عربي21:
2025-07-07@22:43:51 GMT

مع إسرائيل كيفما كانت.. نتوءات الشرّ الغربي!

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

أعلنت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفنلندا وهولندا وألمانيا وفرنسا واليابان وسويسرا؛ تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وذلك بعد قرار محكمة العدل الدولية قبول دعوى جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بشأن اتهام الأخيرة بارتكاب أعمال إبادة جماعية في حربها العدوانية الجارية على قطاع غزّة، وأمرها "إسرائيل" باتخاذ إجراءات تمنع اقتراف إبادة جماعية في غزّة.



جاء تعليق التمويل المعلن هذا، بذريعة اتهام "إسرائيل" لـ12 موظفا في "الأونروا"، بمشاركتهم في عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك بالرغم من مسارعة "الأونروا" بفسخ عقود هؤلاء الموظفين، وفي حين أنّ "الأونروا" أصلا متهمة من الفلسطينيين بالإذعان للمطالب الإسرائيلية في هذه الحرب الجارية، وبنحو من شأنه أن يوصف بالتواطؤ، وذلك بانسحابها السريع والمريب في بداية الحرب من مدينة غزة وشمالي القطاع، والذي شمل إغلاق المدارس والمراكز الصحية التابعة لها وتعطيل الخدمات المقدمة من طرفها في تلك المناطق.

لا يمكن فصل هذا الإجراء الذي يحرم "الأونروا" من أكثر من 80‎ في المئة‎ من تمويلها؛ عن الحرب الجارية على أكبر معسكر للاجئين الفلسطينيين، والذي هو قطاع غزّة، ممّا يعني أن قرار الدول المذكورة، يندرج في سياق تعزيز الجهد الحربي الإسرائيلي، وتشديد الحصار على الفلسطينيين، وذلك لكون المساعدات الداخلة إلى قطاع غزّة في أثناء الحرب تُوزّع من خلال "الأونروا"، الأمر الذي يعني أن العقاب المفروض على الوكالة؛ بالضرورة يفضي إلى تقليص المساعدات أثناء الحرب
لا يمكن فصل هذا الإجراء الذي يحرم "الأونروا" من أكثر من 80‎ في المئة‎ من تمويلها؛ عن الحرب الجارية على أكبر معسكر للاجئين الفلسطينيين، والذي هو قطاع غزّة، ممّا يعني أن قرار الدول المذكورة، يندرج في سياق تعزيز الجهد الحربي الإسرائيلي، وتشديد الحصار على الفلسطينيين، وذلك لكون المساعدات الداخلة إلى قطاع غزّة في أثناء الحرب تُوزّع من خلال "الأونروا"، الأمر الذي يعني أن العقاب المفروض على الوكالة؛ بالضرورة يفضي إلى تقليص المساعدات أثناء الحرب، وهو ما يتناقض تماما مع دعاية الخطاب الأمريكي التي تتحدث عن ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين.

ليس هذا هو التناقض الأوّل في عموم الممارسة الأمريكية في هذه الحرب المُعلنة على الفلسطينيين في غزّة، والكاشف عن التلاعب الأمريكي بالعالم بإطلاق الإشارات والتصريحات المتناقضة؛ بهدف دفع يد الإسرائيلي أكثر في دماء الفلسطينيين، والاحتفاظ في الوقت نفسه ببهرج قناع الإنسانية الزائف لضرورات النفاق الدبلوماسي المعروفة، ويكفي ما تسرّب عن محاولات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن لإنجاز خطة تهجير الفلسطينيين الإسرائيلية بالضغوط التي مارسها أول الأمر على دول عربية، وتاليا ما أخبر به (أي بلينكن) وزراء لجنة التواصل العربية المنبثقة عن قمة الرياض العربية الإسلامية؛ من أنّ مشروع تهجير الفلسطينيين من غزّة تنسّق له الولايات المتحدة مع أوغندا وكندا ودول أفريقية وعربية أخرى، كما أنّه عدّ جميع سكان القطاع متهمين بدعم حماس وحمايتها؛ مما يجرّدهم، في رأي بلينكن، من حقهم في الحماية، وذلك بحسب معلومات كشفها الوزير اللبناني السابق غازي العريضي.

