رأى وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، أنّ "أيّ مواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل ستجعل كل الأطراف خاسرة".     وشدّد سيجورنيه على أنّ "حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد لإحلال الاستقرار في المنطقة".     وأكّد أنّه "يجب فتح المعابر البرية لقطاع غزة لإدخال المساعدات".     وقال سيجورنيه: "نُعارض أيّ عمل عسكري إسرائيلي في رفح".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

في مفهوم الحوار .. والحاجة إليه

(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) - المجادلة:1- بهذه الآية أعلى القرآن من شأن الحوار؛ فما يجري منه بين البشر المخلوقين فالله الخالق يسمعه، فكفى به قدراً. ثم هل قامت الفلسفة على سوقها إلا عندما افتتحها سقراط (ت:399ق.م) بحواره المكين مع السفسطائيين؟! إنَّ الحياة قد ارتكزت على الحوار، وما أنْ أشرقت المعرفة بنور الكلمة إلا كان هو الخط الأبرز فيها، والمعرفة منطوقة ومكتوبة سلسلة مستحكمة من حلقات الحوار. ولذا؛ ينبغي أن ترتقي النظرة إليه من كونه فعلاً عابراً إلى الإقرار بأنه جِبلّة إنسانية، وقيمة أخلاقية قامت عليها الحياة، وبشّرت بها الأديان، ونظّرت لها الفلسفة، ورسّخ وجودها الأدب.

إنَّ الحوار فعل قديم وقيمة متجددة يدفع إلى الكلام عنه حادثات الزمان، ومحاولة البشر الإمساك بزمامها، أو الانسجام معها، فما أحوجنا للحوار وقد رشقتنا الدنيا بسهام الفرقة، وأوهنتنا بعصا التسلّط، وأغفلتنا عن دورنا الحضاري!

الحوار ذو دلالات واسعة ومتعددة، وقد مرَّ كغيره بتطور استلزمه تنوع حياة الناس. وكل الدلالات ترجع في أصلها إلى الجذر «حَوَر»، وهو الأوبة إلى الأصل. فكأن المتحاور يفيء إلى كنه الشيء وأصله فيما يلقي بحواره عليه. وغاية المتحاورين أنْ يوجدوا أصلاً جامعاً يرجعون إليه في قضية حوارهم. فـ(الحَوْر: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء). والحوار هو المراجعة في الكلام أخذاً ورداً: (وهم يتحاورون أَي يتراجعون الكلام). وأي حوار ليؤتي ثمرته لابد له من منطق مشترك، ومنه ما يسمى بـ«تحرير مناط القضية»، (والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة). وأطلق على العقل الأحور؛ لأنه مرجع الإنسان، فـ(الأحْوَر العقل. وما يعيش فلان بأحْوَر؛ أي ما يعيش بعقل يرجع إليه)، «لسان العرب، ابن منظور».

والحوار مفهوماً: حديث يدور بين طرفين أو أكثر حول قضية ما؛ ليقنع أحدهما الآخر برأيه، أو ليصلا إلى أمر جامع بينهما، أو يتسامحا فيما لا يُتوصل إلى اتفاق حوله، أو نقاش لإنتاج مشاريع وأفكار جديدة، أو للنظر في موضوع بغية تحسينه وتطويره. بل قد يكون الحوار للترويح عن النفس، وبعث همتها للعمل والتفكير. كل هذه المعاني يحتملها مصطلح الحوار.

يرتكز الحوار الجاد على أسس منها:

- وجود أكثر من طرف. والمقصود بالطرف ليس الشخص فحسب، وإنما أيضاً الأفكار التي تتنازعها الأطراف، كل واحد له وجهة نظر. وقد تتنازع الشخص فكرتان، فيدخل في حوار نفسي؛ بحيث تمثّل كل فكرة طرفاً في ذاته. ومن المهم أن يجري الإنسان حواراً مستمراً مع نفسه؛ ليضمن سلامة منطلقاته وقويم سلوكه.

- وجود قضية ما اجتماعية أو سياسية أو دينية، وغيرها. وهي ليست بالضرورة تداولاً بين الأطراف، وإنما قد تكون مسألة بحثية، أو إثراء فكرة، أو مراجعة أفكار سابقة، ونحو ذلك.

- تقديم الحجج والبراهين من الأطراف؛ ليس لغلبة طرف على آخر، أو إثارة الجدل في المجتمع، وإنما لجعلها أساساً للنظر في الجوانب المشتركة بينهم، وحتى يقيموا حواراً بنّاءً يتعانق فيه المنطق العقلي والوجدان العاطفي. بل إنَّ الحوار قد يرتقي إلى تقديم المصالح العامة للمجتمع والناس على الوضع النفسي للمتحاورين والمنطق العقلي للقضية، وهذا مهم طالما أن الهدف الأساس هو الوصول إلى نتيجة نافعة بشرط أن يضمن الحوار استمرار مفعوله وبقاء أثره، وعدم تدهور مساره.

- الوصول إلى نتيجة إيجابية، وهي ما يفضي إليه الحوار بعيداً عن النزاع، وقد يكون من نتائج الحوار السكوت عن القضية ذاتها بعدم الحديث عنها، أو تأجيلها، أو تنازل بعض الأطراف، أو التسامح في جوانب منها.

