الثورة نت:
2025-06-08@20:35:58 GMT

حرب الإبادة على غزة تحرم 19 ألف طفل من آبائهم

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

حرب الإبادة على غزة تحرم 19 ألف طفل من آبائهم

الثورة / متابعة / ناصر جرادة

آلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة تدمر مستقبلهم بفعل الحرب العدوانية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر، ما شكّل مأساة كبيرة وتمزقاً عميقا في الأسرة والنسيج الاجتماعي للقطاع.
ونشرت صحيفة” نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير لها أمس. عن تقدّيرات خبراء أمميون أن ما لا يقل عن 19 ألف طفل يعيشون الآن منفصلين عن والديهم في قطاع غزة، سواء مع أقاربهم، أو مع مقدمي الرعاية الآخرين، أو بمفردهم .


التقرير الذي اعتمد علي خبراء استخدموا أسلوباً إحصائياً مستمداً من تحليل الحروب الأخرى، أشار إلى أن الرقم الحقيقي لهؤلاء الأطفال الأيتام ربما يكون أعلى من ذلك. فالحروب الأخرى لم تشمل هذا القدر من القصف والنزوح في مثل هذا المكان الصغير المزدحم، الذي يضم عدداً كبيراً من السكان جلّهم من الأطفال، بحسب ما ذكره جوناثان كريكس، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للطفولة.
وتضيف الصحيفة أن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم والآباء من أطفالهم، وتفسد النظام الطبيعي للأشياء، وتمزق الوحدة الأساسية للحياة في غزة. إنها تجعل العديد من الأيتام في حالة من الفوضى لدرجة أن أي وكالة أو مجموعة إغاثة لا تستطيع إحصاءهم.
ورصد تقرير الصحيفة الأمريكية الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأطفال الأيتام الوحيدون في غزة ممن قتل والديهم أو اعتقلوا في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها الحادي عشر وخلفت أكثر من 120 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وفقاً لأرقام وزارة الصحة.
ففي خان يونس، أقيم مخيم يديره متطوعون لإيواء أكثر من ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما. وهناك قسم مخصص للأطفال “الناجين الوحيدين”، وهم الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، باستثناء أحد أشقائهم.
وبحسب التقرير، كانت 41% من الأسر التي استطلعت وكالة الأمم المتحدة للطفولة آراءها في غزة ترعى أطفالاً ليسوا من أطفالها في شهر أبريل الماضي. وقال التقرير: “إن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم، وتحرم الآباء من أطفالهم، وتقوّض النظام الطبيعي للحياة، وتدمر الوحدة الأساسية للحياة في غزة. كما تتسبب في خلق أعداد هائلة من الأيتام وسط حالة من الفوضى التي لا تستطيع أي وكالة أو مجموعة إغاثة إحصاءها “.
ونقل التقرير عن طواقم طبية قولها إن الأطفال يُترَكون يتجولون في ممرات المستشفيات بعد نقلهم إلى هناك وهم ملطخون بالدماء وحيدين. كما تأوي وحدات حديثي الولادة أطفالاً لم يأت أحد ليطالب بهم.
وكانت طبيبة أطفال أمريكية عالجت مرضى في غزة أثناء الحرب قد نقلت شهادتها عن الأهوال التي شهدتها في القطاع إلى أنصار الحزب الديمقراطي خلال ندوة عقدت ضمن فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة شيكاغو.
وتناولت شهادة الطبيبة تانيا حاج حسن الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، وعانوا من إصابات بالغة، وغيرهم ممن تُرك الكثيرون منهم بلا أسر، حتى بات مصطلح “الطفل الجريح بلا أسرة على قيد الحياة” شائعاً، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وتحدثت تانيا عن طفل صغير جاء إلى غرفة الطوارئ بإصابات بالغة في نصف وجهه ورقبته بينما كان يقول لها إنه يتمنى لو مات هو أيضاً لأن كل من يحبهم في الجنة.
ونقل تقرير “نيويورك تايمز” عن الدكتورة ديبورا هارينجتون، طبيبة التوليد البريطانية التي تطوعت في غزة في ديسمبر الماضي، قولها إن بعض الأطفال ولدوا أيتاماً بعد وفاة أمهاتهم الجريحات أثناء الولادة.
وفي كثير من الأحيان، ينفصل الأطفال عن آبائهم عندما تعتقل قوات الاحتلال والديهم، أو عندما يهرع الأطفال إلى المستشفيات بمفردهم وسط حالة الارتباك التي تخلفها الغارات الجوية.
وقال الأطباء إنهم عالجوا العديد من الأطفال الأيتام حديثاً، وكثير منهم من مبتوري الأطراف.
وأشار التقرير إلى أنه رغم محاولة عمال الإغاثة البحث عن عائلات هؤلاء الأطفال الوحيدين، إلا أن انهيار الأنظمة الحكومية التي كان من الممكن أن تساعد في عمليات التتبع والبحث يعوق عمليات البحث في ظل انقطاع لأنظمة الاتصالات وأوامر الإخلاء المتواصلة التي تفرق العائلات.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأطفال الصغار يعانون من صدمة شديدة لدرجة أنهم يصابون بالخرس ولا يستطيعون إعطاء أسمائهم، مما يجعل من مهمة الوصول إلى عائلاتهم أمراً مستحيلاً، وفقاً لجمعية قرى الأطفال، وهي منظمة مساعدات تدير داراً للأيتام في غزة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل

دعا المسؤول الأممي السابق وكبير مستشاري القضية الفلسطينية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ليكس تاكنبرغ، قادة المجتمع الدولي إلى ضرورة "فرض عقوبات رادعة على إسرائيل، وأن يُشجّعوا على ىسحب الاستثمارات من الشركات التي تُمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقفعن شراء الأسلحة الإسرائيلية وبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى".

وأكد تاكنبرغ، مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل منذ بدء العدوان، قبل 19 شهرا، تُعد جريمة حرب تُستخدم كسلاح إبادة جماعية"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي التزم الصمت طويلا، مما منح إسرائيل غطاءً لمواصلة عدوانها، قبل أن يبدأ هذا الصمت بالتصدع مع تزايد الغضب الشعبي العالمي ووضوح مواقف الخبراء القانونيين".

ولفت المسؤول الأممي السابق، إلى أن "هناك تحوّلا في موقف بعض الدول الغربية التي بدأت تدين علنا الإبادة الجماعية، وتكشف الوجه الحقيقي للحرب على غزة"، مرجّحا أن السبب في هذا التحول هو "الخوف من أن يُنظر إليهم في المستقبل كمتواطئين في الجرائم المرتكبة".

وفيما يتعلق بمحاسبة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، قال تاكنبرغ إن "الحكم النهائي في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل قد يستغرق عاما أو أكثر، لكنه سيكون ذا أهمية قانونية وتاريخية بالغة، لأنه سيضع إطارا قانونيا واضحا حول طبيعة جرائم إسرائيل ومسؤوليتها كدولة".

وشدّد تاكنبرغ على أن "الاعتراف بوقوع الإبادة الجماعية في غزة يفرض التزامات قانونية على الدول، من بينها فرض العقوبات الرادعة ووقف الدعم العسكري والاقتصادي لإسرائيل"، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية كخطوة أولى لوقف المجازر.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّمون عملية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة؟


لقد شاهدنا خلال الأيام القليلة الماضية أن الخطة الإسرائيلية-الأمريكيةالرامية إلى تجاوز النظام الإنساني المتعارف عليه منذ زمن طويل من المجتمع الدولي، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةفشل تماما، كما توقع العديد منا منذ أسابيع، منذ أن تم الإعلان عن تفاصيل الخطة الجديدة.

لقد شاهدنا الصور المروّعة لمئات الفلسطينيين الجائعين في غزة وهم يحاولون الوصول إلى ما يُطلق عليه "نقاط توزيع آمنة" أنشأها هذا النظام الجديد، مما أدى إلى فوضى مأساوية ومعاملة لا إنسانية للفلسطينيين، وإصابة العشرات ومقتل أحدهم، وهذا يُظهرالقصور التام في هذا النظام الجديد.

ما يُطلق عليه "مؤسسة غزة الإنسانية" ليست سوى ستار للتغطية على حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك التطهير العرقي، واستخدام التجويع كسلاح حرب.

يبدو أن حكومة نتنياهو –وقد صرّحت بذلك أيضا- أدركت أن الحرمان الكاملمن الغذاء، ومواصلة الحصار التام على الغذاء، أمر لا يمكن تسويقهللعالم، لذلك حاولوا خلال الأشهر الماضية إنشاء نظام بديل، لكن كما أوضحتمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، فإن هذا النظام البديل لا يستوفي الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، مثل الحياد، والاستقلال، وعدم التحيّزولا حتى المعايير الأساسية للكرامة الإنسانية ومبدأ "عدم الضرر".

في ظل النظام القائم التابع للأمم المتحدة، كان هناك أكثر من 400 نقطة توزيع يتم عبرها تقديم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.

أما في ظل النظام الجديد، فلن يكون هناك سوى أربع نقاط توزيع كحد أقصىبالنسبة لهذا العدد من السكان. كيف يمكن لنقطة توزيع واحدة أن تخدم نصف مليون شخص؟،هذا أمر مستحيل وخطير وغير إنساني، كما ذكرت سابقا.

نعم، إنه كما قلت ليس سوى ورقة توت وستار للتغطية على خطط إسرائيل المستمرة لتطهير قطاع غزة عرقيا.

ما تقييكم لموقف الأمم المتحدة من آلية توزيع المساعدات في غزة؟

كما ذكرتُ في إجابتي السابقة فإن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكوميةأو ما أسميه المجتمع الدولي الإنساني ككل رفض هذه الخطة للأسباب التي ذكرتها سابقا؛ فهي لا تلبي الحد الأدنى من المعايير المهنية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتي تم تطويرها على مدى عقود إن لم يكن أكثر من ذلك، وهي في جوهرها أداة إضافية لمواصلةالتطهير العرقي، بل تسهيله، لأنه من أجل الحصول على المساعدات ضمن ما يسمى"مؤسسة غزة الإنسانية"، يجب على اللاجئين السير إلىواحدة من نقاط التوزيع الأربع، والتي يبدو أن اثنتين منهم فقط تم إنشاؤهما في الوقت الحالي.

ومن أجل ذلك يتم إبعادهم أكثر عن المناطق التي يريد الجيشوالحكومة الإسرائيلية تطهيرها وطرد الفلسطينيين منها.

لذلك، ناهيك عن كونه مجرد ستار للتغطية على استمرار الحرب، فإن النظام الجديد للمساعداتيُستخدم أيضا كأداة لفرض التهجير القسري على السكان الفلسطينيين.

ما هو موقف المجتمع الدولي من سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل في غزة؟ 

التجويع في غزة، واستخدام الحصار، واستخدام حرمان الناس من الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى والكهرباء والمياه والوقودفي سياق الحرب الإسرائيلية الجارية، بدأ تقريبا منذ بداية الحرب قبل 19 شهرا. وكما رأينا، فقد ظل المجتمع الدولي صامتا لفترة طويلة جدا ودعم في البداية إسرائيل بقوةبعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم استمر في التأكيد على "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" بشكل غير مناسب تماما ومُخالف للقانون الدولي، لأن الدفاع عن النفس لا يمنح إسرائيل الحق في الغزو وشنّ حرب إبادة جماعية ضد سكان أرض محتلة؛ فهذا لا يحدث في إسرائيل ذاتها، بل يحدث في أرض قالت محكمة العدل الدولية إن على إسرائيل الانسحاب منها هي والضفة الغربية.

