قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن العالم يتطلع إلى إرساء هدنة في قطاع غزة، في حين تتوعد إسرائيل بمواصلة القتال.

وأشارت في تقرير إلى أن مجلس الأمن الدولي دعا إلى هدنة إنسانية "عاجلة وممتدة" في غزة للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع، في حين تقول الولايات المتحدة -التي تعد "أفضل أصدقاء إسرائيل- إنها تريد من حليفتها الانتقال من مرحلة القصف الجوي الذي يُسوي المباني السكنية بالأرض، إلى تنفيذ عمليات تستهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدقة أكثر.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقادة العسكريون أعلنوا، في الآونة الأخيرة، أن وتيرة العنف التي يخوضون بها الحرب -وهي من أكثر الحروب تدميرا على الإطلاق في هذا القرن- سوف تستمر وتشتد، حسبما ورد في تقرير الصحيفة الأميركية.

وقد تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية منذ عشية عيد الميلاد في إصابة أو مقتل مئات الفلسطينيين، العديد منهم في مخيمات اللاجئين، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين والدوليين. وقُتل 19 جنديا إسرائيليا في القتال مع عناصر المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الأربعة الماضية، في واحدة من أكثر المعارك دموية بالنسبة لإسرائيل منذ أن بدأت حملتها التي تقول إنها تهدف للقضاء على حركة حماس.

ويقول مسؤولو الإغاثة إن المستشفيات القليلة التي لا تزال تقدم خدماتها العلاجية في غزة تعمل فوق طاقتها.

توسيع نطاق القتال

ونقلت الصحيفة عن نتنياهو قوله في تصريحات نشرها حزب الليكود الذي ينتمي إليه، إنهم سيعملون على "توسيع نطاق القتال في الأيام المقبلة، وستكون هذه معركة طويلة".

وبدوره، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الثلاثاء، من أن إسرائيل تتعرض للهجوم من "7 ساحات مختلفة" -هي غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران- منذ بداية الحرب، وأنها "تصرفت وردت" على 6 منها.

وأمام لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان)، توعد غالانت "كل من يعمل ضدنا فهو هدف"، و"ليس هناك من هو في مأمن" من الاستهداف.

وكان نتنياهو قد كتب مقالا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية يوم الاثنين صرح فيه بأن حرب غزة ستنتهي عندما تنتصر إسرائيل وليس قبل ذلك. وقال "لا بد من تدمير حماس، ولا بد من نزع سلاح غزة، ويجب اجتثاث التطرف من المجتمع الفلسطيني".

ومن جانبه، قال رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، إنه "لا توجد حلول سحرية أو طرق مختصرة في التفكيك الجذري لمنظمة إرهابية، سوى القتال المستمر والحازم، ونحن عازمون تماما" على تنفيذ ذلك.

تشويه الجثث

وذكرت واشنطن بوست في تقريرها أن مسؤولا إسرائيليا رفيعا ومستشارا مقربا لنتنياهو سافر إلى واشنطن، حيث عقد اجتماعات مغلقة يوم الثلاثاء مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.

ونسبت إلى مسؤول في البيت الأبيض -طلب عدم الكشف عن هويته- القول إن المحادثات غطت "الانتقال إلى مرحلة مختلفة من الحرب لتحقيق أقصى قدر من التركيز على أهداف حماس ذات القيمة العالية"، واتخاذ خطوات عملية لتحسين الوضع الإنساني، والجهود الرامية لإعادة الأسرى والتخطيط لما بعد الحرب في غزة.

وقصف الجيش الإسرائيلي يومي السبت والأحد 3 مناطق على الأقل في وسط غزة، من بينها مخيما البريج والمغازي للاجئين ومدينة دير البلح. ونقلت الصحيفة عن مدير مستشفى شهداء الأقصى، إياد أبو ظاهر، أن 80 شخصا على الأقل استشهدوا في غارة إسرائيلية على مجمع سكني في المغازي الأحد الماضي.

وأعلن مسؤولون فلسطينيون أمس الثلاثاء أن إسرائيل أعادت جثث 80 شخصا كانت تحتجزهم خلال حرب غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن إسرائيل لم تحدد هوية الجثث أو تذكر المكان الذي تم نقلها منه. وأكد المكتب في بيان أن الجثث "شُوِّهت"، وهناك مؤشرات "واضحة" تدل على أن الأعضاء "سرقت" من الجثث.

وعلّقت واشنطن بوست على تصريح المكتب بالقول إنه لم يتسن لها التحقق مما ورد في البيان بشكل مستقل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: واشنطن بوست فی غزة

إقرأ أيضاً:

نهاية القتال في السودان… تجميد الحرب

توقّع مراقبون ومحلّلون كثيرون منذ 15 إبريل/ نيسان 2023 أن نهاية الحرب ستكون بانتصار الجيش على قوات الدعم السريع. ورغم أن الحرب لم تنتهِ، حدث ما كان متوقّعاً؛ اعتبر الجيش تحرير كامل ولاية الخرطوم نهاية مرحلةٍ من الحرب. فاسترداد العاصمة، ودعوة سكّانها إلى العودة، شهادة نصر كُبرى لا يمكن أن يضيّعها عاقل، لكنّها شهاة النصر التي تُستغَّل لتطبيع واقع الحرب بعيداً من المركز.


تلقّت قوات الدعم السريع هزائمَ متتاليةً في جبل موية وسنّار وولاية الجزيرة، ثمّ العاصمة الخرطوم. كما تكرّر فشل اقتحامها مدينة الفاشر، التي بقيت تقاوم في ظروف إنسانية معقّدة، وسط انتهاكاتٍ لا تتوقّف من قوات الدعم السريع في حقّ المدنيين المحاصرين داخل المدينة. وظلّ السؤال منذ اليوم الأول للحرب (لدى من يدينونها) هو سؤال التكلفة. سينتصر الجيش النظامي على المليشيا، لكنّ المليشيا قادرة على أن تؤذيه وتؤذي المواطنين. قال العسكريون والمسؤولون في أيّامها الأولى إنها حرب سريعة.. ساعات.. أيّام.. أسابيع. وفي العام الثالث، الذي ما زالت الحرب فيه مشتعلةً، يُحدّثنا المؤيّدون للجيش عن الحرب العادلة التي تستحقّ أن تُخاض مهما كانت الخسائر (!).


ستصبح كلّ انتهاكات الحرب (من طرفيها) في أماكن سيطرة الجيش مجرّد ثمن كان لا بدّ من دفعه لأجل التحرير والانتصار. لن يُسمَح بأسئلة عمّن صنع المليشيا، لأنه ما زال يصنع المليشيات. لن يكون من المقبول أن تسأل عمّن مدّد المليشيا ومنحها حمايةَ المقرّات الاستراتيجية، لأنه ما زال في قمّة السلطة ويحتفل بنصره. ولا يجوز السؤال عن التقصير، فالمقصّر يستطيع أن يتّهمكَ بالخيانة.


إعلان النصر في الخرطوم (نصر كبير ومهمّ لرمزية العاصمة)، ولأنها كانت تضمّ نحو ربع سكّان السودان لتَركّز الخدمات فيها، يتجاهل الخسائر كلّها التي كان يمكن تفاديها لو أن حليفَي المجلس العسكري اللذَين ورثا نظام الرئيس عمر البشير معاً، ثمّ قتلا المتظاهرين والمحتجّين معاً، ثمّ مدّدا علاقاتهما الإقليمية والدولية معاً وانقلبا على الحكومة الانتقالية المدنية معاً... نقول، لو أن حليفَين بينهما تاريخ يرجع إلى حرب دارفور وانتهاكات الحكومة السودانية المتّهمة بالإبادة الجماعية توافقا، لما دفعت البلاد ثمناً غالياً لرغبات سلطوية لأصدقاء الإبادة الجماعية القدامى.