يُذكّر سلوك هذه الدول، والذي لا بدّ وأنّه منسق، باصطفافها السريع لتبنّي الدعاية الإسرائيلية مطلع الحرب باجتراح الأكاذيب عن اغتصاب النساء وقطع رؤوس الأطفال، بلا أدنى تحقّق. لا يعني ذلك بالضرورة أنّ هذه الدول ترى "إسرائيل" صادقة دائما وفي أحوالها كلّها، ولكنّها لا ترى غضاضة في أن تكذب "إسرائيل" وتكذب هي إلى جانبها.

بايدن حينما روّج بنفسه لتلك الدعاية لم يكن يجهل أنها كاذبة، لكن الكذب ملح الدول العظمى المرصوص في جراح المستضعفين، تماما كما أنها تتبنى الاتهامات الإسرائيلية عن موظفي "الأونروا" وتتخذ الإجراءات العقابية وفق الاتهامات الإسرائيلية؛ بلا أدنى استيضاح مستقلّ يأخذ بعين الاعتبار كون "إسرائيل" طرفا لا يجوز أن يكون حكما، وقبل ذلك وبعده، لا تصح معاقبة ملايين الفلسطينيين بالتجويع والحصار لأجل اتهام أفراد منهم بمساعدة مقاومة شعبهم، لكن كيف لا تكون "إسرائيل" حَكما على الفلسطيني وجلادا وهي عين المستعمر الأبيض ويده ورجله في "الشرق الأوسط" وهو حكم العالم وجلاده، وما هذه المؤسسات الدولية إلا أدوات هذا المستعمر ونتائج انتصاره في حروبه العالمية ودلائل استمرار هيمنته على العالم؟!

إن كانت الدول نفسها التي تنفّذ حصار الإسرائيلي على الفلسطيني في أثناء الحرب هي التي يُفترض بها إنفاذ قرار محكمة العدل الدولية بضمان تدفق المساعدات للمدنيين ومنع الإبادة الجماعية؛ لموقعها في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا)، فقد أخرجت لسانها للعالم، وهي تنفذ هذا القرار على طريقتها!
فإن كانت الدول نفسها التي تنفّذ حصار الإسرائيلي على الفلسطيني في أثناء الحرب هي التي يُفترض بها إنفاذ قرار محكمة العدل الدولية بضمان تدفق المساعدات للمدنيين ومنع الإبادة الجماعية؛ لموقعها في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا)، فقد أخرجت لسانها للعالم، وهي تنفذ هذا القرار على طريقتها!

كذلك لا يمكن فصل قرار هذه الدول بمعاقبة "الأونروا"، عن السعي الإسرائيلي المحموم لإنجاز صفقة تبادل أسرى دون الإعلان عن وقف إطلاق النار، وهو ما بات الإسرائيلي بحاجته، ليؤكد لنفسه ومجتمعه الاستيطاني العنصري أولا أنه قادر على استرجاع الأسرى دون وقف الحرب، وليجرد المقاومة من ورقة تستثمرها للتأثير على المجتمع الإسرائيلي وصانع القرار السياسي والعسكري فيه، ولتكون يد الإسرائيلي مطلقة من أي قيود وظهره متخففا من الأحمال، وقد بات ملف الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة من أكثر ما يثقله ويشوش على جهده الحربي، فإذا كان هذا الإسرائيلي يضغط بالنار والقصف لانتزاع التنازلات من المقاومة، فإن الأمريكي وتوابعه يضغطون بالمزيد من الحصار والتجويع والإعلان العملي السافر عن دعم مخططات الإسرائيلي مهما كانت، كتوفير كل الأسباب الكافية لتهجير الفلسطينيين.

