الحرة:
2025-10-09@22:55:41 GMT

في عيدها التسعين.. فيروز صوت الأمل في زمن الحرب

تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT

في عيدها التسعين.. فيروز صوت الأمل في زمن الحرب

في ظل الحرب والأزمات التي تعصف بلبنان، يحيي اللبنانيون، الخميس، الذكرى التسعين لميلاد فيروز، الصوت الذي تخطى حدود الزمان والمكان ليصبح رمزا فنيا خالدا يربط بين الأجيال.

صوت فيروز، الذي شكل جزءا لا يتجزأ من الذاكرة اللبنانية، ما زال حاضرا بقوة في وجدان الشعب، وعلى الرغم من الظروف الصعبة، لم يتوان اللبنانيون عن التعبير عن محبتهم وتقديرهم لهذه القامة الفنية الاستثنائية، عبر الاحتفاء بميلادها من خلال منصات التواصل الاجتماعي.

جمعت فيروز بأغنياتها اللبنانيين، رغم الانقسامات السياسية والطائفية التي مزقتهم. واليوم، في ظل دوي المدافع وصخب الصواريخ، يكتسب صوتها بعدا معنويا أقوى من أي وقت مضى، مستحضرا ذكريات لبنان الحلم الذي يتوق إليه أبناؤه.

وتسببت الغارات وعمليات القصف الإسرائيلية على مختلف أنحاء لبنان والمواجهات بمقتل أكثر من 3540 شخصا منذ أكتوبر 2023، غالبيتهم منذ بدأت حملة القصف الإسرائيلية العنيفة في 23 سبتمبر.

سردية وطنية تتحدى الزمن

يصف نقيب الفنانين المحترفين السابق، جهاد الأطرش، فيروز، واسمها الحقيقي "نهاد وديع حداد" بأنها "الأرزة الأكبر في هذا الوطن، والصوت الأعظم فيه"، مؤكدا أنها زرعت في نفوس اللبنانيين حب الوطن والانتماء إليه، ويقول "لم نسمع أغنية بصوتها إلا وخشعت قلوبنا لهذا الصوت الذي وهبها الله إياه".

ويضيف الأطرش في حديث لموقع "الحرة" أن "صوت فيروز يحمل معاني الحياة والسلام، ويجمع في محبته جميع أبناء الوطن. عندما نستمع إلى أغانيها، نستحضر القمر، والليل، والسهر، والشرفات المزينة بالفل والياسمين، وكل تفاصيل لبنان الجميل".

وفي ظل الظروف الراهنة، حيث تشتد الحرب بين حزب الله وإسرائيل، يشدد الأطرش "كم نحن بحاجة إلى أن يعيدنا صوت فيروز إلى بعلبك وصور والنبطية وكل المدن والمناطق اللبنانية".

من جانبه يؤكد الناقد الفني محمد حجازي أن عيد ميلاد فيروز يتجاوز كونه احتفالا شخصيا ليصبح عيدا للبنان بأكمله، ويوضح قائلا في حديث لموقع "الحرة" أنه "على مدى 49 عاما، منذ عام 1975 وحتى اليوم، كانت فيروز بصوتها رمزا لوحدة اللبنانيين. لقد استطاعت أن تؤكد للجميع أنها تنتمي إلى كل لبنان، دون الانحياز لأي طرف، كما أثبتت وطنيتها الحقيقية عندما رفضت الهجرة وبقيت في بيروت رغم الظروف الصعبة."

ومنذ انطلاقتها في خمسينيات القرن الماضي، حجزت فيروز أو كما يلقبها محبوها "جارة القمر"، مكانة استثنائية كأيقونة فنية في العالم العربي، وأصبحت صوت الصباح الذي يحمل الأمل لبدايات الجديدة.

فن خالد

يحمل صوت فيروز "الأمل الذي يشجع الإنسان على السير في طريق تحقيق الهدف رغم كل الصعوبات والمطبات"، كما يقول الأطرش، موضحا أن "الهدف الأسمى هو حب لبنان، والانتماء إليه، ودعم جيشه ومؤسساته"، مشيرا إلى أنه "كان قديما يقال، إن مصر تكتب، ولبنان يطبع، والعراق يقرأ. كنا في هذا العالم العربي مثلثا ثقافيا لا مثيل له في أي مكان في العالم، وهو ما نطوق إليه الآن".

