في تجربة غير مسبوقة استخدم فيها العلماء نظارات الواقع الافتراضي، توصل باحثون إلى أن رؤيتنا لوجوه تحمل علامات العدوى كفيلة بتنشيط جهاز المناعة لدينا. ويشير الباحثون إلى أن النظام السلوكي البشري المصمم لتفادي الأمراض يبدو "حساسًا للغاية" لأي إشارات بصرية تدل على المرض. اعلان

الدراسة، المنشورة في مجلة Nature Neuroscience، شارك فيها 248 شخصًا سليمًا خضعوا لخمس تجارب باستخدام نظارات الواقع الافتراضي، ضمّت كل تجربة منها ما لا يقل عن 32 مشاركًا.

في المرحلة الأولى، شاهد المشاركون ثلاثة وجوه محايدة من نفس جنسهم تقترب منهم مرارًا. ثم قُسموا إلى مجموعات، ليشاهدوا لاحقًا نفس الوجوه لكن مع تعبيرات مختلفة: إما محايدة، أو تحمل علامات عدوى فيروسية مثل الطفح الجلدي، وفي بعض الحالات، وجوه خائفة.

الاستجابات العصبية

في إحدى تجارب هذه السلسلة، طُلب من المشاركين الضغط على زر بأسرع ما يمكن بعد الشعور بلمسة خفيفة على وجوههم أثناء عرض الوجوه الافتراضية. المدهش أن المشاركين كانوا أسرع في الضغط عندما كانت الوجوه المعرَضة تظهر من مسافة بعيدة وتحمل علامات مرض، مقارنةً بالوجوه المحايدة أو الخائفة.

هذه الاستجابة السريعة ترافقت مع تسجيل نشاط دماغي عبر تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG)، أظهر تفعيل النظام العصبي الذي يمثّل الفضاء المحيط بالجسم، بشكل يختلف عند رؤية وجوه مريضة حتى من مسافات بعيدة. هذا الاختلاف تمركز في مناطق دماغية معروفة بدورها في رصد التهديدات وتصنيف المحفزات.

الطبيبة آني لاي تفحص ياتسيري أكييلار في مركز أليفيو الطبي في شيكاغو، في 30 أبريل 2009. AP Photo/M. Spencer Green, File

وقدّم التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) بدوره دعمًا لهذه النتائج، إذ كشفت الصور عن تزايد في الترابط بين شبكة اكتشاف التهديدات و"الوطاء" (hypothalamus)، وهو جزء من الدماغ مسؤول عن تنظيم وظائف الجسم الحيوية.

تنشيط مناعي بواسطة النظر

البروفيسورة كاميلا جاندوس من جامعة جنيف، وهي إحدى المشاركات في إعداد الدراسة، قالت إن الباحثين رصدوا تفعيلًا لنوع خاص من الخلايا المناعية يُعرف بالخلايا اللمفاوية الفطرية (ILCs)، والتي تُعد من أوائل الخلايا التي تتحرك ضمن الاستجابة المناعية. اللافت أن هذا التفعيل تم دون وجود مسببات أمراض حقيقية، وإنما فقط استجابة لمشاهد افتراضية.

وأضاف الفريق أن النمط ذاته من التفعيل ظهر أيضًا لدى أشخاص تلقوا لقاح الإنفلونزا، ما يعزز فكرة أن بعض الاستجابات المناعية يمكن تحفيزها بصريًا أو سلوكيًا من دون تماس حقيقي مع مصدر العدوى.

Related الصحة العالمية: 90% من سكان العالم لديهم مناعة ضد وباء كوفيد-19 وتحذير من ظهور متحورات جديدةبعد أن كان بؤرة تفشي للإيدز.. حي في سيدني يقترب من إعلان القضاء على فيروس نقص المناعة البشريةحماية كبيرة توفرها "المناعة الهجينة" من كوفيد-19

من جهتها، علّقت الدكتورة إيستر دييكهوف من جامعة هامبورغ، والتي لم تشارك في البحث، أن نتائج الدراسة تنسجم مع أبحاث سابقة أظهرت أن أجسامنا تتهيأ للتهديدات الصحية حتى قبل أن يباشر جهاز المناعة تفاعله المباشر مع الجراثيم.

في المقابل، أبدى البروفيسور بينيديكت سيدون من جامعة كوليدج لندن بعض التحفظ، مشيرًا إلى أن الدراسة تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الاستجابة السريعة تُترجم فعليًا إلى دفاع مناعي أكثر فعالية. وأضاف: "عند الإصابة بعدوى مثل فيروس سارس-كوف، يحتاج الجهاز المناعي ليوم أو يومين قبل التفاعل الحقيقي، ما يعني أن الاستجابة البصرية المبكرة قد لا تكون كافية وحدها لمنع المرض".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة إيران روسيا قطاع غزة إسرائيل دونالد ترامب غزة إيران روسيا قطاع غزة بحث علمي جهاز المناعة العدوى دماغ الصحة دراسة إسرائيل دونالد ترامب غزة إيران روسيا قطاع غزة موسكو حركة حماس وفاة سوريا حادث أوكرانيا

إقرأ أيضاً:

نظرة على النظام العالمي الصاعد

يعيش العالم لحظات تاريخية لا يتسنى لكل الأجيال أن تشهدها، حالة من الصعود والهبوط والتعقيد والغموض، لحظة يدخل فيها النظام العالمي «المتداعي» إلى ما يمكن تسميته بلحظة «التعب». القوى التي قادت القرنين الماضيين، من لندن الصناعية إلى واشنطن ومن بعدها بكين، تكتشف أن المحركات القديمة فقدت قدرتها على الدفع، وأن طريق «النهوض السريع» الذي عرفه العالم منذ الثورة الصناعية يكاد يُغلق.

طوال مائتي عام تقريبا، كان التاريخ يتحرك وفق منطق واضح؛ دول تفتح مصانعها، وتُعيد تشكيل مجتمعاتها، وتلتحق بركب القوة عبر التصنيع، والجيش، والتوسع. هذا المنطق أنتج حروبا عالمية وإمبراطوريات استعمارية وحربا باردة؛ لكنه كان يقوم دائما على فكرة وجود قوة صاعدة في الأفق، تطرق باب النظام القائم وتزعزع موازينه. لكن هذه الفكرة تتآكل اليوم بشكل واضح جدا.

الإنتاجية تتباطأ في معظم الاقتصادات الكبرى، والمجتمعات تشيخ قبل أن تُنهي بناء اقتصادات عادلة ومتوازنة. لم تعد فكرة الغزو مجدية جدا أو مغرية في هذه اللحظة التي يعيش فيها العالم ثورة المعرفة والبرمجيات. الصين، التي قيل إنها «وريثة حتمية» للهيمنة الأمريكية، محاصرة بمزيج من ديون هائلة، وأزمة عقار، وتحديات ديموغرافية وتعليمية. الولايات المتحدة بدورها أقل ثقة وأكثر انقساما، وأوروبا واليابان وروسيا تتقدم في العمر أسرع مما تجدّد قاعدة إنتاجها.

في المقابل، يقف جزء كبير من الجنوب العالمي ـ من إفريقيا إلى بعض مناطق الشرق الأوسط ـ عند مفارقة صعبة؛ الكثير من الشباب بلا عمل، وديون ثقيلة بلا مقابل تنموي حقيقي، ودول تتعرض لضغط الهجرة، وتغيّر المناخ، وسلاسل إمداد هشة، من دون شبكة أمان اجتماعي أو مؤسسي كافية.

هذا الركود في قمة النظام لا يعني هدوءا في الأطراف.. على العكس، القوى المتراجعة تميل تاريخيا إلى المغامرة العسكرية لتأجيل الاعتراف بتراجعها. ما فعلته روسيا في أوكرانيا نموذج على عقلية تستعيد الهيبة بالقوة حين تستنفد أدوات النفوذ الأخرى. الخطر أن تنجذب قوى أخرى إلى المنطق ذاته، وأن تتحول مناطق التوتر المفتوحة ـ من شرق أوروبا إلى شرق آسيا ـ إلى ساحات اختبار لقوى متعبة تبحث عن انتصار رمزي.

في الوقت نفسه، تتعرض الديمقراطية الليبرالية لضغط عميق من الداخل. اتساع فجوة اللامساواة، وضمور الطبقات الوسطى، وتآكل الثقة في المؤسسات، وصعود الشعبويات القومية في أوروبا وأمريكا، كلها إشارات إلى أن النموذج الذي قدّم نفسه لعقود باعتباره أفقا عالميا، يواجه أزمته الخاصة. ومع انكماش شرعية هذا النموذج، تتراجع أيضا شرعية النظام الدولي الذي بُني حوله؛ فتضعف المؤسسات متعددة الأطراف، وتتقدم الحمائية، ويصبح «التحالف» أقرب إلى صفقة عابرة منه إلى التزام طويل المدى.

لكن غياب القوى الصاعدة لا يعني غياب الأدوار؛ بل يعني العمل على إعادة تعريف القوة ذاتها. عندما تتعب المراكز الكبرى، تزداد قيمة الأطراف القادرة على إنتاج الاستقرار، وبناء الجسور، وتوفير ممرات آمنة للتجارة والطاقة، واقتراح صيغ جديدة للتعايش في منطقة مثقلة بالتوترات.

النظام العالمي الراهن لا يمنح أحدًا ضمانات جاهزة، لكنه يفتح مساحة لخيارات جديدة.. إما أن نقرأ لحظة الركود هذه بوصفها نهاية زمن الصعود فقط، فننغلق وراء حدودنا ونكتفي بمراقبة تصدعات العالم؛ أو أن نفهمها كبداية زمن آخر، يصبح فيه الاستقرار وبناء الإنسان، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية، أدوات قوة لا تقل وزنا عن حاملات الطائرات. وفي هذه المنطقة يمكن أن يتحدد موقع كل دولة من النظام العالمي القادم.

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية تعلن تراجع إصابات الإيدز وتدعو لاغتنام فرصة القضاء على العدوى
  • قلق على الأطفال بسبب انتشار الإصابات الفيروسية..رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا يوضح التفاصيل
  • بعد مشاركته في 2 قهوة.. أحمد الشامي يتعاقد على مسلسل مناعة
  • أحمد الشامي يتعاقد على مسلسل "مناعة" أمام هند صبري.. والعرض في رمضان 2026
  • نظرة على النظام العالمي الصاعد
  • بتوجيهات رئيس الدولة.. الإمارات تستجيب بشكل عاجل لإغاثة المتضررين من فيضانات سريلانكا
  • اليوم العالمي للإيدز 2025: دعوة لتجديد الجهود وتحويل مسار الاستجابة العالمية
  • انطلاق الدورة الثالثة لمنحة الصندوق العالمي الخاصة بـ “نقص المناعة
  • الطراونة: تداخل الانفلونزا والمخلوي يفاقم الموجة الفيروسية
  • عادة شائعة في الشتاء تثير مخاوف من انتشار خطر الصلع