كل شيء مباح للإسرائيلي، فالذي مارس التطهير العرقي لضمان قيام كيانه وعلى أساس من الأكاذيب المهينة للعقل، وعاد ليمارس الإبادة الجماعية كما في هذه الحرب، ولم يُبق مدرسة ولا جامعة ولا مسجدا ولا كنيسة ولا مستشفى ولا مركز إيواء خارج نطاق نيرانه؛هذه "إسرائيل" وهؤلاء معها كيفما كانت، بل هم معها إن كانت بهذا النحو، دولة محو وإبادة، إذ هي بذلك امتداد لهم، فإذا كانت الأكاذيب ملحهم، فإنّ العالم وجبتهم التي يشحذون لها السكاكين ويذخّرون لها المدافع لن يمتنع كما في فجر اليوم (30 كانون الثاني/ يناير) من التسلل إلى "مستسفى ابن سينا" في جنين ليقتل ثلاثة فلسطينيين على أسرّة المستشفى، ولا وزن بعد ذلك لكل ما يمكن أن يقوله مجوّعو الفلسطينيين في غزة، من أمريكا وتوابعها، من تحفظات حول ممارسات إسرائيلية، أو كيانات خرافية تعتنق الإبادة عقيدة كأحزاب الصهيونية الدينية النافذة في حكومة نتنياهو، ولن يكون الحديث عن القانون الدولي وانتهاك الاستيطان له إلا محض احتقار للعالم!

باختصار هذه "إسرائيل" وهؤلاء معها كيفما كانت، بل هم معها إن كانت بهذا النحو، دولة محو وإبادة، إذ هي بذلك امتداد لهم، فإذا كانت الأكاذيب ملحهم، فإنّ العالم وجبتهم التي يشحذون لها السكاكين ويذخّرون لها المدافع.

هل تكفي المصالح لتفسير ذلك كله؟! لماذا نحن مغرمون بعقلنة الجريمة وتسبيب استباحة الأبيض للعالم؟! كم نحن مساكين في بحثنا عن أسباب قابلة للفهم لتفسير هذا الاندفاع المسعور خلف الإسرائيلي بكلّ ما أوتي ذلك الأبيض، وكأنّ الشرّ وحده، بدوافعه الغريزية الأكثر انحطاطا، كدوافع العنصرية وتأليه الذات واحتقار الآخر، غير كاف لفهم كلّ هذا الاختلال والفساد في العالم.

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين إسرائيل غزة الحصار إسرائيل فلسطين غزة حصار انروا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی أثناء الحرب قطاع غز ة یعنی أن التی ی

إقرأ أيضاً:

دردشة درامية عن المسلسل الغرفة 207 و عن الفيلم 1408

دردشة درامية عن #المسلسل #الغرفة_207 و عن الفيلم 1408
بقلم #فراس_الور


مِمًا لا شك به ان التشابه الكبير بين العملين لا يمكن اخفاءه، مسلسل الغرفة 207 مأخوذ عن مجموعة قصصية للدكتور احمد خالد توفيق تم نشرها في مصر في عام 2008، و الفيلم الأمريكي 1408 الذي تم انتاجه عام 2007 يستند الى قصة قصيرة كتبها كاتب الرعب الأمريكي المشهور ستفين كنغ و نشرها عام 1999، و الصادم بالموضوع انه اذا اردنا مقارنة العملين الدراميين سنجد تشابه عام ضخم بالحبكة و الأحداث حيث كلا العملين هما عن غرف فندقية يحدث بها احداث خارقة للطبيعة يُقْتَلْ بها من يسكنها او يدخلها من البشر، و لعل الحوادث الخارقة للطبيعة التي تحدث لمن يدخلها مع اللوحات الفنية المسكونة المعلقة على جدران تلك الغرف بكلا العملين و النهاية المشتركة بحرقهما بأخر الفلمين لا يعني ان الكاتب الدكتور احمد توفيق سرق حبكة ستيفن كنغ عن قصد، بل قد يكون تأثر بها و احب فكرة الرواية ليكتب رواية مثيلة لها بروحه الخاصة المُغَمًسَة بالنكهة المصرية، فبالتالي هذا الأمر انعكس على العمل الدرامي الغرفة 207 ليأخذ روح فيلم 1408 بنكهة مصرية خاصة بنجاح، و ليروي لنا في كل حلقة ما يحدث لضيوف فندق لونا العتيق الذي كانوا يأتي بعضهم خصيصا ليطلبوا السكن فيها، و غالبا قد لا يقع اية مسؤلية قانونية هنا على الكاتب او فريق العمل القَيِمْ على المسلسل الدرامي اذ نرى اختلافات جوهرية بالسينايو و الحوار، اذ في فيلم 1408 يبقى صحفي واحد مهتم اساسا بعالم الخوارق حبيس الغرفة الملعونة بمسها الشيطاني المخيف مع ارواح مَنْ حصدت من نزلاء بها لنرى سلسلة خوارق تقشعر لها الأبدان تَفْعَلْ به العَجَبْ العُجَابْ، و لكن بالغرفة 207 نرى ان تقريبا في كل حلقة كان هنالك ضيف مختلف كان ضحية هذه الغرفة لتتنوع القصص بصورة ملحوظة حول هذه الغرفة و ما تفعل بضحياها، و نرى ان جزء ِمْن الضحايا هم موظفون في الفندق ليأخذ المسلسل منحى درامي مختلف بعض الشيئ و يتميز عن فيلم 1408 ببعض النقاط،

