هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

لا هذه ولا تلك، حتى ساعة كتابة هذه السطور. هو تعبير ورد على لسان أهم أذرع إيران، ميلشيات "حزب الله" اللبناني على لسان أمينه العام حسن نصرالله في خطاب ألقاه خلال حرب السابع من أكتوبر التي تقترب من دخول النصف الثاني من عامها الأول.

"حزب الله" ليس قطعا بحزب، والانتماء فيه قولا واحدا لـ"الولي الفقيه" الذي كان خميني وصار خامنئي الذي وعد وتوعد وتراجع كما فعل إثر ضربات إسرائيلية سابقة، داخل لبنان وسوريا والعراق وحتى إيران. تكاد ردود الأفعال على تصفية اثنين من جنرالات الحرس الثوري المسمى فيلق القدس -في الأول من أبريل/نيسان- تكاد تكون متطابقة كليا مع تلك التي شملت أسماء كبيرة -في معيار محور سموه المقاومة والممانعة- منها على سبيل الإشارة لا الحصر، عماد مُغنية وسمير قنطار وقاسم سليماني ومحسن فخري زادة وصالح العاروري الذي قيل إنه الأقرب فلسطينيا لمحمد رضا زاهدي الذي ضربته صواريخ جو-أرض إسرائيلية في حي المزة الدمشقي، شبه المغلق أمنيا وعسكريا. 

إسرائيل ومعها عدد من الدول التي حالت بفيتو ثلاثي أمريكي بريطاني فرنسي دون تمرير مشروع قرار إدانة تقدمت به روسيا في مجلس الأمن الدولي، إسرائيل تصر على توصيف الهدف باسمه وهو أنه مبنى لا قنصلية، وأنه تابع للحرس الثوري الإيراني وأنه كان خلال اجتماع بين قيادات استخبارية إيرانية مع أعضاء قياديين في فصيل الجهاد الإسلامي "فرع فلسطين" أو تحديدا غزة.

إصرار طهران على اعتبار الضربة غير مسبوقة من حيث استهدافها مقرا دبلوماسيا، وإصرار نظام ملالي إيران على رفض التوضيح الأمريكي بأن إدارة بايدن لا علم لديها بالضربة ولم تستشر بها، أوقع طهران في ورطة ستسارع إلى التراجع عنها. 

"الرد المؤلم" كما ورد في وعيد خامنئي صار محصورا بمسألتين كلاهما أكثر تعقيدا لحسابات "الشهبندر" الإيراني: إيران لن ترد بنفسها ولديها معضلة حتى الرد عبر وكلائها في ساحات محظورة. فأي استهداف لمقار دبلوماسية على أي دولة مؤثرة سيكون بمثابة انتحار دبلوماسي سياسي عسكري. طهران مازالت تسعى إلى صفقة قبل العودة المرتقبة لدونالد ترامب الرئيس السابق الذي مزق اتفاق سلفه باراك أوباما النووي وأدرج ميلشيات الحوثي على لائحة الإرهاب وكاد أن يعلن جماعة الاخوان المسلمين تنظيما إرهابيا بعد تضييقه عليهم وعلى المتعاطفين أو المتعاملين معهم في واشنطن إبان الربيع العربي المشؤوم. 

وإيران لا يمكن أن تنفذ انتقامها على أي ساحة أوروبية لحاجتها إليها كوسيط. ولا في روسيا ولا الصين لأسباب دفاعية واقتصادية. ولا في منافستها تركيا ولا حتى ساحة "دروناتها" أوكرانيا منعا لإحراج موسكو. والاستهداف في أي من الدول العربية ذات الوجود الدبلوماسي بمثابة إعلان حرب، الهزيمة فيها محققة قبل بدئها. التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي لا يقتصر على الأردن (السفارة الإسرائيلية في عمّان خالية تماما بعد طرد السفير) ومصر والدول التي أبرمت اتفاقات إبراهيم، وإنما أيضا تلك التي كان فيها أول مكتب تمثيل اقتصادي لإسرائيل في دولة عربية، وهي قطر الراعي الحالي لمفاوضات حماس مع الموساد والاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لتفادي معركة رفح أو التفاهم على ما يعرف بـ"اليوم التالي" ويبدو أنه سيشمل دفع المكتب السياسي بعيدا إلى ما وراء الدوحة، إلى طهران أو إحدى المدن الإيراني، كمدينة "قم" مثلا!

