أطلق القضاء تحقيقا في صور وأشرطة تعرض « انتهاكات » قد تكون السلطات قد ارتكبتها في مواجهة الهجرة الجماعية إلى سبتة.

وأعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، عن فتح تحقيق حول الصور التي أثارت ضجة كبيرة تزامنا مع أحداث الفنيدق، حيث انتشرت على نطاق كبير صور لأطفال وشبان في أوضاع لقيت تنديدا واسعا.

وأفاد بلاغ صادر عن هذه النيابة العامة، « أنه على إثر تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي لصور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون  على الأرض وبعضهم الآخر قبالة حائط اسمنتي، يعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور ».

وأوصح أن « البحث القضائي عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية ».

وأكد أنه « سيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الابحاث مع إشعار الرأي العام بنتائجه ».

 

الوجه الآخر في مواجهة الهجرة

هزة تلك التي تسببت فيها الصور وأشرطة الفيديو التي بُثت الثلاثاء، وتظهر « معاملة قاسية » لشبان ويافعين مرشحين للهجرة غير النظامية إلى سبتة.

تبين الصور مجموعات من هؤلاء المهاجرين، وقد جُمعوا في مكان وسط معبر باب سبتة، وأجلسوا القُرفصاء، وهم شبه عراة، على شاكلة الطريقة التي تدار بها أعمال التمرد في السجون. ليس ذلك فحسب، بل إن الصور تكشف ما يبدو علامات ضرب مبرح تعرض إليها هؤلاء خلال العملية الأمنية. في الصور، مركبات للقوات المساعدة التي تشارك في الحشد الدي شكلته السلطات المغربية في سعيها إلى صد موجات الهجرة الجماعية.

أكدت عمالة المضيق الفنيدق صحة أغلب الصور والأشرطة التي بُثت هذا اليوم، مشددة على أن الأمر يتعلق بأحداث وقعت خلال « أيام خلت »، حيث أوقفت السلطات حشدا من المهاجرين غير النظاميين عندما التقطهم خفر السواحل من البحر. لكنها لم تشر إلى مصدر العلامات بأجساد هؤلاء.

تمثل حزمة الصور هذه أزمة للسلطات التي خططت لعملية أمنية نظيفة، وسريعة في هذه الحدود، لكنها سرعان ما عجزت عن إيقاف الحشود التي هبت إلى الفنيدق ليلة 14 سبتمبر، ووصلت إلى السياج الحدودي.

إلا أن الصور التي تظهر انتهاكات عدة، تعكس في الواقع، النتائج الجانبية لسلسلة من الإجراءات المثيرة للجدل التي أطلقتها السلطات منذ الصيف، في مواجهة الآلاف من اليافعين الذين تحركوا إلى الحدود استجابة إلى دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

فهذه السلطات قررت، في واحدة من أبرز الإجراءات، تنفيذ عمليات إجلاء واسعة بحق اليافعين الذين اعتُرض طريقهم إلى سبتة. كانت هؤلاء الذين يُلتقطون من الشواطئ، أو تسلمهم قوارب البحرية إلى مركز القوات المساعدة في معبر باب سبتة، يوضعون في حافلات وجهتها إلى مدن بعيدة بالداخل مثل بني ملال، الفقيه بنصالح، وخنيفرة.

واعتبرت عمليات الإجلاء هذه انتهاكا لحق الشبان الذين يجدون أنفسهم في أماكن غير تلك التي عاشوا فيها، وتركوا لمصيرهم. رُويت قصص كثيرة عن هذه الرحلات التي شملت أيضا عددا كبيرا من الأشخاص المقيمين في الفنيدق، والذين في الغالب، راحوا ضحية تدابير مرتجلة عندما أُخذوا من أماكن داخل بلدة الفنيدق الحدودية، بدعوى الاشتباه في تخطيطهم للهجرة، ثم يُرمون في مدن بعيدة. لم يُلق بال للانتقادات التي تحيط بعمليات الإجلاء هذه، وهي مستمرة حتى الآن، رغم أن السلطات تحاول هذه المرة، أن توحي بأن الشبان يجري ترحيلهم إلى مدنهم الأصلية.