الغرفة 207 هو مسلسل مصري تم انتاجه في عام 2022 و هو من بطولة نخبة محبوبة و لامعة جدا من نجوم مصر من بينهم (مع حفظ الألقاب) محمد فراج و ريهام عبدالعفور و ناردين فرج و مراد مكرم و بيومي فؤاد، و هو عن موظف استقبال اسمه جمال الصواف (محمد فراج) يتم تعينه في فندق لونا الذي يمتلكه الخواجه مايكل الإيطالي الأصل، و بعد تعينه ببعض الوقت يتم تعين زميله له اسمها سارة (ناردين فرج) لتعاونه بعمله بالإستقبال، و يصطدمان ابطال الرواية بسلسلة من الخوارق في غرفة رقم 207 في كل مرة يسكنها نزيل، فنرى كيف تقتل هذه الغرفة كل من سكن بها و حيث تبدأ بالتأثير على الموظفين العاملين بالفندق مع تقدم حلقات العمل، و يتخلل المسلسل حوادث مثيرة للجدل حيث تنجلي حقائق حول الجنية التي تسكن الغرفة و علاقتها بصاحب الفندق الذي يفضل الكتمان حول ما يحدث لكي لا تُمَسْ سمعة فندقه، و يتضح في آخر الحلقات ارتباطه الوثيق بالجنية لتبدأ بمحاولة الإنتقام و تصفية ما تبقى من موظفين الفندق و لتحاول منع تدمير الغرفة قبل ان يقرروا الموظفين احراق الغرفة و التخلص منها،

و هنا قبل ان اكمل دردشتي حول حيثيات هذه المقالة لا بد لي ان اتوقف عند امر لفت انتباهي، و هو تَغْيِرْ تفاجئت به قام به بيومي فؤاد بهذا العمل لسلسلة الأدوار الكوميدية المتوازية التي اعتدنا ان يأخذها اذ لازَمَتْ الفئة الكوميدية أفلامه لفترة طولية، و كأن المنتيجين لاحظوا نجاحه الساحق بهذه الفئة و الجمهور الكبير الذي أُعْجِبَ به فربما حصروا ادواره بها لأبْعَادْ تجارية تتعلق بضمان نحاج الفيلم الدرامي، و لكن نراه بهذا المسلسل يكسر هذه السلسلة المتوازية بدور درامي نجح به تماما و اثبت تَمَكُنُهْ من خروج من عباءة الأدوار الكومديية بكل إقتدار، هنالك الكثير من النجوم الذين سبقوا بيومي فؤاد بهذه الأمور بالسينما المصرية فنجحوا بأداء نمط مُعَيًنْ من الأدوار لفترة من الوقت و ربما خافوا ان يقدموا ادوار تختلف عن سابقاتها ليقعوا بتجارب خير ناجحة تُفْقِدُهُمْ قاعدتهم الجماهرية، و ربما بالتالي خوفا من أن تَهْتَزْ ثقة المنتيجين بهم، فمثلا الفنان الراحل محمود المليجي الذي كان مارد من مُرًادْ السينما المصرية في عهده كان قد اخذ ادوار الشر بالسينما لفترة طويلة من الوقت، و يُخْبِرْ البعض الذين عاصروه انه لم يُغَيِرْ من طبيعة الأدوار التي قدمها الا بعد حديث مع الراحل الكبير يوسف شاهين حيث اقنعه بفيلم اسكندرية ليه ان يأخذ دور مختلف عما قدمه بالسابق، و كان فيلم اسكندرية ليه الذي يُعَدْ ضمن سلسلة رباعية تروي حياة الراحل يوسف شاهين من انجح الأفلام التي اشترك بها محمود المليجي،