ثمة تعبير في الثقافة الأمريكية يحضّ على الإقرار بالهزيمة وهو "العضّ على الطلقات" (بايت ذا بُلِتس)، يقابله في اللهجة الشامية "ابلاع" بمعنى ابلع. طهران ستبلع، ستتجرّع مرارة هزيمتها مرة أخرى. وإن كان من رد، فسيقتصر على ما صار معروفا إعلاميا بـ"المتّفق عليه"، رد لا يفسد لحسابات التخادم الوظيفي والتفاوض الماراثوني قضية!

الصورة ستزداد وضوحا بعد انجلاء غبار حرب غزة الموغلة في دمائها وكارثيتها، خاصة -اقتحام رفح- الذي تبيّن أنه لن يبدأ إلا بعد انقضاء عيد الفطر المبارك، ما لم يتم إبرام صفقة تبادلية. وما رحلة جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي للسعودية، التي عطلتها حالته الصحية، بعد ست جولات شرق أوسطية لوزير الخارجية أنتوني بلينكن منذ حرب السابع من أكتوبر إلا الدليل القاطع على سير الترتيبات الإقليمية على قدم وساق فيما يخص اتفاق سلام هو الأهم استراتيجيا للمنطقة برمتها. إيران -المضغوطة صينيا وروسيا- تعلم ذلك جيدا، بصرف النظر إن ثبت تورطها فيما جرى في ذلك اليوم، أم ركبت موجته بعد التنصل من مسؤوليته، كالعادة.

صبر خامنئي الاستراتيجي سيستمر حتى توقيع اتفاق جديد مع واشنطن، ولو كلف الأمر الدفع بكبش جديد إلى المحرقة، يعرف باسم "حزب الله" لكن العراقي الذي كشف عن نوايا غادرة إزاء الأردن بادعاء استعدادها "لتسليح اثني عشر ألف مقاتل" ممن وصفتهم بـ"مجاهدي المقاومة الإسلامية" قبل أيام من الجمعة الأخيرة من رمضان التي سماها خميني يوم القدس، وذكّرنا بها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، في خطابه.

نشر الخميس، 04 ابريل / نيسان 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

إقرأ أيضاً:

إيران تتلقى تحذيرا من ضربة إسرائيلية وشيكة.. سيناريوهات ثلاثة للتصعيد

قال مسؤول إيراني كبير إن دولة "صديقة" في المنطقة حذرت طهران من هجوم إسرائيلي محتمل.

وقال المسؤول، الخميس إن بلاده لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم بسبب تصاعد التوتر في المنطقة.

وقال المسؤول إن التوتر المتصاعد يهدف إلى "التأثير على طهران لتغيير موقفها بشأن حقوقها النووية" خلال المحادثات المقررة مع الولايات المتحدة يوم الأحد في عُمان.

في سياق متصل، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، قولهم إن إسرائيل تستعد لشن هجوم قريب على إيران، وقالت شبكة "سي بي أس" الأمريكية إنه 
تم إبلاغ واشنطن بأن إسرائيل مستعدة تماما لشن عملية في إيران.

سيناريوهات ثلاثة 

في سياق متصل، رسم محلل عسكري إسرائيلي، الخميس، 3 سيناريوهات لسيل التقارير الأمريكية التي تتحدث عن ضربة إسرائيلية محتملة على إيران، وهي أن يكون ذلك حرب نفسية، أو تسريبات تهدف لإحباط هجوم، أو احتمال واقعي لهجوم وشيك.

وقال دورون كادش، المحلل العسكري بإذاعة الجيش الإسرائيلي: "من الصعب ألا نلاحظ سيل التقارير في وسائل الإعلام الأمريكية حول هجوم إسرائيلي مُخطط له على إيران قريبًا، يمكن تفسير هذه التقارير بعدة طرق".

واعتبر أن أول هذه السيناريوهات هو أن تكون التصريحات والتسريبات هي حرب نفسية تشنها الولايات المتحدة على الإيرانيين.



وقال: "قد تكون التسريبات المستمرة لوسائل الإعلام الأمريكية، وتلميحات الرئيس دونالد ترامب الغامضة، والتحركات لإجلاء المواطنين الأمريكيين من سفاراتهم في الشرق الأوسط، كلها جزءًا من مسرحية أمريكية تهدف إلى الضغط على إيران في المفاوضات وإجبارها على المشاركة في المحادثات القادمة في موقف أقل تشددًا".

وعن السيناريو الثاني، رجح كادش أن "التسريبات الأمريكية قد تهدف إلى إحباط أي هجوم إسرائيلي، أو على الأقل تأخيره، بينما يواصل الأمريكيون محادثاتهم مع إيران".

وفي وصفه للسيناريو الثالث، لفت كادش إلى أنه قد يكون كل شيء حقيقي تمامًا، وأن الاستعدادات بلغت ذروتها، وأن هجومًا إسرائيليًا محتملًا وشيكًا، بمساعدة أمريكية أو بدونها.

وشدد أن "الاستعدادات في إسرائيل وصلت بالفعل إلى مرحلة متقدمة، وفي الأسابيع الأخيرة، كان هناك تركيز كبير على أعلى مستويات الحكومة الإسرائيلية بشأن القضية الإيرانية، سياسيًا وعسكريًا".

موقف ترامب

نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي وآخر أمريكي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يعارض القيام بعمل العسكري ضد إيران في الوقت الحالي لأنه يعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي معها.

وقال أكسيوس إن ترامب أدلى بهذه التصريحات خلال اتصال هاتفي مع نتنياهو الاثنين، غير أن شبكة فوكس نيوز نقلت عن ترامب قوله اليوم إن إيران أصبحت "أكثر تشددا" في المحادثات النووية.

إيران مستعدة للرد 

من جانبها، هددت طهران بضرب القواعد الأمريكية في الدول المضيفة في الشرق الأوسط في حال اندلع صراع مع واشنطن إذا ما فشلت المحادثات النووية، وقررت الولايات المتحدة استخدام الخيار العسكري.

وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران مرارا بقصفها إذا لم تتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

وتحوي المنطقة العديد من القواعد الأمريكية، الجوية، والبحرية، والمعسكرات البرية، أغلبها في دول الخليج العربي القريبة جدا من إيران.



وبحسب أرقام وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" هنالك "40 ألف جندي أمريكي موجودون حاليا في الشرق الأوسط".

وقال وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده الأربعاء إنه إذا فشلت المفاوضات النووية واندلع صراع مع الولايات المتحدة فإن إيران ستضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، وذلك قبل أيام من الجولة السادسة المقررة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.

وأضاف نصير زاده في مؤتمر صحفي "بعض المسؤولين على الجانب الآخر يهددون بعمل عسكري إذا لم تؤت المفاوضات ثمارها. إذا فرض علينا الصراع... فجميع القواعد الأمريكية في نطاقنا وسنستهدفها بقوة في الدول المضيفة".

وقال "نحن نأمل أن تصل المفاوضات الى نتيجة ولكن إذا لم يحقق ذلك وفرض علينا صراع، فلا شك أن خسائر الطرف الآخر ستكون بالتأكيد أكبر بكثير من خسائرنا".

وتابع "لدينا القدرة على الوصول إلى كل قواعد الولايات المتحدة. سنستهدفها كلها من دون تردد في البلدان المضيفة لها" مضيفا "وفي هذه الحالة، ستضطر أميركا إلى مغادرة المنطقة".






مقالات مشابهة

  • فصل جديد في الشرق الأوسط يكتب بالنار| إيران تستعد لرد حاسم على الهجوم الإسرائيلي.. وهذا موقف أمريكا والصين وروسيا
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب عن الضربات الإسرائيلية ضد إيران: الحرب طويلة والمحور ليس بخير
  • قفزة في أسعار النفط بنسبة 13% بعد ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران
  • ترامب: توجيه ضربة إسرائيلية لإيران ليس حتميًا ولكنه غير مستبعد في القريب العاجل
  • ترامب: لابد أن تقدم إيران المزيد من التنازلات لتجنب ضربة إسرائيلية
  • ترامب يحذر من ضربة إسرائيلية محتملة لإيران ويتمنى تجنب الحرب
  • تكهنات بحدوث ضربة إسرائيلية ضد إيران.. مناورة للضغط على طهران أم أنها الحرب فعلاً؟
  • إيران تتلقى تحذيرا من ضربة إسرائيلية وشيكة.. سيناريوهات ثلاثة للتصعيد
  • نيويورك تايمز: ضربة إسرائيلية قريبة ضد إيران!
  • إيران تهدد برد فوري على أي ضربة إسرائيلية محتملة