يمكننا القول باطمئنان إن عملية أوسلو فشلت فشلًا ذريعًا. هذه العملية التي استثمر فيها الدبلوماسيون النرويجيون قدرًا غير مسبوق من الجهد لتسهيل المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. والتي واكب التوقيع على اتفاقها الأوّل في واشنطن عام 1993، موجة عالية من التفاؤل، ليس لدى الفلسطينيين وحدهم، بل لدى معظم المجتمع الدولي، حيث ساد اعتقاد أن الطريق ممهد لمفاوضات جادة من شأنها أن تؤدي إلى إقامة دولة مستقلة حقيقية، هي الدولة الفلسطينية.

ولكن الحقيقة، أن ذلك لم يكن ليتحقق. لم يزد الموقف الإسرائيلي قط عن مجرد منح درجة من الحكم الذاتي للفلسطينيين. وحتى إسحق رابين – الذي وصفه ياسر عرفات بأنه "شريكه في السلام" – لم يفكر قط في أي شيء سوى الحكم الذاتي، كما ذكر للكنيست في أكتوبر/تشرين الأول 1995، قبل أربعة أسابيع من اغتياله، قال: «إننا ننظر إلى الحل الدائم في إطار دولة إسرائيل التي ستشمل معظم مساحة أرض إسرائيل، كما كانت تحت حكم الانتداب البريطاني، وإلى جانبها الكيان الفلسطيني الذي سيكون موطنًا لأغلب السكان" الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية.

وأضاف مع نبرة توكيد: "نود أن يكون هذا الكيان أقل من دولة، وأن يدير بشكل مستقل حياة الفلسطينيين الخاضعين لسلطته. وحدود دولة إسرائيل، خلال الحل الدائم، ستكون أبعد من الخطوط التي كانت قائمة قبل حرب الأيام الستة. لن نعود إلى خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967».

وعليه، فإن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة ليست وحدها التي تعارض إقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين. لقد كان ذلك هو الموقف الإسرائيلي الثابت منذ احتلال الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية عام 1967، بدءًا بخطة "ألون" عام 1967، وعروض الحكم الذاتي التي قدمها مناحيم بيغن في المفاوضات مع أنور السادات عام 1978، وهلمّ جرا.

رغم ذلك، كانت النرويج تأمل في التوصل إلى حل الدولتين، حتى لو كان ذلك يعني الضغط على الفلسطينيين، باعتبارهم الطرف الأضعف، لقبول "دويلة" قريبة من الموقف الإسرائيلي، لكن الأمر لم ينجح أبدًا.

وفي العام الماضي، كانت عملية أوسلو قد ماتت وهي في الثلاثين من عمرها. وهو ذات الوقت الذي استغرقته الحكومة النرويجية للاعتراف بالفشل.

في العام الماضي، قبل عملية "طوفان الأقصى" التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول، وصفت وزيرة خارجية النرويج آنذاك، أنيكن هويتفيلدت، الوضع بين فلسطين وإسرائيل بأنه "واقع الدولة الواحدة" على الأرض. وكان هذا إشارة إلى أن النرويج قد تبدأ في استكشاف سبل أخرى للسلام في المنطقة وحل القضية الفلسطينية.

بعد ذلك بوقت قصير حدثت تغييرات في الحكومة النرويجية دفعت بإسبن بارث إيدي إلى منصب وزير الخارجية، ونظرًا لسجله السياسي الطويل وفهمه الأفضل لحقوق الإنسان والقانون الدولي، مقارنة بأغلب الناس، كان لزامًا عليه أن يتولى الرد النرويجي على العملية التي شنتها حماس، وعلى الحرب الإسرائيلية ضد غزة.

وفي ضوء الإخفاقات الماضية والسلوك الوحشي للحرب في غزة، أصبح إيدي والقيادة السياسية في وزارة الخارجية أكثر صراحة في انتقادهم للطريقة التي أدارت بها إسرائيل الحرب، وافتقار حكومة نتنياهو إلى منظور ما بعد الحرب.

وكان لهذا الموقف بعض العواقب بأثر رجعي، حيث تم تسليط الضوء على الانتقادات الموجهة للسياسات الإسرائيلية السابقة. وقد ظهر ذلك في التدخل النرويجي في محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني. وعندما نظرت المحكمة في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، قدمت النرويج ملخصًا نقديًا لسياسات الاحتلال الإسرائيلي على مدى عقود عديدة.

ثم تطور الموقف النرويجي بحلول هذا الربيع إلى تأكيد مطالبتها بوقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية لشعب غزة، فضلًا عن رؤية للمستقبل، تؤدي إلى مفاوضات بهدف إقامة دولة فلسطينية.

ولكن، يبقى هناك أيضًا بعض الاستمرارية في مواقف النرويج، حيث لا يزال حل الدولتين من عملية أوسلو يُنظر إليه على أنه الخيار الأكثر واقعية، بل الوحيد، للتسوية السلمية للصراع، وذلك على الرغم من فرض مفهوم "الدولة الواحدة" كأمر واقع في الأراضي المحتلة.

وقد نسقت النرويج تطوير هذا الموقف مع دول أخرى، سواء في الأمم المتحدة، أو في أوروبا، وأدى ذلك إلى ما يعتبره العديد من "أصدقاء إسرائيل" موقفًا مؤيدًا للفلسطينيين. فبالتنسيق مع إسبانيا وأيرلندا، خلصت النرويج إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين يمكن أن يكون وسيلة للضغط على إسرائيل للتفكير جديًا في حل الدولتين عندما ينتهي العدوان في غزة.

كانت المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية حاضرة في النرويج منذ فترة طويلة. وقد تبنتها حركة التضامن هناك على مدار سنوات، وتحرك الرأي العام مرارًا مطالبًا به. ومع ذلك، فقد أحجمت الحكومات المختلفة عن اتخاذ هذا القرار، وأصرت على أن الاعتراف يجب أن يأتي بعد التوصل إلى تسوية نهائية عبر المفاوضات. ثم في الخريف الماضي، صوت البرلمان النرويجي لصالح الاعتراف، وذلك في وقت يمكن لهذا الاعتراف أن يحدث فارقًا إيجابيًا في عملية السلام المتوقّفة. وفي ضوء الجولة الحالية من حرب الإبادة الجماعية وما خلفتها من خسائر فادحة في الأرواح والدمار المادي لقطاع غزة بأكمله، قررت الحكومة أن هذا هو الوقت المناسب.

وإن كان الاعتراف بدولة فلسطين عملًا رمزيًا في الأساس، إلا أنه يمثل أيضًا إعلانًا يقول إن للفلسطينيين الحق في ممارسة سيادتهم في إطار دولة معترف بها بموجب القانون الدولي. وللأعمال الرمزية أهميتها إذا وقفت دول مهمة سياسيًا خلفها. وبهذه الطريقة، يمكن للاعتراف الرمزي بدولة فلسطين أن يعزز موقف الجانب الفلسطيني في المفاوضات المستقبلية الضرورية.

ومع ذلك، لا ينبغي لهذا الفعل الرمزي أن يحول التركيز بعيدًا عن الاحتلال الإسرائيلي، ونظام الفصل العنصري الذي تم تطويره، والإبادة الجماعية المستمرة في غزة. ولهذا يجب على النرويج أن تشفع هذا الاعتراف بزيادة الضغط على إسرائيل لتغير مسارها. يمكن لها أن تحاول المساهمة في مثل هذا الضغط من خلال التأكد من قيام "صندوق النفط النرويجي" – صندوق التقاعد الحكومي العالمي – بسحب استثماراته من الشركات الإسرائيلية، وخاصة تلك المتورطة في الاحتلال والمستوطنات في الضفة الغربية.

