أعلنت إسبانيا بشكل رسمي، الثلاثاء، أنها ستعترف بدولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية.

ونقلت وكالة رويترز، تصريحات لرئيس الوزراء بيدرو سانشيز، قال فيها: "لن نعترف بأي تغييرات على حدود 1967 ما لم تتفق عليها جميع الأطراف".

كما أكد سانشيز أن "الحل الوحيد للسلام هو حل الدولتين".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

حكاية صبية فلسطينية اسمها غريتا

حرّكت جماهير مدرسية غفيرة بصيْحة أطلقتها ولافتة رفعتها ، فصنعت بدعوتها الجريئة من أمام البرلمان السويدي إلى إضراب المدارس، حدثًا عابرًا للقارّات ارتبط باسمها.

إنّها غريتا، التي اشتهرت منذ عام 2018 عندما كانت في المرحلة المدرسية المتوسطة، يوم أن دعت أقرانها بجرأة استثنائية إلى مفارقة مقاعد التلاميذ والخروج إلى الشوارع؛ لرفع أصواتهم ضدّ العبث البيئي الماحق بالكوكب.

عندما حظيت بالتصفيق

برز اسم الصبية التي ظهرت في بلاد الشمال تعبيرًا عن جيل صاعد أغضبه سياسات الكبار التي تدمِّر الكوكب الأزرق وتهدِّد مستقبله. عبّرت غريتا عن براءة جيل انتابه القلق على مصير كوكبه المُكلّل بالأزمات، وكان لخصوصية شخصيّتها أوضح الأثر في ذلك، فقد وقع تشخيص إصابتها بشيء من التوحّد (متلازمة أسبرغر وأشياء أخرى)، على نحو ربّما حفّز تصميمها الثاقب وعنادها المبدئي في سبيل ما ترتئيه قضية عادلة، مع تركيزها الدؤوب على رسالة جوهرية تُناضِل لأجلها.

كانت شواغل المُناخ في صدارة المضامين المدرسية والتغطيات الإعلامية المؤرِّقة في البلدان الإسكندنافية والأوروبية، دون فرص مواتية تَمنح الأجيال الجديدة إطلالة مفهومة على قضايا مُلتهبة مُعيّنة يقاسيها بشر يعيشون على ظهر الكوكب ذاته.

إعلان

ويمكن القول بالأحرى أنّه ما من كِتاب مدرسي رسمي في أوروبا يشرح قضية فلسطين بصفة عادلة تقتدر على تسمية الأشياء بأسمائها، وتفتح عيون الأجيال على حقائق عالمها الذي يضجّ بالمظالم.

حقّقت مبادرة غريتا البيئية تفاعلًا مذهلًا، حتى صار يوم الجمعة من كلّ أسبوع يوم إضراب مدرسي في عواصم ومُدُن عدّة حول أوروبا والعالم، تخرج فيه حشود التلاميذ إلى الشوارع في أول تحرّك مدرسي عالمي مُنسّق ضد عبَث الكبار، أو ضدّ صنيع بعض صانعي السياسات، وأصحاب المصالح الاقتصادية بالكوكب.

سرعان ما تشكّلت حركة "جُمَع لأجل المستقبل" المعروفة اختصارًا بـ "FFF" فنشطت فروعها في أقاليم شتّى باشَرت تنظيم التحرّكات والاعتراضات بلا هوادة.

لهذه الحركة زعيمة استثنائية لا تُخطئها العين، إنها غريتا تونبرغ، التي تقود النضال الصاعد لأجل كوكب تستبيحه طغمة الاستغلال البيئي الممثّلة بقادة دول وشركات وقطاعات صناعية وتشغيلية.

برزت شخصية غريتا المُلهِمة في الشبكات والشاشات، فاستضاف "المجتمع الدولي" هذه التلميذة الغاضبة كي تصعد أبرز منصّاته وتُلقي المواعظ البليغة بشأن المخاطر المحدقة بكوكب الأرض، مع وصلات تصفيق حارّة لجرأتها وصراحتها.

حرص كبار قادة العالم على استقبالها والتظاهر بالاستماع بعناية إلى مطالب جيلها في حضور الكاميرات بالطبع، وقد تملّق بعضهم المطالب التي حملتها في كل وجهة، ومنهم أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا التي ستكون لبلادها من بعدُ هجمة عكسية على الناشطة السويدية.

حظيت غريتا بصدارة الصحف والمواقع وأغلفة المجلات وعناوين الأخبار وبعدد من الوثائقيات التي واكبت سيرتها الصاعدة بإعجاب واضح، فقد عُدّت حينها مثالَ الجيل الجديد الذي يتفتّح وعيُه القَلِق على معضلات الكوكب وحقائق العالم، حسب الرواية المُفضّلة حينها.