مقالات ذات صلة الدار آرت جاليري.. أول جاليري للفنون التشكيلية في إربد يحتفي بعامه التاسع منذ تأسيسه في 2016 . 2025/07/05

بالعودة الى موضوع الفيلمَينْ قيد النقاش نرى ان النهاية كانت علامة فارقة بين العَمَلَيْن، فمع ان الغرفتين انتهى امْرَهُمَا بحرقهما ألأ ان الكثيرون لا يعرفون ان فيلم 1408 تعرض لِتَغْيِرْ بأحداث نهايته لثلاث مرات، و هنا لا بد لنا بالتوقف عند امر بمنتهى الأهمية، ففيلم 1408 سواء كَرِوايَة او كفيلم يَتَمَحْوَرْ حول سلسلة كوارث متلاحقة و شيطانية المنشأ تصيب الكاتب مايك إنْسِلِنْ، فبالرغم من كتاباته حول عالم الخوارق الا انه يشك بواقعيتها، و نراه خلال الفيلم يقرر الدخول الى الغرفة بالرغم من تحذير مدير بالفندق له حيث ينذره بأن الغرفة حصدت ارواح نزلاء كثيرون لعقود طويلة من الزمن، و بعد ان يدخل الغرفة تحدث سلسلة من الكوارث له و التي تنهال عليه بلا رحمة لتصيبه بالهلع و الخوف و الصدمة، بل تحقق له الغرفة امنية له بصورة مريبة و تُريهْ ابنته التي توفيت و هي صغيرة بمشاهد نراه يضمها اليه بِحُنُوْ قبل ان تتلاشى لتحاول الغرفة تحطيمه و سط دُموعِهِ و هَلَعِهِ، بل نراها توهِمُهْ بأنه خرج منها ليعود الى حياته بعد ان تعافى مما حصل به و لكن لاحقا تعيده الى وعيه ليرى انه لايزال مأسور بجحيمها، و هنا أسال سؤال مهم عن تَغْيِبْ الله و تَغْيِبْ البعد الديني في الفيلم عن قصد، و كأن للشيطان و اعوانه سلطان ليفعلوا ما يشأون من دون رادع، فأين الأمل و الرجاء بالإنتصار على هذه الخوارق في الفيلم من دون الله و الإيمان به؟ نسخة المخرج الأساسية للفيلم تتضمن ان مايك يموت اثناء حَرْقِهْ للغرفة لِيُخَلٍصْ الناس من شرورها، فيزور مدير الفندق الذي كان قد حذر مايك من الغرفة في بداية الفيلم زوجته اثناء عملية دفن زوجها بالمقبرة و يعرض عليها علبة تتضمن بعض من حاجاته التي تم العثور عليها بموقع الحريق، و لكنها ترفض استلامهم بسبب حزنها الشديد، فيعود مدير الفندق الى السيارة و يفتح العلبة و يصغي الى شريط للتسجيل كان مايك سجله و هو بالغرفة، فيسمع صوته و صوت اببنته المتوفية، و فجأة يرى صورة جثة مايك المحروقة بسيارته بالكرسي الخلفي بمرآة السيارة، فيصدم…و لكنها تختفي لينتهي الفيلم عند هذا الحد، و هذه النهاية فشلت فلم يتقبلها الجمهور التي انتقته شركة الإنتاج و عرضت هذه النسخة عليهم ليختبروا تقبل عامة الناس لها، فتم تصوير نسخة ثانية من المشاهد النهائية ينجوا بها مايك من كوارث الغرفة و اعتمادها للعرض السينمائي، و في هذه النهاية المُعَدًلَه نراه على عكاز جالس يطبع على حاسوبه و زوجته تقوم بتوضيب بعض الأغراض، و يطبع اختباره بالغرفة ليتم نشره عند صديق له يكلمه بالمشهد، واثناء المشهد تعرض عليه زوجته علبة تحتوي على اغراض له تم جمعها من موقع الحريق، فيقول لها انه يرغب بالإحتفاظ بها، و يخرج مسجل مع شريط من العلبة و يشغل المسجل ليستمعا معا الى الأحداث التي سجلها وقت احداث الغرفة، ليسمعا هو و زوجته فجأة صوت ابنتهما المتوفية، و هنالك نسخة ثالثة لنهاية هذا الفيلم ايضا تتضمن موت مايكل، و بدل مناظر الجنازة بالمقبرة نرى مشاهد لمدينة لوس اتجليوس مع اصوات جنازة مايك، ثم نرى سام صديق مايك في مكتبه حيث يجد فجأة اوراق طبعها مايك عن اختباره بالغرفة الملعونة، و نسمع هنا صوت التسجيل الذي سجله مايك بالغرفة و صوت ابنته،

