موسكو- بين التشاؤم والتفاؤل انقسمت آراء المراقبين الروس حيال مستقبل القواعد الروسية في سوريا، وهو الملف الأبرز وشبه الوحيد الذي بات يربط روسيا بسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد الحليف السابق، مفسحا المجال أمام الكثير من التكهنات بشأن كيف ستتوج عقود من العلاقات الإسترتيجية بين البلدين.

ويأتي هذا التباين على الرغم مما نشرته وكالة بلومبيرغ منذ أيام قليلة بأن روسيا على وشك إبرام اتفاق مع السلطات السورية الجديدة بشأن الاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين في سوريا، وهما قاعدة حميميم الجوية وطرطوس البحرية، وفق ما نقلته عن مصادر وصفتها بالمطلعة في موسكو وأوروبا والشرق الأوسط.

بدوره، صرح ديمتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي -تعليقا على تقارير إعلامية عن احتمال نقل القواعد الروسية من سوريا إلى ليبيا- بأن القرار النهائي بشأن مصير هذه القواعد لم يتم اتخاذه بعد.

وبحسب بيسكوف، تواصل موسكو الحوار مع "القوى المسيطرة" على الوضع في دمشق.

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكان أكثر وضوحا خلال حديثه السنوي عن نتائج العام، والذي أدلى به اليوم الخميس، وقال فيه إن بالإمكان الحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا في حال تلاقت المصالح مع السلطات الجديدة هناك.

إعلان

وبحسب قوله، فإن "معظم المجموعات في سوريا ودول المنطقة تبدي اهتماما بذلك"، موضحا أن "الحفاظ على القواعد يستوجب في المقابل أن تقوم روسيا بفعل أشياء من أجل الدولة التي تقع على أراضيها، لكن ليس من المعروف بعد ما هي مصالح السلطات السورية"، لافتا إلى أن بلاده عرضت استخدام قاعدة حميميم لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

روسيا وسّعت قاعدتها البحرية في طرطوس في إطار جهودها لدعم الأسد عسكريا ضد المعارضة (الجزيرة) شكوك

بدوره، يقول رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي الروسي دينيس كركودينوف إن موسكو تتفاوض حاليا مع ممثلي السلطات الجديدة بشأن الحفاظ على وجودها في سوريا، بما في ذلك القواعد العسكرية في طرطوس واللاذقية، وإن الجانب الروسي -وفق تأكيدات رسمية- حصل على ضمانات أمنية "مؤقتة".

ويشير كركودينوف خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن سيطرة المعارضة المسلحة بشكل كامل على محافظتي اللاذقية وطرطوس -حيث توجد القواعد العسكرية الروسية- وعدم المساس بهذه القواعد قد يعنيان وجود إشارة إلى أن الموضوع ما زال قيد الدراسة من قبل الجانبين.

ومع ذلك، يعتبر كركودينوف أن المصير النهائي لهذه القواعد سيعتمد إلى حد كبير على موقف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب "إذا أصبح مهتما جدا بالشأن السوري".

ويتابع أن شكل ذلك سيكون من خلال تقديم "عروض مغرية" للقوى الجديدة الحاكمة في سوريا مقابل الموافقة على "إزالة" القواعد الروسية، ففي ذلك تحقيق رغبة واشنطن القديمة بإنهاء كلي لأهم ورقة إستراتيجية لروسيا في الشرق الأوسط.

لكن من زاوية أخرى يستبعد كركودينوف وجود صفقة ضمنية مسبقة تربط بين مصير القواعد الروسية في سوريا مقابل تقديم تنازلات في الملف الأوكراني، معتبرا أن الموقف الروسي حاليا بات ضعيفا في سوريا، لأن الوجود الروسي هناك ارتبط بنظام سياسي آخر كان حليفا من جهة، ومستفيدا في الوقت نفسه وإلى حد كبير من وجود هذه القواعد من جهة أخرى، وبات في حكم الماضي بعد أن انقلبت موازين القوى في سوريا رأسا على عقب.

