كيف تواجه المدارس اللبنانية تحديات السنة الدراسية الجديدة؟
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
بيروت- داخل مكتبة صغيرة متواضعة، كانت المواطنة اللبنانية نادية، تتنقل بين رفوف الكتب المدرسية المستعملة، تبحث بين الأوراق الباهتة عن ما يتناسب مع المستوى الدراسي لأطفالها الثلاثة.
توقفت أمام كتاب رياضيات قديم، وتأملته للحظات قبل أن تطرح على نفسها سؤالا "هل يمكنني شراؤه؟" ترددت وهي تحسب التكلفة في ذهنها، وملامح وجهها تعكس قلقا عميقا، وبصوت خافت، سألت صاحب المكتبة "هل لديكم كتب أرخص؟ الرسوم المدرسية هذا العام تضاعفت، ولا أستطيع تحمل تكاليف الكتب الجديدة".
في هذه المكتبة الصغيرة، تتناثر قصص العائلات بين زواياها، كل رف يحمل بين دفتيه معاناة أسرة تكافح لتأمين مستقبل أبنائها التعليمي، ويقول صاحب المكتبة، الذي يعمل في هذا المجال منذ 50 عاما، للجزيرة نت "لم أشهد من قبل هذا العدد الكبير من الأهالي الذين يأتون لشراء كتب مستعملة، أو حتى استعارتها لتصويرها، بعدما أصبحت تكلفة الكتب الجديدة للطالب الواحد تتجاوز 100 دولار".
ونادية ليست الوحيدة في هذا المأزق، فالمكتبات في مختلف أنحاء لبنان تعج بالأهالي الذين يبحثون عن بدائل أقل تكلفة للكتب الجديدة، بعد أن باتت الرسوم الدراسية عبئا ثقيلا يصعب تحمله، والزيادة الكبيرة في رسوم المدارس الخاصة فاقمت معاناة الأسر اللبنانية التي تعيش بالفعل تحت وطأة أزمات اقتصادية متتالية.
كشفت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لما الطويل للجزيرة نت، أن بعض المدارس الخاصة في لبنان بدأت منذ العام الماضي بفرض مساهمات إضافية بالدولار على الأقساط المدرسية، تحت مسميات "الصندوق" أو "المساهمات خارج الموازنة المدرسية".
وأوضحت أن هذا الإجراء جاء رغم رفض الحكومة لمشروع القانون المتعلق بهذه المساهمات، نتيجة اعتراضات اتحادات المدارس الخاصة، لكن ورغم ذلك، مضت تلك المدارس قدما في فرض هذه الزيادات.
وأشارت الطويل إلى أن الأقساط المدرسية شهدت هذا العام زيادات تتراوح بين 50% و120%، رغم استقرار سعر الصرف، وأضافت أن الحد الأدنى للأقساط في المدارس المتوسطة وصل إلى نحو 2000 دولار، مستدركة أن هذه الأرقام لا تشمل المدارس الأكثر تكلفة.
وأكدت الطويل أن هذه الزيادات غير قانونية، حيث يتوجب تحديد الأقساط بناء على دراسة الموازنة المدرسية بالتعاون مع لجنة الأهل، وليس بقرار فردي من إدارات المدارس، كما أوضحت أن استقرار سعر الدولار يعني عدم وجود تغييرات كبيرة في المصاريف التشغيلية، مما ينفي الحاجة إلى رفع الأقساط بشكل كبير.
وفي سياق متصل، انتقدت الطويل رفض بعض المدارس الخاصة الإفصاح عن قيمة الرواتب المدفوعة للمعلمين، مشيرة إلى أن العديد منهم يشتكون من عدم الحصول على كامل حقوقهم، كما لفتت إلى أن رفض إجراء تدقيق مالي يعكس غياب الشفافية في موازنات المدارس.
وفي إطار معالجة هذه الأزمة، أوضحت الطويل أن لجنة التربية تدرس حاليا تعديل القانون 515 لضبط فوضى تحديد الأقساط، لكنها أشارت إلى أن هذه العملية قد تستغرق وقتا، ودعت وزارة التربية إلى تحمل مسؤولياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط الوضع، خاصة في ظل غياب القضاء التربوي المتخصص منذ أكثر من عقد، مما يُضعف حماية حقوق الأهالي.
يجد العديد من الأهالي أنفسهم مضطرين للانتقال إلى المدارس الرسمية التي تواجه بدورها أزمات متعددة، من بينها قرار وزير التربية عباس الحلبي بتحديد رسوم تسجيل الطلاب في المدارس والثانويات الرسمية بمبلغ 4.5 ملايين ليرة لبنانية (حوالي 50 دولارا)، بالإضافة إلى عدم توفر كتب "المركز التربوي" في السوق.
وفيما يتعلق بقرار تحديد رسوم التسجيل، أعرب رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي حسين جواد للجزيرة نت، عن تأييده الكامل للقرار، وأوضح أن "أبرز العقبات التي تواجه المدارس الرسمية اليوم هي نقص التمويل في صناديق المدارس، وذلك بسبب تخّلي الدولة اللبنانية عن دعم المدرسة الرسمية".
