اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، اليوم الأربعاء، وفق إعلان الحركة، ليكون أحدث قادة المقاومة الذين استهدفتهم بعد محاولات اغتيال متعددة.

فهل سيتأثر الاقتصاد الإسرائيلي بعد هذه العملية؟ وكيف يبدو حصاده بعد 9 أشهر من الحرب على قطاع غزة.

ويقول الدكتور الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أحمد البهنسي إنه رغم صعوبة رصد الأضرار الاقتصادية المبدئية على اقتصاد إسرائيل من اغتيال هنية فإن ثمة جانبين أساسيين تأثرا مباشرة بالاغتيال، أولهما قطاع الطيران بعد أن علقت إسرائيل حركته في الشمال تحسبا لرد من أي من الجبهات المساندة لقطاع غزة في الحرب، وفق وسائل الإعلام، أما الجانب الثاني فهو العملة التي تراجعت إلى قاع شهر.

وفي التعاملات المبكرة اليوم الأربعاء، تراجع الشيكل إلى 3.77 أمام الدولار الواحد، نزولا من 3.75 شواكل في ختام جلسة أمس الثلاثاء، بحسب بيانات بنك إسرائيل ومنصات عالمية لأسعار الصرف.

وأسعار الصرف المسجلة في التعاملات المبكرة اليوم هي الأدنى منذ نهاية يونيو/حزيران الماضي.

تأثيرات المدى الأطول

وأضاف البهنسي للجزيرة نت أن التأثير الاقتصادي على المدى الأطول لعملية الاغتيال يتوقف على الرد الذي ستتلقاه إسرائيل من إيران أو الجبهات المساندة للمقاومة الفلسطينية.

واستند إلى وسائل إعلام إسرائيلية في القول إن المزيد من الاضطرابات على الجبهة الشمالية (ناحية حدود لبنان) من شأنه أن يدفع جيش الاحتلال إلى استدعاء مزيد من جنود الاحتياط ما يؤثر على عمل الشركات فضلا عن المزيد من تراجع سعر صرف الشيكل.

من جانبه، يضيف الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف شعبان أن عملية اغتيال إسماعيل هنية أجهزت على آمال كثير من المستثمرين في عودة اقتصاد إسرائيل إلى طبيعته خاصة بعد محاولة اغتيال القيادي بحزب الله فؤاد شكر أمس واستهداف ميناء الحديدة اليمني.

ويتوقع شعبان، في حديث للجزيرة نت، أن تشهد المنطقة حربا أوسع خلال الفترة المقبلة الأمر الذي سيزيد المخاطر الاقتصادية ويضغط على كافة قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة استدعاء المزيد من جنود الاحتياط.

أبرز خسائر الاقتصاد الإسرائيلي

ويعاني اقتصاد إسرائيل من خسائر متواصلة جراء حربها المتواصلة على قطاع غزة والتي أدت إلى زيادة الإنفاق العام وتراجع التصنيف الائتماني، ومعاناة الشركات وتضرر القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وهذه أبرز الخسائر على صعيد الاقتصاد الكلي والجزئي: اتسع العجز المالي في إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 السابقة عليه، وهو ما يعادل 146 مليار شيكل (39.77 مليار دولار). وذلك ارتفاعا من 7.2% في مايو/أيار السابق له. ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية العام فوق 300 مليار شيكل (81.72 مليار دولار)، بزيادة 34.2% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. تصنّف ستاندرد آند بورز إسرائيل عند "إيه+" (+A)، بعد أن خفّضتها من مستوى "إيه إيه-" (-AA)، في حين تصنفها موديز عند "إيه2" (A2)، أي ما يعادل "إيه" (A) على مقياس ستاندرد آند بورز، أما وكالة التصنيف الثالثة، فيتش، فتمنح إسرائيل تصنيف "إيه+" (+A). من المتوقع أن تغلق 60 ألف شركة خلال السنة الحالية، حسبما نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل. أغلق الكثير من مواقع البناء في إسرائيل بعد منع 85 ألف عامل فلسطيني منذ بداية الحرب، من العمل بها على وقع المخاوف الأمنية، بينما غادر العديد من العمال الأجانب الذين يعملون في هذه المواقع. أبقى بنك إسرائيل المركزي خلال الشهر الجاري الفائدة من دون تغيير عند 4.5%، وذلك للاجتماع الرابع على التوالي، محتفظا بسياسته الحذرة بسبب الحرب. خفّض بنك إسرائيل (المركزي) توقعات النمو للاقتصاد مع "مستوى مرتفع" من عدم اليقين الجيوسياسي، وسط توقعات بحرب مطولة وأشد وطأة مع المقاومة الفلسطينية، وزيادة خطر التصعيد مع حزب الله على الحدود الشمالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاقتصاد الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

عمر سيد أحمد

العقوبات من واشنطن إلى الخرطوم… ما بين الحساب والعقاب

في 24 أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها فرض عقوبات صارمة على السودان بموجب “قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991”، وذلك بعد تأكيد استخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيميائية في عام 2024، في خرق صريح لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تُعد السودان طرفًا فيها.

القرار، الذي سُلِّم إلى الكونغرس الأميركي مرفقًا بتقرير يؤكد “عدم امتثال السودان”، يُمهّد لتطبيق حزمة من التدابير العقابية، تشمل حظر الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية، وتقييد الصادرات، وتجميد الأصول. ومن المتوقع أن تدخل هذه العقوبات حيّز التنفيذ في أو حوالي 6 يونيو 2025، عقب نشرها في السجل الفيدرالي الأميركي.

ورغم أن هذه العقوبات تأتي ردًا على خروقات خطيرة للقانون الدولي، فإن توقيتها في ظل حرب أهلية طاحنة، وانهيار اقتصادي شامل، وتوسع المجاعة والنزوح، يطرح تساؤلات أخلاقية واستراتيجية حول فاعليتها وجدواها، ومدى تأثيرها الفعلي على النخبة الحاكمة مقارنة بما تلحقه من أضرار مباشرة بحياة المواطنين واقتصاد الدولة.

تجربة السودان السابقة مع العقوبات (1997–2020)

بين عامي 1997 و2020، خضع السودان لعقوبات أميركية شاملة فرضت عليه عزلة اقتصادية ومصرفية خانقة، بتهم دعم الإرهاب واحتضان تنظيمات متطرفة. طالت العقوبات المؤسسات الحكومية والمالية، وحرمت السودان من:

استخدام النظام المصرفي العالمي المرتبط بالدولار. استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر أو التمويلات الإنمائية. التحديث التكنولوجي والاتصال بأسواق المال.

أدت هذه العقوبات إلى تدهور البنية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على التهريب والاقتصاد الموازي، وهروب الكفاءات ورؤوس الأموال. ورغم الرفع التدريجي للعقوبات في 2017، إلا أن استمرار وضع السودان على قائمة الإرهاب حتى أواخر 2020 أعاق أي تعافٍ جاد، خصوصًا مع تعاقب الأزمات السياسية والانقلابات والحرب الأخيرة.

 العقوبات الجديدة – البنود والتوقيت

العقوبات الأميركية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، جاءت كرد مباشر على ما وصفته واشنطن بـ”استخدام موثّق للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة السودان”. وتشمل:

حظر التعاملات بالدولار الأميركي. تجميد أصول الحكومة والشخصيات المتورطة. منع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان. حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.

ما يضاعف من أثر هذه العقوبات هو هشاشة الوضع الداخلي، حيث يخوض السودان واحدة من أسوأ حروبه الأهلية، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة المدنية.

ثالثًا: التأثيرات الاقتصادية المباشرة خروج فعلي من النظام المالي العالمي

السودان اليوم شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على:

فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع. تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية. التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.

هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.

تهديد الأمن الغذائي والدوائي

مع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى:

نقص حاد في الإمدادات الأساسية. تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل. توسّع الفجوة في الخدمات الصحية. ضياع موارد الدولة من الذهب

في ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.

تعميق أزمة سعر الصرف

كل هذه التطورات تؤدي إلى:

تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار. تزايد التضخم المفرط. انهيار القدرة الشرائية للمواطنين. رابعًا: من يدفع الثمن؟

رغم أن العقوبات تستهدف النظام السياسي والعسكري، إلا أن من يدفع الثمن فعليًا هو المواطن العادي:

العامل الذي فقد وظيفته بسبب توقف المصنع عن الاستيراد. المزارع الذي لا يجد سمادًا ولا وقودًا. المريض الذي لا يحصل على دواء. التاجر الذي يُجبر على التعامل عبر السوق السوداء. خامسًا: العقوبات كأداة سياسية – فعالة أم عقوبة جماعية؟

تاريخيًا، نادرًا ما أسقطت العقوبات الأنظمة القمعية. بل كثيرًا ما زادت من تماسكها عبر:

خطاب “الحصار الخارجي”. عسكرة الاقتصاد. قمع المعارضة بحجة الطوارئ.

وفي السودان، حيث الاقتصاد منهار أصلًا، ستدفع العقوبات الناس نحو مزيد من الفقر واليأس، دون ضمان أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في سلوك النظام.

سادسًا: أهمية وقف الحرب فورًا

العقوبات في حد ذاتها خطيرة، لكن الحرب تجعلها كارثية. فكل يوم يستمر فيه القتال:

يُفقد السودان مزيدًا من موارده. ينهار الأمن الغذائي. يتوسع النزوح والدمار.

وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا للخروج من هذه الدوامة. فبدون وقف إطلاق النار، لا يمكن التفاوض، ولا يمكن الإصلاح، ولا يمكن للعالم أن يستجيب لدعوات تخفيف العقوبات.

الآثار المتوقعة على إعادة الإعمار بعد الحرب

من أبرز التداعيات الخطيرة للعقوبات الأميركية المرتقبة أنها ستُقوّض بشدة فرص إعادة الإعمار بعد الحرب، حتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. إذ أن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة – من طرق ومرافق وخدمات عامة – تتطلب تمويلات ضخمة، لا يمكن تغطيتها من الموارد المحلية وحدها، خصوصًا في ظل الانهيار الكامل للإيرادات العامة وغياب مؤسسات الدولة الفاعلة. وبما أن العقوبات تشمل حظر الوصول إلى التمويل الأميركي وخطوط الائتمان، فإنها تحرم السودان من أي فرص واقعية للحصول على قروض ميسّرة، أو دعم من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أو حتى من شركات مقاولات عالمية. كما أن استمرار العقوبات يُعزّز مناخ عدم الثقة في السودان كبيئة استثمارية، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عنه، ويطيل أمد العزلة الاقتصادية، وبالتالي يُجمّد أي مسار حقيقي نحو التعافي والتنمية بعد الحرب.

خاتمة: بين المحاسبة والإنقاذ

العقوبات الأميركية على السودان تُعبّر عن موقف دولي حازم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنها في سياق حرب داخلية وانهيار اقتصادي، تتحول إلى عقوبة جماعية تهدد بقاء الدولة ذاتها. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع العقوبات، بل تغيير المسار السياسي والاقتصادي كاملاً.

وذلك يتطلب:

وقف الحرب فورًا. تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية. إصلاح شامل للقطاع المالي والمؤسسي. الشروع في مفاوضات مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات تدريجيًا مقابل التزامات واضحة بالسلام والشفافية.

فالعالم لن يستثمر في بلد يحكمه الرصاص والتهريب، ولن يخفف عقوبات ما لم يرَ إرادة حقيقية للتغيير. والسودان، برغم الجراح، لا يزال يملك فرصة – لكنها تضيق كل يوم.

* خبير مصرفي ومالي وتمويل

مايو 2025

الوسومالإنقاذ الحرب الخرطوم السودان العقوبات الأمريكية على السودان القطاع المالي والمؤسسي النظام المالي العالمي سعر الصرف عمر سيد أحمد واشنطن

مقالات مشابهة

  • صحفيو غزة تحت النار.. فيلم يكشف منهجية إسرائيل في استهداف الصحفيين
  • الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال محمد السنوار ومحمد شبانة بعد أكثر من أسبوعين
  • الجيش الإسرائيلي يعلن رسميا اغتيال محمد السنوار ومحمد شبانة
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد بوحدة صواريخ حزب الله
  • رسالة سعودية لإيران.. إما قبول الاتفاق النووي أو الحرب مع إسرائيل
  • موقع عبري: مقترح ويتكوف الجديد يستجيب لمعظم طلبات إسرائيل ولا يضمن نهاية الحرب 
  • رويترز : “بنك إسرائيل” يحذر من زيادة أعباء الديون
  • لأول مرة.. إسرائيل تكشف عن إعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة بأشعّة الليزر
  • الاحتلال ينفق أكثر من 40 مليار دولار خلال الحرب وخسائر اقتصادية ونفسية تمتد لعقود