صراحة نيوز – بقلم :ا.د احمد منصور الخصاونة

في وطننا الذي يفخر بجنوده وأجهزته الأمنية، تبرز المخابرات العامة الأردنية ليس فقط كدرع واقٍ من المخاطر، بل كمدرسة في القيم والمروءة والإنسانية. ليست القصة التي رواها المواطن حمزة العجارمة إلا نافذة صغيرة تطل على جبل من النبل والرجولة والشهامة المتجذرة في نفوس أبناء هذا الجهاز السيادي الوطني العريق.

فحين تجد فتاة جامعية نفسها وحيدة، مرهقة، في ساعة متأخرة، عاجزة عن العودة إلى بيتها، لا تجد حولها سوى نظرات العابرين وقلق الظلام … يُشرق النور فجأة من حيث لا تتوقع، من رجال لا يعرفون التفاخر ولا ينتظرون الشكر، لكنهم جبلوا على أن يكونوا عونًا وسندًا لكل محتاج وضعيف.

“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” .. فلسفة أمنية تتجاوز التعليمات وتلامس القلوب، ليست هذه الجملة العابرة مجرد تعبير ارتجالي خرج من لسان رجل أمن في موقف إنساني عابر؛ بل هي اختزال صادق لفلسفة عميقة تجسد العقيدة الأمنية الأردنية التي نشأت على القيم، وتشكلت من رحم الأخلاق، وتربّت على سُنة الوفاء والانتماء.

“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” تعني أن المواطن ليس رقماً في سجل، بل هو شريك في الوطن، وأن من ينتسب الى الدائرة، لا يُحركه القانون وحده، بل تُحركه الروح، والضمير، والرحمة، والفطرة الأردنية الأصيلة. هذه الجملة البسيطة كشفت عن وجه آخر لدائرة المخابرات العامة، الوجه الذي لا تراه الكاميرات، ولا تتصدر أخباره العناوين، لكنه حاضر في لحظة وجع، في موقف حيرة، في ساعة عتمة. هناك حيث لا أحد، يظهر رجال المخابرات، لا ليمارسوا سلطة، بل ليحملوا مسؤولية، لا ليفرضوا تعليمات، بل ليقدموا الطمأنينة.

دائرة المخابرات العامة الأردنية ليست فقط خط الدفاع الأول عن الوطن، بل هي أيضاً الحضن الأول لمن يشعر بالخوف أو الضياع. هي النموذج الحي على أن الأمن لا يُبنى بالعتاد وحده، بل يُبنى بالإنسان أولاً، ويصان بالعطاء، ويُروى بالرحمة. في زمن تتآكل فيه القيم عند البعض، ويعلو فيه صوت المصالح، تظل المخابرات العامة الأردنية صرحاً من صروح النبل، ومدرسة في الشرف والكرامة، وعنواناً للثقة التي نُسلمها لهم دون تردد لأننا نعلم أنهم أمناء عليها، كما هم أمناء على تراب الوطن.

ولأن الأردن وُلد من رحم الكرامة، ونشأ في مدرسة الهاشميين، فإن منسوبي مخابراته ليسوا مجرد موظفين، بل هم فرسان لا يغيب عن أعينهم نبض الأردني، ولا تغيب عن ضمائرهم دمعة أم، أو حيرة طالبة، أو قلق مواطن.

فطوبى لمن كانت “بنت الناس” عنده “بنته”، وطوبى لمؤسسة تُقدّم المثال لا المقال، والرحمة لا الجمود، والانتماء لا الادعاء.

لقد عرفناهم عن قرب، وتعاملنا معهم في مواقف ومناسبات مختلفة، فكانوا كما عهدناهم: رجال دولة، فرسان مبدأ، وأصحاب نخوة لا تهاب ولا تساوم. لا يخشون في الحق لومة لائم، ينجزون في صمت، ويحمون الوطن وأبناءه دون أن يسألوا عن مقابل.

دائرة المخابرات العامة، قدموا لنا في هذه الحادثة درسًا في الإنسانية، قبل أن يكونوا نموذجًا في الحماية. هم رجال تمرسوا في ميادين التضحية، وتشربوا أخلاق الجيش العربي، وتربّوا على أن الكرامة لا تتجزأ، وأن البنت الأردنية أمانة في أعناقهم كما هي في كنف والدها.

وإننا – أبناء هذا الوطن – لا نملك أمام هذه النماذج إلا أن نرفع القبعات احترامًا، ونسأل الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويجعلهم دائمًا كما عهدناهم: سندًا للوطن، وعنوانًا للرجولة، ورمزًا للحق.

دام الأردن عزيزًا، دامت مخابراته درعًا حصينًا، ودامت عقيدتها مدرسةً في الشرف والإنسانية.

 

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام

إقرأ أيضاً:

“اغاثي الملك سلمان” يوزّع (275) سلة غذائية في أفغانستان

وزّع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس الأول (275) سلة غذائية للاجئين الأفغان العائدين من إيران إلى مخيم لواء باباجان بولاية كابل في أفغانستان، استفاد منها (1,650) فردًا، ضمن مشروع الأمن الغذائي والطوارئ في أفغانستان للعام 2025م.

 

ويأتي ذلك امتدادًا للجهود الإغاثية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة للوقوف مع الشعب الأفغاني الشقيق والتخفيف من معاناته.

مقالات مشابهة

  • النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة مقطعة وملقاة بالقمامة فى عين شمس
  • قراءة لكتاب”موسوعة أخلاق الحكام في الشريعة الإسلامية” للعلّامة الشيخ أبي عبد الرحمن عبد الباقي حقّاني
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع (275) سلة غذائية في أفغانستان
  • الفريق أول ركن “صدام حفتر” يلتقي وفد الاتحاد الأوروبي لبحث التعاون المشترك
  • “مالية النواب” تُقِرّ مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 وتُصدر توصياتها الشاملة
  • البشري يزور معرض صور الشهداء في اللحية بالحديدة
  • وكيل الحديدة يتفقد حملة “مدينة اللحية نظيفة خالية من الأوبئة”
  • “بيطار” الخطى..
  • روح العطاء الأردنية: متطوعو معان نموذج للوطنية والتلاحم
  • حينما يستدعي بعض السوريين نتنياهو!