غنت فيروز للحب والحياة، وللوطن لبنان، تغنت بسهوله ووديانه وجباله وتلاله وكرومه، مقدمة في أغانيها حكايات تسرد فصولا من تاريخه. في أغنيتها "بحبك يا لبنان"، خاطبت وطنها الجريح معبرة عن مشاعر كل لبناني ينتمي لهذه الأرض، فيما أصبحت "لبيروت" نشيدا يحمل أوجاع الشعب اللبناني وأحلامه.

ومن بين أغانيها الوطنية التي تركت أثرا عميقا في الذاكرة، "وطني يا جبل الغيم الأزرق"، و"خطت قدمكن"، "ع اسمك غنيت"، و"لبنان يا أخضر لونك حلو".

أحيت فيروز العديد من الحفلات والمهرجانات في لبنان ومدن عربية وعالمية، وقد ارتبط اسمها ارتباطا عميقا بقلعة بعلبك، إحدى أبرز المعالم الأثرية في لبنان. فقد كانت هذه القلعة التاريخية شاهدة على العديد من حفلاتها التي تركت أثرا لا ينسى في ذاكرة جمهورها، حيث أضافت الأبنية الرومانية الضخمة وجمال الموقع العريق بعدا خاصا لصوتها.

كما تميزت مسيرتها بتقديم المسرحيات الغنائية، التي أصبحت جزءا أساسيا من تاريخ الفن اللبناني، وقد جمعت هذه المسرحيات بين جمال الكلمة، وسحر اللحن، وقوة الأداء التمثيلي، ومن أبرزها "ميس الريم"، "هالة والملك" و"المحطة".

كما تألقت فيروز في عالم السينما، فقدمت مجموعة من الأفلام التي حققت نجاحا باهرا، أبرزها " فيلم بياع الخواتم"، و" سفر برلك" و"بنت الحرس".

استطاعت فيروز وفق ما يقوله حجازي أن تكسب جمهورا واسعا في العالم العربي واحترام العالم بأسره، ويشدد "يكفيها فخرا أنها رفضت الذهاب للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حين زار لبنان، فزارها هو شخصيا في منزلها، هذا حدث استثنائي يعكس مكانتها العظيمة، ويؤكد أن الفنان عندما يكون كبيرا في بلده، يصبح كبيرا في العالم".

كما استطاعت أن تبقى حاضرة في قلوب الناس طوال هذه العقود، لأنها كما يقول حجازي "تعاونت مع اثنين من أعظم العباقرة في تاريخ الموسيقى العربية، الأخوين عاصي ومنصور الرحباني، فأعمالها تتحدث عن قضايا نعيشها الآن، وكأن الرحابنة تنبآ بالمستقبل. على سبيل المثال، أغنيتها "هون رح نبقى"، وكأنها كتبت لتواكب الأزمات الحالية، رغم أنها صدرت قبل أكثر من خمسين سنة".

كذلك يستحضر الأطرش، الأخوين الرحباني، اللذين صاغا موهبتهما الفنية في صوت فيروز، ويقول "قدما لهذا الوطن أجمل الأعمال، وأعادا لنا صورة لبنان الذي لا نزال نحلم به، خاصة في هذه الأيام الصعبة"، ويؤكد "أنا وكل اللبنانيين، نقول إن لبنان الحلم هو لبنان الرحابنة ولبنان فيروز. نرجو أن ينهض الوطن من هذا الدمار، كما نهضنا دائما مع كلمات الرحابنة وألحانهما التي عمقت حبنا وانتماءنا للبنان".

اليوم، في زمن الحرب والنزوح، يجد اللبنانيون عزاءهم في صوت فيروز وأغانيها التي تحاكي بيوتا غادرها أصحابها قسرا، وأطفالا حرموا من طفولتهم، وأشجارا تفتقد من كانوا يحيطون بها.

فيروز، التي يرافق صوتها اللبنانيين في كل لحظاتهم، سواء في الفرح أو الحزن، هي أكثر من مجرد فنانة، فكما وصفها الشاعر محمود درويش "هي الأُغنية التي تنسى دائما أن تكبر، هي التي تجعل الصحراء أصغر، وتجعل القمر أكبر".
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: صوت فیروز فی العالم

إقرأ أيضاً:

«الشمال.. الشمال» فرحة أهل غزة تكسر صمت الحرب وتعلن بداية الأمل

عمّت أجواء من الفرح بشوارع قطاع غزة فور إعلان دخول اتفاق وقف إطلاق النار الشامل حيّز التنفيذ ظهر اليوم، بعد نحو عامين من الحرب التي خلّفت آلاف الضحايا ودمارًا واسعًا في البنية التحتية.

