كيف يتصوّر الفلسطينيون حياتهم بعد الحرب؟
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
الطريقة المثلى لتأطير الجدل العام ليس الانطلاق من افتراضاتنا الشخصيّة وتصوراتنا الذاتية، ولا أقوال الساسة والإعلاميّين، ولا تقديم النصائح التي لا يتم فيها دفع أثمان من حيواتنا وحيوات أشقائنا؛ لكن الإنصات لأصوات الناس، ثم بلورتها في سياسات ومواقف. بغير ذلك سنشهد عددًا من الظواهر المربكة منها:
أولًا: التّضخيم الخطابي حيث يسود الضّجيج، وتنتفي الاعتبارات الواقعية والنقاش المستند إلى المعلومات المدققة.تشير إحصائية مثيرة للاهتمام إلى المستوى العالي من التضامن في إسرائيل بعد الحرب. أغلبية كبيرة من المستطلعين (أكثر من 70%) ذكروا أنّهم لا يفكرون في مغادرة البلاد بسبب الحرب. وظلّ هذا الرقْم مستقرًا طوال فترة المسح. هذه النسبة العالية من الالتزام بالبقاء في إسرائيل، على الرغم من القتال العنيف، لها أهمية خاصة بالنظر إلى الخطاب الذي دار في المجتمع الإسرائيلي خلال الأزمة السياسية الحادة التي سبقت الحرب، عندما قيل الكثير عن الاتجاه المحتمل للهجرة. هناك قدر من الإجماع لدى الرأي العام الإسرائيلي الآن، لكن هذا الشعور بالإجماع قد يكون مؤقتًا. ثانيًا: انتشار الاقتراحات غير الواقعية والمتسرّعة من قبيل عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، وقوات أمن عربية أو إسلامية. أغلبية فلسطينية (تصل إلى الثلثين) ترى في السلطة الآن عبئًا على النضال الفلسطيني، وتطالب بحلّها وباستقالة عباس.
يرتفع تأييد الكفاح المسلح، خاصة في الضفة الغربية؛ ردًا على عنف المستوطنين، لكن تأييد حل الدولتين يرتفع إلى حد ما
ثالثًا: سيادة المبالغات التي تخفي الحقائق، وتنزع الإنسانية عن الفلسطينيين، حين لا يتم تصويرهم باعتبارهم بشرًا – كباقي البشر- يعتريهم الضعف والخوف والغضب؛ وهذا لا يعيبهم في شيء. هناك فروق واضحة بين أهل الضفة وبين أشقائهم في غزة في اتجاهات الرأي العام -كما تظهرها الاستطلاعات- وسببه هو تباين السياقات وشدة العدوان الإسرائيلي على غزة مقارنة بالضفة، وإن كان الاثنانِ في الهمّ واحدًا. رابعًا: شيوع افتراضات يعوزها التدقيق من قبيل: ستُستقبل السلطة الفلسطينية بالورود عند عودتها لحكم غزة، وأن تأييد حماس في قتالها الحالي يعني تأييدها سياسيًا أو تبني أيديولوجيتها، أو "طوفان الأقصى" يعني عودة الإسلاميين للمشهد السياسي العربي …إلخ. خامسًا: انقطاع في العلاقة بين السبب والنّتيجة من قبيل أنه بدون تدفق للمعونات الإنسانية لأهل غزة بشكل كافٍ ستظل قدرتهم على مقاومة التهجير القسري قائمة، أو أن الحديث المتصاعد من بلينكن – وزير الخارجية الأميركي- عن حلّ الدولتين سيحوّله لواقع ملموس. صرح أربعة أخماس (80٪) من الفلسطينيين بأن إصرارهم على تحقيق دولة فلسطينية قد زاد في مقابل 16٪ أفادوا بأن إصرارهم لم يتغير أو انخفض، ولا يعني هذا أن الطرح الحالي جادّ. الغالبية العظمى (70%) من الفلسطينيين تعتقد أن الحديث الأخير عن حلّ الدولتين من الولايات المتحدة والدول الغربية ليس جديًا. سادسًا: عدم إدراك الفروق الدقيقة، والتفاصيل المهمة التي ترسم ملامح الصورة الكلية، ومن خلالها يتمّ اقتراح السياسات وتقديم المقترحات. تتباين مواقف الشباب الفلسطيني عن كبار السنّ، وفقراء غزة عن أغنيائهم. هناك فروق واضحة في الرأي العام بين الضفة وغزة تستدعي التأمل، وقد تثير المخاوف، ولا يعني هذا – في نفس الوقت- غياب المشتركات أو الموقف الوطني الجامع. المواقف الوطنية لم تعد تبنى إلا على التعددية، وإدراك الاختلافات لا مصادرتها. سابعًا: تقويض التفكير النقدي؛ إذ يستند الأخير إلى رسم الخرائط التفصيلية، وبيان الفروق، وتجاوز الثنائيات المتعارضة، وإظهار المواقف المركبة. فعلي الرغم من تجمع آلاف المتظاهرين في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس، قال 10% فقط من اليهود الإسرائيليين في استطلاع معهد الديمقراطية الإسرائيلي؛ إنهم سيؤيدون وقف القتال من أجل تبادل الرهائن.في غضون ذلك، قال 44.3% من أغلبية اليهود الإسرائيليين؛ إنهم يريدون أن تتفاوض الحكومة من أجل إطلاق سراح الرهائن فورًا دون وقف القتال. ومن بين الإسرائيليين الذين استجابوا لاستطلاع الرأي الذي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي، قال 26.6% إنه لا ينبغي لإسرائيل أن تتفاوض مع حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين على الإطلاق.
ما الذي يقوله الفلسطينيون إذن؟تأييد شعبي واسع النطاق للهجوم الذي شنته حماس يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول، لكن الغالبية العظمى تنكر أن حماس ارتكبت فظائع ضد المدنيين الإسرائيليين. تزيد الحرب من شعبية حماس وتضعف بشكل كبير مكانة السلطة الفلسطينية وقيادتها. ومع ذلك، فإن غالبية الفلسطينيين ما زالوا غير داعمين لحماس. ويرتفع تأييد الكفاح المسلح، خاصة في الضفة الغربية؛ ردًا على عنف المستوطنين، لكن تأييد حل الدولتين يرتفع إلى حد ما. الأغلبية الساحقة تدين المواقف التي اتخذتها الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الرئيسية خلال الحرب، وتعرب عن اعتقادها بأنها فقدت بوصلتها الأخلاقية.
هذه هي نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة ما بين 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، و2 ديسمبر/ كانون الأول.
أما المؤشر العربي الذي صدرت نتائجه مطلع هذا الشهر، فيخبرنا عن موقف فلسطينيي الضفة من إمكانية أن تحدث إسرائيل نكبة جديدة. أفاد 80% من مستجيبي الضفة الغربية والقدس بأنّ إسرائيل لن تنجح في إحداث نكبة جديدة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مقابل 15% يعتقدون بأن إسرائيل سوف تنجح في ذلك.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أجرى معهد أوراد استطلاعًا للرأي العام بين 668 فلسطينيًا من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة لدراسة مواقفهم تجاه الحرب، وانتهى إلى عدد من النتائج أبرزها: أعرب 59% من المستطلعين الفلسطينيين في السلطة الفلسطينية، وفي غزة عن تأييدهم الكبير للطوفان. هناك فجوة كبيرة بين سكان السلطة الفلسطينية (68% تأييد) وسكان قطاع غزة (47% تأييد). وردًا على دوافع الطوفان، شملت الإجابات: القمع الإسرائيلي والاعتداءات على المسجد الأقصى (35%)، والاحتلال الإسرائيلي وبناء المستوطنات (33%)، وحصار غزة (21%).
اتجاهات ثلاثةما الذي تدلنا عليه هذه الاستطلاعات من اتجاهات سياسية مستقبلية للفلسطينيين؟
أولًا: صعوبة التهجير القسريولا يعني هذا عدم وجود إمكانية للهجرة الطوعية.
وَفق بيانات الباروميتر العربي قبل "الطوفان"؛ فإن الغالبية العظمى من سكان غزة الذين شملهم الاستطلاع (69٪) لم يفكروا قط في مغادرة وطنهم. وهذه نسبة أعلى من سكان العراق والأردن ولبنان والمغرب والسودان وتونس الذين سُئلوا نفس السؤال. (بالنسبة لجميع هذه البلدان، تأتي أحدث البيانات المتاحة من موجة استطلاعات الباروميتر العربي لعام 2021-2022).
