مُستقبل الإتفاق السياسِي في ظّل إختطاف القرّار السياسِي السُودْاني «1»

نضال عبدالوهاب

١ نوفمبر ٢٠٢٤

في مقالات وكتابات سابقة تحدثت عن مسألة حيّوية وضرورية في رائي تذهب في إتجاه المُعافاة للبلد ، وهي “توسيع قاعدة المُشاركة وتجدّيد القيادة السياسِية في السُودان” ، و أوضحت في هذا الأمر أننا ظلّلنا ولسنوات طويلة نعمل بنفس “العقليّة” وتتم المُمارسة السياسِية بذات الأدوات والقوام والقيادة ، وأن القرار السياسِي في بلادنا وتمريره ظلّ يدور في فلك “صغير جداً” أو ما يُسمي ويُعرف “بالإطار الضيّق” ، دون أن يتم إشراك لقوي الشعب الحقيقية ومكوناته السياسِية والإجتماعيّة ، ودون الإنفتاح علي الكادر الفاعِل والعقليّات الجديدة غير التقليّدية داخل “الوعاء الديمُّقراطي” والثوري الوطني الواسع في السُودان ، بل وفي ظل هذا “الإطار الضيّق” أصبحت المُشاركة الفعليّة لمثل هؤلاء غيّر موجودة وغائبة مع سيادة عقلية “الإقصاء” هذه مع التعمّد في ذلك.


و بذلك سارت وتيّرة صُنع القرار السياسِي في طريق “الإختطاف” التام له ، وسأُحاول في هذا المقال وضع إشارات لتوضيح “فكرتي” ورؤيتي حول هذا الأمر الهام وتقدّيم مُقترحات “عملية” تفتح الطريق أمام توسيع قاعدة المُشاركة السياسِية وفك إحتكار القيادة السياسِية وتحرير القرار السياسِي من قبضة “الهيّمنة” و”الإختطاف” هذه.
في ظلّ واقع الحرب الحالية وتعقيّدات المشهد بصورة عامة في السُودان يستوجب هذا البحث عن آليات مُناسبة لتوسيّع قاعدة المُشاركة السياسِية وللمُساهمة في حلول لأزمات بلادنا ، تتوقف بها الحرب ، ويحدث بها تغيير سياسِي حقيقي وإستقرار وتؤدي لتماسك البلد و وحدتها وإستعادتها لكامل عافيتها و وضعها في الطريق الصحيح ، ولكي يتم التوصل لهذه الآليات من المُهم الإعتراف أولاً في وجود خلل وقصور كبيّر في أمر المُشاركة السياسِية ، وضعف له أسبابه الموضوعية ، وعلي رأسها غياب المُمارسة السليّمة للعمل السياسِي في السُودان في أجوائه الصحيّة ، مع الغياب التام للديمُقراطيّة وسيّادة القهر والكبت السيّاسِي لسنوات طويلة ، مع صعود لبعض الفئيات “الإنتهازية” و”أصحاب المصالح” في ظل هذا الواقع.
ودخول التخريّب المُمنهج لبئية العمل السياسِي في السُودان وتدخلات “الأجهزة الأمنيّة” في الحقب المُختلفة ، وخاصة في ظل نظام حُكم الإسلاميين والنظام السابق ماقبل ثورة ديسمبر وإمتداداته من واقع أنقلاب ٢٥ أُكتوبر وقطع الطريق أمام الثورة والتغيير ، وصولاً للحرب الحالية ، مع كُل واقعها وإفرازاتها ، أضف إلي ذلك دخول البلاد ساحة “التدخلات الخارجيّة” ، وفاعليّة أدوار “أجهزة المُخابرات” وتغلقل أياديها داخل أجهزة الدولة ، وداخل منظومة العمل السياسِي السُوداني بشكل عام وصناعة القرار السيّاسي في بلادنا وتوجيهه.
كُل هذه الأسباب مُجتمعة جعلت “القبضة” علي القرار السيّاسي والتحكُم فيه تبدو هي المُسيّطرة ، وأضعفت أمر المُشاركة السيّاسية وحصرتها في مجموعات “صغيرة” لاتمثل الشعب السُوداني تمثيل حقيقي ، ولاتنقل أصوات الشعب السُوداني ولاتعمل لمصالحه ، وسيطّرت بذلك وهيمّنت تلك المجمّوعات الصغيرة ، وأصبح الرابط والعامل المُشترك بينها هو “الصرّاع علي السُلطة” في السُودان ، وبهذا المفهوم مُورس الإختطاف للقرار السيّاسي والإحتكار القيادي والإقصاء المُتعمّد وصعود الإنتهازيين وأصحاب المصالح ، والقيّادات المصنوعة ، وشهدنا ولانزال نشهد غياب أي تمثيّل حقيقي لشعبنا في تلك المُمارسة السياسِية ، وحتي داخل أحزابنا وكياناتنا السيّاسية وبشكل عام لايتم الإنتباه والتركيز علي أمر البناء الداخلي الصحيّح المُفضي لمُشاركة سياسِية ديمُقراطية سليّمة ، لذلك ضُعف دور الأحزاب السياسية وتراجع أمام سطوة “اللافتات” و “فقاقيع” التنظيمات التي لاقواعد جماهيرية لها ، بل وبعضها لابرامج سياسِية واضحة له ولانظام أساسي أو دستور مُنظّم وموجه للعمل ، وهي أشبه بمسارح الرجل الواحد ، وفي أفضل الأحوال لاتأتي إلا بافراد ظلوا يُمثلون أو يتواجدون بشكل دائم في تنظيماتهم تلك في مواقعها القيّادية ، والتي هي مُنفصلة تماماً عن أي قواعد ، أو تعمل بشكل فوقي لا أساس له ، ومع تكاثر هذه “اللافتات” والأجسام الهُلاميّة ، وفي فوضي مايُسمي “بالمجتمع المدني” ، و”الهرجلة” الحادثة فيه ، لم نستطيّع وبشكل فاعِل وصحيح التوصل لمُمارسة سياسِية وفق آليات عمل ديمُقراطيّة ، تتسع بها المُشاركة السياسِية وتجدد فيها القيادات وتتم مُشاركة للقرار السيّاسي وتحريره من الإختطاف والهيّمنة والتحكُم والتبعيّة.
نواصل في القادم حول كيفية التوصل لهذه الآليّات لتوسعة قاعدة المُشاركة السياسِية وحول تحرير القرار السيّاسي من الإختطاف ومُقترحاتنا العمليّة لذلك في واقع الحرب الحاليّة لأجل إيقافها ومستقبل الإتفاق السيّاسي في ظّل هذا الواقع.