إعلان

تفاؤل حذر

من جانبه، يوضح محلل الشؤون الدولية ديمتري كيم أنه من السابق لأوانه الحديث عن حسم سريع لمستقبل القواعد الروسية في سوريا، لأن الصورة النهائية لطبيعة الحكم والقوى الحاكمة لم تتبلور بعد وبشكل نهائي، والأوضاع معرضة هناك لتطورات من غير الممكن توقعها في الوقت الراهن.

وحسب رأيه، فإن العديد من اللاعبين الإقليميين والدوليين يعتبرون أن "الحرب ضد الإرهاب" في منطقة الشرق الأوسط لم تنته بعد، وأن الوجود الروسي من خلال القواعد العسكرية من الممكن أن يلعب دورا مهما في سياق الحرب الشاملة ضد الإرهاب الدولي، حسب وصفه.

وعلاوة على ذلك، يربط الخبير هذه الفرضية بضرورة أن تعزز موسكو التواصل مع القوى السياسية التي تسيطر على سوريا اليوم، لأنه خلاف ذلك ستكون هذه القوى أكثر قبولا لفكرة التحرك نحو اتصالات أوثق مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة حقيقة على المصالح الروسية في سوريا والمنطقة عموما.

وفي هذا السياق، يشير كيم إلى التجربة الأفغانية، ويقول إن الحركات التي نشأت هناك بدعم أميركي بعد دخول القوات السوفياتية إلى أفغانستان عام 1979 استخدمت لسنوات طويلة لمهاجمة المصالح الروسية في جميع أنحاء العالم، خاصة في دول ما بعد الاتحاد السوفياتي.

واعتبر أنه في سوريا الآن ثمة فرصة لبناء حوار فعال مع العديد من هذه الحركات يؤدي إلى إقامة علاقات متبادلة المنفعة، وينبغي اتخاذ المبادرة الآن والمشاركة بشكل أو بآخر في عملية التغيير السياسي.

ومن الممكن -وفق رأيه- أن تكون إحدى الخطوات الأولى عقد مؤتمر لجميع فصائل المعارضة السورية، بمن في ذلك ممثلو الأجنحة العسكرية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما يمكن أن يؤمّن استمرارا لوجود القواعد الروسية في سوريا، ولا سيما على ضوء وجود مخاطر حقيقية تهدد بذهاب البلاد نحو التقسيم وتجدد الحرب الأهلية.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القواعد الروسیة فی سوریا القواعد العسکریة هذه القواعد

إقرأ أيضاً:

منع ياسين شيوكو حارس ميسي من الوجود بالملعب بكأس الدوريات

قرّرت اللجنة المنظمة لبطولة كأس الدوريات حرمان ياسين شويكو -الحارس الشخصي للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، لاعب إنتر ميامي الأميركي- من الوجود في المنطقة الفنية داخل الملعب طوال ما تبقى من مباريات خلال النسخة الحالية.

وذكرت شبكة "إي أس بي أن" الأميركية أن لجنة الانضباط اتخذت هذا القرار على خلفية حادثة وقعت بعد مباراة إنتر ميامي وأطلس المكسيكي الأربعاء الماضي، على ملعب تشيس ستاديوم.

ودخل شويكو أرضية الملعب بعد النهاية لفضّ نقاش ساخن بين لاعبي الفريقين ظهر فيه ميسي بالصورة، ليقوم الأول بدفع أحد لاعبي الفريق المكسيكي وفق ما أظهر مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

"ÉL NO TENÍA NADA QUE HACER AHÍ"

La polémica con el ingreso del guardaespaldas a la cancha empujando a algunos jugadores de Atlas a causado opiniones divididas

con información de @loculobo Atlas ya habría mandado queja a la organización de Leagues Cup #Atlas #Messi… pic.twitter.com/XgvMtRLWzN

— TVC Deportes (@TVCDeportes) July 31, 2025

وأصدرت لجنة الانضباط بيانا رسميا قالت فيه "بعد مباراة إنتر ميامي ضد أطلس يوم 30 يوليو/تموز قام أحد أفراد بعثة نادي إنتر ميامي بسلوك غير لائق من خلال دخوله مناطق محظورة دون امتلاك تصريح رسمي".