لقد ظل المجتمع الدولي صامتا لوقت طويل جدا، وبالتالي مكّن إسرائيل من الاستمرار. مؤخرا فقط، مع تفاقمالمجاعة والتجويع في قطاع غزة وانتشار الصور المروّعةعلى شاشات هواتفنا وتلفزيوناتنا، ومع تصاعد غضب المجتمع المدني فيالعديد من البلدان والمدن الكبرى حول العالم، الذين خرجوا للتظاهر، ومع بدء وسائل الإعلام في الاعتراف بأن ما يحدث ليس مجرد حرب بين طرفين،بل هو بالفعل إبادة جماعية، ومع تصاعد وضوح الخبراء الدوليين في القانونوالإبادة الجماعية في إدانة ما يحدث، بدأنا نلاحظ أن هناك بداية تغيير في موقف المجتمع الدولي تجاه الحرب الإسرائيلية، وخاصة تجاه سياسة التجويعالإسرائيلية في غزة.

إسرائيل تقصي نفسها عن المجتمع الدولي الذي يجب ألا يتجاهل المجازر المروعة وشبه اليومية في غزة، ولا يمكن أن ننتظر أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يكون الوضع أكثر فظاعة مما نشهده الآن. نحن نشهد تطهيرا عرقيا خطيرا بحق المدنيين في قطاع غزة، والمشكلة هي الإرادة السياسية، ليست فقط الإرادة السياسية في إسرائيل، بل أيضا الإرادة السياسية في الولايات المتحدة التي هي الداعم الأكبر لتل أبيب، وكذلك الإرادة السياسية لدي باقي دول المجتمع الدولي، من أجل إجبار إسرائيل على وقف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة، وعلينا أن نقول بصوت عالٍ: يجب إنهاء تلك المأساة الآن وفورا.

هل تشعر أن هناك تحولا ملموسا في موقف الدول الغربية تجاه الجرائم الإسرائيلية في غزة؟

الضغط على القادة الغربيين للتخلي عن دعمهم الأعمى لإسرائيل في بداية الحرب كان يتصاعد خلال الأشهر والأسابيع الماضية، بالتحديد مع ظهور آثار الحصار الأخير ومنذ أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في بداية شهر آذار/ مارس، وضد سياسة التجويع التي تسببت في المجاعة الحالية، والتي تأتي في أعقاب 19 شهرا من حرب الإبادة المستمرة.

لذلك، بدأ القادة الغربيون يرون أنهم مُضطرون للاختيار بين الاستمرار في دعم إسرائيل من جهة، أو من جهة أخرى المخاطرة بالتعرض لاتهامات من إسرائيل أو منظمات مؤيدة لها بأنهم معادون للسامية.

لكنهم رغم ذلك، بدأوا يتحدثون علنا، بدأوا ينددون علنا بالإبادة الجماعيةوبسياسة التجويع. ورأينا عددا من الساسة الغربيينيخرجون أخيرا عن صمتهم بعد طول انتظار، ليعلنوا وصف وتسمية الحرب على حقيقتها.

وقد أشار عدد من القادة الأوروبيين إلى أنها إبادة جماعية، وقد رأينا أنه بمجرد أن خرج بعض القادة البارزين بمواقف واضحة، بدأ العديد من الآخرين يتبعونهم بسرعة، على ما يبدو خوفا من أن يكونوا في نهاية المطاف في الجانب الخاطئ من التاريخ، وأن يُنظر إليهم كمتواطئين في تنفيذ الإبادة الجماعية.

هذه خطوة مهمة، لكن الاعتراف بطبيعة ما تفعله إسرائيل فيقطاع غزة، وبشكل متصاعد أيضا في الضفة الغربية، يحمل معه مسؤوليات؛ فليس الحديثوحده كافيا.

بموجب القانون الدولي، جميع الدول مُلزمة بألا تكون متواطئة وألا تدعمأعمال الإبادة الجماعية، أو أيّا من الجرائم ضد الإنسانيةأو جرائم الحرب، ويجب أن تُتخذ خطوات فعلية لوقف ذلك، وهذا يعني أنه مع اعتراف القادة الآن بما يجري، فإن عليهم الآن واجبا قانونيايصعب عليهم إنكاره.

يجب عليهم فرض عقوبات رادعة وقوية على إسرائيل، وأن يشجعوا على سحب الاستثمارات من الشركات التي تمكّن الاقتصاد الإسرائيلي من مواصلة الحرب، والسماح والدعوة لمقاطعة تلك الشركات، والتوقف ليس فقط عن توريد الأسلحة لإسرائيل، بل أيضا التوقف عن شراء الأسلحة الإسرائيليةوبرمجيات المراقبة والمعدات الإسرائيلية الأخرى، حيث تتورط أكثر من 100 دولة في شراء هذه الأسلحة والمعدات والأجهزة والبرامج من إسرائيل، وهو ما يسمح للاقتصاد الإسرائيلي بمواصلة الحرب.

هذه الآن هي الخطوة التالية التي يجب أن نراها، يجب على القادة الغربيين أن يستخلصوا الدروس من هذه الاستنتاجات ويتخذواإجراءات ملموسة لوقف التجويع، ولن يتحقق ذلك إلا بوقف إطلاق نار شاملوإنهاء الحرب ثم استئناف العملية السياسية.

هل تعتقد أن هناك تنسيقا أوروبيا - أمريكيا لتصعيد الضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟  

إنه مزيج من بعض الجهود المنسقة؛ فقد رأينا مثلا بيانا مشتركا بينبريطانيا وفرنسا وكندا يدين بشدة سياسة التجويع الإسرائيلية، ويُهدّد بعواقب إذا لم تتوقف تلك السياسة.

بالتوازي مع ذلك، نرى الأثر النفسي لتغيير عدد من القادة المؤثرينلهجتهم بشكل مفاجئ، مما دفع قادة آخرين كانوا مترددين أو متفرجينللشعور بالضغط وقرّروا الانضمام إلى أولئك الذين اتخذوا مواقف صارمة.

لذلك، هو مزيج من التنسيق والضغط النفسي، الضغط من أسفل لأعلى، من المظاهرات المتزايدة في دول الغرب، ومن أفراد المجتمع المدني لاستغلال القوانين والضغط بهذا الاتجاه.

إلى أي مدى تعتقد أن الضغط الأوروبي والأمريكي سينجح في إنهاء الأزمة الإنسانية والحرب في غزة؟

من الواضح جدا أن الضغط المباشر الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على التوقفهو أن تعلن إدارة ترامب، وتحديدا ترامب نفسه، بوضوح أنه "يجب أن تتوقف الحرب الآن"، وليس فقط أن يذكر ذلك ضمن منشور عابر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في أحد مقابلاته الإعلامية العديدة، بل أنيوجهرسالة واضحة لا تحتمل التأويل إلى نتنياهو، وهذا ما سيوقف الحرب فعلا.

والسؤال الآن هو: كيف نصل إلى هذه النقطة؟، وكيف يمكن للآخرين أن يلعبوا دورا في ذلك؟،أوروبا مهمة جدا؛ فالقادة الأوروبيون هم الكتلة التالية من القادة الذين سمحوا باستمرار الحرب، وما أعتقد أنه مهم للغاية أيضا، هم قادة دول الخليج.

ترامب كان مؤخرا في الخليج، حيث زار الإمارات وقطر والسعودية، وهو يرى أن هناك فرصا هائلة للاستثمار والأعمال.

لكن الحرب وصور الأطفال الجائعين لا تخلق المناخ المناسب لصفقات اقتصادية ناجحة.

أعتقد أن هذا ما بدأ يدفع ترامب لأن يكون أكثر انتقادا وأكثر نفادا للصبر وانزعاجا من مناورات نتنياهو المستمرة.

ومن المهم أن يقوم قادة الخليج بتذكير ترامب بمحادثاتهمخلال زيارته للخليج ويواصلوا الضغط عليه، جنبا إلى جنب مع القادة الأوروبيينلوقف هذه الحرب.

