هل الواقع مصدر من مصادر المعرفة ؟ .. علي جمعة يجيب
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن علم التصوف يقوم بإنشاء كثير من المصطلحات للتعبير عن الواقع ، وهل الواقع مصدر من مصادر المعرفة ؟ نعم هكذا في أوائل ما نزل القرآن الكريم ، نزل ليُبين لنا أن مصادر المعرفة هى هذا الكون الذى خلقه الله سبحانه وتعالى فيما أسماه المفكرون المسلمون فيما بعد بـ "كتاب الله المنظور" ، وأن هو هذا الوحى الذى أنزله الله سبحانه وتعالى في "كتاب الله المسطور" ، وأن الذي يقوم بهذا ذلك الإنسان الذي يتأمل ويتدبر في " كتاب الله المسطور" وفي "كتاب الله المنظور" لأنه هو نفسه "كتاب الله المقدور" .
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: انظر كيف جعلوا مثل هذه المصطلحات لبيان حقائق لا يختلف فيها اثنان ؛ولذلك أسموا الكون بـ"الكتاب الصغير" وبعضهم أسماه بالكتاب الكبير ـ من ناحية الحجم ـ ، والقرآن بـ"الكتاب الكبير" في مقابل الكتاب الصغير ،أو الكتاب الصغير في مقابل الكتاب الكبير من ناحية الحجم .
إذن فعندنا كتابان، أمرنا الله سبحانه وتعالى في سورة العلق {اقْرَأْ} ـ قراءة أولى ـ {بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إذن نبهنا إلى هذا الكون الذي حولنا ، وأننا سنبدأ منه فنصل إلى الله .
وَفِى كُلِّ شَئٍ لَهُ آيَةٌ .. تَدُلُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} و(القلم) هو الوحى، إذن فأنا عندي كتاب الله المنظور وهو الكون ونأخذ منه معرفةً ، وعندي كتاب الله المسطور وهو القرآن ونأخذ منه معرفةً ، المعرفة التي يُحصِّلها الكتاب المقدور الذى هو الإنسان من الأكوان ومن القرآن متطابقة ليست بينها أي منازعة أو اختلاف أو تناقض ، ولذلك ليس هناك أي تناقض بين العلم والدين ،ليس هناك أصلاً نزاع بين العلم والدين عند المسلم وفى عقيدته وفى عقله ..لماذا ؟
وشدد علي جمعة: لأن كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور صدرا من عند الله سبحانه وتعالى ، فلا تناقض ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} إذًا الخلق هو من عند الله ، والأمر هو من عند الله ؛ الخلق كتاب الله المنظور ، والأمر كتاب الله المسطور لأنه روح من عند الله ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} سمى هذا الكتاب بأنه روح ، سمى هذا الكتاب بأنه من أمر الله ، والأكوان من خلق الله ؛ ولذلك أهل السنة والجماعة على أن القرآن كتاب الله وهو دال على كلامه غير المخلوق القائم بذاته سبحانه وتعالى ، هذه هي عقيدة أهل السنة التي هى عقيدة أهل الله من الصوفية .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة مصادر المعرفة القران الكريم الله سبحانه وتعالى مصادر المعرفة من عند الله علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان من العوارض البشرية الكذب: وهو خطأ متعمد عن سوء نية، لذلك هو خطيئة ويكون لحقد أو تدبير سيء أو خجل أو نحو ذلك.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه من الكذب ايضا الذهول ويكون عن عدم تركيز الأمر وقلة العناية به، ويكون عن دهشة من أمر طارئ، ومن العوارض البشرية الإكراه من الغير سواء أكان أدبياً أو مادياً.
واشار الى ان كل هذه العوارض التي تعتري الإنسان تجعل الأصل أنه "لا ينسب لساكت قول"، فالناقل قد يقع في شيء من العوارض البشرية، فإذا سكت المنقول عنه لا ينسب له قول ذلك القائل ولا بد من التحري ومن هنا اخترع المسلمون علوم التوثيق في جانب القرآن، وضبطوا المسألة غاية الضبط ليس فقط على مستوى الآية أو الكلمة أو الشكلة، بل على مستوى الأداء الصوتي وفي جانب السنة أبدوا أكثر من عشرين علما لضبط الرواية، والنبي ﷺ يحذر من هذا فيقول : « من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار ».
وفي جانب العلوم المختلفة أوجدوا أسانيد الدفاتر أي الكتب في العلوم جميعًا، ونراهم في جانب القضاء يؤكدون على العدالة والضبط في الشاهد، فليس كل أحد تقبل شهادته، بل لابد من حالة نأمن فيها تقليل العوارض البشرية، وضبط النقل متمثلا بالحديث النبوي الشريف فعن ابن عباس قال : « سُئل النبي ﷺ عن الشهادة. قال : هل ترى الشمس ؟ قال : نعم. قال : على مثلها فاشهد ».
أما إذا لم يكن قد صدر عنه القول أو الفعل أصلا فهو أشد من الحالة الأولى، ولا يكلف قطعا برد كل بهتان عليه، ويذكر الإمام السخاوي في الضوء اللامع أبياتا عن شيخه يلخص فيها تلك الحالة :
كم من لئيم مشى بالزور ينقله ** لا يتقي الله لا يخشى من العار
يود لو أنه للمرء يهلكه**ولم ينله سوى إثم وأوزار
فإن سمعت كلاما فيك جاوزه ** وخل قائله في غيه ساري
فما تبالي السما يوما إذا نبحت
** كل الكلاب وحق الواحد الباري
وقد وقعت ببيت نظمه درر **قد صاغه حاذق في نظمه داري
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ** لأصبح الصخر مثقالا بدينار
وعلى الرغم من تقرر هذه القاعدة في الشرع نقلا وشهادة وقضاء وعلماً فإن الشرع استثنى منها شأن كل قاعدة ما يستوجب الاستثناء لغرض صحيح أخر فقال رسول الله ﷺ: « البكر تستأمر فتستحي فتسكت. قال : سكاتها إذنها ».
فأيام ما كانت الناس تستحي وكان الحياء خلقا كريماً كانت البنت تخجل عندما يتقدم لها خاطب فإذا سألها أبوها استحت فقدر الشرع هذا الحياء، والنبي ﷺ يقول : « الحياء خير كله ». فاكتفى بصمتها عن إذنها، وهي أيضًا إذا كرهته أو رفضته لا تخجل من إبداء رأيها والجهر به، ومن هنا جاء في الثقافة الشائعة (السكوت علامة الرضا) وهو علامة قاصرة على البكر التي تستحي فتعميم هذه العلامة ليس بسديد.
هل لنا أن نواصل أصولاً لحياتنا الثقافية نرجع إليها جميعا وتكون بمثابة الدستور أو بمثابة ميثاق الشرف الثقافي أو إننا سنظل هكذا في متاهة حوار الطرشان نسير من غير أصول نسعى في حياتنا الثقافية على غير هدى.