خسائر متراكمة .. تفاصيل تكشف مأزق الاحتلال بسبب غزة!
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
سرايا - في كل يوم إضافي للحرب المستمرة في غزة، تخسر إسرائيل أكثر مما تكسب، على جوانب وصعد مختلفة، سياسية واقتصادية ودولية ودبلوماسية واجتماعية وإنسانية.
والآن، أصبحت الأوضاع أشد توتراً من أي وقت مضى، فإسرائيل هاجمت بيروت واغتالت القيادي الكبير في "حزب الله" فؤاد شكر، وفي الليلة ذاتها استهدفت قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران.
وإزاء كل ذلك، تم إسدال ستار مسرح المفاوضات، وترك المنطقة أمام رهان التصعيد، ومخاوف الانفجار اللا محدود، باشتعال شرارة الحرب الشاملة.
على الجانب الإسرائيلي وحده، يعد حصر الخسائر أمر غير ممكن في الوقت الحالي، فآلة الحرب تعمل بأقصى طاقة، بينما اقتصاد البلاد بات يرزح تحت ضغوط كبرى، لكن الأرقام تشير إلى تراجعات كبيرة، بينما التقارير توضح مدى تراجع الدبلوماسية، وتقدم العنجهية، في نهج إسرائيل، الواقفة أمام محكمة العدل الدولية في مواجهة قضية إبادة جماعية،
وضعت الحرب الطويلة على غزة، الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، فبدأ يشهد تباطؤاً تدريجياً خالقاً في الوقت نفسه تحديات اجتماعية وسياسية أعاقت مسار النمو السابق الذي استمر قرابة العامين.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني في أيار الماضي، فإن الحرب المستمرة على غزة تكلف إسرائيل 269 مليون دولار يومياً.
وتؤكد بيانات وزارة المالية الإسرائيلية، ارتفاع العجز المالي إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في 4 أشهر من العام الجاري، ليبلغ 35.7 مليار دولار منذ نيسان 2023، وهو رقم غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وأجبرت الحرب الحكومة الإسرائيلية على زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، والذي شكل نحو ثلثي إجمالي الإنفاق في أربعة أشهر. وفي المقابل، انخفضت الإيرادات بنسبة 2.2%، بسبب انخفاض مدفوعات الضرائب.
خلقت الحرب تحدياً عالمياً آخر، ففي وقت يكافح فيه المجتمع الدولي لمحاربة تغير المناخ، كانت الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أول شهرين من الحرب على غزة أكبر من البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة.
وفي تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في كانون الثاني الجاري، كشف لأول مرة أن أكثر من 99% من 281 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون تم توليدها في أول 60 يوماً من اندلاع حرب غزة، بسبب القصف الجوي الإسرائيلي، والغزو البري للقطاع.
ووفق التحليل، فإن التكلفة المناخية لأول 60 يوماً من الحرب الإسرائيلية كانت تعادل حرق 150 ألف طن من الفحم على الأقل.
تكثر الأمثلة الدالة على مواجهة إسرائيل نوعاً من العزلة الدولية بسبب ارتكابها جرائم متعددة في حربها المستمرة على غزة، ويلخصها مثال واحد، حدث بعد 6 أشهر من اندلاع الشرارة الأولى، حين استهدف الجيش الإسرائيلي مجموعة من عمال الإغاثة العاملين في مؤسسة المطبخ العالمي المركزي الخيرية، في غارة جوية قتلت جميع أعضاء الطاقم. حينها، تزايد الغضب الدولي ضد إسرائيل، حتى من بعض أقرب حلفائها، فتحول الرأي العام في بريطانيا وألمانيا وأستراليا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، وتزايدت المتظاهرات المطالبة بوقفها فوراً، وفق تقرير لوكالة "رويترز".
وبسبب الحرب وما نتج عنها من فظائع وخسائر بشرية، سارع عدد من الدول لاتخاذ مواقف واضحة للضغط على إسرائيل، بينها الأردن، الذي استدعى سفيره لدى إسرائيل، واتهمها بخلق "كارثة إنسانية غير مسبوقة" وتهديد الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.
كذلك، استدعت تركيا سفيرها لدى إسرائيل مشيرة إلى المأساة الإنسانية التي تتكشف في غزة ورفض إسرائيل الاستجابة للدعوات لوقف إطلاق النار، وفي أيار الماضي، أعلنت وزارة التجارة التركية أن أنقرة أوقفت جميع الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها بسبب "تفاقم المأساة الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية.
إسرائيل، بينها تشيلي وكولومبيا، وهندوراس، وبوليفيا بسبب انتهاكات غير مقبولة للقانون الإنساني الدولي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة.
وفي أفريقيا، أعلنت جنوب أفريقيا استدعاء جميع دبلوماسييها من إسرائيل للتشاور، كما استدعت تشاد القائم بالأعمال لدى إسرائيل.
