دعا برنامج الأغذية العالمي الأطراف المتحاربة في السودان إلى تقديم ضمانات فورية لإيصال المساعدات الإنسانية، بشكل آمن ودون عوائق، إلى المناطق المتضررة من النزاع، وخاصة عبر خطوط النزاع حيث يعاني النازحون المحاصرون- من الجوع دون أن تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إليهم بالمساعدات المنقذة للحياة.

ووصف برنامج الأغذية العالمي الوضع في السودان بأنه كارثي، مشيرا إلى أن نحو 18 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد يواجهون حاليا الجوع الحاد، على الرغم من الجهود التي يبذلها البرنامج لتقديم المساعدة الغذائية لملايين الأشخاص منذ اندلاع الحرب.



وحذر البرنامج من كارثة جوع تلوح في الأفق في السودان، مشددا على ضرورة أن يتمكن الناس من الوصول إلى المساعدات الإنسانية، فورا، لمنع الأزمة من أن تصبح كارثة. وقال "ومن المثير للصدمة أن عدد الجياع قد ارتفع بما يزيد عن الضعف من العام الماضي، ويعاني ما يقدر بنحو خمسة ملايين شخص من مستويات طارئة من الجوع الحاد (المرحلة 4 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) بسبب الصراع في مناطق مثل الخرطوم ودارفور وكردفان".

يأتي هذا في وقت تستعد فيه الأمم المتحدة إلى إطلاق خطتي استجابة إنسانية للسودان - واحدة للنازحين داخليا وأخرى للاجئين في البلدان المجاورة، خلال الأسبوع المقبل- 7 شباط/فبراير- وفقا لما أعلنه يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، خلال حديثه للصحفيين في جنيف، اليوم الجمعة.

يعد برنامج الأغذية العالمي العمود الفقري اللوجستي للاستجابة الإنسانية في السودان، وقد قام بتكثيف المساعدات المنقذة للحياة استجابة للأزمة المتفاقمة، حيث ساعد أكثر من 6.5 مليون شخص منذ اندلاع الحرب.

ومن أجل الوصول إلى الأسر في دارفور، أنشأ برنامج الأغذية العالمي طريقا عبر الحدود من تشاد، حصل من خلاله أكثر من مليون شخص على المساعدات الغذائية. كما استخدمت وكالات أخرى هذا الطريق لتقديم الدعم الذي تمس الحاجة إليه.

يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص في جميع أنحاء السودان الجوع الحاد.
© WFP/Muna Abdelhakim
العبور أصبح مستحيلا
ولكن مع ذلك، لا يستطيع برنامج الأغذية العالمي حاليا تقديم المساعدة الغذائية بشكل منتظم إلا لشخص واحد من بين كل 10 أشخاص يواجهون مستويات طارئة من الجوع الحاد في السودان. وأكد البرنامج على ضرورة السماح للقوافل الإنسانية بعبور خطوط المواجهة من أجل الوصول إلى المحاصرين في بؤر الصراع الساخنة- بما في ذلك الخرطوم ودارفور وكردفان، والآن الجزيرة.

ومع ذلك، فقد أصبح من المستحيل تقريبا على وكالات الإغاثة العبور بسبب التهديدات الأمنية، والحواجز على الطرق، والمطالبات بفرض الرسوم والضرائب.

وقال إيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي في السودان: "الوضع في السودان اليوم ليس أقل من كارثي. يتأثر ملايين الأشخاص بالنزاع. لدى برنامج الأغذية العالمي مواد غذائية في السودان، ولكن عدم القدرة على إيصال المساعدات وغيرها من العقبات غير الضرورية تؤدي إلى إبطاء العمليات وتمنعنا من توصيل المساعدة الحيوية للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى دعمنا".

ودعا طرفي الصراع إلى أن ينظرا إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة وأن يسمحا لمنظمات الإغاثة بالعمل.

ضرورة عدم نسيان السودان
متحدثة من نيروبي، عبر الفيديو، للصحفيين في جنيف، شددت ليني كنزلي مسؤولة الإعلام ببرنامج الأغذية العالمي في السودان، على ضرورة عدم نسيان الصراع هناك.

وقالت إن حوالي 3.6 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، منبهة إلى أن عدم القدرة على الوصول إلى المناطق الأكثر تضررا جعل من المستحيل التحقق من أعداد الأطفال الذين يعانون من الجوع.

وأكدت الأمم المتحدة على أن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، واحترام القانون الدولي الإنساني، كلها أمور مطلوبة بشدة في السودان.

مفوض شؤون اللاجئين يزور السودان
من ناحية أخرى، وصل إلى السودان اليوم الجمعة، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في زيارة تهدف لتسليط الضوء على محنة ملايين النازحين السودانيين، وكذلك اللاجئين الذين يستضيفهم السودان، "وجميعهم عالقون في حرب وحشية متفاقمة يبدو أن معظم العالم يتجاهلها".

وأكد غراندي- في منشور على موقع إكس- أن شعب السودان بحاجة إلى دعمنا وتضامننا. وفي بورتسودان، تحدث غراندي مع النازحين بسبب القتال في جميع أنحاء البلاد. وأضاف: "أخبروني كيف عطلت الحرب فجأة حياتهم السلمية. وكيف أنهم يفقدون الأمل بالنسبة لهم ولأطفالهم".

وأكد غراندي أن وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلام جادة وحدهما الكفيلان بوضع حد لهذه المأساة.

وقبل السودان، زار المفوض السامي إثيوبيا حيث اطلع عن كثب على الجهود التي تبذلها حكومة إثيوبيا، بدعم من المفوضية وشركائها، لمساعدة اللاجئين السودانيين الذين وصلوا مؤخرا إلى البلاد.

وتوجه غراندي إلى أسوسا، في منطقة بني شنقول-غوموز، حيث التقى ببعض اللاجئين وطالبي اللجوء الجاري استضافتهم حاليا في مركز كرموك للاستقبال المؤقت، والذين يبلغ عددهم أكثر من 20,000 شخص.

ومنذ نيسان/أبريل 2023، عبر أكثر من 100,000 شخص إلى إثيوبيا من السودان، بمن فيهم نحو 47,000 لاجئ وطالب لجوء. ويأتي هؤلاء لينضموا إلى حوالي 50,000 لاجئ سوداني ممن وصلوا قبلهم إلى البلاد.
//////////////////

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: برنامج الأغذیة العالمی المساعدات الإنسانیة الجوع الحاد فی السودان الوصول إلى ملیون شخص من الجوع أکثر من

إقرأ أيضاً:

أحمد ياسر يكتب: مؤسسة غزة الإنسانية.. سلاح جديد قاس

في تاريخ الصراعات الحديثة، ربما لا يوجد سردٌ أكثر إثارةً للقلق من إساءة استخدام المساعدات الإنسانية عمدًا لتحقيق أهداف جيوسياسية.

تواجه "غزة"  التي عانت لعقود من الحرب والحصار -الآن- تهديدًا جديدًا وخبيثًا.. خطةٌ مُقنّعةٌ كإنقاذٍ لسكانها الجائعين، لكنها في الواقع استراتيجية مُدبّرٌة لتهجير الفلسطينيين.

ظهرت تقاريرٌ عن إنشاء ما يُسمى بمؤسسة غزة الإنسانية (GHF) - وهي منظمةٌ غامضة يدعمها عملاء سابقون في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ورواد أعمال تكنولوجيا إسرائيليون، وشركات أمن أمريكية خاصة.

وقد وضعت المؤسسة الإنسانية المزعزمة  GHF، نفسها في موقعٍ يسمح لها بالسيطرة على توزيع المساعدات، متجاوزةً الهيئات الدولية الرسمية كالأمم المتحدة، تبدو هذه المبادرة، التي وُلدت بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، أداةً للهندسة الديموغرافية، تستهدف شمال غزة تحديدًا.

وقد عمّقت استقالة الرئيس التنفيذي لـ GHF، جيك وود، الذي أشار إلى عدم توافق المؤسسة مع المبادئ الإنسانية، الشكوكَ حول دوافعها الحقيقية.
(أولا ) نموذج خطير: تحت قناع الإنسانية دور شركات الأمن الأمريكية

يُثير تورط شركات الأمن الأمريكية الخاصة مثل (سيف ريتش سوليوشنز ويو جي سوليوشنز) قلقًا بالغًا، تعمل سيف ريتش، التي يديرها المحامي الأمريكي جيمس كانديف - الذي سجّل أيضًا مؤسسة التمويل الدولية - في غزة منذ أوائل عام 2025، ويعمل في هذه الشركات، التي يعمل بها في الغالب أفراد سابقون في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبلاك ووتر والجيش الأمريكي، ليست جهات محايدة.

وجودهم يُقرّب الولايات المتحدة من التورط المباشر في غزة، ويُهدّد بتصعيد التوترات الإقليمية، ورغم أن صحيفة "نيويورك تايمز" وصفت تورطهم بأنه "غير مباشر"، إلا أن الدور المزدوج لكانديف يُقوّض هذا الادعاء، ويُشير إلى تداخل المصالح.

ويُثير إدراج المتعاقدين الأمريكيين مخاوف بشأن المساءلة وانتهاكات حقوق الإنسان، والأسوأ من ذلك، أن هذه الشركات تعمل دون شفافية: فمصادر تمويل "سيف ريتش" غير معروفة، ولا تزال شركة "يو جي سوليوشنز" محاطة بالسرية، مما يُغذّي الشكوك حول الهدف الحقيقي للعملية.

كشفت الاستقالة المفاجئة "لجيك وود"، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية، عن التناقضات الداخلية للمؤسسة،  "وود"، جندي مشاة بحرية أمريكي سابق ذو خبرة في العراق وأفغانستان، جُنّد للمساعدة في جمع التبرعات.

عند مغادرته، أكد التزامه بالمبادئ الإنسانية - الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال - قائلاً إن هيكل مؤسسة GHF جعل من المستحيل الالتزام بهذه المبادئ… ويُعدّ رحيله إدانةً دامغةً للمؤسسة وطموحاتها المُبطّنة.

يُسلّط بيان "وود" الضوء على حقيقةٍ جوهرية: لا يمكن فصل المساعدات الإنسانية عن الأخلاق، إن تحالف مؤسسة GHF مع شركات الأمن وتوافقها مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل ينتهكان المبادئ ذاتها التي تدّعي تمثيلها.

إن هيكل مؤسسة GHF الأمني وغير الشفاف لا يفي بهذه المعايير - فهو يعمل كأداة جيوسياسية أكثر منه مبادرةً لإنقاذ الأرواح.

(ثانيا ) المساعدات كسلاح تهجير قسري

الجانب الأكثر إثارة للقلق في الخطة هو غايتها النهائية: استخدام المساعدات الإنسانية كغطاء للتهجير القسري للفلسطينيين، وخاصة من شمال غزة، ويُنظر إلى صندوق الإغاثة الإنسانية العالمي كجزء من استراتيجية أمريكية إسرائيلية أوسع نطاقًا للتجويع القسري كأداة سياسية - بدأت مع خفض الولايات المتحدة تمويل الأونروا في يناير 2024.

ينطبق هذا مع استراتيجية الحصار الإسرائيلية طويلة الأجل، ولا يُسمح إلا بدخول كميات ضئيلة من المساعدات، لا تكفي المجاعة، أفادت الأمم المتحدة أن 4.6% فقط من الأراضي الزراعية لا تزال صالحة للاستخدام، ومن خلال توجيه المساعدات عبر جهات خاصة، تتحكم إسرائيل في من يحصل على المساعدات، وأين، وكيف؟؟

هذا يُعادل السيطرة على السكان - مما يدفع الفلسطينيين إلى مناطق أصغر وأكثر قابلية للإدارة، وصفه المراقبون بأنه محاولة " لحصر ومحاصرة الفلسطينيين في قطعة أرض أصغر".

يحمل هذا التكتيك علامات التطهير العرقي، بغطاء التدخل الإنساني!!

بدعم من شركات أمنية أمريكية، تُمكّن مؤسسة التمويل الإنساني العالمية (GHF) إسرائيل من إدامة الجوع والنزوح تحت ستار الإغاثة، تُؤكد تحذيرات الأمم المتحدة من "مرحلة جديدة قاسية" في الحرب - تتسم بتزايد الجوع والدمار - على ضرورة كشف هذا الخداع.

تُقدم إسرائيل وشركاؤها الأمريكيون المساعدات كحلٍّ بينما يُعيقون إيصالها، مما يُطيل أمد معاناة غزة، ويُعزز هدفهم النهائي: إفراغ المنطقة من الفلسطينيين.


*(ثالثا )  أزمة ثقة عالمية*


ظهور مؤسسة التمويل الإنساني العالمية (GHF) وتورط وكالات الاستخبارات والأمن الأمريكية عواقب وخيمة:

أولًا: ينسف هذا النموذج الثقة في المؤسسات الإنسانية، بالرغم من قسوة الوضع المالي،  لاتزال الأمم المتحدة العمود الفقري لأعمال الإغاثة عالميا ً، واستبدالها بكيانات مُبهمة يُضر بمصداقية نظام المساعدات الدولي.

ثانيًا: يُخاطر هذا المشروع بجر الولايات المتحدة إلى صراع مُباشر مع حماس وجماعات أخرى في غزة، حيث قد يُنظر إلى المُتعاقدين الأمريكيين على أنهم وكلاء لإسرائيل.

ثالثًا: يُرسي سابقةً خطيرةً في استغلال الأزمات الإنسانية كسلاحٍ للضغط الجيوسياسي في أنحاءٍ أخرى من العالم.

*(رابعا) كشف الخداع*

مؤسسة غزة الإنسانية ليست استجابةً للمعاناة الإنسانية، بل هي مظهرٌ من مظاهر خطةٍ مظلمةٍ وخطيرة، بدعمٍ من جهاتٍ أمنيةٍ واستخباراتيةٍ أمريكية، تستخدم إسرائيل، الأمر لا يتعلق بإنقاذ الأرواح، بل بالهيمنة والاستبعاد.

يجب على المجتمع الدولي فضح هذا الخداع والمطالبة بإيصال المساعدات الإنسانية بشفافيةٍ وحيادية..
يستحق شعب غزة مساعداتٍ تُنقذ الأرواح، لا استراتيجيةً تُبعدهم عن وطنهم.

طباعة شارك مؤسسة غزة الإنسانية غزة دونالد ترامب أحمد ياسر كاتب صحفي

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس
  • «الأونروا»: نظام توزيع المساعدات في غزة مُهين ولا يهدف إلى معالجة الجوع
  • الأغذية العالمي: خطر المجاعة لا يزال يخيم على السودان في خضم نقص التمويل
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن عدة مناطق سودانية أصبحت عرضة لخطر المجاعة
  • برنامج الأغذية العالمي: نحتاج إلى 500 مليون دولار في السودان لتقديم مساعدات طارئة
  • برنامج الأغذية العالمي يحذر: خطر المجاعة يهدد جنوب الخرطوم
  • نادية صبرة تكتب: الجوع والدم
  • الأمم المتحدة تطالب “إسرائيل” بوقف إطلاق النار في غزة والسماح بوصول المساعدات
  • برنامج الأغذية العالمي: العائلات في غزة تعيش على شفا الانهيار
  • أحمد ياسر يكتب: مؤسسة غزة الإنسانية.. سلاح جديد قاس