العفو الدولية تنتقد قانون حرية التعبير العراقي: صياغات فضفاضة وتكريس للقمع
تاريخ النشر: 2nd, August 2025 GMT
2 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: في الوقت الذي تتسابق فيه القوى السياسية العراقية لتشريع قوانين مؤجلة منذ دورات نيابية سابقة، تتجه الأنظار نحو مشروع قانون «حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي»، المثير للجدل، والذي عاد إلى طاولة التصويت وسط تحذيرات محلية ودولية من خطورته على الحريات العامة، وانقسام واضح بين من يراه وسيلة لتنظيم الفضاء المدني، ومن يعتبره محاولة مقنّعة لتضييق الخناق على حرية التعبير تحت غطاء قانوني.
وتأتي تحذيرات منظمة العفو الدولية كجرس إنذار مبكر لما قد يحمله القانون من قيود مقلقة على حرية التعبير والتجمع، محذرة من أن تمريره بصيغته الحالية سيكرّس الطابع القمعي المتصاعد في المشهد السياسي العراقي، ويمثل انتكاسة قانونية تتنافى مع التزامات العراق الدستورية والدولية.
ورغم إعلان لجنة حقوق الإنسان النيابية عن تعديلات شملت حذف فقرات جزائية وتسهيل إجراءات التظاهر، إلا أن روح القانون ما تزال محل تشكيك واسع، لاسيما ما يتصل بسلطة منح الإذن المسبق، وحظر ارتداء الأقنعة، وتقييد أوقات التظاهر.
وتنطوي المفردات القانونية المقترحة على ازدواجية في التفسير، حيث تُستخدم تعبيرات مطاطية مثل “النظام العام” و”الآداب العامة” كأدوات جاهزة للتقييد، في بيئة سياسية مشحونة بالتخندقات الطائفية والحزبية، ومشبعة بتركة من انتهاكات حرية الصحافة والنشر. ويتخوف ناشطون من أن تتحول هذه العبارات إلى مفاتيح لقمع الأصوات المعارضة، خاصة في ظل غياب قضاء مستقل قادر على ضبط الاستخدام التعسفي للقانون.
ويتّسق الجدل الراهن حول مشروع القانون مع تاريخ طويل من المناكفات التشريعية التي غالباً ما تتقاطع فيها الرؤى الحقوقية مع مقاربات أمنية تتبناها أطراف متنفذة تخشى من اتساع رقعة الاحتجاج الشعبي، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في نوفمبر المقبل، التي قد تشهد عودة زخم الشارع بعد سنوات من الاحتجاجات التي هزت السلطة في 2019 و2020.
وتعكس محاولات تمرير القانون ما يمكن وصفه بـ”التكتيك التشريعي المحسوب”، حيث يُطرح القانون ضمن حزمة مشاريع في جلسات مكتظة، لإضعاف زخم المعارضة وتحويله إلى ملف قانوني تقني. غير أن الحراك المدني لم يستسلم بعد، إذ واصلت منظمات محلية، بينها «برج بابل»، الضغط بتواقيع ومذكرات احتجاج لتعديل المسوّدة وتحصين النصوص من التأويل السلطوي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: حریة التعبیر
إقرأ أيضاً:
البرلمان يتهرب من الحسم: قانون الحشد رهينة الخارج ومناورة الداخل
1 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: في توقيت سياسي مشحون بالتجاذبات الداخلية والضغوط الخارجية، أعلن ائتلاف دولة القانون، بقيادة نوري المالكي، أن قانون الحشد الشعبي لن يُمرر في الدورة البرلمانية الحالية، مبرراً ذلك بإرادات متقاطعة تعيق سير التشريع في مراحله النهائية.
وارتفعت نبرة الخطاب السياسي مع تأكيد النائب حسين المالكي أن القانون يواجه “فيتو أمريكياً معلناً” لن تسمح واشنطن بتجاوزه، في إشارة واضحة إلى طبيعة التوازنات الجيوسياسية التي تحكم المشهد العراقي، حيث لا تنفصل الديناميكيات التشريعية عن تأثيرات المجتمع الدولي، خصوصاً في ملفات ترتبط بالبنية الأمنية والنفوذ المسلح.
وتتقاطع الممانعة الأمريكية مع تحفظات داخلية أيضاً، تبرز لدى أطراف سياسية تخشى من أن يؤدي تمرير القانون بصيغته الحالية إلى ترسيخ الطابع المستقل للحشد الشعبي، على حساب سلطات الجيش النظامي، وسط قراءات ترى في ذلك مساساً بمبدأ وحدة القرار العسكري وتهديداً لهرم السيادة الوطنية.
وتنظر واشنطن إلى بعض فصائل الحشد على أنها “كيانات مرتبطة بإيران”، بل وتصنف بعضها كمنظمات إرهابية، ما يدفعها للضغط باتجاه تشريع لا يمنح هذه الفصائل شرعية إضافية تحت مظلة القانون العراقي. وفي هذا السياق، نقل مسؤولون أمريكيون اعتراضاتهم صراحة إلى الحكومة العراقية، ضمن مسار تفاوضي لا يخلو من أدوات الضغط والابتزاز السياسي.
ويعيد هذا السجال التشريعي إلى الأذهان الجدل الذي صاحب ولادة الحشد الشعبي عام 2014، حين استجابت آلاف العناصر لدعوة “الجهاد الكفائي” بعد سقوط الموصل بيد تنظيم داعش. ورغم إقرار البرلمان لقانون الحشد عام 2016، إلا أن غياب الهيكلية التنظيمية ظل مصدر توتر دائم بين دعاة الدمج ومناصري الاستقلال.
وتبدو التعديلات المطروحة اليوم محاولة لإعادة تعريف دور الحشد داخل منظومة الدولة، لكنها تصطدم بتشظي القرار العراقي وتعدد مرجعيات السلاح والولاء. وهو ما يعزز الانطباع بأن القانون، حتى لو تأجل، سيبقى ملفاً متفجراً في المعادلة العراقية لعقود قادمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts