بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة الدعارة الإلكترونية في العراق كواحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تنمو في الظل، وتتغذى على هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي. تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات بيد شبكات إجرامية تروّج وتدير عمليات استغلال جنسي لفتيات ونساء وحتى قُصّر، في ظل صمت قانوني وتباطؤ أمني واضح.


الأسباب متعددة، تبدأ من الفقر المدقع والبطالة وغياب التعليم الرقمي، ولا تنتهي عند حدود تفكك المنظومة الأسرية وغياب التوعية المجتمعية. كثير من الضحايا يقعن في شراك الإغواء تحت عناوين الزواج أو المساعدة المالية، قبل أن يتحولن إلى أدوات في سوق رقمية سوداء تُدار بذكاء ودهاء عبر تطبيقات مشفّرة. وتشارك في هذه الشبكات نساء أيضًا، ممن يُجنّدن أخريات أو يدِرن العلاقات والترويج عبر حسابات وهمية أو مغرية.
ما يزيد خطورة الظاهرة هو غياب التشريعات الرادعة التي تواكب تطور الجريمة الإلكترونية، إذ لا تزال القوانين العراقية تعتمد على مواد قديمة مثل المادة ٤٠١ من قانون العقوبات، التي تجرّم الفعل الفاحش لكنها لا تغطي جرائم الإنترنت بصورة واضحة. أما قانون الجرائم الإلكترونية، فما يزال معلقًا ولم يُقر بعد، تاركًا ثغرات قانونية كبيرة تسمح بتكرار الجريمة دون عقاب حقيقي.
وعلى صعيد الأداء الأمني، فإن الأجهزة المعنية لا تزال تفتقر إلى الإمكانات التقنية اللازمة لملاحقة المجرمين، خاصة أولئك الذين يعملون خلف شاشات بأسماء وهمية ووسائل مشفرة. كما أن بعض الضحايا يواجهن خطر الفضيحة والوصمة المجتمعية إذا أبلغن عن الجريمة، ما يجعل العديد منهن يفضلن الصمت على المطالبة بحقوقهن.
تشير تقارير رسمية إلى أن نسبة الابتزاز الجنسي الإلكتروني في العراق ارتفعت بما يزيد عن ٤٠٪ خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأكثر من ٦٠٪ من الضحايا هن من الفتيات دون سن الخامسة والعشرين، في دلالة خطيرة على مدى هشاشة الفئات الشابة أمام هذا النوع من الجرائم.
وللحد من هذه الظاهرة المتفشية، لا بد من التحرك على أكثر من محور في وقت واحد، بدءًا من إقرار قانون واضح يجرّم الدعارة الإلكترونية والابتزاز الرقمي بشكل تفصيلي، مرورًا بإنشاء وحدات أمنية رقمية متخصصة قادرة على الرصد والتعقب، وتعزيز حملات التوعية الرقمية في المدارس والجامعات، وتوفير الحماية القانونية والنفسية للضحايا عبر مراكز دعم رسمية، وانتهاءً بدور أساسي للمجتمع المدني ورجال الدين لكسر الصمت ونشر الوعي بمخاطر هذا الانزلاق.

ختاما الدعارة الإلكترونية ليست مجرد انحراف فردي، بل ظاهرة اجتماعية تتطلب معالجة قانونية، تربوية، وأمنية عاجلة. تجاهلها اليوم يعني إنتاج جيل مكسور ومحبط، ومجتمع مشغول بخوفه من الفضيحة أكثر من دفاعه عن الضحية.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الدعارة الإلکترونیة

إقرأ أيضاً:

غزة الأكثر بعدد الصحفيين الضحايا حول العالم في 2025 (إنفوغراف)

شهد العام ارتفاعاً مأساوياً بعدد الصحفيين الذين قتلوا خلال العام 2025، وفقاً لتقرير منظمة "مراسلون بلا حدود"، حيث بلغ عددهم 67 صحفياً، وأن النسبة الأكبر من هؤلاء الصحفيين استشهدوا في قطاع غزة بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وفيما يلي إنفوغراف بالأرقام الورادة في التقرير:

مقالات مشابهة

  • قرار بشأن حبس 4 سيدات ورجل تزعموا شبكة للأعمال المنافية للآداب والفجور
  • النيابة تأمر بحبس 3 سيدات ورجلين لممارسة الفجور بنادي صحي في الشروق
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • العراق يطلق منصة أمين الرقمية لمواجهة الجرائم الإلكترونية
  • السوداني يوجه بتطبيق قانون حماية المنتجات العراقية
  • قانون الدفاع الأميركي 2026.. شروط صارمة على العراق وتثبيت التواجد في سوريا
  • غزة الأكثر بعدد الصحفيين الضحايا حول العالم في 2025 (إنفوغراف)
  • إعلانات لجذب الزبون..حبس سيدتين لإدارة شبكة لممارسة الفجور بالإسكندرية
  • جولة الإعادة.. حشدٌ صامت في منتصف النهار وعودة المنسحبين تُشعل المنافسة
  • عدو صامت يقف خلف تراجع نتائج ريال مدريد هذا الموسم