هل أعتقد أن ذلك سينجح؟، نعم أعتقد ذلك، لأن إسرائيل لا تمتلك رؤية ولا تمتلك استراتيجية، والسبب في استمرار الحرب هو اعتباراتسياسية داخلية، وتهديدات أحزاب ورموز اليمين المتطرف المستمرة لنتنياهو بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال رضخ للضغط الأمريكي والضغوط الأوروبية، ووافق على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، لأن ذلك لن يؤدي فقط إلى إسقاط الحكومة، بل سيؤدي إلى نهاية مسيرة نتنياهو السياسية؛ إذ يواجه نتنياهو عدةقضايا فساد داخلية وهي جارية حاليا، إضافة إلى مذكرات اعتقال صادرة عنمحكمة العدل الدولية.

لذلك، فإن سقوط حكومته يعني على الأرجح بداية محاكمتهوسجنه في النهاية. ومن المؤسف أن هذا الخوف الشخصيوهذه الاعتبارات الشخصية هي على الأرجح السبب الرئيسي الوحيد الذي حالحتى الآن دون إجبار إسرائيل على وقف الحرب المستمرة.

ما توقعاتكم بشأن الحكم المرتقب من محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة في غزة؟ ومتى سيصدر؟ 

فقط للتذكير جنوب أفريقيا رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل بموجباتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية مُتهمةً إسرائيل بأن ممارساتها خلال حربها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023تُشكّل ممارسات إبادة جماعية ينطبق عليها تعريف الإبادة الجماعيةبموجب الاتفاقية، حيث القتل العمد وتشويه سكان غزة، وكذلك فرض ظروف معيشية تجعل من بقاء المجموعة مستحيلا، وهذه عناصر أساسية ضمنتعريف الإبادة الجماعية في الاتفاقية.

محكمة العدل الدولية، في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي أصدرت بيانا يفيد بأن جنوب أفريقيا أثبتت احتمال انتهاك حقوق الفلسطينيين بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعيةأي أن هناك قضية أولية وأدلة أولية على ارتكاب إبادة جماعية، وذلك في انتظار تقدم إجراءات المحكمة. كان هذا قرارا مؤقتا يتضمن أوامر فورية للحكومة الإسرائيلية لوقف ممارسات الإبادة فورا. أوامر مُلزمة قانونيا، وهذه الأوامر تم تكرارها وتوسيعها في أحكام لاحقة، إذا لم أكن مخطئا، في آذار/ مارس وأيار/ مايو من العام الماضي، لكنها كانت أحكاما مؤقتة، والقضية ما تزال جارية.

جنوب أفريقيا قدّمت أدلتها، والآن إسرائيل ستحصل على الفرصة، بما أنها قضية بينها وبين جنوب أفريقيا، سيكون أمامها فرصة للرد وتقديم أدلتها المضادة إذا رغبت في ذلك، ثم سوف تُعقد جلسة استماع قد تستمر لأسبوع تقريبا بحضور الطرفين، وربما بحضور شهود وخبراء، وتقديم الأدلة، ثم سيصدر الحكم النهائي.

وأعتقد أن ذلك سيستغرق سنة أخرى على الأقل، وربما سنة ونصف قبل أن يصدر الحكم النهائي.

ما يمكننا قوله الآن هو أن هذه العملية القضائية مهمةكحكم قانوني على الحرب الإسرائيلية من أجل وضع إطار قانوني واضحلتقييم ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت فعلا إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وربما عناصر أخرى، لأن الإبادة مظلة تضم تحتها عددا من الجرائم الدولية التي تُرتكب بنيّة واضحة، وحتى إن ارتكبت كل واحدة منها على حدة، فإنها تظل مخالفة للقانون الجنائي الدولي.

وبالتالي فإن هذا الحكم سيُشكّل قرارا قانونيا، لكن الحقيقة أن هذا الإجراء يستغرق عدة سنوات من لحظة البدء وحتى صدور الحكم، ما يعني أنه ليس أداة من أجل وقف الحرب بشكل فوري؛ فهذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي.