والإشارة التي أرسلها وزير الخارجية هي أن النرويج، مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، يمكن أن تفكر أيضًا في فرض عقوبات أخرى لانتهاك إسرائيل قرار محكمة العدل الدولية المطالب بأن توقف الهجوم العسكري في رفح.

وقد أوضحت النرويج أنها ستدافع عن النظام القانوني الدولي دون معايير مزدوجة، لأن لتقويض شرعية واحترام القانون الدولي عبر تطبيقه الانتقائي مخاطرَ جمة. وهكذا، تحاول الحكومة الحالية تصحيح خطايا النرويج الماضية، فضلًا عن انتقادها غير المباشر لنفاق العديد من الدول الغربية حيال هذه القضية.

وإذا تمّكنت النرويج من الحفاظ على هذا الموقف الرامي لاحترام كرامة وحقوق الإنسان والالتزام بالقانون الدولي، فإن الاعتراف بدولة فلسطين يعدّ خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بدولة فلسطین

إقرأ أيضاً:

تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط

بقدر ما أظهر استمرار حرب الإبادة تصاعُد الخلاف بين إسرائيل وبين الغرب الأوروبي، بقدر ما أظهرت تداعيات وقف الحرب خلافاً متنامياً مع آخر حليف لتل أبيب أي واشنطن، وكما قدرنا سابقاً ومنذ أكثر من شهرين مرا على البدء بتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو، لم تلتزم تماماً بتلك الخطة، التي وافقت عليها على مضض، ليس من سبب إلا لأن وقف الحرب جرى دون ان تحقق هدفها بعيد المدى، وهو تهجير سكان قطاع غزة، وضم أرضه تالياً لدولة إسرائيل الكبرى، وتجلى عدم التزام إسرائيل بوقف النار من خلال قتل نحو أربعمائة مواطن، ومواصلة تدمير ما تبقى من منازل، كذلك عبر تعميق ما يسمى بالمنطقة الصفراء التي تحتلها دون ان يكون فيها سكان سبق لها وان أجبرتهم على النزوح، والأهم ان مواصلة إطلاق النار، تبقي على احتمال مواصلة الحرب قائماً في مخيلة أركان الحكومة الإسرائيلية، بما يعني بأنها منذ البادية راهنت على وقف تنفيذ الخطة عند حدود الخط الفاصل بين مرحلتيها الأولى والثانية.

والحقيقة هناك كلام كثير يمكن أن يقال، لنؤكد على أن إسرائيل اليمينية المتطرفة حالياً، تعتقد بأنها وصلت إلى اللحظة التي أعدت لها أولاً أوضاعها الداخلية، وثانياً العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وثالثاً الشرق الأوسط برمّته ليكونوا قد باتوا جاهزين لقيام دولة إسرائيل العظمى، عبر مصطلح خادع قال به بنيامين نتنياهو علناً وصراحة قبل أكثر من عام، وهو تغيير الشرق الأوسط، والأهم هو أن نتنياهو وطاقم الحكم المتطرف يعتقد بأنه إن لم يحقق ما يصبو اليه الآن، فلن ينجح في ذلك لاحقاً، أي ان هذه الحرب ليست كما كانت سابقاتها، حيث دأبت إسرائيل على شن الحروب سابقاً بمعدل مرة كل بضع سنوات، تحتل خلالها أراضي عربية إضافية، او تحقق أهدافاً أمنية_سياسية، وحين تواجه عقدة مستعصية توافق على وقف لإطلاق النار، لتقوم بالتحضير لتحقيق ما عجزت عنه فيما بعد، هذه المرة يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أصحاب مشروع إسرائيل العظمى والكبرى، بأن العالم يتغير بسرعة في غير صالحهم، لذلك فهذه هي فرصتهم الأخيرة، لذلك يمكن القول بأنهم غامروا لدرجة ان يخسروا تأييد الغرب الأوروبي، ويغامرون اليوم بالمراهنة حتى آخر رمق من تأييد ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذلك أن أميركا بعد ترامب ستكون ذات موقف مختلف.

لن نعيد في هذه المقالة، ما سبق لنا وقلناه عن دوافع وتفاصيل تلك الصورة، التي اتضحت خلال حرب العامين على فلسطين وعلى ست دول شرق أوسطية، لكن بالمجمل فإن كون إسرائيل كدولة بعد نحو عشر حروب خاضتها، بل بعد ما يقارب من ثمانين عاماً، على قيامها، أي منذ نشأتها حتى اليوم، والأهم بعد اربع معاهدات سلام وقعتها مع ست دول عربية، وعدد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار، ما زالت في حالة حرب، ليس فقط مع فلسطين، بل مع الشرق الأوسط برمّته، والأخطر بعد ان كانت تبدو في حالة حرب مع الدول العربية، بغض النظر عن كلها أو بعضها، باتت حالياً في حالة حرب مع الدول العربية والدول الإسلامية، وباختصار، باتت الشوفينية الإسرائيلية لا تكتفي بمواصلة مطالبة واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري على مجمل دول المنطقة فرادى ومجتمعين وحسب، بل باتت تقول علناً بأنها تسعى لتغيير الشرق الأوسط، ولا تنكر ان طريقها لذلك هو إفراغ الشرق الأوسط من عوامل القوة العسكرية، بما يشمل تغيير الأنظمة، وأنها في سبيل ذلك تواصل شن الحرب، وأنها لا تثق بأحد، ولهذا فهي اليوم باتت في حالة حرب مع فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فيما علاقتها متوترة مع الآخرين: مصر، الأردن، تركيا، قطر، السعودية، أي الجميع.

والحقيقة أن كون إسرائيل ما زالت في حالة حرب، منذ نشأتها، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ العالم، سوى مع الدول الاستعمارية، نقصد المغول والبيزنطيين الذين أقاموا في مناطق شاسعة من العالم قروناً، كذلك الاستعمار في القرن العشرين، مثال الجزائر وفيتنام، يعني أو يؤكد بأن إسرائيل ورغم انه لاح وكأن اتفاقيات او معاهدات السلام التي عقدتها مع مصر أولاً ثم فلسطين والأردن، ولاحقاً مع الإمارات، البحرين والمغرب، قد وضعت حداً، او أنها قد فتحت الباب لإغلاق باب الحروب بينها وبين محيطها الشرق أوسطي، العربي والإسلامي، لكن ذلك لم يحدث، ولا حتى في عالم الرياضة، حيث هي حقل لجمع الدول، بما بينها من خلافات، حيث كان فريق الاتحاد السوفياتي في ظل الحرب الباردة يشارك في مباريات كرة القدم مع منتخبات الغرب الأوروبي في كؤوس العالم، بينما إسرائيل تشارك ضمن المنافسات الأوروبية، رغم أنها دولة آسيوية جغرافياً، وكثيراً ما انسحب المشاركون في مسابقات رياضية دولية، من دول عربية إفريقية ودول إسلامية تجنباً لمنافسة الرياضيين الإسرائيليين.

أي أن معاهدات واتفاقيات السلام والتطبيع، خاصة المصرية والأردنية منها، بقيت حبراً على الورق الرسمي، بينما كان توقيعها مناسبات لرفع وتيرة مواجهة التطبيع على الصعيد الشعبي. باختصار نريد القول، بأن إسرائيل لا قبل ولا خلال ولا بعد توقيع أربع اتفاقيات ومعاهدات سلام، صارت دولة طبيعية في الشرق الأوسط، وهي ما زالت دولة لم تحظ بشرف عضوية ذلك النادي الدولي، وربما كانت هذه الحقيقة التي لا شك بأنها تنغص حياة الإسرائيليين، أحد الدوافع التي تجعل منها شعاراً لمن يطمح في الحكم، وقد كان شعار السلام منذ ما بعد إعلان قيامها عام 48 طريقاً للأحزاب التي تنافست على الحكم خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، أما شعار الشرق الأوسط الجديد، فقد تلا انتهاء الحرب الباردة، ورافق مفاوضات مدريد التي أجبر عليها اليمين الليكودي الحاكم عام 1991، وإعلان اتفاق أوسلو من قبل آخر حكومات اليسار، وبالتحديد من عراب أوسلو الإسرائيلي شمعون بيريس، الذي حرص على ان تشمل مفاوضات الحل النهائي مع (م ت ف) مفاوصات متعددة الأطراف، إقليمية بالطبع، لتقديم ما يغري الجانب الإسرائيلي بقيام شرق أوسط جديد، كنادٍ اقتصادي تكون لها فيه عضوية فاعلة، بالتوازي مع المفاوضات الثنائية مع الجانب الفلسطيني التي ستفضي الى الانسحاب الجغرافي.

أي أن الشرق الأوسط الجديد بمفهوم بيريس الذي بشّر به قبل أكثر من ثلاثة عقود، آخذاً بعين الاعتبار المتغير الكوني بعد انتهاء الحرب الباردة، ونشوء العلاقات بين الدول على أساس الشراكة الاقتصادية، اعتمد على أن نفوذ الدول بات مرهوناً باقتصادها وليس بتوسعها الجغرافي أو قوتها العسكرية، بينما شرق أوسط بنيامين نتنياهو، هو نقيض ذلك تماماً، حتى أن السلام عند بيريس كان يستند لمبدأ الأرض مقابل السلام، بينما عند نتنياهو يعني فرض الأمن بالقوة العسكرية، وقد كان يمكن أن يتحقق شرق أوسط جديد على أساس شراكة دوله وشعوبه في الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، ضمن نظام عالمي قائم على هذا المفهوم أساساً، ومثل هذا الشرق الأوسط ليس بعيداً، مع ملاحظة العلاقات البينية بين دوله، العربية والإسلامية، اي دول الخليج ومصر وكل من تركيا وايران، لكن ما حال دون ذلك هو إسرائيل بحكوماتها اليمينية التي تقول بتغيير الشرق الأوسط كله ليتوافق مع طبيعتها الاستعمارية، بينما المنطقي هو ان تتغير هي لتتوافق مع شرق أوسط طبيعي متوافق مع النظام العالمي.

هذه الوجهة هي التي ستفرض على إسرائيل التغيير الداخلي، وأهم سماته لفظ اليمين المتطرف، وإعادة التأكيد على دولة المؤسسات الديموقراطية، وذلك بالشروع فوراً في تحقيق جملة من الشروط هي: الانسحاب من ارض دولة فلسطين ومن الأراضي العربية المحتلة، وتصفية كل المناطق الأمنية، وإن كان لا بد من مناطق أمنية فعلى الجانبين، ثم تطبيق حق العودة والتعويض، مع تقديم ضمانات أمنية لدول الجوار، لأن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي التي تعتدي وتحتل، كذلك نزع الصفة الدينية عنها وبث رسالة سلام وتعايش للجوار.

وأهم أمر على إسرائيل أن تُقْدم عليه او إعلان الحدود الجغرافية النهائية للدولة، وكذلك دستورها الذي يثبت بأنها دولة طبيعية مدنية تعيش مع جيرانها وفق منطق حسن الجوار، كل ذلك يتطلب أولاً إحالة نتنياهو، عراب إسرائيل الكبرى الى المعاش السياسي، ثم إسقاط اليمين المتطرف، حتى يمكن التوصل لحل الدولتين.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • دولة فلسطين تدين الهجوم الذي وقع في سيدني الأسترالية
  • المعارضة الفنزويلية من أوسلو: انتقال السلطة سلمياً بعد مادورو حتمي
  • من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • نجا عدة مرات.. من هو رائد سعد الذي أعلنت “إسرائيل” اغتياله في غزة؟
  • المرزوقي يدعو إلى التظاهر لإسقاط النظام واستعادة دولة القانون في تونس
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط