ياسر عرمان : ( إلى الفلول …. أود أن أتبرع لكم ببعض المعلومات المجانية علها تفيدكم، في اديس ابابا لم نلتقي (بالبعاتي) ولم نحتاج المتر لقياس الطول أو الذكاء الاصطناعي ولم نلتقي بروبوت بل التقينا بالفريق أول محمد حمدان دقلو في صحة وذاكرة جيدة، تذكر اسمائنا جميعاً وبعض اسمائكم كذلك )
إلى عرمان :
▪️( لم ) حرف جزم، يحذف حرف العلة، وبلاغة قطعتك التي تتوسم السمت الأدبي كانت تلزمك بقول ( لم نلتقِ ) بـ ….
▪️ هذا الرجل خاض حرباً ضد المواطنين، وارتكب من الجرائم في حق عدد كبير منهم بالقدر الذي لا يدع مجالاً لنكاية وإغاظة بحياته وصحته وحدة ذاكرته تصل إلى ( الفلول ) وحدهم دون سائر المواطنين .
▪️إن كان هذا الرجل عندكم حياً سياسياً وأخلاقياً ولكم فيه آمال وأحلام، فهو عند غالب السودانيين ( بعاتي وهالك وروبوت ) سياسي، ولا يستثمر فيه وفي بندقيته إلا الأقزام اليائسين من أي سند شعبي، ونترك لك فرصة إثبات العكس بإجراء استفتاء وسط متابعيك بمنصة ( x ) يفحص إن كانوا سعداء – مثلكم – بنجاته البيولوجية ومؤمنين بنجاته السياسية والأخلاقية .
▪️من حق الناس أن يسألوك : هل ذاكرته القوية التي يحفظ بها أسماءكم جميعاً تحفظ أيضاً كم روحاً أزهق، وكم عفيفة اغتصب، وكم منزلاً احتل ونهب، وكم بنكاً شفشف، وكم مصنعاً نهب وخرب وكم جامعةً دمََر، وكم أنفق وكم خصص من حصيلة النهب لأنشطة حاضنته السياسية …. ؟
▪️من حق الناس أن يقتنعوا بأن آخر حكومة يمكن أن تنصف الضحايا وتمنع الإفلات من العقاب هي الحكومة التي تشكلها أنت ومن معك بدعم من هذا الذي تحتفون بنجاته، ومن حقهم أن يؤمنوا بأن عبارات المحاسبة التي وردت في الوثيقة التي أكدت تحالفكم وتوحد موقفكم التفاوضي هي مجرد ديكور لفظي بلا قيمة .
▪️اعتاد الناس على استباق الرتبة الرفيعة بكلمة ( سعادة )، ولهذا سيظن الناس أن حواراً مع نفسك حدث أثناء كتابتك للقطعة : أأضيف كلمة ( سعادة ) إلى ( الفريق أول ) أم أسحبها حتى لا أبدو لزجاً أكثر من اللازم، وحتى لا أمعن في استفزاز عامة المواطنين ؟
▪️هذا النص يشبه لغة دعامي هائم بحب قائده “الملهم”، وسعيد بالالتقاء معه والإطمئنان على سلامته، إذا كان هذا ما قصدت توصيله للجميع فهو قد وصل، وإن كنت لا تقصده، فيستحسن أن تعرض كتاباتك على من هم أذكى منك، وأقل خفةً، لمراجعتها قبل نشرها .
▪️ لن نخرج من السياق إذا تخلصنا مما تبقى من الخجل، وانطلقنا من روح قطعتك الأدبية، وتركنا القلم يتداعى ويمضي في الأفق الدلالي الذي تنفتح عليه، وأكملنا نيابة عنك : ( . لقد كان عندنا بين احتمالات ( حياة تسر الصديق ) أو ( ممات يغيظ العدا ) أو ( الأسر)، وكنا نفضِّل الأولى، وقد سعدنا بها أيما سعادة، وها نحن – أيضاً – نغيظ بها العدا .. التقيناه وقد نجا وخرج إلى حيث رعاية صداقاته الإقليمية، وصفاء ود حاضنته السياسية .. وجدنا في لسانه الصدق والطلاقة وفصل الخطاب، وفي عقله الرؤية والحكمة والذكاء غير الاصطناعي .. وقرأنا في عينيه العزيمة والأمل والمستقبل المشرق … التقيناه “يسبقنا الشوق قبل العينين” .. ضحكنا معه من القلب .. صفقنا له كثيراً يحدونا الأمل في التصفيق والضحك الكثير الأخير بعد الانتصار بالبندقية أو بتفاوض الاستسلام ) .
إبراهيم عثمان
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المنوفي الذي هزم أمريكا وإسرائيل
لم يكن أنور السادات مجرد رئيس جلس على مقعد الحكم بعد ناصر، بل كان عبقرية سياسية نادرة أدركت أن معارك الأوطان لا تُدار بالشعارات بل بحسابات العقل واتخاذ القرار في التوقيت الصحيح، خاصة بعد هزيمة ومعنويات في الأرض، قرأ السادات خريطة المنطقة بعيون تختلف عن الجميع وحسم قراره، فجاء قرار الحرب في السادس من أكتوبر ليغير الموازين ويعيد لمصر مكانتها بذكاء نادر وانتصار دبلوماسي غيّر وجه الشرق الأوسط لعقود.
تحرك السادات برؤية لم يفهمها كثيرون، فهو لم يرد حربا تُنهك مصر، بل حربا تُعيد إليها إرادتها، أعاد بناء الجيش في صمت، وحوّل الهزيمة إلى درس واليأس إلى طاقة، وفي الوقت الذي انشغل فيه خصومه بالخطابات كان هو يرسم خطوط المعركة في ذهنه، ويضع توقيتها بدقة رجل يعرف أن النصر لا يأتي صدفة، بل يُصنع بتوقيت محسوب.
في السادس من أكتوبر 1973 نطق القرار التاريخي ودوّت صيحة الله أكبر على ضفة القناة لتبدأ ملحمة العبور التي أدهشت العالم، لم يكن النصر مفاجأة للسادات بل ثمرة تخطيط دقيق بين العقل والسياسة والسلاح، أدرك أن النصر العسكري لا يكتمل إلا بانتصار سياسي، فانتقل من خنادق القتال إلى ساحات التفاوض، واضعًا نصب عينيه استعادة الأرض وتحقيق السلام بشروط المنتصر لا المهزوم.
لم يكن السلام عند السادات ضعفا بل امتدادا لشجاعة الحرب، واجه الجميع بقرار الذهاب إلى القدس وهو يعلم أنه يغامر بكل شيء في سبيل أن يحمي كل شيء، أراد أن يخرج بمصر من دائرة الدم إلى دائرة التنمية وأن يحول النصر إلى طاقة بناء لا استنزاف. عبقرية السادات لم تكن في قراراته فقط بل في توقيته، في قدرته على قراءة المستقبل، وفي شجاعته على مخالفة المألوف.
رحل السادات لكن بقي اسمه محفورا في ذاكرة الأمة كقائد آمن بأن الحرب وسيلة للسلام، لا غاية في ذاتها، وبأن مصر تستحق أن تكون في مقدمة الأمم لا في ذيلها، ذلك هو السادات بطل الحرب والسلام وابن المنوفية الهمام.