في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول مصير ملفات التحقيق الفدرالي في قضية الملياردير الراحل جيفري إبستين المتهم بارتكاب اعتداءات جنسية، أجرت صحيفة واشنطن بوست استطلاعا غير تقليدي شمل أكثر من ألف أميركي، عن مؤشرات واضحة على اهتمام شعبي واسع بالقضية، إلى جانب انتقادات شديدة لطريقة تعامل الرئيس دونالد ترامب معها، وسط مطالبات كاسحة بكشف الوثائق بالكامل.

وأظهر الاستطلاع، الذي أُجري يوم الاثنين 28 يوليو/تموز عبر رسائل نصية وشمل 1089 أميركيا من جمهور الصحيفة، أن 64% من المشاركين قالوا إنهم يتابعون أخبار ملفات إبستين "كثيرا" أو "إلى حد ما"، بينما أكد 11% فقط أنهم لا يهتمون بها إطلاقا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فريدمان: نتنياهو خدع ترامب في غزة ولن يحقق "النصر الكامل"list 2 of 2الإعلام الإسرائيلي يرصد حجم التناقض في التصريحات بشأن المجاعة بغزةend of list

ويُعد هذا مؤشرا على استمرار اهتمام الرأي العام بملف ظل مثقلا بالألغاز منذ وفاة رجل الأعمال الأميركي الثري داخل زنزانته عام 2019.

فجوة نادرة

وقد أحدث غياب الشفافية في التحقيقات الأميركية المرتبطة بجيفري إبستين المتهم بارتكاب اعتداءات جنسية، فجوة نادرة بين الرئيس ترامب وقاعدته الجمهورية الموالية له عادة بحسب الصحيفة. واتُّهم إبستين، أول مرة بارتكاب اعتداءات جنسية عام 2006 بعدما أفاد والدا فتاة تبلغ 14 عاما الشرطة بأنه تحرش بابنتهما بمنزله في فلوريدا.

تقييم سلبي لأداء ترامب

واكتسبت القضية زخما، بعد أن ازدادت المطالبات الشعبية -حتى من بين أنصار ترامب وأعضاء في الكونغرس- بضرورة الإفراج عن الملفات المرتبطة بها.

وتزايدت مطالبات الرأي العام، وبينهم أنصار ترامب، وأعضاء من الكونغرس، بضرورة إفراج وزارة العدل عن الملفات المرتبطة بقضية إبستين.

على أن أكثر المواقف التي تدل على وحدة الآراء تجلت في المطالبة بنشر ملفات إبستين بالكامل، إذ أبدى 86% من المشاركين تأييدهم لهذه الخطوة، بينهم 67% قالوا إنهم "يؤيدون بشدة"، وهو ما يشير إلى رغبة جماهيرية واسعة في كشف الغموض الذي يكتنف القضية.

إعلان

وأبدى نحو 58% من الأميركيين عدم موافقتهم على الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع قضية إبستين، مقابل 16% فقط أبدوا تأييدهم، و26% قالوا إنهم لا يملكون رأيا. ومن بين الرافضين، عبّر البعض عن قناعة بأن ترامب يخفي معلومات، أو أنه لم يف بوعده بنشر الملفات.

وحتى بين الجمهوريين، لم يحظ ترامب بإجماع. فقد انقسم مؤيدو الحزب ما بين مؤيدين (38%) وغير مكترثين (38%) ورافضين (24%)، فيما عبر أنصار حركة ماغا عن نسبة تأييد أعلى بلغت 43%.

أبدى 86% من المشاركين في استطلاع واشنطن بوست تأييدهم لنشر ملفات إبستين بالكامل نُحر أم انتحر

وأعرب المشاركون عن اعتقادهم أن الملفات قد تحتوي على معلومات محرجة تمس شخصيات بارزة، إذ قال 84% إنها تشمل مليارديرات، و66% يرون أنها قد تفضح الديمقراطيين، بينما ذكر 61% أنها قد تتضمن مواد تسيء لترامب نفسه.

لكن هذا الاعتقاد يختلف باختلاف الانتماء السياسي، إذ يعتقد 31% من الجمهوريين، و22% من مؤيدي حركة ماغا بوجود مواد محرجة عن ترامب، مقابل 82% من الديمقراطيين.

