بنحو ست مرات.

بدأ مواطنو السلفادور في الانتقال للعمل والإقامة الدائمة في هندوراس منذ السنوات الأولى من القرن العشرين، وبعد أن شهدت السلفادور بسبب وضعها الاقتصادي الصناعي زيادة سكانية كبيرة في الخمسينيات والستينيات تضاعفت الهجرة إلى هندوراس بشكل لافت، أقاموا مزارع في أراض وضعوا أيديهم عليها في هندوراس لأنها لم تكن في ملكية أحد، وتمدد نشاطهم إلى مجالات أخرى بما في ذلك صناعة الأحذية.

كبار ملاك الأراضي في هندوراس انزعجوا من مزاحمة السلفادوريين الشديدة، فضغطوا لاتخاذ إجراءات ضدهم تمثلت في التالي:

 حملات إعلامية مناهضة للمهاجرين من السلفادور.

 الامتناع عن تمديد اتفاقية الهجرة مع السلفادور.

انتزاع الأرض من السلفادوريين، واقتصار ملكية الأرض على الهندوراسيين.

تشكيل مفارز مسلحة لمكافحة الدخلاء.

هذه الإجراءات كانت ضربات موجعة لمواطني السلفادور، ومع الزمن أصبحت العلاقة بين الجانبين على فوهة بركان، وتلك المباريات في كرة القدم، لم تكن إلا شرارة أشعلت زيت حرب كامنة.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف كأس العالم

إقرأ أيضاً:

آخر التطورات على مفاوضات وقف إطلاق النارفي غزة

#سواليف

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن #إسرائيل قررت إرسال #وفد_التفاوض إلى العاصمة القطرية #الدوحة لمناقشة تفاصيل مقترح #وقف_إطلاق_النار في #غزة و #تبادل_الأسرى بعدما تلقت رد حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس ).

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع للقناة الـ12 إن إسرائيل اتخذت قرارا بإرسال الوفد إلى قطر، فيما أوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن الوفد سيتوجه إلى هناك غدا على الأرجح.

وذكرت هيئة البث أن “إسرائيل لم ترفض رد حماس بشكل شامل وترى أن هناك ما يمكن العمل عليه”.

مقالات ذات صلة “تعيد رسم ملامح الحروب الحديثة”.. الصين تكشف عن قنبلة جديدة قادرة على شلّ دول بأكملها ـ 2025/07/06

تزامناً، أعلنت حركة حماس، السبت، أنها أجرت سلسلة من الاتصالات مع قادة فصائل فلسطينية بشأن ورقة الإطار الخاصة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وآليات تنفيذها، مشيرة إلى أنها أثمرت عن “توافق وطني موحد”.

وقال حسام بدران رئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة في بيان: “في إطار الجهود المكثفة التي نقودها أجرينا سلسلة اتصالات واسعة مع قادة فصائل فلسطينية للتنسيق والتشاور حول ردنا على ورقة الإطار الخاصة بوقف العدوان على قطاع غزة وآليات تنفيذه”.

وأضاف بدران: “شهدت هذه الاتصالات مستوى رفيعا من التشاور العملي والجدي بين حركة حماس والفصائل الوطنية والإسلامية، مما أسفر عن توافق وطني موحّد داعم لموقف قوى المقاومة الفلسطينية”.

وأوضح أن الحركة بعد استكمال مشاوراتها الداخلية والخارجية مع مختلف الفصائل، قدمت ردها إلى الوسطاء، وقد تم “صياغته بالإجماع وبروح إيجابية”.

وأشار بدران إلى أن جميع الفصائل الفلسطينية رحبت بهذا الرد الموحد.

وقال: “تأتي هذه الجهود في إطار قيادة فلسطينية مسؤولة تسعى للحفاظ على مكتسبات شعبنا، ولضمان موقف فلسطيني موحّد لوقف حرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة”.

جدير بالذكر أن صحيفة “هآرتس” العبرية، أشارت إلى أن إسرائيل تواصل فحص رد حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل الأسرى، لافتة إلى أن المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينت” سيجتمع مساء السبت، لبحث المقترح.

ومساء الجمعة، قالت حماس إنها سلمت الوسطاء ردها على المقترح بعدما أكملت بخصوصه مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية.

ووصفت ردها على المقترح بأنه “اتسم بالإيجابية”، وأكدت “جاهزيتها بكل جدية للدخول فورا في جولة مفاوضات حول آلية تنفيذ” المقترح.

ولم تتحدث المصادر الرسمية المعنية عن تفاصيل المقترح، لكن وسائل إعلام عبرية، بينها “هآرتس”، قالت إن أبرز بنوده تتضمن إطلاق حماس سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء (10 أسرى)، إضافة إلى جثامين 18 أسيرا على 5 مراحل خلال وقف لإطلاق النار يمتد 60 يوما.

وبحسب الصحيفة العبرية، يشمل المقترح الإفراج عن 8 أسرى إسرائيليين أحياء في اليوم الأول لسريان الاتفاق، واثنين في اليوم الخمسين.

كما يشمل تسليم 5 جثث أسرى إسرائيليين في اليوم السابع، و5 جثث في اليوم الثلاثين، و8 جثث في اليوم الستين.

في المقابل، تفرج إسرائيل عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم، وتسحب قواتها تدريجيا من مناطق متفق عليها داخل غزة، وهو بند قد يشكل نقطة خلاف لتل أبيب التي تطالب بنزع سلاح حماس، ونفي قادتها للخارج.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وبينما لم تكشف حماس عن فحوى ردها على المقترح، قالت هيئة البث العبرية الرسمية، نقلا عن مصادر مطلعه لم تسمها، إن حماس ما زالت تُصر على 3 مطالب أساسية لتعديل بنود الاتفاق.

وأضافت المصادر أن المطلب الأول يتعلق بالعودة إلى نموذج توزيع المساعدات الإنسانية السابق، والثاني يتعلق بما سيحدث بعد انقضاء فترة الـ60 يوما من وقف إطلاق النار، فبينما ترى إسرائيل أن انتهاء المدة دون اتفاق يسمح باستئناف الحرب، تُصر حماس على تمديد وقف إطلاق النار حتى دون اتفاق نهائي.

أما المطلب الثالث فإنه يركز على خريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، إذ تطالب حماس بانسحاب واضح وملموس من المناطق التي ينتشر فيها الجيش داخل القطاع.

ومن المقرر أن يغادر نتنياهو، صباح الأحد، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفق “هآرتس”.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية (خاصة) عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم، أن ترامب قد يعلن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، خلال اجتماعه مع نتنياهو، الاثنين.

يذكر أن المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أكدوا مرارا أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، لا سيما استمراره في السلطة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت هذه الحرب أكثر من 193 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • وفاة شابة بعد اعتداء عنيف من مديرتها
  • امرأة ميتة دماغياً تلد طفلاً وتثير الجدل حول قانون الإجهاض
  • مصر والسعودية تبحثان جهود استئناف وقف إطلاق النار في غزة
  • يوم الثامن من الشهر الجاري موعد إنطلاق مباريات بطولة كأس العراق لكرة القدم
  • كوفاتش: كأس العالم يُقام في ملعب «الجولف»!
  •  نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”
  • آخر التطورات على مفاوضات وقف إطلاق النارفي غزة
  • أردوغان: نسعى لوقف إطلاق النار في غزة مثلما حصل بين إسرائيل وإيران
  • 15 شهيدا في قصف الاحتلال رفح وخان يونس والشجاعية
  • هكذا علق ترامب على رد حماس حول مقترح وقف إطلاق النار في غزة