وفي أوروبا، سارعت مدن لإدانة الحرب واتخاذ موقف واضحة إزائها، وأعلنت بلدية برشلونة في تشرين الثاني الماضي، قطع مجلس المدينة العلاقات المؤسسية مع الحكومة الإسرائيلية. كذلك، تبنت مدينة لييج البلجيكية اقتراح حزب العمال (PTB) بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل، طالما أنها لا تحترم القانون الدولي.
مع هذا، فقد تضررت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية، لكنها لم ترق إلى مستوى القطيعة. وفي كانون الأول الماضي، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إنه يشك بأن إسرائيل تحترم القانون الدولي بالنظر إلى عدد الضحايا من المدنيين في غزة، وهي تصريحات دفعت تل أبيب إلى استدعاء السفيرة الإسبانية لتوبيخها.
ووجهت أيرلندا والنرويج كذلك اتهامات متكررة لإسرائيل بارتكاب جرائم في غزة، ودعتا في أكثر من مناسبة لوقف الحرب. وبسبب عدم استجابة إسرائيل تدحرجت إلى الأمور إلى مستوى حرج، ودخلت العلاقات بين تل أبيب وأوسلو في أزمة دبلوماسية حادة.
إسرائيل عدة مرات، وقارنها بروسيا في 3 مناسبات، وأعلن دعم بلاده لدعوى الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وأمس الخميس، استدعى وزير الخارجية النرويجي، ممثلة إسرائيل لدى أوسلو للاحتجاج على قرار إسرائيل إلغاء الصفة الدبلوماسية لأعضاء في السفارة النروجية مكلفين العلاقات مع السلطة الفلسطينية.
وتضاعف الضغط الدولي على إسرائيل، بعد أن قررت جنوب أفريقيا في شهر كانون الأول الماضي رفع دعوى أمام المحكمة الدولية، اتهمت فيها تل أبيب بارتكاب أعمال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وبعد قبول الدعوى من قبل المحكمة، انضم عدد من الدول إليها، في مقدمتهم نيكاراغوا، ثم تشيلي، والمكسيك، ولحقت بهم كلاً من.. كولومبيا وليبيا ووجزر المالديف وتركيا، وإسبانيا، وتقدمت كوبا وإيرلندا وفلسطين وغيرها بطلبات للانضمام أيضاً، إلا أن المحكمة الدولية لم تبت في هذه الطلبات المقدمة حتى الآن.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
التسوية الإسرائيلية خنجر آخر في خاصرة الضفة الغربية
رام الله- مجددا يستحدث الاحتلال الإسرائيلي خطوات سياسية باتجاه الضم الفعلي لأراضي الضفة الغربية والهيمنة على أغلب مساحتها، وهذه المرة من بوابة استئناف "تسوية الأراضي" التي بدأت في العهد الأردني، وتوقف مع احتلالها عام 1967.
وحذرت أوساط رسمية ومختصون فلسطينيون من تبعات مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الإسرائيلي، المعروف اختصارا باسم "الكابينت" -الأحد الماضي- على استئناف تسجيل ملكية الأراضي بالمنطقة "ج" من الضفة المحتلة، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة وتشكل نحو 61% من مساحتها.
وقسمت اتفاقية أوسلو-2 عام 1995 أراضي الضفة إلى "أ" وتشكل 18% وتخضع للسيطرة الفلسطينية بالكامل، و"ب" وتشكل 21% وهي تخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، والنسبة الباقية منطقة "ج" وتقع تحت سيطرة إسرائيلية.
وباستئناف تسجيل الأراضي، ستتولى "وحدة تسجيل الأراضي" -وهي إحدى دوائر الإدارة المدنية وذراع حكومة الاحتلال بالضفة للشؤون المدنية- عملية تسجيل ملكية الأراضي في مناطق "ج" وسط مخاوف من مسارعة المستوطنين لتسجيلها بأسمائهم.
يقصد بـ"التسوية" اختصارا عملية تسجيل الأرض، وبشكل أوسع "تسوية جميع المسائل والاختلافات المتعلقة بأي حق تصرف أو حق تملك في الأرض والمياه أو حق منفعة فيها أو أية حقوق متعلقة بها وقابلة للتسجيل، وتتناول تسوية الأراضي والمياه جميع الأشخاص والهيئات والجمعيات الذين لهم حق التصرف أو حق التملك أو حق منفعة في الأرض والمياه سواء أكان هذا الحق معترفا به أو متنازعا فيه وذلك استنادا لقانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952" وفق هيئة التسوية الفلسطينية.
إعلانووفق اتفاقية أوسلو تتولى السلطة الفلسطينية، عمليات التسوية في المناطق "أ" و "ب" دون المنطقة "ج" ويتم ذلك من خلال هيئة التسوية وسلطة الأراضي اللتين تشكلتا لاحقا وفق قوانين أصدرها رئيس السلطة الفلسطينية.
ووفق تقرير لسلطة الأراضي الفلسطينية فقد تم حتى عام 2023 تسجيل 58% من مجمل مساحة الضفة الغربية البالغة 5.7 ملايين دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).
ويكمن الخطر في القرار الإسرائيلي -وفق مختصين- في إيقاف السلطة عن عمليات التسوية التي تجريها منذ سنوات بالمنطقة "ج" حيث أعلنت سلطات الاحتلال مرارا عدم اعترافها بها.
كما جاء القرار الأخير ليجبر الفلسطينيين على التواجه لدائرة خاصة تتبع الجيش الإسرائيلي في الضفة للقيام بأعمال التسوية وحتى ترخيص المنازل، مما يترتب عليه هيمنة الاحتلال على المساحات الأوسع والتي لا يتمكن الفلسطينيون من توثيق ملكيتها مع أنها آلت إليهم بالميراث.
ونظر لغياب التسوية لسنوات طويلة، فإن مساحات واسعة من أراضي الضفة إما مسجلة بأسماء أشخاص توفوا ولهم مئات الورثة أو غير مسجلة أصلا.
الخارجية" تحذر من تبعات مصادقة الاحتلال على "تسوية الأراضي" على فرصة تطبيق حل الدولتين
The Ministry of Foreign Affairs warns of the consequences of the occupation's approval of the "land settlement" on the prospects of implementing the two-state solution. pic.twitter.com/c9XiNRuHYs
— State of Palestine – MFA ???????????????? (@pmofa) May 13, 2025
تحذير فلسطينيوحذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية -في بيان وصل الجزيرة نت نسخة منه- من تبعات مصادقة الكابينت على فرصة تطبيق حل الدولتين، معتبرة المصادقة على استئناف تنفيذ التسوية "امتداداً لحرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا، واستخفافاً متكرراً بالشرعية الدولية وقراراتها وبالإجماع الدولي الحاصل على حل الدولتين".
إعلانوأضافت أن "عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية وتلك الداعية إلى وقف حرب الإبادة، يشجع الاحتلال على التمادي في جرائمه وانتهاكاته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية".
ومن جانب آخر، اعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح -في بيان- استئناف عملية التسوية "خطوة خطيرة تهدف إلى ترسيخ الاستيطان غير القانوني وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية".
وأضاف أن الخطوة تأتي ضمن خطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لـ"تهويد الأرض وطرد الفلسطينيين من قراهم وبلادهم لصالح إقامة مستوطنات رعوية".
ووفق تصريح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان لإذاعة صوت فلسطين الرسمية فإن "أعمال التسوية الأردنية قبل 1967 شملت 34% من مجموع الأرضي في الضفة، وبقي أكثر من 60% غير منتهية".
وأشار إلى "سيادة فعلية للاحتلال على 70% من الـ60% التي لم تتم تسويتها، وذلك قبل صدور قرار الكابينت.
من جهته، يقول مسؤول العمل الشعبي بهيئة الجدار عبد الله أبو رحمة -للجزيرة نت- إن قرار الكابينت "خطوة من سلسلة خطوات تصب في خانة فرض السيادة والسيطرة الكاملة على الأراضي، حيث إن 60% (المنطقة ج) من مساحة الضفة خاضعة فعلا لسيطرته ومهددة بأعمال التسوية والتسجيل لصالح الاستيطان".
وأضاف أبو رحمة أن سنوات الاحتلال شهدت سلسلة إجراءات وأوامر بمسميات مختلفة هدفها وضع اليد على الأراضي "في انتهاك صريح لكل القوانين الدولية والقانون الإنساني الدولي".
وقال إن عمليات التسوية تهدد بنزع ملكية فلسطينيين لأرضهم، مشيرا إلى أن كل سجلات الأراضي منذ عهد الانتداب البريطاني بيد الاحتلال الذي أوقف عمليات تسجيلها والتي بدأت في عهد الأردن (1948-1967).
إعلانوقال إن المطلوب حاليا "تحرك فلسطيني دولي على الصعيدين القانوني والسياسي لمواجهة القرار وإحباطه" إضافة إلى الفعاليات الشعبية.
يقول خبير الأراضي والاستيطان حسن بريجية للجزيرة نت إن "موضوع التسوية ومحاولة تثبيت ملكيات الأراضي للإسرائيليين قديم جديد" حيث تم التصويت عليه بجميع القراءات في الكنيست وأوقفه المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية.
وأضاف أن ما جرى الأحد "التفاف على المستشار القضائي بنقله إلى المجلس الوزاري لأخذ الموافقة عليه، لكن ذلك يتطلب أيضا مجموعة إجراءات قانونية قبل أن يدخل حيز التنفيذ".
وأشار إلى أن مصادقة الكابينت تأتي ضمن صفقة لإرضاء وزير المالية المتطرف سموتريتش "لكن في النهاية أراضي 67 فلسطينية تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهناك فتوى من محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الاستيطان ووجوب إنهاء الاحتلال، إضافة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يؤكد أن الاستيطان غير شرعي".
وفي 19 يوليو/تموز 2024 اعتبرت محكمة العدل الدولية أن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة "غير قانوني" مضيفة أن للفلسطينيين "الحق في تقرير المصير" وأنه "يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 2334، والذي ينص عدم شرعية المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية.
وأشار خبير الأراضي والاستيطان إلى أهمية التحرك الفلسطيني لدى المحكمة الجنائية الدولية وتقديم شكوى ضد إسرائيل.