وعلى الرغم من تأكيد الطبيب الشرعي أن إبستين مات منتحرا داخل زنزانته عام 2019، لا تزال الرواية محل شك لدى الجمهور؛ إذ صدّق 15% فقط من المشاركين هذه الرواية، بينما يعتقد 44% أنه "قُتل"، و42% قالوا إنهم لا يستطيعون الجزم.

انعدام الثقة

وخلاصة الأمر أن نتائج الاستطلاع تكشف عن انعدام ثقة متزايد لدى الأميركيين تجاه المؤسسات الرسمية، ورغبة حقيقية في كشف كافة جوانب واحدة من أكثر القضايا إثارة في العقدين الأخيرين، لا سيما وأن الأسماء المرتبطة بإبستين تشمل شخصيات سياسية واقتصادية من الصف الأول.

ومع اتساع الهوة بين الشارع وصناع القرار، فإن ملف إبستين لا يبدو في طريقه إلى الإغلاق، بل قد يتحول إلى قضية رأي عام أكثر حساسية خلال انتخابات الكونغرس النصفية العام المقبل، خاصة إذا استمرت التساؤلات دون إجابات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات من المشارکین قالوا إنهم

إقرأ أيضاً:

​فنزويلا في مواجهة ظل كوندور

هذه  الأيام  تخرج من قلب قارة امريكا الجنوبية حكمة  قديمة كأنها تعود من رماد التاريخ كنبوءة لتحذّر شعوب الكاريبي.:
"حين ينزل اللصّ من الشمال، ترتجف حتى الصخور خوفًا من نهمه."
فها هو ترامب ينقضّ على نفط فنزويلا في عملية قرصنة مكشوفة:
لم يتغيّر شيء: من بينوشيه بالأمس إلى ترامب اليوم… الهدف واحد نهب روح أمريكا الجنوبية قبل ثرواتها.
فمنذ نصف قرن، أمر الرئيس الأمريكي نيكسون وكالة المخابرات المركزية بإحداث انهيار اقتصادي متعمد في تشيلي، صاحبة أكبر مخزون للنحاس في العالم، تمهيدًا للإطاحة بالرئيس المنتخب سلفادور أليندي، الذي وقف عقبة أمام شهية واشنطن.
وفي صباح ملبّد بغيوم سبتمبر 1973، استيقظت تشيلي على صوت الحديد: انقلاب عسكري يطرق باب الجمهورية الاشتراكية. لم يكن ذلك الانقلاب سوى فصل جديد في الملحمة السوداء التي رسمتها واشنطن فوق خرائط الجنوب؛ حيث تُعامل هذه الدول كملفات لشركات أمريكية، ورؤساؤها مجرّد قطع شطرنج قابلة للاستبدال.
دافع أليندي عن القصر حتى آخر لحظة، قبل أن يسقط قتيلًا بينما كانت بلاده تُساق إلى ظلام طويل. وباسم "السوق الحرة"، أُطلقت سياسة "العلاج بالصدمة": انهيار أجور، تفكك طبقي، تضاعف الفقر، وملايين وقعوا ضحايا التجربة النيوليبرالية التي صممتها مدرسة شيكاغو الأمريكية، المعتمدة على القروض الأجنبية.
ثم انفجرت الفقاعة عام 1982: خسرت تشيلي 15% من ناتجها المحلي، قفزت البطالة إلى 23.7%، انهارت البنوك، وتراكمت الديون، واضطرت الحكومة لتأميم مؤسسات مالية كبرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لكن الجريمة لم تكن اقتصادية فقط؛ كانت جزءًا من "عملية كوندور": المشروع الذي نشر الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، وأغرق القارة في القتل والاختفاء والتعذيب وقمع كل معارض لسياسة واشنطن تحت شعار "حماية العالم الحر 
وكان بينوشيه مجرد أداة صنعتها وكالة المخابرات الأميركية مازال شعبه يدفع ثمنها حتى اليوم.
فقد خلّفت خصخصة التعليم نظامًا طبقيًا خانقًا: أبناء الأغنياء في مدارس نخبوية ممولة جيدًا، وأبناء الفقراء في مدارس حكومية معدومة الموارد. ويتكرر المشهد في الصحة: رعاية فاخرة للأغنياء، ومستشفيات مكتظة للفقراء.
أما الكارثة الأكبر: تشيلي الدولة الوحيدة في العالم  التي خُصخصت فيها المياه بالكامل. شركات فرنسية تملك أغلب أسهم مؤسسات المياه، وبحيرات وأنهار وخزانات تشيلي تحولت إلى حقوق ملكية قابلة للتداول منذ 1981، تسيطر عليها شركات عالمية مثل "أنجلو أمريكان" البريطانية و"BHP" الأسترالية.