وخرج المئات من المواطنين إلى الشوارع والساحات في مدينة غزة وخان يونس ورفح، يرفعون الأعلام الفلسطينية ويهتفون «الشمال.. الشمال»، فيما علت أصوات التكبير والزغاريد في المخيمات والمناطق المنكوبة.

وقالت مصادر محلية إن المشهد اتسم بـمشاعر متناقضة بين الفرح والحزن، فرح بوقف نزيف الدم، وحزن على ما خلّفته الحرب من دمار وفقدان.

كما عبّر عدد من الأهالي عن أملهم في أن تكون هذه الهدنة بداية حقيقية للسلام وإعادة الإعمار، وأن تفتح الطريق أمام حل سياسي عادل يضمن كرامة وحقوق الفلسطينيين.

الدور المصري

وجاءت الاجتماعات التي تستضيفها شرم الشيخ تتويجا للجهود الدبلوماسية والسياسية المصرية المكثفة التي تقودها القاهرة منذ نحو عامين لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تعد مصر من أوائل الدول التي تحركت باستضافة مؤتمر القاهرة في أكتوبر 2023، والذي حذرت فيه من اتساع رقعة الصراع في الإقليم.

وركزت جهود مصر على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والدفع نحو ادخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى النازحين الفلسطينيين، رغم فرض الاحتلال الإسرائيلي حصار خانق ويعرقل دخول أية مساعدات لأبناء الشعب الفلسطيني، إلا أن الضغوطات المصرية نجحت في فك الحصار، لضمان وصول المساعدات للمدنيين المحاصرين في غزة.

وحشدت الدولة المصرية كافة أدواتها الدبلوماسية خلال السنوات الأخيرة دعما للقضية الفلسطينية وحقوق أبناء الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على ضرورة تفعيل مسار حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لوقف الصراع والتصعيد في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أدركته الدول الأجنبية والأوروبية التي اختارت الاعتراف بدولة فلسطين والتأكيد على ضرورة حل الدولتين اتساقا مع الرؤية المصرية، ودعما للمبادرة السعودية الفرنسية بالخصوص.

ونجحت جهود الوساطة المصرية في التوصل إلى هدنة إنسانية في غزة يناير الماضي، وذلك بعد تقديم القاهرة رؤية كاملة وشاملة تضمن التوصل لاتفاق وهي الرؤية التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، إلا أن الجانب الإسرائيلي تنصل من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق لرغبته في استمرار الحرب على غزة.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي: اتفاق غزة من شرم الشيخ لحظة تاريخية تُجسّد انتصار السلام على الحرب

أبو الغيط يرحّب باتفاق تنفيذ المرحلة الأولى من خطة السلام في غزة

عاجل | ترامب يكشف موعد تسليم الأسرى الإسرائيليين في غزة بالكامل

مقالات مشابهة

  • “حماس”: الاتفاق الذي وافق عليه الطرفان هو وقف نهائي للحرب على غزة وعلى العالم أن يراقب سلوك “إسرائيل”
  • خَيط الأمل: المجلس الماروني يرحّب باتفاق غزة ويدعو للوحدة اللبنانية
  • «الشمال.. الشمال» فرحة أهل غزة تكسر صمت الحرب وتعلن بداية الأمل
  • الأمطار ستشتد.. المنخفض الجوي الذي يضرب لبنان مستمر حتى هذا الموعد
  • الخير ناقش مع رجي أوضاع الجالية اللبنانية في أستراليا
  • اليونيفيل تعيد فتح مدرسة الناقورة بعد ترميمها وتعزز الأمل بالمجتمع
  • “اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
  • الخالدي تكتب: حين يخذلنا الواقع… يبقى الأمل في قيادتنا الهاشمية
  • ذكرى ميلاد بليغ حمدي.. الموسيقار العبقري الذي أبدع في حب الوطن بأجمل الألحان
  • صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان