الإبل تأسر قلوب شعراء العرب الأوائل
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
شغلت الإبلُ مساحةً واسعة في شعر ما قبل الإسلام، حيث أبدع الشعراء قصائدَ وأبياتاً رائعةً تخاطب الإبل وتصف علاقتهم بها، وأبرزَ اللحظات التي عاشوها أو عاصروها برفقتها، ما جعل منزلتها رفيعةً عند العرب منذ القدم.
كما وصف العربُ الليلَ بالجمل، فقالوا:
اتخذ الليلَ جملاً، ومعناه: ركب الليلَ في حاجته، ولم يَنَمْ حتى أدركه.
فيما ذكر أحد الشعراء “العِيس” وهي الإبل التي يخالط بياضَها شُقرة، وتُعدّمن الكرائم فقال واصفاً حالاً من الأحوال:
كالعيس في البيداء يقتلُها الظمَا
والماءُ فوق ظهورِها محمولُ
ولكون الإنسانِ ابنَ بيئته، ويتأثر بها، ويرتبط بكافة تفاصيلها، تجلّى الشعر لدى العرب بوصف البيئة الصحراوية ورمالها وأشجارها وحيواناتها، لتظفر الإبل بالمساحة الأكبر في قصائدهم، وهو ما جعلهم يبرعون في وصفها وتصويرها بأوصافٍ تؤكد على متانة العلاقة بين الإنسان والإبل.
ولعطائها الذي لا حد له، وصف الشاعر عروةُ بن الوردِ الإبلَ بالأمومة التي تعطي بكرمٍ وسخاء، وتجود على الفقراء واليتامى والضعفاء، فقال:
وإذ ما يريح الحي صرماءُ جونة
ينوسُ عليها رحلُها ما يحلَّلُ
موقَّعةُ الصَّفقينِ، حدباء، شارفٌ
تقيد أحياناً لديهم وترحل
عليها من الوِلدانِ ما قد رأيتُمُ
وتمشي، بجَنبيها، أراملُ عُيَّل
وقلتُ لها يا أم بيضاء فتية
طعامُهُمُ، من القُدورِ، المعجَّل
مضيغ من النيب المسان ومسخن
من الماء نعلوه بآخر من علُ
وجاء أيضاً ذكر الإبل في معلقة طرفة بن العبد المشهورة حيث وصفها بإسهاب فأحسن الوصف، ويمكن الاطلاع على المعلقة والاستمتاع بتلك الصور الشعرية الرائعة، ولكنه هنا يشبّه نفسه بعدما فارقته عشيرته بالبعير الأجرب والمُبعَد عن الإبل حتى لا يعديها فيقول:
إلى أن تحامتني العشيرةُ كلُّها
وأُفردتُ إفراد البعير المُعَبَّدِ
فيما جاءت مفردة “القَلُوص” في شعر إبراهيم بن العباس الصولي:
لو سوئلت عني القَلُوصُ لأخبرت
عن مستقرِّ صبابة المحزونِ
وفي وصف العلاقة الوطيدة بين الإنسان والإبل، يصوّر الشاعر المثقّبُ العبدي عتابَ ناقته له وشكواها من كثرة ترحاله، والحالة النفسية التي تمر بها، ويعبّر عن الصفات المشتركة بين الإبل والبشر فيقول:
اقرأ أيضاًUncategorizedمحافظ الأحساء يزور معرض (اكتشف كفو) ويرعى حفل سفراء التميز بجامعة الملك فيصل
إِذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ..
تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الْحزِينِ
تقُولُ إِذَا دَرَأتُ لها وَضِينِي..
أَهذا دِينُهُ أَبَداً ودِينِي
أَكُلَّ الدَّهرِ حِلٌّ وارْتِحالٌ..
أَمَا يُبْقِي عَليَّ وما يَقِينِي
فأَبْقَى باطِلي والجِدُّ مِنْها..
كدُكَّانِ الدَّرَابِنَةِ المطِينِ
وفي الشوق والحنين إلى الأوطان قال الشاعر جرير الضبعي المعروف بـ”المتلمس”:
حنَّت قَلُوصي بها والليلُ مُطَّرِقٌ
بعد الهُدُوِّ وشاقَتْها النواقيسُ
معقولةٌ ينظر التشريق راكبها
كأنها من هوىً للرمل مسلوسُ
أمي شآميّةٌ إذ لا عراقَ لنا
قوماً نودُّهُمُ إذ قومُنا شُوسُ
حنَّت إلى النخلة القصوى فقلتُ لها
حجرٌ، حرامٌ ألا تلك الدهاريسُ
فيما قال الشاعر عَبِيد بن الأبرص في إحدى قصائده:
وحنَّت قَلُوصي بعد وهْنِ وهاجها
مع الشوق يوماً بالحجاز وميضُ
فقلت لها لا تضجري إن منزلاً
نأَتْني به هندٌ إليَّ بغيضُ
ولم يُخفِ الشاعر امرؤ القيس إعجابه بسرعة وقوة ناقته ومدى تحمُّلِها الصعاب في الصحراء، فقال:
تُقَطِّعُ غيطاناً كَأَنَّ مُتونَها
إِذا أَظهَرَت تُكسي مُلاءً مُنَشَّرا
بَعيدَةُ بَينَ المَنكِبَينِ كَأَنَّما
تَرى عِندَ مَجرى الضَفرِ هِرّاً مُشَجَّرا
واستمر ارتباط الإبل بالجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية حتى اليوم، بعد أن اعتمد الناس عليها في أمور حياتية كثيرة، وتوارثوها جيلاً بعد جيل،وهو ما حدا بوزارة الثقافة لتسمية العام الحالي 2024 بـ”عام الإبل”، ترسيخًا لمكانتها باعتبارها موروثًا أصيلًا، وأيقونةً ثقافية تعبّر عن الهوية السعودية.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
أمسية شعرية وإنشادية للثورة والوطن في قصر الثقافة بحمص
حمص-سانا
أحيا الشاعران حذيفة العرجي وأنس الدغيم والمنشد مالك نور، أمسية شعرية وإنشادية على مسرح قصر الثقافة بحمص، بحضور جمهور متنوع من محبي الشعر والإنشاد.
الأمسية التي بدأت بتلاوة من القرآن الكريم استهلها الشاعر حذيفة العرجي بقصائد حملت مضامين وجدانية ووطنية، تنقّل خلالها بين مواضيع الحب والهوية والأمل والنصر والحرية، مستخدماً لغة شعرية راقية وأسلوباً أدبياً متميزاً، ألهب مشاعر الحضور، وأثار إعجابهم، بالشاعر الذي حمل الثورة في وجدان شعره، واحتفى بدمعة الأم وصبر السجين ووصية الشهيد.
ثم صدح الشاعر أنس دغيم بقصائد للثورة، بكى فيها للمهجرين، وأنشد للمظلومين، واستقى من الجرح بلاغته، ومن الحنين قافيته، ومن الشام موّاله، فكان شاعر الموقف الذي لا يجامل، والضمير الذي لا يموت، حتى ترددت أبياته على ألسنة الأحرار في الداخل والخارج، مردداً في شعره حكايات الوطن، والمخيّم، والفقير، واليتيم، والبطل والأسير.
أما المنشد مالك نور فصدح بصوته بأناشيد لامست القلوب وأعماق الروح، تنوعت بين الدينية والوجدانية والوطنية. كما أضفى صوته دفئاً خاصاً على الأمسية الذي مزج فيه بين الإحساس العالي والتقنية المتقنة.
الأمسية شهدت تفاعلاً حيوياً من الجمهور، وبرز فيها تلاحم فني فريد بين الشاعر والمنشد، وخاصة أنها جمعت بين الشّعر والإنشاد في توليفة إبداعية أثارت إعجاب الحضور.
في ختام الأمسية، عبّر الجمهور عن تقديره وامتنانه لهذا اللقاء الثقافي الراقي، وبتناغم جمال الأداء وروعة المحتوى، مؤكدين أهمية مثل هذه الفعاليات في تعزيز التذوق الأدبي والفني.
وقام فريق قيام سوريا بتقديم دروع الشكر والعرفان للمشاركين في هذه الأمسية، ولمحافظة حمص، ولمديرية الثقافة، ولغرفة الصناعة على إنجاح هذه الفعالية.
تابعوا أخبار سانا على