محمد بن زاهر العبري

 

لا شك أنَّ البشرية بشتى قطاعاتها عن قريب مُقبلة على تغيير هائل في أنماط تعاطي المعارف المتنوعة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يعد بثورة كُبرى في النمو المعرفي البشري، فمن إعداد الدراسات البحثية إلى فرز محتوى المؤتمرات العالمية والمنتديات الثقافية إلى رفد سيناريوهات جيوسياسية وأفلام وثائقية، مرورًا بتغيير أنماط خُطب الجمعة وأساليب الإلقاء وتقديم المحادثات المقنعة القائمة على البرهنة والتفكير الناقد، إلى ابتكار قصص للأطفال وتبسيط المعارف الفلسفية والفيزيائية لمرحلة ما قبل المدرسة، إلى عرض النظريات في الكوانتا والانطولوجيا لأطفال الابتدائية، وهكذا لن يبقى حقل معرفي إلا وسيجري عليه الذكاء الاصطناعي قلمه، الأمر الذي لا محيص عن قبوله.

لكن الهاجس المقلق هو كيف يمكن الانتقال الآمن إلى هذا العالم والاستفادة القصوى منه، وتنظيم التعامل معه خصوصا على مستوى الأطفال بحيث يتم استخدامه طبق الإرشاد التربوي لتعزيز النمو الثقافي والمعرفي؟

يقترح الخبراء النقاط التالية:

ستظل الأسرة المسؤول الأول والأخير عن كيفية ارتياد الطفل لعوالم الذكاء الاصطناعي، ويلعب حوار الأم والأب مع الأطفال حول مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي الدور الأكبر في تأسيس منطلقات ودوافع اقتحام هذه العوالم لدى الأطفال. ومن الجيد أن تكون بين الأم وعيالها جلسة لارتياد أحد برامج الذكاء الاصطناعي لأجل تصميم حديقة مثلا أو منزل الأحلام، أو إعداد موضوع قد يكون مطلوبا معرفته خلال الفصول الدراسية. وهذا يؤسس في الأطفال "توجهًا ذكيًا" لاستخدام برامج الذكاء الاصطناعي. المدارس من جانبها- مستقبلًا- من المتوقع أن يشهد الذكاء الاصطناعي حضورًا في أنشطتها وبرامجها بشكل مكثف، وهذا يتطلب من طواقم التدريس الاستعداد للانتقال إلى مرحلة ما بعد الكتاب المدرسي، ومن المُفارقات أن نرى أن كتاب "المهارات الحياتية" الصادر عن وزارة التربية والتعليم في بعض المراحل الدراسية يتناول كيفية الاستحمام بالماء والصابون، في حين أن ذات المادة في بعض البلدان تطلب من الطلبة إعداد جدوى الموانئ في اقتصاديات البلدان عبر استخدام نطاق الذكاء الاصطناعي. الحديث عن المخاطر التي قد تنشأ من استخدام الذكاء الاصطناعي والتحديات التي تحف بهذا الاستخدام لا ينبغي أن يخلو منه بيت أو مدرسة. وقد يجد الأطفال في ذلك تحديًا لثقافتهم وتراثهم ودينهم، كل ذلك يتطلب تدخل الخبراء في مرحلة مبكرة من إقبال الأطفال على هذه البرمجيات.   سوف تلعب هذه البرمجيات خلال المرحلة المقبلة دورًا في تقديم الدعم النفسي والذهني للصغار، وسيكون بالإمكان استخدامها في معالجة التنمُّر، والتحرش الجنسي، وفرط الحركة، وحب الانزواء، وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين، لذا من الضروري معرفة كيف يمكن استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي لدعم فئات من هذا النمط من الأطفال.

قد يتطلب الانخراط في هذه المساقات تنشيط البؤر الثقافية الاجتماعية بالتعاون الوثيق مع وزارة التربية والتعليم للتواجد في المرحلة العصرية؛ إذ لا زلنا لا نشهد ندوات ثقافية تتناول مستقبل التعليم والتربية على ضوء التقدم العلمي الهائل في تبسيط المعرفة، كما لا زلنا في توقٍ لمعرفة مناهجها وخططها لتدشين عملية التعليم التفاعلي مع هذه البرمجيات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي

نجحت الفتاة العربية بيسان قعدان في ابتكار جهاز ذكي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لفرز النفايات تلقائيًا، مما يسهم في رفع كفاءة عمليات إعادة التدوير وحماية البيئة. يأتي هذا الابتكار كخطوة مهمة في إدارة النفايات الصلبة، حيث يبسط عمليات الفرز ويوفر الوقت والجهد، مع دقة تصل إلى 90٪، ما يشجع الأفراد والمؤسسات على تبني ممارسات بيئية أكثر مسؤولية.

تم تصميم الجهاز ليُركّب بسهولة على سلال النفايات المنزلية أو المكتبية، حيث يقوم بمسح المخلفات وتصنيفها باستخدام كاميرا مدمجة وخوارزميات تعلم آلي. يعتمد على مكونات بسيطة مثل وحدة Raspberry Pi 4، ما يجعله اقتصاديًا وقابلًا للتطبيق على نطاق واسع.  

جاءت فكرة الابتكار خلال تدريب بيسان في الشركة المصرية لإعادة تدوير المخلفات، حيث واجهت تحديات الفرز اليدوي وألهمها تطوير حل ذكي لهذه المشكلة. تقول بيسان: “التكنولوجيا يجب أن تكون في خدمة البيئة. هدفي هو تسهيل إعادة التدوير عبر جهاز عملي للاستخدام اليومي.”

يُتوقع أن يكون للجهاز تطبيقات واسعة في المنازل، المدارس، الشركات، والمرافق العامة، مع خطط لتطوير نسخة متقدمة تتضمن تطبيقًا ذكيًا يقدم تقارير دورية للمستخدمين، مما يعزز وعيهم البيئي ويساهم في بناء سلوكيات مستدامة.

طباعة شارك جهاز اداء ذكاء

مقالات مشابهة

  • الإمارات… الذكاء الاصطناعي من رياض الأطفال إلى الدكتوراه
  • آبل تلمح لصفقات ضخمة لتجاوز تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • المطرف: يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي..فيديو
  • خالد عبد الرحمن يتعرض لموقف محرج بسبب سؤال عن الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا
  • طفرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. 1.87مليار عائدات في أشهر
  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • هيئة مكافحة الاحتكار الإيطالية تحقق مع ميتا بشأن دمج الذكاء الاصطناعي في واتساب
  • مسؤول طبي بغزة: 17 ألف طفل دخلوا مرحلة سوء التغذية التام