وأضاف "وفقا للوائح بطولة كأس الدوريات 2025 قررت اللجنة حرمان الشخص المعني من الوجود في جميع المناطق الفنية لبقية منافسات البطولة، كما فرضت غرامة مالية -لم يُفصح عنها- على نادي إنتر ميامي".

وكان ماثيوس دوريا مدافع أطلس قد تطرّق إلى الحادثة في مؤتمر صحفي أمس، وأكد أن شويكو لا يملك الصلاحية القانونية للتدخّل في شؤون اللاعبين داخل الملعب.

وقال "نحن نعلم أن إدارتنا تتعامل بشكل جيد مع مثل هذه الأمور، وستتولى الأمر. أفهم أن حارس ميسي الشخصي موجود لحمايته من دخول محتمل من الجماهير، لكن عندما يتعلق الأمر بلاعبين داخل الملعب، فليس لديه إذن بذلك".

إعلان

وتابع "ليس دورنا إبداء آرائنا في هذه المسألة لكن الإدارة والمسؤولين عن بطولة كأس الدوريات شاهدوا ما حدث وسيتولون تحديد ما يمكن فعله وما لا يمكن فعله".

وأوضح دوريا "طالما أن وجوده لحماية ميسي وبقية اللاعبين وضمان سلامتهم الجسدية، فلا بأس. لكن إن كان تدخله لأمور أخرى فلن يوافق أحد على ذلك، ومع ذلك فالموضوع ليس بيدي".

وانتهت المباراة بفوز مثير ومتأخر لإنتر ميامي بنتيجة 2-1 في الجولة الأولى من دور المجموعات، وقد ظهر ميسي وهو يحتفل بانفعال شديد في وجه أحد اللاعبين بعد اعتماد هدف الانتصار الذي جاء في الدقيقة السادسة من الوقت بدل الضائع، بصناعة من "البرغوث" الأرجنتيني.

ليوووو يحتفل في وجه الخصم بعد اعتمااااد الهدف

هذه المباراة برعاية @TheKusamarian pic.twitter.com/MkWYsARK7R

— Messi World (@M10GOAT) July 31, 2025

وكانت رابطة الدوري الأميركي لكرة القدم قد قررت -في أبريل/نيسان الماضي- فرض سيطرتها الكاملة على الأمن خلال المباريات، مما أدى إلى منع شويكو من الوجود على الخطوط في حين سُمح له فقط بالوجود في غرف خلع الملابس والمناطق المختلطة.

يُشار إلى أن منافسات كأس الدوريات هي بطولة سنوية تجمع بين أندية أميركا وكندا والمكسيك.

مقالات مشابهة

  • منع ياسين شيوكو حارس ميسي من الوجود بالملعب بكأس الدوريات
  • لافروف يلتقي نظيره السوري في موسكو ويدعو الشرع لحضور القمة الروسية العربية
  • الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني والوفد المرافق له في الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو
  • بعد اجتماع لافروف.. الشيباني سيلتقي الرئيس الروسي
  • من الحليف إلى الشريك..روسيا تبحث عن سوريا ما بعد الأسد
  • الشيباني: سوريا تريد علاقة سليمة مع روسيا قائمة على التعاون
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة يصل إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية، ويلتقي نظيره الروسي أندريه بيلوسوف لبحث العديد من القضايا المشتركة
  • الشيباني خلال لقائه لافروف بموسكو: سوريا تتطلع إلى إقامة علاقات سليمة مع روسيا.. لافروف: نعول على مشاركة الرئيس الشرع في القمة الروسية العربية بموسكو
  • باكو تستضيف جولة مباحثات جديدة بين سوريا وإسرائيل
  • مراسل سانا: وصول وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني والوفد المرافق له إلى قصر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية بموسكو لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف