لوموند: نشوة النصر لم تلملم جراح 13 عاما من القمع في غوطة دمشق
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
شهدت معضمية الشام بريف دمشق كل وحشية نظام بشار الأسد، من اعتقالات تعسفية وتعذيب ومجاعة منظمة وتفجيرات وقصف بالأسلحة الكيميائية، واليوم يطالب المنفيون العائدون من سكانها والمقيمون الناجون بالعدالة بعد كل ما لقوه.
بهذه الجمل افتتحت صحيفة لوموند -تقريرا لمراسلتها الخاصة بمعضمية الشام إليوت براشيه- قائلة إن طلقات الكلاشينكوف دوت فرحا بعودة النازحين إلى أرضهم، فها هم المقاتلون يعودون شيئا فشيئا إلى ديارهم في هذه البلدة الواقعة في الغوطة الغربية بريف دمشق، حيث تنتشر أشجار الزيتون، وها هم الأهل والجيران يستقبلونهم بالطبول والمزامير وزغاريد النساء.
يقول محمود الشلبي، وهو يرتدي زي الجيش الوطني السوري، أحد فصائل المعارضة الذين شاركوا هيئة تحرير الشام المنتصر الذي عجل بسقوط بشار الأسد "لم أتعرف على منزلي".
لم يكن عمر الشلبي يتجاوز 25 عاما في بداية الثورة وكان يعمل جزارا ولم ير الموت بعينيه قبل ذلك، واليوم أصبح ذا لحية طويلة، ووجه مليء بالتجاعيد بعد 9 سنوات من المنفى في جيب إدلب الذي يقصف باستمرار من قبل النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: الشيوخ الأميركي عرقل ترشيح أول قاض مسلم لمحكمة فدراليةlist 2 of 2هآرتس: مشهد من ناغازاكي.. أجساد الفلسطينيين جنوب غزة تتبخرend of list إعلانلم يتوقع الشلبي مثل هذه الهزيمة للجيش السوري، وهو يقول "كانت العودة إلى معضمية الشام أسهل من المغادرة"، ففي عام 2011، دافع عن حيه برشق الحجارة -كما تقول الصحيفة- وبعد أشهر من القمع المتواصل، قرر حمل السلاح مع المتمردين في الحي، وتشكيل فرع للجيش السوري الحر.
هذا ليس انتصارا
ورغم الاحتفالات والعناق والاستمتاع بلحظة من الحرية لم يكن من الممكن تصورها قبل أيام قليلة -كما تقول المراسلة- فإن هذا التحرر يبقى له مذاق مر، حيث لا تخفي احتفالات هذا اليوم مأساة عقد من الفظائع، يقول راتب رجب "لا أستطيع أن أقول إنني سعيد. هذا ليس انتصارا. فرحتي برؤية سقوط بشار لم تكتمل. أين أسرانا؟".
قبل الثورة، كان راتب رجب سائق سيارة أجرة، قبل أن يعتقل عام 2012 لمدة 100 يوم بتهمة "التعاون مع جماعة إرهابية"، وتعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية و"الشبح"، وبعد إطلاق سراحه بدأ حصار الغوطة، وبذريعة إعادة "معاقل الإرهابيين إلى أرض الوطن"، حاصر النظام وقصف أكثر من 40 جيبا للثوار في أنحاء سوريا، تاركا سكانها يموتون جوعا.
كانت معضمية الشام المعروفة ببساتين الزيتون على بعد 4 كيلومترات من وسط مدينة دمشق في نهاية الغوطة الغربية، وهي بذلك تحتل موقعا إستراتيجيا، ولم يبق من الـ50 ألفا الذين كانوا يعيشون فيها سوى الخمس، بسبب الحصار والقصف الذي أشرف عليه العميد غسان بلال، الساعد الأيمن لماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع، ورئيس استخبارات الفرقة الرابعة في الجيش.
راتب رجا تحول لحفار قبور، وقد دفن 4867 جثة تحت تراب المعضمية، بينهم 79 شخصا من عائلته، وقد أصيب بشظية في جفنه الأيسر عام 2013، ويقول إنه "في ذلك اليوم قُتل 17 شخصا في المقبرة. وتطايرت الجثث بفعل الصاروخ. فجمعت اللحم من أغصان الزيتون".
جثث متناثرةوبسبب كثرة القتل بين السكان منذ عام 2011، أصبح راتب رجا حفار قبور المدينة، وقد دفن 4867 جثة تحت تراب المعضمية، بينهم 79 شخصا من عائلته، وقد أصيب بشظية في جفنه الأيسر عام 2013، يقول "في ذلك اليوم قُتل 17 شخصا في المقبرة. تطايرت الجثث بفعل الصاروخ. فجمعت اللحم من أغصان الزيتون".
إعلانوعلى حدود المعضمية، كان هناك جنود من قوات الدفاع الوطني، وهي وحدات شبه عسكرية تضم عدة فصائل سورية ذات أغلبية علوية، يحرسون العديد من حواجز الطرق، بالإضافة إلى رجال مليشيات شيعية من إيران والعراق ولبنان، تم إنشاؤها لتنفيذ الأعمال القذرة التي يقوم بها النظام، "يفحصون وثائق الهوية لكل مركبة -كما يقول راتب رجب- وكان يكفي أن تكون سنيا ليتم إنزالك أو اعتقالك أو القضاء عليك على قارعة الطريق".
في الفترة بين مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2013، شدد الخناق على المعضمية، وتوقف دخول الغذاء إليها، قبل أن يقصفها جيش بشار بـ5 صواريخ تحمل غاز السارين، يقول محمد قزاع عضو الخوذ البيضاء في الغوطة الغربية "سمعنا صوت صفير غريب، وعندما وصلنا إلى مكان الحادث كان الناس ملقون على الأرض وهم في حالة اختناق دون إصابات أو صدمات. كانت الرغوة البيضاء تتدفق من زوايا شفاههم"، وقد أدت هذه الهجمات بالأسلحة الكيميائية إلى سقوط أكثر من 1400 ضحية.
أسوأ مكان على وجه الأرضفي عام 2016، عندما اضطر السكان إلى أكل العشب من أجل البقاء، تم التوصل إلى اتفاق مع ممثلي المدينة، تتوقف بموجبه هجمات الجيش ويتم إطلاق سراح السجناء بشرط أن يتخلى المتمردون عن أسلحتهم ويرحلوا إلى جيب المتمردين في إدلب شمال البلاد، وبالفعل تم إجلاء 620 مقاتلا وعائلاتهم بالحافلة، وتم رفع الحصار جزئيا ولكن لم يتم إطلاق سراح أسرى معضمية الشام أبدا.
أحمد: عندما شاهدنا مقاطع الفيديو من سجن صيدنايا، وغرف الحمض المستخدمة لإخفاء السجناء، أدركنا أننا لن نجد أحدا بعد الآن
كان الكثير من أولئك الأسرى يقبعون في سجون المخابرات الجوية في أقبية مطار المزة على أطراف المدينة، ولذلك هرع أحمد حامد إلى هذه الأماكن في صباح الثامن من ديسمبر/كانون الأول، بعد إعلان سقوط بشار الأسد وهزيمة جيشه، ووجد أن بعض الزنزانات قد فتحت بالفعل ولم يتعرف على أحد من بين السجناء المفرج عنهم.
إعلانومنذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول، يتجمع عشرات الأشخاص يوميا أمام مدخل المطار، حيث تبحث العائلات عبر قوائم لا نهاية لها، عن أسماء أحبائها الذين اختفوا، ولكن أحمد الذي يعلم أن مساعيهم ستذهب سدى، يقول "عندما شاهدنا مقاطع الفيديو من سجن صيدنايا، وغرف الحمض المستخدمة لإخفاء السجناء، أدركنا أننا لن نجد أحدا بعد الآن".
وخلصت الصحيفة إلى أن نشوة النصر في الغوطة الغربية، لم تنجح في شفاء جراح أكثر من 13 عاما من القمع، عندما اعتبر السكان إرهابيين لفترة طويلة وسجلت كل الأدلة ضدهم بدقة، ومع ذلك ها هم الآن في المعسكر الفائز، عازمون على عكس القصة مطالبين بتحقيق العدالة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وفاة مأساوية لجراح سوداني وزوجته داخل سيارتهما بالسعودية.. والسبب زر في التكييف
في حادثة مأساوية هزّت المجتمع الطبي، توفي الجراح السوداني عبدالعزيز إدريس وزوجته، الطبيبة العاملة في مجمع أباس الطبي، إثر تعرضهما لاختناق داخل سيارتهما، أثناء عودتهما من مدينة الرياض إلى شقراء بالمملكة العربية السعودية.
تكييف السيارة يتسبب في قتل جراح سعودي وزوجتةوبحسب ما أوردته صحيفة "المناطق" السعودية، تبين أن سبب الوفاة هو تسرب غاز من مكيف الهواء داخل السيارة، ما أدى إلى تراكم الغازات السامة واختناقهما أثناء القيادة، دون أن تظهر عليهما أعراض إنذار مسبق.
وأعاد الخبر إلى الواجهة تحذيرات متكررة من زر تدوير الهواء الداخلي في السيارات، والذي يستخدم لإعادة تدوير الهواء داخل المقصورة دون سحب هواء خارجي.
وعلّقت الدكتورة كريستابيل أكينولا، المتخصصة في صحة المرأة والتغذية، في تصريحات لصحيفة التليجراف قائلة: "يوجد زر في سيارتك يمكن أن يقتلك خلال ساعتين أو ثلاث فقط إذا تم تفعيله باستمرار."
والزر المقصود هو خاصية تدوير الهواء الداخلي التي تُستخدم غالبًا لتبريد السيارة بسرعة، لكنها تمنع دخول الأكسجين من الخارج.
وعند استخدامها لفترات طويلة، تبدأ مستويات ثاني أكسيد الكربون بالارتفاع تدريجيًا، مما يؤدي إلى انخفاض الأكسجين والشعور بالنعاس والدوخة وربما الاختناق في الحالات القصوى.
ونشرت دراسة حديثة في مجلة العلوم البيئية وأبحاث التلوث، حذّرت من إبقاء نظام تدوير الهواء الداخلي نشطًا لأكثر من 20 دقيقة، خاصة في حالة وجود أكثر من راكب في السيارة، لأن نسبة ثاني أكسيد الكربون ترتفع سريعًا وتؤدي إلى فقدان الوعي دون سابق إنذار.
إلى جانب ثاني أكسيد الكربون، يمثل غاز أول أكسيد الكربون خطرًا قاتلًا في مثل هذه الحالات. هذا الغاز عديم اللون والرائحة ويمكن أن يتسرب من عادم السيارة إلى داخل المقصورة، خاصة عند ترك السيارة تعمل في مكان مغلق أو أثناء النوم داخلها.
ويؤكد الخبراء أن أول أكسيد الكربون يمكن أن يؤدي إلى الوفاة خلال 45 دقيقة فقط في حال استنشاقه بكميات كبيرة.
وينصح الخبراء باتباع الإرشادات التالية عند تشغيل تكيف السيارة:
ـ عدم النوم داخل السيارة مع تشغيل المحرك والمكيف والنوافذ مغلقة.
ـ فحص نظام العادم بانتظام والتأكد من عدم وجود أي تسرب.
ـ تجنب تشغيل تدوير الهواء لفترات طويلة دون تهوية.
ـ الخروج الفوري من السيارة في حال الشعور بـ:
صداع مفاجئ
دوخة أو تشويش
غثيان أو إرهاق شديد
فقدان التوازن
ويعتبر رحيل الطبيب عبدالعزيز إدريس وزوجته خسارة مؤلمة للمجتمع الطبي، لكنها في الوقت ذاته رسالة إنذار قوية لكل من يقضي وقتًا طويلًا في سيارته دون تهوية كافية.
وتبقى مثل هذه الحوادث تذكيرًا بأن الإهمال في أبسط التفاصيل قد يتحول إلى كارثة، وأن أجهزة السلامة داخل السيارة ليست كافية إذا لم تُستخدم بحذر ووعي.