وإثر كل محاولة لللهجرة الجماعية، تبدأ السلطات على الفور بإنشاء حزام أمني يمتد من معبر باب سبتة إلى بلدة الفنيدق التي تعاني ركودا اقتصاديا منذ نهاية عام 2019، وتفرض قيودا على الحركة والتنقل. تُعطى التعليمات لأفراد القوات العمومية بإيقاف أي شخص تبدو عليه ملامح التخطيط للهجرة ». وقد أعيقت رحلة المئات على الطرق، وفي محطات الحافلات والقطارات. في الفنيدق، من المغامرة على الشبان المحليين التجول في بلدتهم دون التحوز على بطاقة التعريف الوطنية حيث يمكنهم في هذه المرحلة، إثبات أنهم مقيمون وليسوا مرشحين للهجرة. الانتهاكات التي تُرتكبت في عمليات الإجلاء هذه في الغالب لا يجري التبليغ عنها.

وبالنظر إلى ما يحدث، فإن مصير هؤلاء قبل أن يمتطوا الحافلات كانت أكثر سوءا. وراء الأسوار الإسمنية في معبر باب سبتة، أو في مراكز الاحتجاز المؤقتة على طول هذا الشريط الحدودي، وحتى داخل سيارات القوات العمومية، يحدث عنف متزايد في مواجهة المرشحين للهجرة غير النظامية. أشرطة فيديو منتشرة تظهر عنصرا بالقوات المساعدة ينهال ضربا على يافع داخل سيارة مخصصة لنقل الأفراد. حُدد مكان تصوير هذا الفيديو على الطريق المؤدية إلى معبر باب سبتة، بالقرب من وسط المدينة. لم يبلغنا إطلاق أي تحقيق في ذلك الفيديو.

تعمل السلطات على تجنب الإضرار بعملياتها الأمنية على الحدود، لكن بعض التصرفات سرعان ما تنكشف. في شريط فيديو  صورته طائرة مسيرة على ما يظهر من الجانب الآخر للحدود، نرى حرس حدود وهم ينهالون ضربا ورفسا بحق مجموعة من الشبان الذين كانوا يحاولون الوصول إلى السياج الحدودي. أيضا، نرى عنصرا يستخدم كلبا مدربا في محاولة للسيطرة على المجموعة.

لا تُترك للشبان واليافعين الذين توقفهم السلطات، أي فرصة تقريبا للتبليغ عن انتهاكات. يعتبر موظف برتبة عون سلطة أكبر مسؤول سيشاهدونه في هذه الرحلة من الشاطئ إلى أي مدينة بعيدة يختارونها لترحيله إليها.

15 سبتمبر الفاصل

أحداث يوم 15 سبتمبر كانت بمثابة نقطة تحول فارقة في هذه الأزمة. فالتعبئة الأمنية غير المسبوقة كانت تشير إلى احتمال وقوع أعمال عنف إذا ما صمم هؤلاء المهاجرون على تنفيذ خطة الهجرة الجماعية.

ردا على التدفق الجنوني للأشخاص نحو الفنيدق، ثم إلى الحدود، استخدمت السلطات المغربية القوة بشكل واسع، بما في ذلك قذف القنابل المسيلة للدموع، والضرب بالهراوات، وملاحقة المهاجرين في الجبال والمناطق الساحلية. تسببت هذه العمليات في إصابة العديد من المهاجرين، بينهم قاصرون. كذلك، سُجل سقوط جرحى في صفوف القوات العمومية.

عانت خطط السلطات في 15 سبتمر من بعض النقائص، فإعاقة عبور الآلاف إلى سبتة بفضل التعبئة الأمنية غير الاعتيادية، لا يخفي وجود ثغرات تسللت منها حشود متفرقة من المئات من المرشحين للهجرة، إلى الفنيدق ثم وصولا إلى الحدود، وأفضت في نهاية المطاف إلى الاضطرابات التي حدثت.

ستتم مراجعة النتائج وتحليلها؛ فالأضرار المادية كبيرة، ليست فقط في الحدود، بل والفنيدق بشكل أكبر حيث لم تنفع الإجراءات المتخذة من قبل في إبعاد البلدة عن التحول إلى ساحة حرب حقيقية في 15 سبتمبر.

لكن ما لم يكن مهيأ له أي أحد في هذه السلطات هو تلك الصور التي تسلط الضوء مجددا، على الانتهاكات المزعومة، والموثقة في بعض الأحيان، لأفراد القوات العمومية وكذلك للمسؤولين عن العمليات.

 

كلمات دلالية المغرب سبتة هجرة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب سبتة هجرة الهجرة الجماعیة القوات العمومیة معبر باب سبتة فی مواجهة إلى سبتة فی هذه

إقرأ أيضاً:

بعد كشف انتهاكات جسيمة.. دعوات دولية لإغلاق مواقع احتجاز في طرابلس

عبّر فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عن “صدمته البالغة” إزاء ما وصفه بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مرافق احتجاز رسمية وغير رسمية يديرها جهاز دعم الاستقرار في العاصمة الليبية طرابلس، مطالباً بإغلاق هذه المواقع فوراً وفتح تحقيقات “فورية ومستقلة ونزيهة وشفافة”.

وأكد تورك أن “النتائج التي تم الكشف عنها تتماشى مع تقارير سابقة أصدرتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبعثة تقصي الحقائق، بالإضافة إلى شهادات شهود عيان، بشأن طبيعة هذه المواقع والانتهاكات التي تُرتكب فيها، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري”.

وقال المفوض السامي: “مخاوفنا الأسوأ تتأكد الآن، تم العثور على عشرات الجثث داخل هذه المواقع، إلى جانب أدوات يُشتبه في استخدامها للتعذيب، ومؤشرات محتملة على عمليات قتل خارج نطاق القضاء”، مؤكداً أن “حفظ الأدلة ومساءلة المسؤولين وفق المعايير الدولية أمر لا يحتمل التأجيل”.

وأعرب تورك عن انزعاجه من تقارير تفيد بعدم منح سلطات البحث الجنائي الليبية حق الوصول الكامل إلى المواقع لاستخراج الرفات وتحديد الهويات، داعياً السلطات إلى إزالة جميع العوائق والسماح بوصول غير مقيّد.

وأفاد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه تلقى، بين 18 و21 مايو، معلومات عن انتشال عشر جثث متفحمة من مقر جهاز دعم الاستقرار في منطقة أبو سليم، إلى جانب العثور على 67 جثة داخل ثلاجات في مستشفيي أبو سليم والخضراء، بعضها في حالة تحلل متقدمة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، كما أُبلغ عن اكتشاف مقبرة داخل حديقة الحيوانات في طرابلس.

وشدد تورك أيضاً على ضرورة احترام كرامة الضحايا وخصوصية أسرهم، مشيراً إلى تداول صور ومقاطع فيديو “مروعة” من داخل المواقع على وسائل التواصل الاجتماعي، مجدداً دعوته للسلطات الليبية بمنح الأمم المتحدة حق الوصول الكامل لتوثيق الانتهاكات.

مقالات مشابهة

  • بعد كشف انتهاكات جسيمة.. دعوات دولية لإغلاق مواقع احتجاز في طرابلس
  • السلطات الأمريكية تعتقل زوجة وأبناء المشتبه به في هجوم بولدر الإرهابي
  • رايتس ووتش: القضاء الليبي عاجز عن التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان
  • الإتحاد : مصيلحي يرفض التراجع عن الاستقالة بسبب الشتائم التي تعرض لها
  • المغرب يزيل "جدران" الفنيدق.. ترحيب محلي وقلق إسباني من تصاعد الهجرة
  • “المسيرة الإيمانية وبناء الأمة ونجاة الفرد في ضوء الالتزام الجماعي والهجرة الإيمانية” المقاصد والدلالات التي وردت في الدرس الرابع للسيد القائد
  • بعد يوم هو الأشد حرارة منذ 145 عاماً… أردوغان يطلق تحذيرًا قاسيًا
  • القضاء المالي يرفض الطعون ضد قرار حل الأحزاب
  • بالياريا الإسبانية تصدم المغاربة ببواخر مهترئة وأسعار خيالية ومعاملة فجة
  • نيابة الأقصر تفتح تحقيقا موسعا مع مسئولى الثقافة عقب واقعة التنقيب عن الآثار