توصلت دراسة حديثة إلى أن فحص اللعاب من خلال البصق في أنبوب الاختبار بالمنزل أفضل من اختبار الدم لتحديد الرجال الذين لديهم خطر وراثي مرتفع للإصابة بسرطان البروستاتا العدواني (أي السريع الانتشار والأكثر صعوبة في العلاج).

وأجرى الدراسة باحثون من معهد أبحاث السرطان في لندن ومؤسسة رويال مارسدن التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، وتم تقديم النتائج الأولية في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريرية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية، والذي عقد في الفترة بين 31 مايو/أيار الماضي و4 يونيو/حزيران الجاري، وكتبت عنها صحيفة إندبندنت البريطانية (The Independent).

اختبار المستضد الخاص بالبروستاتا

واختبار الدم الذي يستخدم للكشف عن سرطان البروستاتا هو اختبار مضاد البروستاتا المحدد (بي إس إيه)، وهذا المضاد هو بروتين تصنعه غدة البروستاتا فقط، يتسرب بعض منه إلى الدم، لكن مقداره في الدم يعتمد على العمر وصحة البروستاتا.

قد يكون ارتفاع مستوى المستضد الخاص بالبروستاتا في الدم علامة على الإصابة بسرطان البروستاتا، ولكنه قد يكون أيضا علامة على حالة أخرى غير السرطان، مثل تضخم البروستاتا أو التهابها أو التهاب المسالك البولية.

اختبار المستضد الخاص بالبروستاتا هو اختبار دم للمساعدة في اكتشاف سرطان البروستاتا، ولكنه ليس اختبارا مثاليا، ولن يكشف عن جميع أنواع سرطان البروستاتا.

يقيس الاختبار -الذي يمكن إجراؤه في عيادة الطبيب العام- مستوى المستضد الخاص بالبروستاتا في الدم.

اختبار اللعاب

بالمقابل، يبحث اختبار اللعاب (موضوع الدراسة الجديدة) -الذي يمكن أخذ عينه له في المنزل- عن المتغيرات الجينية المرتبطة بسرطان البروستاتا.

وقال الباحثون في معهد أبحاث السرطان في لندن ومؤسسة رويال مارسدن التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية للصحيفة إنه بالنسبة للرجال الذين لديهم استعداد وراثي مرتفع للإصابة بالمرض كان تحليل اللعاب أكثر دقة من اختبار المستضد الخاص بالبروستاتا كأداة للتقييم المبكر.

وقال الفريق إن بحثهم يمكن أن يساعد في إحداث نقلة نوعية في سرطان البروستاتا من خلال تقديم اختبار لعاب رخيص وسهل الاستخدام للكشف عن المرض مبكرا وإنقاذ آلاف الأرواح.

ووجد الفريق أن اختبار اللعاب أعطى نتائج إيجابية كاذبة أقل، واكتشف نسبة أعلى من السرطانات العدوانية مقارنة باختبار الدم للمستضد الخاص بالبروستاتا.

وقال البروفيسور كريستيان هيلين الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السرطان للصحيفة إنه من المرجح أن تكون حالات السرطان التي يتم اكتشافها مبكرا قابلة للشفاء، ومع تضاعف حالات سرطان البروستاتا بحلول عام 2040 يجب أن يكون لدينا برنامج لتشخيص المرض مبكرا.

وأضاف أنهم يعلمون أن اختبار المستضد الخاص بالبروستاتا الحالي يمكن أن يجعل الرجال يخضعون لعلاجات غير ضرورية، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه قد لا يكشف عن الرجال المصابين بالسرطان، مشيرا إلى الحاجة الماسة لاختبار محسن للكشف عن المرض.

أما عن الاختبار الجديد فأشار إلى أن هذا البحث يعد خطوة واعدة نحو هذا الهدف، وهو يسلط الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه الاختبارات الجينية في إنقاذ الأرواح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سرطان البروستاتا للکشف عن

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما

 

 

سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

منذ أن تشكّلت الدول وبدأت تمارس وظائفها، ظل الاقتصاد جزءًا لا يتجزأ من أدواتها السياسية، فالسياسات الاقتصادية ليست مجرد قرارات تقنية تُتخذ بمعزل عن الواقع، بل هي في جوهرها قرارات سياسية تعكس مصالح، وأولويات، وتوازنات قوى. القول إن الاقتصاد محايد أو مستقل عن السياسة يتجاهل حقيقة أن كل قرار مالي أو استثماري أو تجاري يتطلب إرادة سياسية لتوجيهه، وتحمل تبعاته.

في التاريخ القديم، كانت السيطرة على الموارد الاقتصادية تُعد بمثابة إحكام للسيادة السياسية. الإمبراطورية الرومانية لم تكن لتصمد دون تأمين تدفق القمح من مستعمراتها، وعلى رأسها مصر، التي شكّلت “سلة الغذاء” للإمبراطورية. وفي ذلك الزمن، لم يكن الغذاء مجرد سلعة؛ بل أداة للحكم، والاستقرار السياسي كان رهناً بالوفرة الاقتصادية.

