إلى أين تقود المعارضة المصرية الأمة؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
تظل مصر "رمانة ميزان الأمة" الذي يشير لموقعها الحضاري رفعة أو انتظارا حتى حين، كانت كذلك خلال التحديات الكبرى عبر التاريخ وستظل حتى تعود لها مكانتها.. من هنا جاء دور ثورة 25 يناير، ومن قبل محاولة النهضة التي حاولت البعثات التي أرسلها محمد علي إرساء أبرز ملامحها؛ خاصة مع ازدهار تلاميذها في الفكر والفن والعلوم في القرن الماضي، وهو ما تلاقى مع الطرف اليانع من ثمار المجدد الإمام حسن البنا، فأحدث صورة تحاكي نموذجا مصغرا لما نتمنى أن تكون الكنانة عليه في مستقبل مشرق للأمة ولقلبها مصر.
ولكن -وآه من قسوة لكن في مثل هذا السياق المُنتظر لكثير من الإشراق- أصيبت مصر والأمة بخيبة أمل مرهقة أضنت أرواح الملايين؛ لعدم قدرة المخلصين على حسن إدارة دفة الحكم أو الدفع باستمراره ثوريا، وكان أن اختلطت الأرواق والتصورات والمفاهيم، فظن كل طرف وطني أن أوان تمكينه أوشك أن يتحقق، وانتظروا جني الثمار في وقت كان يمثل مخاضا مرهقا يتطلب المزيد من الثبات ودفع المندسين والأغبياء.
وبعد عشر سنوات وأشهر ثلاثة من تراجع محاولة المد الثوري في مصر، وبالتحديد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استعر صراع الأمة الوجودي الحضاري اليوم مع الكيان الصهيوني، فقد جاء السبق الحمساوي مباغتا من حيث أراد العدو الاحتفاظ بالمفاجأة، وبالتالي معلنا عن بدايات زوال الصهاينة عن فلسطين، وإن استغرق الأمر سنوات وعقودا، لكن استواء الصراع مع العدو ورغبة الأخير في التخلص من المقاومة وبيئتها الحاضنة التي خَيّل إليه مرضه وتعجرفه أنها في غزة أولا.. هذا الاستواء الصراعي الوجودي لم يواكبه للأسف المرير نضج أو حتى شبهه من جانب المعارضة المصرية أو مقاومي النظام السلميين.
قادت مصر منارة الإفاقة للأمة بالبعثات في القرن التاسع عشر، استوى زرعها في القرن التالي، جاء البنا بمنارة تصور لنهضة يقودها الدين؛ أصاب في بعضها وأخطأ في الآخر، ولم يجد منهجه مجددا من بعده للأسف، وعاشت الكنانة تبعات الموقفين الرائدين طويلا وأضاءت شموع الحياة والدين، وإن لم يخل الأمر من أخطاء وخطايا باهظة التداعيات.
تلفتت الأمة منذ سنوات باحثة عن دور رائد مركزي جديد لمصر، لكن عِظم الموقف وعدم القدرة على مواجهة التحدي في 2012م بما يناسبه من تجرد وتفانٍ في تقديم مصلحة الوطن والأمة على النفس؛ قاد لانتكاسة شاملة أدت لمحاولة محو كل ما كان من دور محوري. ويكفي ما نراه من هجمة على كل ثابت ومركزي مصري يتجاوز الحد من حرية الأفراد البارزين في الوطن؛ بمحاولة تكبيله لما شاء الله بقيود يصعب التحرر منها لسنوات طويلة مقبلة.
أما المستبدون الطغاة فلا فائدة من مخاطبتهم ولا نفع من تمني إفاقة لهم، وأما الجانب الآخر من المشهد فمن اللائق تذكيره بدور تاريخي إن غاب عنهم قام به آخرون، وتلقفتهم من بعد ألسنة التاريخ بمعاول هدم وانتقاد، ويبقى -أمام المتخاذلين- أنهم لم يحسنوا لا أمام ربهم ولا ضمائرهم ولا رفاقهم المضارين ولا أمتهم، يُضاف لهذا أن عشرات السنوات تنتظر ليأتي قادرون على الإمساك بزمام مبادرة من بعد!
إن أولئك الذين ارتكنوا للمنافي إن لم يكن لهم أن يراجعوا أنفسهم؛ فإن ليلا طويلا لا يُنتظر منه أن يلف مصر بلدهم فقط؛ بل الأمة كلها، وإن عناوين للآمال وتحققها ستوأد لآلاف الليالي والنهارات المقبلة، وهم يتحملون وزر ذلك للأسف.
إننا حين نتخلى عن الدور المناط بنا في وقت حاجة بل تراجع للأمة لا نخيب الآمال فينا فحسب، حينما نفضل عليها أنفسنا وحاجاتنا التي غالبا ما لا تكون ملحة، وإنما نسقط أنفسنا في هاوية ما لها من قرار، ونسيء لذواتنا ونحكم عليها بأن تجمع بين عداوة الحق وإنكار فضل كل الذين تمنوا ألا نفعل بها هذا، وما أكثر مضاري الأمة في غزة قبل مصر وعموم الوطن العربي الإسلامي، ثم إننا ملاقو الله يوم القيامة فمُسائلنا ويا له من سؤال، ويا لها من حياة طويلة يهدرها البعض -على الأقل- بالقليل الدنيوي!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المعارضة مصر المعارضة الثورة الاستبداد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
“راكز” تقود بعثة ناجحة إلى ميلانو لتعزيز التعاون الاستثماري بين الإمارات وإيطاليا
قامت هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية “راكز” بزيارة عمل إستراتيجية إلى مدينة ميلانو الإيطالية، بهدف تعزيز الروابط الاستثمارية بين دولة الإمارات والأسواق الأوروبية.
وشملت المهمة تنظيم فعالية إفطار عمل جمعت نخبة من قادة الصناعة الإيطاليين، إلى جانب المشاركة في النسخة الثالثة من مؤتمر “إنفستوبيا أوروبا” حيث تناولت النقاشات أبرز مستجدات الاستثمار العالمي ومسارات التعاون الاقتصادي بين القارتين.
وتزامنت الزيارة مع النمو المتسارع في العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإيطاليا، إذ بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 14.1 مليار دولار أمريكي مسجلا نموا بنسبة 21% خلال عام واحد، وأكثر من 50% خلال خمس سنوات، وتعد إيطاليا اليوم الشريك التجاري الأبرز للإمارات بين دول الاتحاد الأوروبي، مع تعاون متزايد في قطاعات مستقبلية متنوعة.
ونظمت “راكز” فعالية إفطار عمل في قلب مدينة ميلانو جمعت كبار القادة من قطاعات السيارات والهندسة والسلع الفاخرة والأغذية والمشروبات، حيث استعرضوا فرص التعاون وإستراتيجيات التوسع في دولة الإمارات، وتخللت الفعالية جلسة قدمها ميشيل أميراتي الشريك الإداري في شركة “ويل تاكس” وشريك “راكز” منذ سنوات، سلط خلالها الضوء على مزايا النظام الضريبي الإماراتي ومرونته مقارنة بالأنظمة الأوروبية.
وقال رامي جلاد الرئيس التنفيذي لمجموعة “راكز”، إن الشركات الإيطالية تمتاز بخبرات عالمية وجودة عالية وروح ابتكارية تتماشى مع رؤية “راكز”، موضحا أن هدف راكز هو تزويد هذه الشركات بمنصة مرنة وفعالة تدعم نموها على المدى الطويل وسواء كانت تنشط في التصنيع أو الخدمات المتقدمة، توفر راكز لها البنية التحتية والخدمات الداعمة التي تمكّنها من النجاح محلياً وعالميا بما يعكس التزامها بتسريع نمو الأعمال المتميزة.
وتضم “راكز” اليوم مجتمع أعمال يزيد على 30 ألف شركة، بينها أكثر من 600 شركة إيطالية مثل إيتالفودز وإيماينوكس ونيوس ميدل إيست وسيتي بي تي وميسانو. وتستفيد هذه الشركات من إجراءات تأسيس ميسّرة ومرافق قابلة للتوسع وخدمات مخصصة تلبي طموحاتها في التوسع الإقليمي والعالمي.
وشارك جلاد في حوارات “إنفستوبيا أوروبا” النقاشية إلى جانب مستثمرين عالميين وقادة فكر، لبحث تحولات الاقتصاد العالمي وإعادة تشكيل خارطة الفرص الاستثمارية، مما يعكس الدور الإستراتيجي الذي تلعبه “راكز” وعدم اقتصارها على تمكين الأعمال فحسب، بل تتجاوزه في كونها شريكا إستراتيجيا يسهم في رسم ملامح مستقبل الاستثمار بين أوروبا والشرق الأوسط.
وجاءت هذه الجولة في إطار جهود “راكز” المتواصلة لتوسيع حضورها العالمي، وترسيخ مكانة إمارة رأس الخيمة كبوابة مثالية للشركات الدولية الراغبة في التوسع نحو أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.وام