ومع مرور الزمن، اتضح أن ما حدث في تشيلي لم يكن حادثًا استثنائيًا… بل نموذجًا جاهزًا تستخدمه واشنطن كلما تجرّأ شعب من جمهوريات الموز علي  اتباع طريق مستقل.
ومع ذكرى رحيل بينوشيه   يطلّ التاريخ من ظله
وكأنه كان يري لحظة يظهر فيها ترامب،  وهو يسطو على نفط فنزويلا  
من نيكسون الي ترامب الوجوه تتغير… لكن غريزة النهب واحدة.
فمنذ وصوله للسلطة، وضع ترامب فنزويلا نصب عينيه. عبر عقوبات خانقة، حصار بحري، تهديد بغزو بري  وحظر جوي، محاولا إسقاط الرئيس نيكولاس مادورو بذريعة "مكافحة المخدرات" و"محاربة الديكتاتورية". أكاذيب لم يعد أحد يشتريها،
فضيحة تشيلي مازالت حاضرة، والواقع يفضح الذرائع:
إذا كانت المسألة مخدرات، لماذا لا تبدأ واشنطن من المكسيك جارتها ، المورد الأول للمخدرات  في السوق الأمريكي  ؟
وإن كانت المسألة ديمقراطية، فترامب نفسه أكثر فاشية وهمجية: رفض نتائج انتخابات 2020، حرّض أنصاره على اقتحام الكونجرس، ويتعاون مع بوتين ويقدم له تنازلات مذلة في أوكرانيا.
الحقيقة بسيطة: الهدف سرقة  روح ارض أمريكا الجنوبية و السيطرة على النفط الفنزويلي ومعادنها النادرة،  وإعادة تشكيل جنوب القارة وفق مزاج  وعقيدة مونرو ولكن هذه المرة . بعيدا عن الصين ولعبة البريكس .
وأهم  الأدلة  علي  ذلك لم يكن وثيقة أو تسريبًا… بل  مقطع نشرته وسائل الإعلام، 
، فبينما تستولي قواته على ناقلة تحمل قرابة مليوني برميل من النفط الفنزويلي. يتباهي ترامب  بأنها  الناقلة الأكبر على الإطلاق التي يتم احتجازها
لم تكن عملية قانونية، ولا مكافحة مخدرات… بل عمل قرصنة مكتمل الأركان. يتفاخر فيها  بلعب دور "قرصان أعالي البحار  كما يتفاخر اللص بسرقة خزنةٍ مفتوحة. اختُطف الطاقم، سُرق السفينة، ودُشّن عهد جديد من القرصنة الأمريكية ..
نفط فنزويلا، الذي يذهب 80% منه إلى الصين، أصبح هدفًا مباشرًا لواشنطن الغارقة في ديونها، والغاضبة من مشروع بكين لبناء مصفاة عملاقة في الكاريبي لمعالجة النفط الفنزويلي الثقيل..
وأن تم البناء  كسرت العقوبات الأمريكية بالكامل و تربح الصين ملايين الدولارات  
.
والمفارقة أن أمريكا  التي وصفت اليمنيين بـ"القراصنة" حين اعترضوا سفنًا في طريقها لإسرائيل لمنع جرائم الإبادة في غزة، أصبحت ترى القرصنة مباحة حين يتعلق الأمر بنفط فنزويلا.
لا مكافحة مخدرات… ولا دفاع عن الحرية…
بل سباق محموم لسرقة ثروة بلدٍ كامل 
فامريكا تري  في فنزويلا فرصة لإعادة إنتاج نموذج بينوشيه، لكن هذه المرة تحت لافتة "الحرب على المخدرات"، بينما كان الهدف الحقيقي واضحًا كالشمس:
السيطرة على النفط، ومعاقبة رئيس رفض أن ينحني لواشنطن.
وعندما تراجعت  شعبية ترامب الي 36% حسب اخر استطلاع رأي  أجرته مؤسسة  جالوب
، بحث عن نصر خارجي يعيد تعبئة الجماهير  فكانت عملية القرصنة والتي لاشك انها ستفقده المزيد من الشعبية 
وفي هذا السياق السيناتور كريس فان هولين  قال منتقدا ترامب  بوضوح: "قصتهم عن مكافحة المخدرات كذب كبير. هذا دليل آخر على أن الأمر يتعلق بتغيير النظام بالقوة."
والسيناتور راند بول من حزب ترامب ، انتقد العملية بشدة قائلاً: "الاستيلاء على ناقلة نفط هو إعلان للحرب. بالإضافة الي العديد من و سائل الإعلام انتقدت حماقة ترامب تلك انتقادات من المؤكد انها ستخصم من رصيد ترامب الشعبي  الذي أوشك علي النفاذ ويهدد بحرمانه من وقود وغطاء اذا قرر غزو فنزويلا..

لاشك أن عملية كوندور التي عملت علي قمع كل معارض لسياسة أمريكا  في  تشيلي والأرجنتين والبرازيل وبوليفيا 
الأوروجواي، باراجواي  عادت  للعمل ولكن هذه المرة ضد النفوذ الصيني في أمريكا الجنوبية 
 وبعد فنزويلا ستكون كولومبيا حسبما أعلن ترامب والهدف الذهبي ستكون البرازيل باب النفوذ الصيني الأكبر  في أمريكا الجنوبية التي تتعاون مع بكين لتقويض الدولار 
وإقصاؤه كعملة تبادل تجاري ولاشك انه امر مؤلم لامريكا أن تخسر  طلب علي الدولار بقيمة 181 مليار دولار هو قيمة  التجارة بين الصين و البرازيل ..
الأسلوب واحد: إفقار، حصار، تجويع… ثم انقلاب أو حرب.
وإن تعذّر ذلك، فخلق الفوضى حتى تنهار الدولة من الداخل.
هدف ترامب ليس  إسقاط مادورو فقط، بل إعادة رسم القارة كلها وفق منطق أمريكي قديم: من يملك الموارد… يجب أن يخضع 
ولذا  لم يكن من قبيل الصدفة تزامن عملية السطو على ناقلة النفط الفنزويلية مع ذكرى  رحيل عميل واشنطن 
بينوشيه في 10 ديسمبر 2006 
. والرسالة 
بينوشيه مات… لكن ظله ما زال يمشي في القارة: ظل  تغيير الأنظمة بالقوة ، ظل الحصار، ظل "العلاج بالصدمة"، وظل "الأسواق الحرة" التي تُفتح للنهب وتُغلق في وجه العدالة.
وتشيلي، بكل ندوبها التي ما زالت تنزف، تهمس لفنزويلا:
"ليس الهدف إسقاط رئيس… بل إسقاط دولة لتكون عبرة للآخرين.
فحين تتدخل أميركا في مصائر الشعوب، لا تجلب الديمقراطية… بل العاصفة.كما حدث في العراق 
والشعوب وحدها تدفع الثمن.
أما ترامب، فاعتقد أنه قادر على إعادة فتح كتاب قديم ظنّه صالحًا للاستخدام. بمجرد تغيير الغطاء  مكافحة تجارة المخدرات 
لكن الجنوب لا ينسي والجبال سوف تلعنه و فنزويلا لن تكون وحدها 
فالذاكرة هناك هي سلاح المقاومة الأول… والأخير.
فالجنوب الذي ذاق  الألم… لن يسمح بأن يُكتب مصيره بحبر  ترامب

مقالات مشابهة

  • أمريكا.. نشر صور جديدة لترامب وكلينتون وبيل غيتس تظهر علاقتهم بجيفري إبستين
  • ​فنزويلا في مواجهة ظل كوندور
  • ترامب: نعمل بجدية بالغة على قضية غزة
  • كيف كشفت وثائق إبستين عن استشارات قانونية قدمتها شخصية بارزة في إدارة أوباما؟
  • ما حدود خيارات ترامب في فنزويلا؟
  • النائب محمد رزق: مصر تعيد بناء نفسها برؤية جديدة.. ودور رجال الأعمال يتجاوز المكسب إلى صناعة مستقبل الوطن
  • قائمة مفصلة صادمة عن مشاهير وأصحاب نفود وردت أسماؤهم في ملفات المجرم الجنسي إبستين
  • مي سليم تتألق في أحدث ظهور.. شاهد
  • ترامب: واشنطن صادرت ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا
  • محللون عراقيون لـعربي21: العراق مقبل على تصعيد أمريكي بسبب أنشطة الفصائل المرتبطة بإيران