أما في العصر الحديث، فقد تجلّت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بوضوح في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية المنتجة للنفط خفض الإنتاج وفرض حظر على الولايات المتحدة وهولندا بسبب دعمهما لإسرائيل. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 300%، وانزلاق الاقتصاد العالمي في موجة تضخم وركود حاد. وهنا لم يكن النفط مجرد مادة خام؛ بل أداة سياسية أثَّرت في مواقف دول، وساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.

في التجربة الصينية، شكّل النمو الاقتصادي منذ نهاية السبعينيات خطة سياسية منظمة، لم يكن تحرير السوق وتوسيع قطاع التصدير هدفًا اقتصاديًا فحسب، بل وسيلة استراتيجية لإرساء شرعية الحزب الشيوعي داخليًا، وتعزيز مكانة الصين في النظام العالمي. خلال أربعة عقود، نجحت الصين في انتشال أكثر من 800 مليون إنسان من الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو إنجاز اقتصادي ما كان ليتحقق لولا رؤية سياسية محكمة.

الواقع الأوروبي يعزز أيضًا هذا الترابط الوثيق، فالاتحاد الأوروبي بُني على فكرة أن التكامل الاقتصادي سيمنع اندلاع الحروب مجددًا بين دول القارة. إنشاء السوق الموحدة، وتبني العملة الموحدة “اليورو”، لم يكن مسعى اقتصاديًا بحتًا، بل هدفًا سياسيًا طويل المدى لتحقيق السلام والاستقرار. رغم التحديات، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون دولار في عام 2023؛ مما يعكس عمق هذا التكامل الذي جمع بين السياسة والاقتصاد.

في منطقتنا العربية، تتضح العلاقة في اعتماد العديد من الدول على السياسات الاقتصادية كأدوات للتماسك الاجتماعي والسياسي. برامج الدعم الحكومي للوقود والغذاء، والتوظيف في القطاع العام، والإعفاءات الضريبية، كلها قرارات اقتصادية تُستخدم سياسيًا لاحتواء التوترات الاجتماعية وتعزيز شرعية الدولة. وفي دول الخليج، مثلًا، لا تُفهم خطط التنويع الاقتصادي بمعزل عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تهدف إلى ضمان الاستدامة والاستقرار في عالم ما بعد النفط.

ومن واقع تجربتي، حين ناديت أثناء المقاطعة الشعبية الأخيرة بعد حرب غزة بضرورة تطوير المنتج المحلي ليحل محل السلع المُقاطَعة، اعتبر البعض أن هذا الموقف تعاطف عاطفي لا علاقة له بالاقتصاد، وأن الأجدى هو تغيير سلوك المستهلك فقط. لكن هذا الفهم يغفل عن حقيقة أن الأزمات تخلق فرصًا لإعادة توجيه الموارد، وتعزيز الإنتاج الوطني، وتثبيت السيادة الاقتصادية. وقد وقعت بعض الجهات والدول في هذا الخطأ، حين تعاملت مع المقاطعة كفعل شعبي مؤقت بدل أن تستثمره في بناء بدائل وطنية مستدامة.

حتى في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الدول، يظهر الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.. الاشتراطات المصاحبة لبرامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف، أو خفض الدعم، أو خصخصة المؤسسات، ليست فقط إصلاحات تقنية، بل تؤثر مباشرة في القاعدة الاجتماعية والسياسية للحكم، وتعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها.

في النهاية.. الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. لا يمكن فصل الإنفاق عن التمويل، ولا الضرائب عن العقد الاجتماعي، ولا الاستثمار عن رؤية الدولة لمكانتها في الداخل والخارج. كل قرار مالي هو رسالة سياسية، وكل سياسة اقتصادية تعكس هوية الدولة وأولوياتها… لهذا، فإن من يزعم أن الاقتصاد حيادي، يغفل عن واحدة من أهم حقائق التاريخ: الاقتصاد كان وسيظل أداة للسياسة، وأحيانًا جوهرها.

 

مقالات مشابهة

  • تطبيق للكشف عن التهاب المفاصل الصدفي
  • الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
  • دراسة تنجح في اكتشاف مبكر للسرطان قبل ظهور الأعراض بـ3 سنوات
  • تجربة سريرية جديدة: العلاج المناعي فعّال ضد سرطان المعدة
  • «الصحة» تُعلن فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر
  • الصحة: فحص 7 ملايين طفل ضمن مبادرة للكشف المبكر وعلاج ضعف السمع لدى حديثي الولادة
  • علماء: اختبار للدم يشخِّص ألزهايمر بدقة تصل إلى 95 %
  • دراسة: غير المدخنين معرضون لخطر الإصابة بسرطان الرئة لهذا السبب
  • هل يمكن لغذاء طبيعي تخفيض سكر الدم؟ تعرف على فوائد القرع المر
  • المبشر: لا يمكن قيام دولة دون ضبط السلاح