وعندما سئلوا -وفق استطلاع المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والمسحية الذي أُجري في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي -أي بعد الطوفان- عما إذا كانت إسرائيل ستنجح في إحداث نكبة ثانية للفلسطينيين في قطاع غزة كما دعا بعض الوزراء الإسرائيليين، قال ثلاثة الأرباع تقريبًا (73%) (83% في الضفة الغربية و59% في قطاع غزة)؛ إنها لن تفعل ذلك، و24% (14% في الضفة الغربية و40% في قطاع غزة) قالوا؛ إنها ستنجح.
أفاد الاستطلاع أيضًا بأن الأغلبية الساحقة (85%؛ 96% في الضفة الغربية و70% في قطاع غزة) تعتقد أن إسرائيل لن تنجح في طرد سكان القطاع منه. 13% فقط (3% في الضفة الغربية و29% في قطاع غزة) يعتقدون أنّها ستنجح.
الفروق بين الضفة والقطاع واضحة، وهي تثير القلق. هناك ما يقارب الثلث في غزة (29٪) يرون إمكانية نجاح إسرائيل في طرد الفلسطينيين، على خلاف الضفة التي لا يرى غير نسبة ضئيلة (3٪) فقط إمكانية ذلك. سكان الضفة الغربية أكثر تفاؤلًا بكثير من سكان غزة (83% و53% على التوالي) حول أن سكان غزة الذين تركوا منازلهم خلال الحرب إلى مناطق أكثر أمانًا سيكونون قادرين على العودة إلى هذه المنازل بمجرد توقف الحرب.
ثانيًا: ترتيبات اليوم التاليعندما طلب من المشاركين في استطلاع المركز الفلسطيني التكهن بالجهة التي ستسيطر على قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب الحالية؛ حوالي الثلثين (64%؛ 73% في الضفة الغربية و51% في قطاع غزة) قالوا؛ إنها ستكون حماس؛ 11% اختاروا حكومة وحدة وطنية تابعة للسلطة الفلسطينية، ولكن بدون الرئيس عباس. 7% اختاروا السلطة الفلسطينية مع عباس؛ 4% اختاروا إسرائيل؛ 3% اختاروا دولة عربية واحدة أو أكثر؛ 2% اختاروا حكومة وحدة وطنية بقيادة عباس؛ واختار 1% الأمم المتحدة.
وعندما سئلوا عن تفضيلاتهم للطرف الذي يجب أن يسيطر على قطاع غزة بعد الحرب، اختار 60% (75% في الضفة الغربية و38% فقط في قطاع غزة) حماس. 16% اختاروا حكومة وحدة وطنية للسلطة الفلسطينية بدون الرئيس عباس. 7% اختاروا السلطة الفلسطينية مع عباس؛ 3% اختاروا دولة عربية واحدة أو أكثر؛ 3% اختاروا حكومة وحدة وطنية برئاسة عباس، و2% اختاروا الجيش الإسرائيلي.
72% 80% (في الضفة الغربية و61% في قطاع غزة) يعتقدون أن حماس ستنجح في العودة إلى الحكم في قطاع غزة بعد الحرب رغم هدف إسرائيل المعلن بالقضاء عليها. 23% (15% في الضفة الغربية و36% في قطاع غزة) لا يعتقدون أن حماس ستنجح في ذلك.
بعد انتهاء الحرب، وفي حالة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة السلطة؛ فإن 28% فقط (20% في الضفة الغربية و39% في قطاع غزة) سيؤيدون نشر قوة أمنية عربية، و70% (77% في الضفة الغربية و60% في قطاع غزة) سيعارضون.
وبرغم هذه التفضيلات المتباينة؛ إلا أنّ ثلاثة أرباع الفلسطينيين – وَفق استطلاع أوريد- دعموا إنشاء حكومة وحدة وطنيّة بعد الحرب، بينما دعم فقط 14% إنشاء حكومة تقودها حماس، مع نسبة أصغر (8%) تدعم إنشاء حكومة تقودها فتح.