تميّزت غريتا بجرأة نادرة في الدعوة العملية إلى التصرّف الشبابي العاجل لمواجهة الكارثة البيئية التي تراءت لها من وَحْي أولويّات المضامين الإعلامية والمدرسية والتثقيفية المُقرّرة. تنتمي هذه الصبيّة إلى جيل امتلك أفراده، لأوّل مرّة في التاريخ الإنساني، أداة التواصل الجماهيري التي احتكرتها الدول ومؤسسات الصناعة الإعلامية من قبْل، فصار بوسع الفرد اقتطاع نصيبه من المخاطبة الجماهيرية، وأن يحظى باحتمال الفوز بملايين المتابعين، وأن يتأهّل لقابلية صناعة أحداث أخّاذة بلمسات معدودة على جهاز محمول.

إعلان

ثمّ إنّ الفتاة السويدية الشقراء تنتمي واقعيًا إلى شمال الكوكب، أي إلى رقاع محظية تقود قاطرة الفعل والتصرّف والمبادرة في المشهد الدولي و"المجتمع المدني العالمي"؛ قياسًا بقارّات فسيحة قابعة في المقطورات تقريبًا، ولهذه الظاهرة المُزمنة أسباب يطول شرحها.

ما جرى في موسم التصفيق الرسمي لغريتا تونبرغ أنّ "المجتمع الدولي" تظاهر بالإنصات بعناية للصبيّة الجريئة عندما منحها صفة التمثيل الرمزي لشواغل الجيل الجديد، لكنّ الأمور بقيت على حالها بعد خطاباتها المشهودة في الأمم المتحدة، ومنتدى دافوس، ومنصّات أخرى بارزة بل زادت تفاقمًا ربّما.

أقدمت الصبية السويدية في إطلالاتها المتعاقبة على توبيخ زعماء العالم وأسمعتهم من التقريع ما لم يسمعوه من قبل، لكنّ ذلك لم يؤرِّقهم على الأرجح، ذلك أنها خاطبتهم بصيغة اللوْم الجماعي: "أنتُم"، دون أن يحدِّد هذا التعميم مسؤوليات محدّدة على أيّ منهم على وجه التعيين.

صفّق لها السياسيون والسياسيّات في قمة التغيّر المناخي لعام 2019 – باستثناء دونالد ترامب في ولايته الرئاسية الأولى الذي رأى أنّ عليها الاهتمام بدراستها ومستقبلها بدلًا من هذه المرافعات! – ثمّ باشر بعض القادة تغليف سياساتهم القديمة بتدابير جزئية وإجراءات شكلية يندرج بعضها ضمن مسعى التصنُّع الزائف الذي يتظاهر بالعناية بالبيئة المُسّمى "الغسيل الأخضر".

روح نضالية جديدة

وُلدت غريتا في اليوم الثالث من عام 2003، في العاصمة السويدية ستوكهولم، لعائلة ذات إرث موسيقي وتمثيلي معروف في بلدها. أبصرت سليلة أسرة تونبرغ النور بصفة متزامنة تقريبًا مع إقدام جرّافة تتبع الاحتلال الإسرائيلي على سحق الناشطة الأميركية ريتشيل كوري في رفح، جنوب قطاع غزة في مارس/ آذار من تلك السنة. لا تُزهَق الروح النضالية بالإجهاز على الأبدان، فهي تعبُر بطرائق شتى من جسد إلى جسد، وإذ بعينَيْ غريتا تونبرغ تكتشف قبل نهاية عامها العشرين ما لم تلحظه من قبل.

إعلان

فالمفاجأة الصادمة أنّ ثمّة إبادة جماعية تجري على ظهر هذا الكوكب، الذي لا تقتصر مأساته على تلويث الأجواء وتجريف الغابات واستنزاف الموارد، كما أوحت بذلك المقرّرات المدرسية والوجبات التثقيفية والبرامج الإعلامية.

رأت الصبيّة آلة حرب تقطع جذوع الأطفال والأمّهات، وتجرِّف شعبًا من أرضه ودياره، وتبعث أدخنة الموْت في مخيمات اللاجئين، وتحظى فوق ذلك بإمداد عسكري وسياسي واقتصادي ودعائي مُزمن من زعماء ديمقراطيات غربية صفّقوا للصبيّة بحرارة من قبل، ولا يكفّون عن التمسُّح بالقيم والمبادئ والمواثيق المرفوعة في عواصمهم.

