(رحلة عبدالخالق إلى أمريكا وبوسطن وهارفارد وغيرها من مدن أمريكا فى هذا الفصل الدراسى، كانت فى عمق قرارها مجبولة بإنسانيات وذاتيات وعلائق رسمت فى ما بيننا القرار الذى انتهى به هذا النص).
بهذه الكلمات الدالة تعبر الدكتورة ريما الصبان عن إحساسها بتجربة زوجها الأكاديمى الإماراتى المعروف الدكتور عبدالخالق عبدالله، والتى دونها فى كتاب صدر قبل أيام بعنوان (رحلتى إلى هارفارد.
الحق أن هذا الكتاب الجميل يندرج تحت باب (أدب الرحلات)، هذا الأدب الذى حرمتنا التطورات التكنولوجية المتسارعة المذهلة من التمتع به والاستزادة من فنونه وجمالياته. أما الدكتور عبدالخالق فكتب فى تقديمه لرحلته الهارفاردية كما يسميها أن: (تجربة التدريس والبحث فى هارفارد ليست كأى تجربة أكاديمية عادية يمكن أن تمر مرور الكرام على أى أكاديمى وأستاذ جامعى، ولم تكن الإقامة الممتدة فى مدينة بوسطن التى تفتخر بأنها عاصمة التعليم الجامعى فى أمريكا، وتسوق نفسها على أنها عاصمة الاختراعات والابتكارات فى العالم، إقامة عابرة، خاصة إن كانت الإقامة خلال فصل الخريف، أجمل فصول السنة فى ربوع شمال أمريكا).
أجل... تلقى الدكتور عبدالخالق فى عام 1922 دعوة من جامعة هارفارد متمثلة فى منحة تقديرية وتشريفية هى منحة كبير الزملاء Senior Fellow، وبالفعل استجاب الرجل للدعوة وغادر دبى إلى أمريكا مدججًا بالعلم والخيال والهمة والرغبة فى البحث والاكتشاف.
اللافت أن الدكتور عبدالخالق كانت له صبوات مع جامعة هارفارد فى الأيام الخوالى، وبالتحديد قبل 45 عامًا، حيث كتب: (كانت تلك زيارة طالب مجتهد حديث العهد بالقراءة والكتابة)، أما الآن، فقد عاد (إلى جمعة هارفارد أستاذًا جامعيًا وأكاديميًا إماراتيًا معززا مكرمًا).
الكتاب مكون من 390 صفحة من القطع المتوسط وصادر عن دار كًتّاب للنشر بدبى، وهو ينقسم إلى مقدمة وتمهيد وأربعة فصول. المقدمة كتبتها الأكاديمية الدكتورة ريما الصبان رفيقة رحلة الدكتور عبدالخالق فى العلم والحياة، وقد كتبتها بشغف الأستاذة وإيمان الزوجة وقناعة الصديقة، فجاءت قطعة من النثر الجميل المحتشد بالآراء والأفكار والخيالات والآمال المشروعة.
أما الفصول الأربعة، فقد انقسم كل واحد منها إلى مجموعة من الفقرات الصغيرة المزدانة بعنوان محدد، الأمر الذى جعل قراءة الكتاب يسيرة شائقة، تغرى بالمواصلة.
المدهش أن الدكتور عبدالخالق يقر بأن (كتاب رفاعة الطهطاوى هو النموذج الذى يقتدى به كتاب الرحلة الهارفاردية)، على الرغم من أن كتاب الطهطاوى المعنون باسم (تخليص الإبريز فى تلخيص باريز)، قد نشر قبل نحو مائتى عام، ما يعنى أن كتاب الطهطاوى الذى صدر فى القرن التاسع عشر مازال قادرًا على إلهام مبدعى القرن الحادى والعشرين.
فى ختام الكتاب يعلن المؤلف بحسم: (أن الحلم الأمريكى مازال حيًا يرزق ويراود الملايين من البشر)، ويضيف: (من الغباء الاستهانة بقدرة أمريكا على البقاء كالدولة الأولى فى العالم).
هذا كتاب بالغ الإمتاع يثير العقل ويمتع الوجدان، وقد صاغه الدكتور عبدالخالق بلغة عذبة مشرقة لا ثرثرة فيها ولا اضطراب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق الأدب أدب الرحلات الكتاب الجميل التطورات التكنولوجية الدکتور عبدالخالق
إقرأ أيضاً:
بعد زوال الخطر عن موقعه الأثري.. «دير مار مينا العجايبى» مزار للحج وشاهد على الاضطهاد
فى حضن التاريخ الحى الذى يرويه دير القديس" مار مينا العجايبى" الذى تحولت بسببه هذه البقعة من الصحراء غرب الأسكندرية إلى مزار لثمانية ملايين ونصف المليون زائر سنويا، مرشحين للزيادة بمزيد من الدعاية للموقع بعد استكمال ترميم عناصره المعمارية واستمرار حالته الممتازة التي وصل إليها بعد الانتهاء من شفط المياه الجوفية، وهو ما تم تحت بصر اليونسكو التى تتابع عن قرب نتائج العمل الجاد لإبعاد شبح هذه المياه عن ثانى منطقة للحج المسيحى فى العالم بعد القدس، كما أنها الموقع المسيحى الوحيد بمصر المسجل على قائمة التراث العالمى المعرّض للخطر، والأثر رقم 90 على مستوى العالم فى مناطق التراث العالمى.
هذا الموقع التاريخى الديني، استقبل يوم الثلاثاء 20 مايو الجارى مسؤولين وصحفيين وإعلاميين فى ضيافة البابا تواضروس بطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية والكرازة المرقسية بالأسكندرية، بحضور وزير السياحة والآثار شريف فتحى ومحافظ الأسكندرية الفريق أحمد خالد حسن سعيد، والدكتورة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة، والسفير خالد ثروت المشرف العام على الإدارة العامة للعلاقات الدولية والاتفاقيات، والدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار ومحمد متولي مدير عام آثار الإسكندرية للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية.
و كان الأنبا كيرلس أفا مينا، أسقف ورئيس دير مارمينا فى استقبال الجميع فى أجواء احتفالية تؤكد زوال الخطر عن أحجار الأسوار والمبانى والأبيار المتبقية من دير المنطقة الأثرية "أبو مينا"، وهو المكان الذى تكاد تكتمل ملامحه القديمة مع كل كشف جديد تعود معه إلى سطح الأرض قطعة من أحجار بناء الدير الذى ذاع صيت صاحبه فى كل أنحاء العالم، وانتشرت القوارير الفخارية الصغيرة التى تحمل اسمه بين مختلف بلدان أوروبا، وتناقلت كتب التاريخ سيرته كأشهر شهيد مسيحى فى القرن الثالث الميلادى واشتهر عن مكان قبره أنه منطقة يُشفى فيها المرضى.
وهناك حيث الصحراء الممتدة بمنطقة كينج ماريوت فى محافظة الأسكندرية، يجتمع الموقع الأثرى للدير مع بناء آخر فخم حديث لدير باسم نفس القديس المسيحى مارمينا، قطعة من جمال المعمار تحيط بها عشرات الأفدنة وتجتمع فيها مفردات وإبداع الفن القبطى، وتضم أيضا قبر البابا كيرلس السادس يحيط به متحف صغير لمتعلقاته وملابسه وصور تجمعه بشخصيات هامة منها الرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات، وهيلا سلاسى إمبراطور إثيوبيا، وشيخ الأزهر الأسبق حسن مأمون، بالإضافة إلى صورته مع الشماس الخاص به، الذى أصبح فيما بعد الأنبا مينا أفا مينا، أول رئيس للدير.
وكان موقع الدير القديم قد اكتشف عام 1905على يد عالم الآثار الألمانى كاوفمان، حيث توجد الكنيسة الخشبية الأثرية وسط الموقع.
وأثناء الاحتفالية تبادل رجال وزارة الآثار ورجال الدين المسيحى شرح التاريخ الخاص بالقديس مار مينا الذى ولد فى محافظة المنوفية وجىء بجثمانه إلى هذا الموقع بعد استشهاده، كما تمت الإشارة إلى الجهود المبذولة لإنقاذ الأثر وإعادته إلى ما كان عليه قبل قرون، تمهيدا لإخراجه من قائمة التراث المعرص للخطر والمعروفة بـ«القائمة الحمراء»، بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة"اليونسكو"، التى أدرجت فى عام ١٩٧٩موقع آثار أبومينا ضمن قائمة التراث العالمى، ليصبح واحدا من أهم الأماكن التاريخية والأثرية فى العالم..
ومع تأكيدات الدكتور جمال مصطفى بأن العمل مستمر لإعادة موقع الدير إلى ما كان عليه باكتمال الاكتشافات ووجود الخرائط التى تحدد تفاصيل موقع أبو مينا الأثري وكافة عناصره المعمارية، ومع شرح مدير آثار الأسكندرية للجهود التى بذلت وتعاون محافظة الأسكندرية المستمر وجهودها الكبيرة، تعرف الجميع على تفاصيل المشروع الذى بلغت تكلفته 60 مليون جنيه وتم من خلاله خفض منسوب المياه الجوفية باستخدام طلمبات سحب وخطوط للطرد ومصارف لتجميع المياه، وهو المشروع الذى من المنتظر أن يؤدى مع استكمال الاكتشافات الأثرية إلى زيادة ضخمة فى أعداد زوار هذه المنطقة.
وأوضح قداسة البابا تواضروس الثاني في تصريحات له أن منطقة آثار أبو مينا تعد مقصدًا سياحيًا وطنيًا، مشيداً بدور الدولة ووزارة السياحة والآثار وكافة الجهات المعنية ومنظمة اليونسكو للاهتمام بهذا الأثر التاريخي والديني الهام، واصفاً إياه بالعمل العظيم الذي يعد صورة وطنية تظهر حرص الدولة على الحفاظ على تراثها الحضاري وتؤكد أن التاريخ حى.
وأشاد وزير السياحة والآثار شريف فتحي بما تم تنفيذه من أعمال بالموقع ككل من مشروع خفض منسوب المياه الجوفية ومشروع ترميم العناصر المعمارية للدير الأثري وتطوير الخدمات بالموقع العام بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار وإدارة الدير ومنظمة اليونسكو، التي تهدف إلى صون هذا الموقع الاستثنائي وضمان استدامة مكوناته الأثرية للأجيال القادمة، بما يتفق مع المعايير الدولية في مجال الحفظ والترميم.
كما أكد أهمية الترويج لمنطقة دير أبو مينا كواحد من أبرز المواقع الأثرية والدينية ذات القيمة الدولية، مشيرًا إلى ضرورة توظيف أدوات التكنولوجيا الحديثة، وفي مقدمتها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لخلق حالة من التفاعل المستمر والفعّال مع الجمهور المحلي والدولي، بما يعزز الوعي بالموقع، ويُظهر التجربة السياحية الفريدة التي يقدمها، كما وجه بضرورة إعداد برامج تدريبية متخصصة للمرشدين السياحيين لتعريفهم بالعناصر المعمارية والتاريخية الفريدة للدير، وذلك لضمان تقديم تجربة معرفية متميزة للزائرين.
كما شدد على أهمية اختيار عناصر مدرّبة من داخل الدير للمشاركة في شرح الموقع للسائحين الذين لا يصحبهم مرشدون سياحيون، مشيرًا إلى أن الوزارة سوف تقوم بعمل الدراسات اللازمة لإعداد مخطط تسويقي متكامل للترويج للموقع، يشمل استخدام الوسائط الرقمية والمنصات التفاعلية، بالإضافة إلى تخصيص مساحات ضمن الأجنحة السياحية المصرية المشاركة في المعارض والمحافل الدولية، للتعريف بدير أبو مينا، على غرار ما تم سابقًا مع المتحف المصري الكبير ومواقع أخرى بارزة.
وتقدم فتحى بخالص الشكر والتقدير لقداسة البابا تواضروس الثاني ولجميع القائمين على دير أبو مينا على اليوم الاستثنائي في هذا الموقع الأثري والديني العريق، مشيراً إلى أن دير أبو مينا ليس مجرد مَعْلَم ديني، بل هو رمز للتراث الإنساني المشترك، ومكوّن أساسي على الخريطة السياحية والدولية لمصر. وأن الوزارة ستعمل بكل جهد لإحياء هذا الموقع ووضعه في المكانة التي يستحقها بما يليق بتاريخه وقيمته الحضارية والدينية.
وكان قد تم الانتهاء من مشروع خفض منسوب المياه الجوفية وتشغيله منذ عام 2022، وجاءت الزيارة فى إطار المتابعة والاطمئنان على سلامة الموقع وبقائه فى حالة ممتازة منذ انتهاء أعمال شفط المياه الجوفية، حيث يسهم استمرار حالة الموقع الجيدة بشكل مباشر في رفع تصنيف دير أبو مينا من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر. كما تم ترميم العناصر المعمارية للدير وعمل صبات معدنية للحفاظ على الأجزاء المهددة من أسواره.
اقرأ أيضاًمحافظ أسيوط يلتقى الأنبا بيسنتى أسقف أبنوب ووفدا كنسيا لبحث سبل التعاون
محافظ أسيوط يشهد قداس عيد القيامة بمطرانية أبنوب ويقدم التهنئة لقيادات وشعب الكنيسة