يزداد الاستياء – وَفق استطلاع المركز الفلسطيني- من الأطراف الفلسطينية بشكل ملحوظ عندما يُسأل عن رئيس وزراء السلطة الفلسطينيّة، ورئيس السلطة الفلسطينية، والسلطة ذاتها، وفتح. ترتفع نسبة المطالبة بحلّ السلطة إلى ما يقرب من 60%، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلُها على الإطلاق في استطلاعات الرأي العام. وترتفع نسبة المطالبة باستقالة عباس إلى نحو 90%، بل وأعلى من ذلك في الضفة الغربية. أغلبية الفلسطينيين (68%) تعتقد أن السلطة الفلسطينية أصبحت عبئًا على الشعب الفلسطينيّ، و28% فقط تعتقد أنّها ذخر للشّعب الفلسطيني. قبل ثلاثة أشهر قالت نسبة من 62%؛ إن السلطة عبء، وقالت نسبة من 35%؛ إنها إنجاز.
ثالثًا: الموقف من حماسوفيه تفاصيل كثيرة. نلحظ اختلافًا بين الضفة وغزة في ذلك نتيجة أن الأخيرِين عايشوا حكمها للقطاع لمدة 17 عامًا، ولكنهم في نفس الوقت -أقصد أهل غزة- يميزون في الموقف من حماس بين تأييدهم لها باعتبارها حركة مقاومة، وبين معارضتهم ممارستها كسلطة حكم في القطاع.
زادت شعبية حماس بعد "الطوفان"، لكنها ارتفعت في الضفة أكثر من القطاع، حيث أدركوا أن من بواعثها الدفاع عنهم كما كانت الدفعة الأولى من المطلق سراحهم من الأسرى من الضفة.
لا تعني زيادة شعبية حماس بالضرورة تأييدًا سياسيًا أو إيمانًا بأيديولوجيتها. الرأي العام الفلسطيني – كما العربي – يميّز بين حماس كحركة مقاومة، وبين كونها حركة إسلامية لها اختياراتها الفكرية، وذلك على غير موقف أغلب الحكّام العرب الذين يرفضون المقاومة وإسلامية حماس معًا.
تكشف نتائج استطلاع الباروميتر العربي الذي أُجري قبل "الطوفان" أن سكان غزة ليس لديهم ثقة كبيرة في حكومتهم التي تقودها حماس. وعندما طُلب منهم تحديد مدى الثقة التي لديهم في سلطات حماس، قال عدد كبير من المشاركين (44%)؛ إنهم لا يثقون على الإطلاق؛ وكانت عبارة "ليس هناك الكثير من الثقة" ثاني أكثر الإجابات شيوعًا بنسبة 23%. وأعرب 29% فقط من سكان غزة عن ثقتهم "بقدر كبير" أو "كثير جدًا" في حكومتهم. قال 72%؛ إن هناك قدرًا كبيرًا (34%) أو متوسطًا (38%) من الفساد في المؤسّسات الحكومية التي تقودها حماس، واعتقدت أقلية أن الحكومة تتّخذ خطوات هادفة لمعالجة المشكلة. وقال 24% فقط من المشاركين في الاستطلاع؛ إنهم سيصوتون لهنية. وحصل البرغوثي على الحصة الكبرى من التأييد بنسبة 32%، وعباس على 12% – هذا قبل "الطوفان".
أما بعد 7 أكتوبر/ تشرين أول، فقد اختلفت الاتجاهات، كانت نسبة الرضا – وفق بيانات المركز الفلسطيني- عن دور حماس (72%؛ 85% في الضفة الغربية و52% في قطاع غزة) هي العليا، يليها الدور الذي لعبه يحيى السنوار (69%؛ 81% في الضفة الغربية و52% في قطاع غزة)، إسماعيل هنية (51%؛ 57% في الضفة الغربية و43% في قطاع غزة)، فتح (22%؛ 23% في الضفة الغربية و21% في قطاع غزة). السلطة الفلسطينية (14%؛ 10% في الضفة الغربية و21% في قطاع غزة)، محمود عباس (11%؛ 7% في الضفة الغربية و17% في قطاع غزة)، ومحمد اشتية (10%؛ 6 % في الضفة الغربية و16% في قطاع غزة).
ولو أجريت اليوم انتخابات رئاسية جديدة ومرشحان فقط هما محمود عباس وإسماعيل هنية لبلغت نسبة الإقبال على التصويت 53% فقط، ومن بين الذين سيشاركون سيحصل عباس على 16% وهنية على 78% (مقابل 58 % لهنية و37% لعباس قبل ثلاثة أشهر).
وفي قطاع غزة تبلغ نسبة التصويت لعباس 24% ولهنية 71%، وفي الضفة الغربية يحصل عباس على 10% وهنية 82%. وإذا كان التنافس الرئاسي بين ثلاثة: مروان البرغوثي وعباس وهنية، ترتفع نسبة المشاركة إلى 71%، ومن بين المصوتين يحصل البرغوثي على 47%، وهنية 43%، وعباس 7%. قبل ثلاثة أشهر بلغت نسبة التأييد للبرغوثي 49% وهنية 36% وعباس 13%. وإذا كانت المنافسة الرئاسية بين مروان البرغوثي وهنية ترتفع نسبة المشاركة إلى 69% ومن بين المصوتين يحصل البرغوثي على 51% وهنية على 45%. قبل ثلاثة أشهر بلغت نسبة التأييد للبرغوثي 60% وهنية 37%.
ووَفق استطلاع مركز أوريد فإن نسبة الثلثَين تقريبًا (65٪) يرون أن الحرب هي ضد الفلسطينيين ككل وليس ضد حماس، في حين يرى الخُمس تقريبًا (18٪) أنها ضد حماس، وشعر 98٪ بالفخر بهُويتهم الفلسطينية بعد العملية، وتوقع ثلاثة أرباع الفلسطينيين تقريبًا (73٪) انتصار الفلسطينيين، في حين رأى 14٪ فقط أنه لن ينتصر أحد الطرَفين.
تشير هذه النتائج وغيرها كثير إلى أن الحرب أدّت إلى تغيرات في الشارع الفلسطيني، وتعزز الكبرياء الوطنية الفلسطينية، وترفع الآمال بالنصر، وتقلل من تأييد حلّ الدولتين، والأفق السياسي لم يتحدد بعد. ولذلك، فإن التفكير في "اليوم التالي" يجب أن يأخذ في الاعتبار هذه الجوانب أيضًا؛ لأنها قد تؤثر على كيفية فهم الفلسطينيين لمسألة القيادة في غزة بعد الحرب، وموقع حماس وفتح منها، وبالطبع السلطة الفلسطينيّة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة المرکز الفلسطینی السلطة الفلسطینی فی الضفة الغربیة قبل ثلاثة أشهر الرأی العام فی قطاع غزة ة بعد الحرب استطلاع ا تعتقد أن سکان غزة من سکان تقریب ا ومن بین فی غزة غزة فی
إقرأ أيضاً:
من التدمير إلى التهجير.. كيف تحولت الضفة الغربية لساحة حرب جديدة؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا مصورا، للصحفيين آدم راسغون، وفاطمة عبد الكريم، والمصور الصحفي عفيف عميرة، قالوا فيه إنّ: "عملية عسكرية إسرائيلية على مدار الأشهر القليلة الماضية، أدت لتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية. ويخشى بعض الفلسطينيين أن تكون هذه العملية تمهيدا لضم المنطقة".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "الشوارع بدت كغزة، منازل مدمرة، وجدران مليئة بثقوب الرصاص وطرق ممزقة بفعل الجرافات وأحياء مهجورة".
وتابع: "لكن هذه ليست غزة، تلك المنطقة التي دمرتها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، حيث قُتل عشرات الآلاف ويلاحق الجوع سكانها. بل هي الضفة الغربية المحتلة، وهي منطقة فلسطينية أخرى يشدد فيها الجيش الإسرائيلي سيطرته في أوسع حملة قمع مُستمرة منذ جيل".
"بدأت معالم الهجوم الجديد تتكشف خلال زيارة قام بها مراسلو صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا لمدينة جنين، إحدى الأحياء التي كانت مكتظة بالسكان والتي تم تطهيرها منذ بدء العملية في كانون الثاني/ يناير. وفي إحدى تلك المناطق، كان يعيش أكثر من 10,000 شخصا حتى وقت قريب. الآن، أصبحت خالية وطرقها مغلقة بأكوام من التراب ومحاطة بأكوام من الأنقاض" أضاف التقرير نفسه.
وأبرز: "هذا الأسبوع، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيهدم منازل في طولكرم، وهي مدينة قريبة من جنين، لجعل الأحياء والشوارع المزدحمة أكثر سهولة في الوصول إليها من قبل القوات الإسرائيلية ولمنع عودة ظهور المسلحين".
ونقلا عن طالب جامعي يبلغ من العمر 23 عاما، معاذ عمارنة، الأربعاء، وهو في اليوم الذي علم فيه أن منزله في طولكرم سيهدم، قال للصحيفة: "إنهم يسلبوني مستقبلي".
إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أنّ: قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت عمليات عسكرية متكررة بهذه المنطقة في السنوات الأخيرة، لكن قواتها كانت تغادر دائما في غضون ساعات أو أيام تقريبا. ومع ذلك، منذ كانون الثاني/ يناير، حافظ جيشها على أطول وجود له في قلب مدن الضفة الغربية منذ عقود.
وأردفت: "استهدفت الحملة حماس وجماعة فلسطينية مسلحة أخرى، وهي الجهاد الإسلامي. ومع ذلك، أصبحت الاشتباكات نادرة بالأسابيع الأخيرة، في إشارة إلى أن إسرائيل والسلطات الفلسطينية في الضفة الغربية اعتقلت أو قتلت العديد من المسلحين".
واسترسل التقرير ذاته بأنّ: "المدينتان الأكثر تضررا، جنين وطولكرم، خاضعتان منذ فترة طويلة لسيطرة السلطة الفلسطينية؛ لكن الوجود الإسرائيلي الممتد في هاتين المدينتين بالضفة الغربية يقوّض صلاحيات السلطة الفلسطينية".
وقال رئيس بلدية جنين، محمد جرار، في مقابلة بمكتبه في آذار/ مارس: "نحن عند نقطة تحول في الصراع. تتصرف إسرائيل كما لو أن السلطة الفلسطينية غير موجودة".
وأبرز التقرير: "بدأ الهجوم الإسرائيلي بعد أيام من سريان وقف إطلاق النار في غزة في كانون الثاني/ يناير. في ذلك الوقت تقريبا، أضافت الحكومة هدفا جديدا إلى أهداف حربها: توجيه ضربة لمسلحي الضفة الغربية. وبعد أيام، تدفقت مركبات مدرعة مدعومة بطائرات هليكوبتر إلى مخيم جنين".
ومضى بالقول إنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي قالت إنها قتلت أكثر من 100 مسلحا واعتقلت المئات منذ بدء العملية. كما شردت ما يقرب من 40 ألف فلسطيني، وهو عدد يفوق أي حملة عسكرية أخرى في الضفة الغربية منذ الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة في حرب عام 1967.
وأردف التقرير بأنّ: "ذلك قد أثار مخاوف بعض الفلسطينيين من نكبة ثانية، وقالت سليمة السعدي، البالغة من العمر 83 عاما، وهي من سكان مخيم جنين، والتي قالت إنها هجرت مرة واحدة قبل ما يقرب من ثمانية عقود: أخشى ألا أتمكن من العودة إلى دياري كما حدث عام 1948".
واستطرد: "في أواخر شباط/ فبراير، طلب وزير الحرب، إسرائيل كاتس، من القوات الإسرائيلية الاستعداد للبقاء في جنين وطولكرم للعام القادم. إذا حدث ذلك، فسيكون تغييرا جذريا في طريقة إدارة مدن الضفة الغربية منذ إنشاء السلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي. في تلك الفترة تقريبا، تنازلت إسرائيل عن معظم مسؤوليات الحكم في المدن للسلطة الفلسطينية".
وتجدر الإشارة إلى أن مراسلو صحيفة "نيويورك تايمز" قد زاروا مخيم جنين برفقة ضابط إسرائيلي كبير في ناقلة جند مدرعة، وذلك في خطوة نادرة للوصول إلى مناطق محظورة. فيما أبرز التقرير أنّ: "الصحيفة لم تسمح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بفحص تغطيتها قبل النشر، لكنها وافقت على عدم تصوير وجوه بعض الجنود".
وتابع التقرير: "تقوم القوات الإسرائيلية بدوريات في مخيمي جنين وطولكرم ليلا ونهارا. وتفتش المباني واحدا تلو الآخر بحثا عن أسلحة، وتفجر المنازل التي تعتقد أنها تستخدم لأغراض عسكرية".
"كما تعمل على توسيع الطرق، وفقا لصور جوية، ما يسهل على الجنود الوصول إلى المناطق المكتظة بالسكان في المخيمات. وهدم الجيش المباني والطرق التي يقول إنها مليئة بمخابئ للمقاومين والفخاخ المتفجرة" بحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21".
وبحسب التقرير، قال رئيس غرفة تجارة جنين، عمار أبو بكر، معبرا عن مخاوف العديد من الفلسطينيين الآخرين: "إنهم يشيرون إلى رغبتهم في الضم". وغذت المخاوف الفلسطينية حقيقة أن وزراء نافذين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتشدّدة يدعون إلى ضم الضفة الغربية، التي يقطنها ما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني و500,000 مستوطنا.
وأبرز: "آوت المخيمات، وهي أحياء مكتظة يقول الفلسطينيون إنها تُجسّد محنة اللاجئين الفلسطينيين، عشرات الآلاف من الناس لعقود. وما كان في السابق مجموعات من الخيام تطور إلى مبان خرسانية في الأحياء الفقيرة".
وقال أبو بكر، رئيس غرفة تجارة جنين، وجرار، رئيس البلدية، إنّ: "المقدم أمير أبو جناب، منسق الاتصال العسكري الإسرائيلي في جنين، أبلغهما في أواخر كانون الثاني/ يناير أن إسرائيل تخطط لتحويل مخيم جنين لحي عادي، وهو ما يعارضه العديد من الفلسطينيين لأنهم يرون فيه محاولة لمحو رمز لمحنة اللاجئين".
وقالوا، بحسب التقرير: "إنهم أُبلغوا أيضا بأن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تعنى بمساعدة الفلسطينيين وتدير المدارس والعيادات في الضفة الغربية، لن يكون لها دور في مخيم جنين. لطالما توترت علاقات إسرائيل مع الوكالة، وتزايد العداء تجاه الأونروا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
وفيما رفضت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوكالة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع الفلسطينيين، التعليق للصحيفة، نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي إجباره الناس على المغادرة. لكن الفلسطينيين قالوا إنهم تلقوا تهديدات بالعنف إذا رفضوا.
وقالت كفاح سحويل، 52 عاما، إنّ: "مسيرة إسرائيلية حلقت بالقرب من منزلها في جنين قبل بضعة أشهر، وطلبت منها عبر مكبر صوت أن ترفع يديها وتغادر. وقالت إن الطائرة حذرتها من أن منزلها سيستهدف إذا لم تمتثل".
"بعد أن هرعت سحويل إلى الخارج مع ابنها، تبعتهما المسيّرة وأعطتهما تعليمات إلى أين يذهبان حتى غادرا المخيم، بحسب ما قالت. وأضافت سحويل: شعرت أنهم سيقتلوننا" تابع التقرير.
واختتم بالقول إنه: "على بعد حوالي ستة أميال من مخيم جنين، تفرق مئات الفلسطينيين النازحين في مبان سكنية مخصصة لطلاب الجامعات"، مردفا: كان محمد أبو وصفه، 45عاما، من سكان مخيم جنين، يساعد الوافدين الجدد على الاستقرار في شقق من غرفة واحدة بينما كان الأطفال يلعبون في الخارج. بالنسبة له، لم يكن الجزء الأكثر إيلاما من النزوح هو إجباره على ترك منزله، بل عدم معرفة ما حدث للمنزل.
وقال: "نحن نعيش في المجهول، نمرّ برحلة شاقة ومزعزعة للاستقرار"، وأضاف: "لقد فقدنا السيطرة على كل شيء".