أكبر أكذوبة تدور في الفضاء السياسي أن الجنجويد ولدوا من رحم الجيش
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
أخطر أكذوبة في الفضاء السياسي:
أكبر أكذوبة تدور في الفضاء السياسي أن الجنجويد ولدوا من رحم الجيش.
هذا القول يقوم علي خطأ معرفي مفاده أن الجيش مؤسسة ديمقراطية يجتمع فيها جميع منسوبيها ويتخذون قرارات مصيرية بكامل المشاركة الديمقراطية من كل الضباط والجنوب والإداريين.
وهذا محض هراء إذ أن الجيوش في كل دول العالم، بما في ذلك دول الديمقراطيات الراسخة، مؤسسات شديدة الهرمية، بحكم طبيعتها الوظيفية، تنساب فيها القرارارت من أعلي إلي أسفل.
وتشتد هرمية ولا-ديمقراطية الجيوش في ظل الدكتاتوريات الشمولية في علاقة طردية.
السؤال هو هل أجتمع كل الضباط والجنود وقرروا أن يحبلوا سفاحا بجنجويد ثم يلدونهم ويلولوهم ويرعوهم إلى إن يشبوا عن الطوق؟ بالطبع لا.
كل ما في الأمر أن البشير وحده أو معية قلة لا تبلغ خمسة قد أتخذ قرار ولادة الجنجويد لحمايته الشخصية. حمايته ممن؟ من ثورة الشعب ومن إنقلاب الضباط الشرفاء ضده (أمثال محمد صديق) أو انقلاب الأخوان ضده.
والحقيقة أن الكثير من الضباط قد رفضوا إعطاء صفة رسمية للجنجويد فاضطر البشير إلي وضعهم في راكوبة الأمن وفقد بعد الضباط وظائفهم لانهم رفضوا مسخرة الجنجويد.
فرية ولادة الجنجويد من كرش الجيش إنتشرت لانها تخدم أغراض أنصار الجنجويد السريين بخلق حاجز نفسي بين الشعب والجيش.
ثم تبني خرافة الميلاد ا وطنيون لا شك فيهم عن جهل والناس تحب التبسيط المخل لانه يعطي الزول إحساسا كاذبا بانه يفهم اللعبة ولا ننسي أن جل السودانيين لم تتعد مصادر ثقافتهم السياسية بوستات السوشيال ميديا فلا الزول يعرف التاريخ ولا العلوم السياسية ولا الأقتصاد السياسي ولا الجيوبولتيك.
أما الذي تعلم السياسة في أركان النقاش الجامعية وعزز ذلك بمتابعة بوستات السوشيال ميديا فهو يصول ويجول في عرصات السياسة ويفتي وكانه صامويل هنتغتون أو سمير أمين.
نتج عن هذه فرية الميلاد عمي معرفي لا يميز بين المؤسسة في حد ذاتها وإشكالات الأفراد أو المجموعات التي سطت عليها فحاربت برجوازيتنا الصغيرة أسس الدولة ولم تميز بين الدولة وبين محاربة من سطا علي جهازها.
والتمييز المطلوب لا يعني مثالية جهاز الدولة بل يعني أن الواجب إصلاحه وليس تدميره وترك الوطن غنيمة عزلاء للجنجويد والغزاة.
ولا أحد يلوم المعلمين وزارتهم علي أخطاء نظام البشير ولا أحد يقول أن التضخم ولد من رحم وزارة المالية وهو نفس ما يقولونه عن الجيش.
أن سوء ضباط أو أخوان سطوا علي الجيش يعني إزاحتهم ولا يعني تدمير الجيش، أهم مؤسسات الدولة، أو دعوته للاستسلام لمليشيا إرهابية ممولة من الخارج جرائمها ضد الأنسانية موثقة ولا خلاف عليها.
أن أسوأ تركات الكيزان هي سطحية الطامعين في وراثة ملكهم مرفوعين علي أسنة رماح الجنجويد الاغتصابية ودينارات الخارج مضافا إليهم مصفقين نظيفين لكن فشت فيهم ذهنية سياسية مضحكة – فهم من البرجوازية الصغيرة السخيفة التي لا تفهم ولا حتي مصلحتها. إذ هي مجرد خراف تتابع جزارها إلي المسلخ في كامل الحبور ويعرف هذا النوع في العامية السودانية بديك المسلمية.
وليس هناك غرابة في أن هذه البرجوازية ما زالت تصفق لجزاريها أو تسهل مهامهم ولم يساعدها ذل المهاجر أن تراجع فهمها عن كيف فقدت كل شيء – ومن كان السبب – عن غفلة مستمرة وايضا لان البرجوازي الصغير بطبعه يرفض أن يعترف بانه كان علي خطأ فادح في تموقعاته التاريخية عن جهل أو عن فهم أحمق للمصالح الشخصية والعامة.
والبرجوازية السودانية علي ذمة الواعي ولكنها تعض من يحاول انتشالها من سكرتها بدون شربوت.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكومة الجنجويد هي تهديد عسكري وليس سياسي للدولة
حكومة الجنجويد هي تهديد عسكري وليس سياسي للدولة
وهي تتحول إلى خطر سياسي اذا اعترفت بها الحكومة وتفاوضت معها.
سيراهن تحالف نيروبي على الحل التفاوضي من أجل العودة إلى الخرطوم، وهو ما لا ينبغي أن يتحقق لهم.
تريدون أن تحكموا في المناطق التي تسيطرون عليها؟
تفضلوا!
الهدف الأول للجيش السوداني سيكون منع تمدد رقعة سيطرة حكومة نيروبي وشق طريقه نحو المناطق التي تحاصرها المليشيات في كردفان ودارفور وعلى رأسها الفاشر.
إن استطاع أن يتقدم بسرعة ويحرر كل المناطق الأخرى فهذا هو المطلوب، وإن تعذر ذلك أو تأخر، فدعهم ليحكموا ما داموا مسطيرين على الأرض. ليس هناك ما يدعو للتفاوض معهم.
بتكوينهم لحكومة موازية لقد وضعت المليشيا وحلفاءها الجدد وضعوا أنفسهم أمام مسؤوليات كبيرة. يجب عليهم الآن الكف عن التباكي باسم الديمقراطية والتهميش وتأسيس دولة وحكومة في مناطق سيطرتهم والقيام بواجباتهم تجاه المواطنين في تلك المناطق من توفير للأمن والاستقرار ووسائل الحياة الكريمة. لا يمكنهم أن يلوموا أحدا بعد اليوم. وإذا كانت أبوظبي تستطيع أن تمدهم بالدعم لبناء دولة ومؤسسات وخدمات فمبروك! وإذا أثبتوا للشعب السوداني وللعالم أنهم واحة الديمقراطية والعدالة والازدهار في المنطقة فألف مبروك!
ولكن اذا فشلوا، وهو المتوقع، فقد انتهت كل أكاذيبهم. ومن لحظة تشكيل حكومة نيروبي فهي أصبحت مسئولة عن نفسها وعن المليشيات وعن المواطنين في مناطق سيطرتها وكل شئ. سيقارنها الناس في السودان وخارجه مع حكومة دولة 56 وسنرى.
هذا الكلام في أسوأ السيناريوهات في حال استطاعوا الاحتفاظ بمناطق سيطرة داخل السودان. فما لم يحدث تفاوض على أرضية حكومتين على اعتبار أن شلة نيروبي حكومة على قدم المساواة مع الحكومة السودانية وهو ما لا ينبغي أن يحدث، فإن حكومة الجنجويد لن تشكل سوى تهديدا عسكريا مؤقتا مهما طال بقاءها.
حليم عباس