لكنّ تضارب مصالح الحليفَين جعل حربهما تتحوّل حرباً أهليةً يقاتل فيها السودانيون بعضهم بعضاً، وعمّقت بُعدها الإقليمي والدولي، إذ جعلت السودان أرض الفرص التي يتداعى لها الخصوم لاستنزاف بعضهم في أرض لا تعني لهم شيئاً. إنها الوصفة التقليدية للحروب الأهلية. وبرغم أن السودان خبير في هذه الحروب، إذ خاضها ضدّ نفسه منذ العام 1955 قبل استقلاله بأشهر، إلا أنه يكرّرها وهو ينكرها. فلم تعترف الأنظمة الحاكمة المتعاقبة (عسكرية ومدنية) بأن حربَ الجنوب حربٌ أهليةٌ، إنما عدّتها مجرّد "تمرّد عسكري" مدعوم إقليمياً ودولياً، ومن مجلس الكنائس العالمي. الحرب التي اعتبرها العالم كلّه أطول حربٍ أهليةٍ في أفريقيا لا نعترف في السودان بأنها حرب أهلية. أمّا حرب دارفور التي جعلت السودان يُعرف على المستوى العالمي بالإبادة الجماعية والتهجير القسري والعنف الجنسي وجرائم الحرب، فأصرّ نظام الحركة الإسلامية والجيش (حتى يومنا هذا) على إنكار أنها حرب أهلية، وإنما هي تمرّد مجموعات أفريقية مدعومة من الصهيونية لتكوين دولة الزغاوة الكبرى في إقليم دارفور ودولة تشاد (!).


وفي الحرب الأهلية الحالية، يواصل النظام العسكري السير في الطرق نفسها التي مشت فيها الأنظمة العسكرية السابقة؛ التركيز في الحسم العسكري؛ إنكار الحرب الأهلية؛ التركيز في البعد الخارجي؛ اتهامات العمالة؛ والحديث عن دولة العطاوة الكُبرى التي تجمع عرب أفريقيا. وعلى الجانب الآخر، فإن قوات الدعم السريع، المهزومة في العاصمة الخرطوم، أعلنت توقّف العمليات العسكرية لتتفرّغ لتأسيس الدولة. وهو إعلان خجول لوقف إطلاق النار من جانب واحد، رغم تهديدات المليشيا المتغطرسة في الأيّام السابقة. هذه الأحداث المتسارعة ربّما تعيد إلى الأذهان ما يتردّد منذ أسابيع عن تفاوض سرّي، وعن ترتيبات لتجميد وضع الحرب. لكن، ما سيؤكّد هذا (للأسف) سيكون الخبر السيئ بتكوين حكومة موازية في مناطق سيطرة "الدعم السريع"، التي تقلّصت إلى أقلّ من نصف ما كانت تسيطر عليه قبل عام.


ما لم يتغيّر اتجاه الريح، فإن الحرب السودانية ستتجمّد، ما لم يواصل الجيش تقدّمه ويستمرّ انهيار "الدعم السريع" (وهو احتمال وارد). لكن ما تتحدّث به دوائر السياسة يميل للتجميد، وهذا أمر سنعلم حقيقته خلال أيّام. ومع العجز إلا عن التمنّي، فإن المرء يتمنّى ألا يزداد وضع الحرب تعقيداً بإعلان حكومة موازية.


العربي الجديد


 

مقالات مشابهة

  • نهاية القتال في السودان… تجميد الحرب
  • واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة
  • صحيفة: ضغوط واشنطن على إسرائيل بشأن غزة انحصرت بالمساعدات
  • الجيش الإسرائيلي يحدد عقوبة ضابط رفض القتال في غزة
  • السفير محمد حجازي لـ «الأسبوع»: واشنطن لم تعد تثق في إسرائيل.. وترامب يريد وضع حد للصراع
  • باحثة دولية: الرأي العام الدولي انقلب على إسرائيل لكنه غير كاف لكبح نتنياهو
  • نتنياهو يقول إن إسرائيل مستعدة لصفقة تؤدي لوقف نار مؤقت بغزة
  • نتنياهو يهاجم 3 دول تحث حماس على القتال إلى ما لا نهاية
  • إعصار سياسي ودبلوماسي يضرب إسرائيل… ضغوط وانهيارات تضع حكومة نتنياهو على المحك
  • نتنياهو: هجوم واشنطن دليل على التحريض العنيف ضد إسرائيل