ويضيف "وفقا لقانون مجانية التعليم، كان من المفترض أن تسدد الدولة رسوما معينة لصالح صندوق المدرسة، لكن للأسف، تخلت عن هذه المسؤولية ولم تعد تقدم هذه الرسوم التي لا تتجاوز قيمتها 150 ألف ليرة، أي ما يعادل دولارا ونصفا تقريبا".
ونتيجة لهذا النقص في التمويل، لجأ الوزير الحلبي إلى اتخاذ قرار بأن يدفع الأهالي مساهمة، ويقول جواد إن الأهالي قد دفعوها سابقا في عام 2014 بقيمة 90 ألف ليرة (ما يعادل دولارا واحدا آنذاك)، أما الآن فيطلب الوزير دفع مبلغ 4 ملايين و500 ألف (50 دولار حاليا) حتى تتمكن المدرسة الرسمية من الاستمرار.
أشار جواد إلى أن المدارس الرسمية تواجه تحديات كبيرة في تلبية احتياجاتها اليومية، لاسيما إذا لم يتوفر المبلغ المطلوب في صندوق المدرسة، وفي حال غياب هذا التمويل، يتساءل عن كيفية تأمين الأقلام وأوراق التصوير وتلبية المتطلبات الأخرى.
كما أضاف أن 70% من المدارس الرسمية تعاني من نقص التمويل، مما يجعل المساهمة المالية ضرورة ملحة لضمان استمرار العملية التعليمية، وتوفير أبسط المستلزمات للطلاب.
من جانبه، أعرب نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، للجزيرة نت، أن وزير التربية يملك الحق في فرض مساهمة مالية بسبب نقص التمويل الحكومي، ورغم أن بعض الناس يعارضون فرض رسوم على الأهالي، مؤكدين أن التعليم يجب أن يكون مجانيا، فإن هناك تساؤلات بشأن كيفية تشغيل المدارس الرسمية بدون دعم مالي.
وكشف محفوض أن نقص التمويل أدى إلى عدم توفر الكتب التي يصدرها المركز التربوي في السوق، مما يهدد سير العام الدراسي، وتساءل عن كيفية بدء الدراسة المقررة في 30 سبتمبر/أيلول في ظل غياب التمويل لطباعة الكتب، وعن كيفية تأمين رواتب الأساتذة إذا لم تتوفر الأموال لذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المدارس الرسمیة المدارس الخاصة نقص التمویل للجزیرة نت إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير التربية والتعليم يعلن إجراءات تحسين البيئة المدرسية
أكد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أن الوزارة اهتمت بتحسين البيئة المدرسية، حيث تم تشجير أكثر من 17,000 مدرسة، ودهان أكثر من 119,000 فصل دراسي خلال العام الدراسي الحالي".
وأشار وزير التربية والتعليم، إلى أن هذه الجهود تمت بالتوازي مع تحركات لتوسيع دائرة التعاون الدولي، من خلال شراكات مع منظمات دولية مثل اليونيسكو، واليونيسف، والبنك الدولي، وكذلك مع دول متقدمة في التعليم كاليابان وكوريا وألمانيا، في مسعى مستمر لتبني أفضل الممارسات العالمية وتوطينها في النظام التعليمي المصري.
جاء ذلك خلال مشاركة محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في فعاليات الندوة التي نظمها مجلس الأعمال المصري الكندي ومجلس الأعمال المصري للتعاون الدولي، برئاسة المهندس معتز رسلان، تحت عنوان "تطوير التعليم الفني في مصر".
وشارك في الندوة المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي وسامح شكري وزير الخارجية السابق والفريق طيار محمد عباس حلمي وزير الطيران المدنى السابق والدكتور هاني هلال، الأمين العام للشراكة المصرية اليابانية للتعليم، وعدد من السفراء ونواب البرلمان المصري وخبراء التعليم وممثلي القطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
وحضر من جانب وزارة التربية والتعليم الدكتور أحمد المحمدي مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجى والمتابعة والدكتورة هانم أحمد مستشار الوزير للتعاون الدولي والاتفاقيات.
وشكّلت الندوة منصة حوارية رفيعة المستوى لمناقشة مستقبل التعليم الفني ودوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز المهارات البشرية لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة ومتطلبات سوق العمل الحديث، حيث دارت مناقشات حول أهمية التعليم الفني كركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل التوسع في تطبيقات الرقمنة والتحول التكنولوجي في مختلف قطاعات العمل.
وفي ختام الندوة، أشاد الحضور بالطرح الذي قدمه الوزير محمد عبد اللطيف حول الجهود المبذولة على مدار العام الدراسي لتطوير المنظومة التعليمية والخطوات والقرارات التي تم اتخاذها للتغلب على التحديات المزمنة التي تواجه المنظومة التعليمية، فضلا عن جهود تطوير التعليم الفني.