ليست لدينا حكومة عالمية يمكنها محاسبة إسرائيل. لدينا أمم متحدة غير مثالية حيث لا يزال مجلس الأمن تحت هيمنة الدول الخمس الدائمة العضوية التي تمتلك حق الفيتو. لكن مع ذلك، الحكم سيكون في غاية الأهمية، لأنه سيقدم الجواب القانوني النهائي حول طبيعة سلوك إسرائيل، وسيكون لهذا أيضا أهمية حاسمة فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية، وكذلك مسؤولية دولة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض عليها واجب تقديم تعويضات، وهذا بطبيعة الحال أمر بالغ الأهمية.

توقعاتي بشأن الحكم مثلما ذكر العديد من الخبراء القانونيين وخبراء الإبادة الجماعية، أن المحكمة ستجد أن هذه الحالة تمثل نموذجا للإبادة الجماعية بكل عناصرها، بما في ذلك حقيقة أن غزة أصبحت غير قابلة للحياة، وأن البنية التحتية الأساسية التي تمكّن الناس من البقاء على قيد الحياة قد دُمّرت تماما.

وأيضا التصريحات الواضحة جدا من مسؤولين إسرائيليين، والتي تُظهر نية الإبادة بشكل علني حتى هذه اللحظة، وبدلا من التراجع أو الخوف من المساءلة القانونية، يبدو أن القادة والسياسيين الإسرائيليين أصبحوا أكثر حدة في التعبير عن نيتهم في الإبادة، والتهجير القسري، والقتل، وتشويه سكان غزة.

لذلك، لا شك لديّ أن محكمة العدل الدولية ستجد أن إسرائيل قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية.

كيف تقيّم مجمل المساعي الرامية لمحاسبة إسرائيل في المحاكم الدولية؟

الجهود موجودة وكانت قوية كما رأينا، جنوب أفريقيا استغرقت بضعة أشهر لجمع المعلومات الأولية وتقديم الدعوى. قدّمت الدعوى قبل نهاية عام 2023، بعد أشهر قليلة فقط من بدء الحرب. وفي نفس الوقت، كانت المحكمة الجنائية الدولية منخرطة بالفعل في التحقيق حول الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي والجرائم الدولية المحتملة بموجب نظام روما الأساسي، وقد أصدرت مذكرات اعتقال. نعم استغرق الأمر عاما كاملا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن على الأقل هناك عمل قد تم إنجازه، وآليات المحاسبة الدولية تم تفعيلها وتم استخدامها.

كما ذكرت سابقا هذه الآليات مهمة من أجل المساءلة القانونية مستقبلا وتقديم تعويضات. لكنها ليست كافية أو قوية بما يكفي لوقف الإبادة الجماعية بشكل فوري.

هذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تحمل الدول الفاعلة في المجتمع الدولي مسؤولياتها وأن تقول هذا يكفي، هذا يجب أن يتوقف فورا.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أممي سابق لـعربي21: يجب فرض عقوبات دولية رادعة على إسرائيل
  • ثاني «أضحى» يُنحر في غزة بسكين الإبادة
  • مخلفات الأسد.. 300 طفل وضعوا في دور الأيتام قسراً
  • "الداخلية" تحتفل مع الأطفال الأيتام بعيد الأضحى المبارك وتوزع الهدايا عليهم
  • الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام في عيد الأضحى (صور)
  • محافظ أسيوط يصطحب الأيتام في رحلة للملاهي
  • محافظ أسيوط يشارك الأطفال الأيتام فرحتهم باول ايام عيد الاضحى المبارك داخل الملاهى بأسيوط الجديدة
  • محافظ الجيزة في جولة ميدانية عقب صلاة العيد.. زيارة دور رعاية الأيتام بالعجوزة.. وتوجيهات بسرعة دعم مستشفى التحرير العام بالتخصصات الطبية
  • محافظ الجيزة يتفقد مستشفى التحرير العام بامبابة ودور رعاية الأيتام بالعجوزة
  • محافظ الجيزة يتفقد مستشفى التحرير العام بإمبابة ودور رعاية الأيتام بالعجوزة