وبعد؛ فإن الحوار ثمرة التواصل بين البشر، ولذلك أسباب عديدة، والغايات منه مختلفة، ومصالح الناس حوله متشابكة بسيطة أو معقدة. فمن الطبيعي ألا يكتفى بنوع من التواصل وهو الحوار، وإنما يتعدد بحسب البيئة التي يتشكّل فيها، وبما يحقق أغراضه، وبهذا تعددت أنواعه المعاضدة للحوار، أو المضادة له بوجه من الوجوه. ومن أنواعه:

- الجدال، وهو أخص من الحوار؛ إذ كل حديث بين طرفين حوار، ولكنه لا يكون جدالاً إلا إذا صحبته شدة، سواءً باللجاجة في طرح الحجة، أم محاولة غمط حق الآخر، أم إثارة خصومة، ونحو ذلك. ففي «لسان العرب»: (الجَدَل: اللَّدَد في الخصومة والقدرة عليها... ويقال: جادلت الرجل فجَدَلته جَدْلاً أي غلبته. ورجل جَدِل إذا كان أَقوى في الخِصام). وكثير من أحوال الناس جدال، سواء في المجالات العملية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع، أم في المجالات النظرية كالعقائد الدينية والأفكار الفلسفية. فإذا كان هدف الحوار الفهم المتبادل لوجهات النظر المختلفة فإن هدف الجدال إسماع الطرفين وجهة نظرهما للآخر؛ حَميّةً، أو انتصار رأي على رأي.

وما يرتجى من التواصل الناجح الذي ينشد مستوى من التفاهم بين المتحاورين؛ هو المحافظة على قدر من الهدوء ونوع من التعقل. وفي حال ارتفاعه إلى الجدال، وهذا وضع سائد بين الناس: (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) -الكهف:54-؛ فإن على الطرف المحايد أن يعمل على خفض التوتر، وإعادته إلى منطق التعقل: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) -النحل:125-.

- التفاوض؛ فإنْ كان الجدال انزلاقاً بالحوار نحو الشدة فإن التفاوض عكسه، فهو رقي به نحو أفق أرحب، بل هو ما قد يؤدي إليه الحوار الناجح. إن المفاوضة مشاركة، وعندما تدخل الأطراف في تفاوض غالباً ما يحصل بينها تفاهم يؤدي إلى تبادل المصالح، وتحقيق التعايش، وتقوم على إثره بُنية اجتماعية جديدة يستفيد منها المتفاوضون، والمجتمع من حولهم.

وعلى هذا الأساس قام «علم التفاوض» أحد فروع «علم الإدارة»، وهو من طرق إدارة المؤسسات العامة كالسياسية والاقتصادية على مستوى العالم. وقد أنشئت له معاهد، وافتتحت أكاديميات، وأصبح التفاوض لغة التواصل اليومية. ومما ينقصنا في حواراتنا السياسية والدينية الارتقاء بالحوار إلى التفاوض.

- النقاش، وأصله الاستقصاء؛ ففي «لسان العرب»: (ناقشه الحساب مناقشة ونقاشاً: استقصاه)، فالنقاش تواصل يستقصي الحجج والبراهين، وغالباً يكون في الحقول العلمية والأكاديمية؛ لاسيما في تحليل النصوص وتفكيك الأفكار، أو تتبع الأدلة في الحقول العلمية والتجريبية، وبحث مدى موثوقيتها وسلامتها. إنَّ النقاش عملية حوار معمّقة لا تهدف إلى تفوق طرف على آخر، وقد لا تصل إلى حل كالتفاوض، وإنما يكفي ثراؤها الفكري، وتأسيسها لمنهج معرفي وقيمي.

وهذا مهم أيضاً في الجانب الديني؛ حيث إنَّ الناس -غالباً- يأخذون قضايا الدين تقليداً وتعصباً، ولذا؛ ينبغي الوقوف بالنقاش على مواطن الخلاف، فلربما كان ناتجاً عن عدم فهم حجج الآخر، أو التمسك بالرأي تقليداً، فيأتي النقاش لصالح الأطراف في تقريب وجهات النظر، ولصالح الناس في الاطمئنان لدينهم.

- المراء حوار يحمل وجهاً عبوساً؛ فهو لا يقصد الوصول إلى نتيجة متفق عليها، أو تسامح الأطراف في جوانب منها، وإنما غرضه تشكيك الطرف الآخر في حججه وبراهينه. فالمماري لا ينشد كلمة سواء، وإنما يبغي الانتصار على خصمه، أو الطعن في شخصه وموقفه ومعتقده مستخدماً طرقاً غير سليمة، وربما غير أخلاقية.

فالمماراة جدال مع الشك أو التشكيك، قال الله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى) -النجم:55- ولذا؛ فالعملية التواصلية لا تدرج المماراة ضمن الآليات المقبولة لديها. وغالباً عندما يصل الأمر إلى هذا الحد ينغلق أفق التواصل أمام الأطراف، فيسود التوتر والقطيعة بينها.

ختاماً؛ إن كانت سلطنة عمان قد برعت في التفاوض فأصبحت قِبَلة الدول لحل المشكلات المتفاقمة بينها؛ فإن الحوار ينبغي أن يكون الثقافة السائدة بيننا -نحن العمانيين- صابغاً نمط حياتنا.

مقالات مشابهة

  • في مفهوم الحوار .. والحاجة إليه
  • موقف الشعب المصري من الصراع بين إيران وإسرائيل
  • "لن نستسلم".. شاهد ماذا قال أمين عام "حزب الله" في كلمته بعاشورا؟
  • نعيم قاسم: لن نستسلم ولن نترك السلاح / فيديو
  • السلطة المحلية والتعبئة في محافظة البيضاء تحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • نعيم قاسم: لن نستسلم ولن نترك السلاح
  • المغربي حمدالله والهلال.. أسرع تعاقد وفسخ عقد في تاريخ كرة القدم
  • مفتي عمان يحذر من الهرولة نحو التطبيع.. صفقة خاسرة مع كيان زائل
  • مفتي سلطنة عُمان: التطبيع مع العدو الصهيوني صفقة خاسرة وخيانة للعقيدة والدم
  • قوات الأمن المركزي بمحافظة البيضاء يحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين