لجريدة عمان:
2025-05-30@16:48:45 GMT

الشعر الشعبي.. وهوية الشاعر العماني

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

تمر اللغة بتطورات وتحديثات دائمة، إنها الحياة الأكثر تغيّرا، وإذا سكنت اللغة وجمدت فقد ماتت، وكُتب عليها الفناء، لذلك فاللغة كائن حيّ، وعلى هذا الأساس يجب التعامل معها، واللهجات المحلية إنما هي لغات أخرى، بل هي الأكثر تغيرا وحيوية وديمومة، ولذلك تجد أن كل لهجة تمر بالكثير من التحديثات والتراكمات، بشكل شبه يومي، نتيجة التداخل مع لهجات الآخرين، والتعامل مع جنسيات مختلفة، والتأثر والتأثير مع الغير، ولذلك أشكال وأنماط لسنا بصددها حاليا.

وما كان الشعر الشعبي بعيدا عن هذا التلاقح اللغوي، بل كان الأكثر تأثرا برياح التغيير، ودخلت عليه الكثير من المفردات غير المحلية، وتأثر كثيرا بلهجات عربية وغير عربية، وتمازج معها، ونتج عن ذلك «مزيج ثالث» أحيانا من اللهجة، فهي لغة غير مستخدمة اجتماعيا، وغير محلية بشكل كبير، ومع ذلك قد يفهمها العامة من خلال السماع، أو التقارب مع اللهجات الأخرى، وفـي كل الأحوال، فإن هذه اللغة الهجين هي تأثر طبيعي بلغات أقوى، وأكثر انتشارا كاللهجة النجدية، والتي منها بدأت شرارة الشعر الشعبي فـي شبه الجزيرة العربية، ولذلك يستخدم الشعراء العمانيون أحيانا مفردات أو مصطلحات غير موجودة فـي قاموس لهجتهم الدارجة، وذلك يرجع لعاملين: إما لضعف إمكاناتهم اللغوية ولعدم درايتهم بالمقابل المحلي لتلك المفردة، وإما لقصور معين فـي ثقافتهم المحلية، ولذلك يلجؤون إلى «الاستلاف» من لهجات الآخرين، وهذه إشكالية يقع فـيها الكثيرون من خلال التأثر المباشر وغير المباشر مع مجتمعات وأشعار أتت من بيئات أخرى.

إن الشاعر هو «ابن بيئته»، وهو الناطق الرسمي بلسان مجتمعه، ولذلك فهو مطالب بالحفاظ على هويته اللغوية، والقبض عليها دون تهميش لها، أو إهمال لإمكاناتها، فاللهجات العمانية لهجات حية، وفـيها الكثير من الطاقة اللغوية التي تغني عن اللجوء للهجات الآخرين، وتعطي الكثير من الإيحاءات والإشارات التي يحتاجها الشاعر، ولكنها فـي كل الأحوال تحتاج إلى ذلك الشاعر المتمكن، والمتصالح مع لهجته، والمستكشف لها، والقادر على تطويع المفردات، وإرسالها دون أن يبحث فـي قاموس آخر بعيدا عن بيئته، رغم قرب البيئات الخليجية من بعضها، وتشابهها إلى حد كبير، وخاصة لهجات أهل البادية، ولكن تبقى هناك خصوصية على الشاعر الحفاظ عليها دون تفريط بها.

وقد يكون مخرجا للبعض استخدام «اللغة البيضاء» وهي لغة وسط قريبة من الفصحى، ولكنها بعيدة إلى حد ما عن لغة الحياة اليومية، وهذه «حيلة» يلجأ إليها كثير من الشعراء الشعبيين العمانيين وذلك يعود إلى عوامل المناهج الدراسية التي تتيح له الاطلاع على الشعر الفصيح بشكل واسع، وثقافة الأفراد، وقراءاتهم الفصيحة، وهي أيضا ـ أي اللغة البيضاء ـ لغة يمكن فهمها على نطاق واسع فـي أوساط الشعراء فـي الوطن العربي، ولكن يبقى أن هذا النوع من الشعر قد يفقد ميزته الأساسية وهي غياب الخصوصية، وعدم التفاتها إلى «الدارجة المحلية القحة»، ولذلك على الشاعر أن يضمّن قصائده مصطلحات أو مفردات محلية، قدر حاجة النص، حتى تفصح النصوص عن هوية شاعرها، وشخصية بيئتها، وهو ما يفعله بعض الشعراء الذين يفهمون معنى «حداثة الشعر» و«أصالة اللهجة».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء

دشنت جائزة الملك فيصل، أخيرا، كتاب “رياض الشعراء في قصور الحمراء” في قاعة مؤتمرات قصر كارلوس الخامس في قصر الحمراء بغرناطة، في حفل برعاية رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل.

ويأتي هذا التدشين تتويجاً لجهود علمية وثقافية مشتركة بين، الفائز بـجائزة الملك فيصل للغة العربية والأدب عام 2009، الدكتور عبد العزيز المانع، وعضو الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بغرناطة، الدكتور خوسيه ميغيل.

شهد الحفل حضور المؤلفين، وسفيرة الرياض في مدريد، الأميرة هيفاء بنت عبد العزيز آل مقرن، والأمين العام لجائزة الملك فيصل الدكتور عبد العزيز السبيّل، ومدير هيئة حماية قصور الحمراء رودريغو رويث خيمنث، إلى جانب عدد من العلماء وأساتذة الجامعات والسفراء العرب.

كما أقيمت ندوة علمية عن الكتاب، أدارتها باربارا بولويك غاياردو، وشارك فيها الدكتور صالح عيظة الزهراني والمؤلفان، حيث أكدت الندوة أن هذا الإصدار العلمي يعد إضافة نوعية إلى الدراسات الأندلسية، إذ يوثق المشهد الشعري في قصور الحمراء، ويجسد التعاون الثقافي بين المملكة وإسبانيا.

مقالات مشابهة

  • وليد علاء الدين: الشعراء أول مَن وضع أسس الذكاء الاصطناعي!
  • بيت الشعر العربي يستعيد طاهر أبو فاشا ويحتفي بشعراء دمياط في أمسية خاصة
  • كبدة الخروف.. طبق العيد الشعبي الذي لا يغيب عن موائد الأردنيين
  • جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء
  • فجر جديد… أمسية شعرية في اتحاد الكتاب العرب
  • برو: الاستحقاق البلدي كشف حجم الالتفاف الشعبي حول المقاومة
  • نخب هابيل أم نهب هدوء الريح
  • وفاة المؤرخ العماني البارز الدكتور مصطفى عبد القادر النجار 
  • السوداني: إيران تستحق منا الكثير ولذلك أصبحت جسراً لها مع العرب
  • تصاعد الضغط الشعبي في الإحتلال للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين وغانتس يهاجم نتنياهو