الوسومالأحزاب الاتفاق السياسي نضال عبدالوهاب نظام أساسي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأحزاب الاتفاق السياسي نضال عبدالوهاب نظام أساسي

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يستدعي سفيرة هولندا احتجاجا على قرار منع بن غفير وسموتريتش

ارتفعت حدة التوتر الدبلوماسي بين الاحتلال الإسرائيلي وهولندا، بعدما استدعى وزير الخارجية جدعون ساعر، سفيرة هولندا لدى تل أبيب، مارييت شورمان، احتجاجًا على قرار بلادها منع دخول وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى أراضيها.

وقال ساعر، في بيان نُشر على منصة "إكس"، الثلاثاء إنه "وجه توبيخًا رسميًا" للسفيرة الهولندية، واعتبر القرار "إجراءً عدائيًا ضد الاحتلال الإسرائيلي وأمنه، وضد وزرائه".

وادعى أن هذه السياسة "تغذي معاداة السامية"، مشيرًا إلى أن الضغط يجب أن يُوجَّه إلى حركة حماس لا إلى الاحتلال الإسرائيلي، واصفًا محاولات التأثير على سياسات تل أبيب بأنها "مرفوضة تمامًا ومآلها الفشل".

وأضاف أن خطوات هولندا ودول أوروبية أخرى "أضرت بفرص التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة وإلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين، وساهمت في تعزيز موقف حماس والدفع نحو التصعيد".


واعتبر ساعر أن هولندا "حوّلت صداقتها التاريخية مع إسرائيل إلى موقف عدائي صريح، بدوافع سياسية"، وهدد بأن هذا القرار "لن يمر دون رد".

وكانت الحكومة الهولندية قد قررت، مساء الإثنين منع الوزيرين المتطرفين بن غفير وسموتريتش من دخول أراضيها، ووصفتهم بأنهم "شخصيات غير مرغوب فيها"، بحسب هيئة البث العبرية الرسمية.

وبرّرت السلطات الهولندية القرار بأن الوزيرين "حرّضا مرارًا على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، ودعوا إلى تطهير عرقي في غزة، وأيّدوا توسيع المستوطنات غير القانونية".

وتُعد حكومة بنيامين نتنياهو، التي تولت مهامها في كانون الأول/ديسمبر 2022، الأكثر تطرفًا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، مع ضمها شخصيات يمينية متطرفة بارزة مثل بن غفير وسموتريتش.

وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حربًا مدمّرة على قطاع غزة، وصفتها جهات حقوقية ودولية بأنها إبادة جماعية، أسفرت عن أكثر من 206 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين، في ظل مجاعة متفاقمة ودعم أمريكي وصمت دولي.

مقالات مشابهة

  • الخطوط الجوية التركية تحظر الحقائب الذكية
  • الموسيقيين: راغب علامة لم يُمنع من الغناء.. القرار إجراء تنظيمي مؤقت
  • مجلس الشيوخ الأميركي يرفض وقف بيع القنابل والبنادق لإسرائيل
  • الكرسي لا يفكر
  • متري: لبنان ملتزم بتنفيذ القرار 1701
  • عن الموقوفين السوريين في لبنان وعودة النازحين... ماذا كشفت السيّد؟
  • الاحتلال يستدعي سفيرة هولندا احتجاجا على قرار منع بن غفير وسموتريتش
  • بالفيديو... شاهدوا لحظة مغادرة السيّدة فيروز بعد انتهاء تقبّل التعازي لليوم الثاني
  • التعازي مستمرّة في كنيسة رقاد السيّدة... ورسالة قطريّة إلى السيّدة فيروز
  • تفاصيل الإتفاق الذي أفضى للإفراج عن الشيخ الموالي للحوثيين محمد الزايدي في المهرة