إنها لحظة الولادة النضالية الجديدة للزعيمة العالمية الشابّة. كان ذلك في خواتيم عام 2023، عندما أدرجت الفتاة بمعيّة حركتها الشابّة كلمة "إبادة جماعية" في مضامين الخطاب المعتمد، مع إشارة واضحة إلى بقعة معيّنة على ظهر الكوكب المُهدّد بالكوارث؛ هي "غزة" و"فلسطين".

هنا تحديدًا أقلعت جوقة الحفاوة عن حفلة التصفيق لغريتا، وانطلقت حملات نهش ضارية مُكرّسة للتشهير والذمّ والوصم والتحريض. إنّه بلا منازع مثال على أسرع عمليات الاغتيال المعنوي التي تمسّ الشخصيات العامّة في زمن الشاشات والشبكات. قادت أذرع الاحتلال الدعائية حفلة النهش العلني، بمعيّة وسائل إعلام ألمانية وأوروبية خصّصت لها الأغلفة من جديد كي تُظهرها هذه المرّة في هيئة الفتاة الآثمة، التي حادت عن النهج، لأنها تعتمر كوفية فلسطين، وتعارض إبادة غزة.

اختبَرت الجوقة عنادها المعروف، ووضعتها أمام امتحان قاهر؛ بأن تتراجع عن موقفها المبدئي الجديد، أو أن تُنزَع عنها تيجان التكريم المعنوي التي كُلِّلت بها منذ بزوغ اسمها وصورتها في العالم.

ابتغت الحملة عزل غريتا عن وعي الجماهير الشابّة ووجدانها لصدّ طوفان الوعي المتدفِّق خلف جدران الإسكات المشفوع بسطوة الترهيب. لكنّ غريتا لم تكن من الصنف الذي يرتضي المكوث في قفص التكريم المذهّب الذي ارتضته وجوه احتفت بها المنصّات الدولية ومُنِحت أرفع الجوائز، فأصرّت الإسكندنافية العنيدة على النزول إلى ميادين الغضب لأجل فلسطين، وجرى تتويجها بأكاليل الشوْك على درب الآلام الذي يمضي فيه آخرون يدفعون الضرائب الغالية من فرصهم ومكتسباتهم ثمنًا للموقف المبدئي الذي لابدّ منه في ساعة الحقيقة.

إعلان "لا إبادة فوق الكوكب"

راهنت حملة التحريض المحمومة على شقّ صفوف حركة "جُمَع لأجل المستقبل" واستنفار بعض فروعها في أوروبا، لكنّ القيادية الشابّة حسمت الموقف سريعًا مع بعض رفيقاتها ورفاقها. جاء ذلك بلا تردُّد على منصّة الخطابة، عندما اختطف أحد أقرانها المُعترضين لاقط الصوت ليُعلن أنّ موقفها "المفاجئ" المُناهض لوحشية الاحتلال الإسرائيلي "لا يُمثِّلنا"، فأزاحته جانبًا وازدَرَت موقفه المتقاعس وهتفت بشعار لا يقبل تأويلًا: "لا إبادة جماعية فوق الكوكب المُهدّد"، فردّدت الجماهير الهتاف وحظيَت بتصفيق تلقائي غامر إيذانًا بتأييد قواعد الحركة البيئية لموقفها.

باشرت دعاية الاحتلال شيطنة الناشطة الشبابية الأبرز؛ لأنها أدمجت البشر الضحايا ضمن أولويّات المُناصرة. تحرّكت حملة كراهية ضارية ضدّها مشفوعة بتصريحات ومنشورات تصمها بالعداء للسامية ومرفقة بتصميمات رسومية أغرقت مواقع التواصل، صوّرتها في هيئة ازدراء بشعة تنزع عنها الإنسانية أو ترميها بالنزعة النازية، أو تُظهرها في أنفاق المقاومة الفلسطينية التي كانت حينها موضوع تشويه واسع النطاق في الدول الغربية.

كان مما جرى في هذا السياق أنّ مصادر الاحتلال أعلنت أنّ اسم غريتا تونبرغ سيختفي فورًا من الكتب المتداولة في المدارس الإسرائيلية كي لا تتلوّث به أدمغة الجيل الجديد!

سرعان ما أقلع حرّاس المعبد السياسي والإعلامي والثقافي في الدول الغربية عن تمجيد غريتا والاحتفاء بشجاعتها والتصفيق لإطلالاتها، ونزعت وسائل الإعلام في ألمانيا والنمسا ودول أوروبية أخرى التقدير عنها، وباشرت ذمّها والتحريض ضدّها بصفة صريحة أو باعتماد لغة الصورة المشبّعة بالانحياز، بصفتها فتاة ضلّت طريقها لمجرّد أنها تتحدّث بما يخالف النهج الرسمي الداعم لدولة الاحتلال وجيش الإبادة.