انا برأي المهني كناقد فني ان هذه التغيرات لنهاية فيلم 1408 هي بسبب غياب عنصر هام بهذا الفيلم و بسبب مشكلة كبيرة به، و هي عدم انتصار الخير على الشر و تَغْيِبْ الله و الإيمان عنه عن قصد، فطغيان عالم الشر على الخير ادخل الفيلم بمأزق حاول المخرج حَلًهُ بتعدد روايات النهاية، فموت البطل و احتراقه بالغرفة درامياً يعني ان الشر كان اقوى من الخير و هذا ما يرفضه المشاهدون اذ نحن كبشر مفطورين على فطرة الخير، و لذلك نحن ميالين لنرى الخير يغلب على الشر بالمسرحيات و الروايات و الأعمال الدرامية بأنواعهاُ، و لكن بنسخة المخرج نرى الجمهور التجريبي يرفض هذه النهاية لأن الفيلم اساسا من دون ان يعيش البطل به يفرض نهاية سوداوية بأن الشر و الشيطان الذي كان يسكن بالغرفة غلب على الخير و كان الأقوى، و كثيرا ما يُحَذِرْ رجال الدين عند اخوتنا المسلمين و كثيرا ما حذرت البابوية الكنسية بالمسكونة المخرجين من هذا الأمر، حيث يتضمن كتاب من كتب احد البابوات المعاصرين الذي نشره للرعايا بالعالم المسيحي ارشادات ان يغلب الخير على الشر بالأفلام عموما و بافلام الرعب و الروايات و خصوصا التي تتضمن عالم الماورائيات، فتحرص الكنيسة على ان لا يتم الترويج للشر بأنه اقوى من الخير و للشيطان بأنه اقوى من إيمان البشرية بالله بعالمنا، فنحن لا نريد للنهايات التراجيدية ان تُسَوِقْ لقوة الشيطان و لأبليس بهذا العالم، نحن نعي ان الفيلم الدرامي و إن كان لا يحمل روح دينية سيحمل حبكة صراع مهما كانت فئته، فلذلك يجب ان يراعي الكاتب و المخرج ان يغلب به الخير على الشر، و ان ينتهي الأمر كذلك بغلبة ابطال الخير بالفليم،

يجب ان نتريث هنا قليلا، فَبِعَيْن الناقد ارى ان الغرفة 207 تبعت هذا السياق الدرامي السلبي من دون قَصْدٍ او تَعَمُدْ…بل بمحاولة لعملقة الصراع الدرامي ليترك التأثير المطلوب على المشاهد، فأنا لا اتهم صناع هذا العمل بالميول لنصرة الشر اطلاقا إطلاقا، فالمشاركين به من اروع نجوم مصر الذين نعتز بهم، و قد ادوا ادائهم كفنانين بصور ممتازة، بل يجدر بنا الإشارة هنا الى ان العمل كَكُلْ تمتع بمؤثرات حاسوبية (جرافكس) رائعة جدا تنافس الإنتاج العالمي بأمريكا و اوروبا بكل معنى الكلمة، و لذلك انوه فقط على الحذر بِعَدَمْ الإنسياق وراء حبكات الأفلام الأمريكية و الأوروبية حتى و أن صَنَعَتْ ضجة بين الجماهير المُشَاهِدَةِ لها لأن صانعوا الافلام بهوليود عموما و الغرب قد يُغَيبونَ الله مع الأسف كثيرا بأفلام الرعب و الاكشن التي يقوموا بإنتاجها و قد يُدَنِسونَ قُدْسِيَةْ المعابد الدينية للأديان السماوية، و هذا رأيته بأكثر من عمل رعب عالمي و اكشن، بل أسلط الضوء كناقد فني هذا الأمر لكي يتفادوا صناع الدراما لغرفة 207 بأي اجزاء مستقبلية لهذه السلسة هذا الأمر، و لكي يتنبه صناع الدراما عموما بالوطن العربي لهذه النقطة، فمنذ حلقته الأولى و هذه الغرفة تحصد ارواح بصورة متكررة و سط عجز كامل من ابطال العمل على ايقافها بأي شكل من الأشكال، فمنذ مقتل الدكتورة شيرين حسني (انجي ابوزيد)، الى وفاة والدة الطفل اكمل غرقا اثناء البحث عنه، و الذي يخونها زوجها مع شقيقتها، الى محمد الصايغ (محمود حافظ) الذي تجاوب مع نداء الغرفة و قتل زوجاته لتعشمه الغرفة انها ستجمعه مع زوجته الأولى المتوفية، الى مقتل بعض عمال الصيانة الذين حاولوا صيانة الغرفة، الى الموظفة التي مَسًتْهَا الغرفة و التي رَمَتْ بنفسها امام القطار الى الصحفي حسن فوزي (احمد الرافعي) و الى وفاة سارة (ناردين فرج) حبيبة و زميلة جمال الصواف (محمد فراج)…و الغرفة و الجنية التي تسكنها تتملك كل من يقف بطريقها و تنتصر بجولاتها خلال حلقات العمل…و كأن الشر لا يقابله من هو ند له من عالم الخير ليوقفه، انا ادرك تماما ان هذا العمل من فئة الرعب و يأخذ ميولا تراجيديا، و غالبا ما قد تطغى هذه السوداية على اجواء الأعمال من هذه الفئة، و لكن اين الخير و قوة غلبته بهذا الصراع؟ كما استغرب من امر لاحظته بعدة مشاهد، فنرى مينا (كامل الباشا) يدخل الغرفة الملعونة و المسبحة الوردية الذي يتدلى منها الصليب بيده يسبح بها اسم الله القدوس ليتفادى ما بالغرفة من لعنة، و لكن خوفه لا يدل على ثقته بالسبحة التي بين يديه و لا بالإيمان بالله و كأن المشهد يعطي انطباعا ان الشر بالغرفة اقوى من ذكر الله و من تسبيحه، و يتكرر هذا المشهد مع عدد من الشخصيات و على سبيل المثال لا الحصر مع مصطفى البِلْ مَانْ (يوسف عثمان)، حيث يستعوذ بإسم الله و لكن بخوف و رعدة و قلق، كنت أُفَضٍلْ ان لا ارى هذه المشاهد تقدم بهذه الصيغة الدرامية اطلاقا لانه تقول الآية الكريمة بالقرآن الكريم في سورة الرعد ((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) صدق الله العظيم، و يقول الكتاب المقدس بالعهد القديم بسفر المزاميرللنبي داود بالمزمور السابع و العشرين ((الرب نوري وخلاصي، ممن أخاف؟ الرب حصن حياتي، ممن أرتعب؟ عندما اقترب إلي الأشرار ليأكلوا لحمي، مضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا، إن نزل علي جيش لا يخاف قلبي، إن قامت علي حرب ففي ذلك أنا مطمئن، واحدةٌ سألت من الرب وإياها ألتمس: أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب، وأتَفَرًسْ في هيكله، لأنه يخبئني في مظلته في يوم الشر، يسترني بستر خيمته، على صخرة يرفعني، والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي،))،