أفصحت هذه الحملات الضارية عن خشية جارفة من تأثير غريتا المُلهِم على جيل المدارس الذي يواكب الفظائع المرئية في قطاع غزة عبر أجهزته المحمولة، بينما تتمسّك وسائل الإعلام بالرواية الرسمية التي تمنح الاحتلال وجمهوره صفة الضحية، وتحجب المشاهد الوحشية عن الجماهير، أو تُضفي عليها تأويلات ملفّقة تحمِّل الفلسطينيين المسؤولية عن العذابات التي تُنزَل بهم.

إعلان صارت فلسطينية

لم يشهد العالم حملات تحريض دؤوبة تستفرد بفتاة عزلاء في سنّ المدرسة تقريبًا على هذا النحو، لكنّ التشهير بصاحبة الوجه الطفولي كرّس قناعاتها بصواب الموقف الذي تتبنّاه مع جماعتها، ولم تَزِد مساعي الوصم السافر الناشطة البيئية الأبرز في العالم إلّا عزمًا وتصميمًا على مواصلة النهج المبدئي الجديد.

صارت غريتا في غضون موسم الإبادة المشهودة صبيّة فلسطينية تقريبًا، تظهر في ميادين التظاهر عبر أوروبا لأجل غزة، وقد تُعتقَل أو تواجه قيود الشرطة؛ كما حدث معها مثلًا عندما تظاهرت في بلادها السويد ضدّ السماح بمشاركة الاحتلال الإسرائيلي في مهرجان الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" في مالمو سنة 2024.

تخطّت غريتا تونبرغ وجماعتها الشابّة في نهاية 2023 خيارات "النضال المرغوب" المقترحة على الأجيال الجديدة، التي تتمثّل في الكفاح من أجل المناخ، وسلامة الكوكب، والتنوّع الحيوي، والأنواع المهدّدة بالانقراض، والكائنات البحرية المحشوّة بالبلاستيك، علاوة على ملفّات اجتماعية و"فيمينة" وسرديات "نضال جندري ملوّن" تدور واقعيًا حول السرير وتقلّبات المزاج الشهواني الذي يعيد تعريف الهويات الفردية وأسس الأواصر الاجتماعية.

اكتشفت غريتا بين عشيّة وضحاياها أنها صارت على تماس مباشر مع ملفّ شائك لا يتهاون الحرس القديم من صانعي السياسات وأرباب الصناعة الإعلامية مع الاقتراب منه، وأدركت أنّ حفلة التصفيق المُراوغ لشجاعتها انتهت، وأنّ دعوات المنصّات الدولية توقّفت فجأة.

بَصُرَت غريتا بما لم تَبْصُر به من قبل، فتجنّدت في لحظة الوعي لأجل بشر يُسحقون على ظهر كوكب مُهدّد بالكوارث البيئية والمآسي الإنسانية المُبرمجة بحقّ بعض قاطنيه، وما غزّة وفلسطين إلا العنوان العالمي الأبرز في هذا الشأن.

قرّرت غريتا بعد هذا المخاض الإبحار نحو غزة التي تُذبَح وتُسحَق وتُجوّع منذ أن أفاقت على مظلمتها الرهيبة ذات خريف. أبحرت مع رفيقاتها ورفاقها من بلدان عدّة مع بداية يونيو/ حزيران 2025 رافعة راية فلسطين، لتشتبك مع الاحتلال بوجهها البريء ورسائلها اللفظية المُسدّدة بعناية. هكذا يصير المرء فلسطينيًا بالتزام مبدئي ونضال دؤوب والتحامٍ بقضية عادلة تُختَبر فيها المواقف وتمُحّص فيها الشعارات وتُمتحَن فيها المقولات.

إعلان صبيّة تغيظ الاحتلال

شغلت غريتا منصّات السياسة والإعلام العبرية أيامًا بلياليها، ذلك أنّ الفتاة العنيدة التي تهكّم المعلِّقون الإسرائيليون عليها أو حذّروا منها، أغاظت جوقة الاحتلال بصفة مُضاعفة قياسًا بشركاء الزورق التضامني، نظرًا لما تمثِّله وتعبِّر عنه في المشهد العالمي من رمزية ملهمة وتكثيف لبراءة الجماهير المبدئية، وتعبير عن أجيال المستقبل التي تنبذ الظلم والقهر.

يُدرِك المحتلّون مفعول قادة الرأي من مشاهير الكوكب في تحرّكات التضامن مع فلسطين والالتحام بنضال شعبها فكيف إن كانوا من الشباب الملهِمين، وقد جرّبوا شيئًا من ذلك من قبل. أغاظتهم، مثلًا، مشاركة شخصية سويدية أخرى معروفة، في أسطول الحرية لسنة 2010 الذي استهدفته بحرية الاحتلال بالقرصنة الدامية والاختطاف المروِّع.

إنّه المؤلف الروائي والمخرج الشهير هننغ مانكل (1948-2015) صاحب الأعمال المميّزة في الأدب والدراما البوليسية الإسكندنافية، الذي شكّلت مشاركته في الأسطول يومها صدمة مفاجئة للاحتلال.

ظهرت صبيّة من إسكندنافيا هذه المرّة على متن زورق تأرجح بين أمواج شقّها بتصميم نحو ساحل غزة، في محاكمة رمزية لحلف الاحتلال والإبادة والتجويع الذي يتشابك عبر دول وعواصم تُسدِّد إليها غريتا تونبرغ نقدًا لاذعًا بلا هوادة بتهمة الضلوع في الجريمة التي تشهد أجيال الحاضر على وقوعها بالألوان على مدار الساعة.

نجح الاحتلال في قرصنة زورق "مادلين"، وهو اسم فلسطينية سعت إلى سدّ جوع أطفالها بصيد السمك تحت نيران الاحتلال. اختطفت سلطات الإبادة الفريق التضامني الشجاع بلا تأنيب ضمير، لكنّها خسرت الجولة وانكشفت في حالة استقواء غير متكافئة على ضمائر هذه الثُلّة من العُزّل القادمين من بلدان عدّة.

أبعدت سلطات الاحتلال غريتا على عَجَل كي لا تتفاعل قضيّتها بعد القرصنة والاحتجاز، فكسبت الصبية العنيدة جولة الاشتباك المبدئي مع حكومة الفاشيين: بنيامين نتنياهو ويسرائيل كاتس وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ومن معهم، وكان مراسلو الإعلام العالمي بانتظارها في مطار شارل ديغول لتبوح بالرواية التي سعت المنصّات إلى حجبها من قبل.

إعلان

ليست الجرأة الجسورة والعناد المبدئي كلّ ما يُميِّز هذه الصبية، فقد حباها الله بقدرة أخّاذة على سبْك العبارة المُسدّدة على نحو تلقائي، وصوْغ القوْل الوجيز البليغ تلقائيًا أمام الكاميرات. سألها الصحفيون بعد أن حطّت طائرتها في باريس مُبعدة قسرًا من فلسطين المحتلة يوم 10 يونيو/ حزيران 2025 عن تجربتها مع الاختطاف من عرض البحر، فأجابت بأنّ المهمّ هو ما يعانيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتلك هي القضية الأساسية التي ينبغي أن تحظى بالاهتمام.

وفي تعليقها على ما وصفها به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أنّها "فتاة غاضبة"، ردّت بالقول: "حسنًا، عالمنا بحاجة إلى كثير من الفتيات الغاضبات للتعامل مع ما يجري فيه". ثمّ إنّها زهدت بكمّ التلفيق الذي لجأت إليه رواية الاحتلال الدعائية بشأن عملية القرصنة والاختطاف، فأوجزت الردّ على تلك الأسئلة: "قالوا أشياء كثيرة غير مهمّة".

هكذا هي غريتا كما كانت، وقد صار عنادها المبدئي مشتبكًا على جبهة الضمائر الإنسانية لأجل الحقوق والعدالة والقيم والمواثيق التي أسقطها الاحتلال وداسها الذين انزلقوا معه إلى خندق الإبادة والوحشية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسباني سانشيز يعتذر عن فضائح الفساد في حزبه الاشتراكي
  • ماكرون لن يعترف بدولة فلسطينية في مؤتمر نيويورك بسبب تهديد أمريكي
  • حكاية صبية فلسطينية اسمها غريتا
  • شياخة مطلوب في إسبانيا
  • رويترز: ترامب يحذر حكومات العالم من حضور مؤتمر حل الدولتين
  • أمريكا: سنعارض أي خطوات للاعتراف بدولة فلسطين من جانب واحد
  • بيان صادر عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية
  • نادين الراسي تعترف بتعاطيها المخدرات وتعلق: “جرّبت ووقفت.. وابني ساعدني”
  • نادين الراسي تعترف: جربت المخدرات وتخليت عنها بدعم ابني
  • لإفشال جهود نتنياهو: زعيم حزب فرنسا الأبية: يجب الاعتراف فورا بالدولة الفلسطينية