ينتهي مسلسل الغرفة 207 نهاية ميثرة بالرغم من انها غير مكتملة الأركان ليشعرنا ان هنالك جزء ثاني سَيُفَسِرْ ما لم يتم تفسيره بالجزء الأول، فالذي فهمناه من النهاية ان الجنية شيرين حسني يتضح انها والدة جمال الصواف، و يجب التنويه هنا ان الروح البشرية التي خلقها الله لا تمتلك كل هذه القدرات الخارقة التي رأيناها بالمسلسل بل غالبا من يمتلكها هو الجن، و هذا بَيٍنْ حينما جَلَبَتْ الجنية شيرين جنية مثلها اسمها فاتن جميل (اسماء يريد) و التي يتضح ان دورها هو اغواء جمال الى فراشها و لتقتل سارة بالمقابل، و يُفْهَمْ من المجريات ان شيرين و فاتن هما من الجن لأن الارواح البشرية لا تظهر بهيئة بشر مرةً ثانية، بل المتعارف بالقصص الشعبية و بتراث الأساطير ان الجن يظهر بهيئة بشرية و قد يعاشر الناس جنسيا، و الذي رَسَخً هذا المفهوم لَدَيْ ان ليس هنالك ام تضطد ابنها كما فعلت شيرين مع جمال فلو اخذنا بعين الإعتبار انها امه و إنْسِيًة لن ترضى بإضطهاد ابنها، هذا ما استطعت فهمه من النهاية و هذا ما يقوله اي تفسير منطقي للنهاية، و لكننا نراها تضايقه و ترسل له جنية لتغويه الى قراشها لتقتل عشيقته و لتعذبه، و نراها تقول له هي و والده الذي تبناه بأنه هو السبب بكل ما يحدث، تروي النهاية ايضا انه قد تم حرق شيرين والدة جمال ربما لِيُحْرَمْ جمال من مكانته وسط عائلة ثرية تمتلك الفندق، و في آخر المشاهد نرى جمال يستيقظ من حريق الغرفة و قد عاد به الزمان الى الوراء الى عام 1934 ليرى مايكل صاحب الفندق مع والدته شيرين قبل وفاتها، مما يوحي ان ماكل شقيق لجمال…و السؤال المطروح انه لو مايكل و جمال من نفس الأب لماذا سيحرق الاب زوجته شيرين و يعطي ابنه جمال لغريب ليربيه؟ هنالك أسالة معقدة كثيرة بهذا الجزء يجب ان تفسر بجزء قادم،

مقالات مشابهة

  • سفير إسرائيلي سابق يتوقع عقد قمة دولية لحل الصراع مع الفلسطينيين على غرار مؤتمر مدريد
  • دردشة درامية عن المسلسل الغرفة 207 و عن الفيلم 1408
  • عاجل| الجيش الإسرائيلي: رصد صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل ونعمل على اعتراضه
  • رئيس الوزراء: التصعيد الإسرائيلي تجاوز غزة ووصل لإيران.. والمنطقة على شفا الانفجار
  • إيران بين خيارين
  • مدبولي: أخطر أزمة في وقتنا الحالي هي الحرب المستمرة على الأبرياء من الفلسطينيين
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 60 شهيدًا
  • عملاء إسرائيل في الخليج!
  • الأونروا: إسرائيل فشلت في استبدال منظمتنا ومراكزنا هي العصب الإنساني في غزة
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 42 شهيدًا